عتبة: - "معاداة الكتّاب ليست من فعل ذوي الألباب" جاء في الأوراق القديمة - إذا كان للسياسة حين، فللثقافة كل الأحايين - يضيق أُفقُ السياسيّ فيوسِّعه الشاعر الرّائي - الحالة الثقافية الفلسطينية مستهدفة . . ثمّة نمل ثقافيّ أسود يسعى!! - السياسي الذي فشل أن يكون مثقفاً يخاتل الشعراء بتعكير ماء الشعر - السياسي المتلطّي بظلّ عباءة الشاعر يظن أنّ ظلّ العباءة ظلُّه ما يؤسّسه الشعر يبقى، وما تجترحه الثقافة والوعي وشم يظلّ على الرغم من اليباس وقلّة المروءة والاستلاب النهّاب . . ونحن في الخندق الأخير الذي هو الوعي نسند الروح بالأقحوان وشقائق حنّاء الشهداء ووردة دمهم الوسيعة للحفاظ على ما تبقى . . ولأننا على أبواب مولد الشاعر الكوني محمود درويش، فإنّه لا بدّ من قول عنه وحوله وتحديداً (مؤسسة محمود درويش) . . التي هي حقّ واجب يليق بشاعر استثنائي كدرويش، ولكن ليس بالكيفية التي وصلت إليها المؤسسة التي باتت شأناً عائلياً يخصّ مختطفها ومن حوله . . إن درويش كقيمة ثقافية عليا يستحقّ أن يكون على رأس مؤسسة تحمل اسمه شاعراً كبيراً أو مثقفاً وازناً يحمل قولة الإبداع إلى أقصاها . ويجعل الرؤيا الدرويشية تواصل حضورها على خريطة الكون حضوراً وترجمةً وإعلاناً لقوة الحرف الشعري العربي الذي جسّده الشاعر الراحل . . لكن المفارقة أن يتربّع رئيس تحالف السلام الفلسطيني "الإسرائيلي" على عرش المؤسسة . . وكيف يقبل المثقف الفلسطيني ومعه العربي بهكذا حالة من النكوص والارتكاس؟ فالسياسية فضاء للإمكان والممكنات والثقافة فضاء الاستراتيجيا، الأولى آنيّة، هشّة، والثانية باقية وثابتة على الثابت مهما اشتدّ العصف وامتدّ . . وهنا لا بدّ من أن تعود المؤسسة إلى جوهرها بعد هذا الاختطاف الذي استمرّ منذ رحيل درويش وحتى اللحظة، وفي كل عام تطلّ المؤسسة بكرنفال الفرجة لتوزيع جائزة تظهر رئيس المؤسسة والجوقة المحيطة عبر استعراضية تأخذ من المناسبة وهجها وتستثمره بكامل التفاصيل . . كلُّ إرث رئيس تحالف السلام (رئيس المؤسسة) الثقافي هو أنه كان صديقاً للشاعر الراحل، فهل تعطيه الصداقة الحقّ في أن يكون سادن مؤسسة تتسع للشعراء وجمهرتهم الواسعة، ويتم تغييبهم في الوطن والشتات عن سابق قصد؟ لا لشيء إلاّ ليظلّ السياسي الفذّ حاكماً بأمره وأمر المؤسسة . وقد سبق لرئيس التحالف أن تسلّم دائرة الثقافة والإعلام في منظمة التحرير، فماذا كانت النتيجة، أن تسلّم الدائرة فارغة مفرّغة؟ ومن بعدها تسلّم وزارة الثقافة والنتيجة إدخال غير الثقافي على الوزارة حتى باتت الوزارة تنوء بأعبائها وأحزانها حتى اللحظة . . إننا هنا نقرع الجرس عالياً بضرورة استعادة المؤسسة إلى مربعها الأكيد، ففلسطين ولاّدة ومازال المشهد الثقافي يفيض بطاقة الخير والشعر: هارون هاشم رشيد، سميح القاسم، حنا أبو حنا، أحمد دحبور، عز الدين المناصرة، خالد أبو خالد، علي الخليلي، مريد البرغوثي، محمد لافي . . والقائمة تطول فأين هؤلاء من المؤسسة أم أن رئيس المؤسسة يرى نفسه فوق هؤلاء جميعاً ووحده الذي يستحق سدنة مؤسسة الشاعر والشعر . . إننا ندعو إلى مقاطعة المؤسسة والجائزة ما دام يقف رئيس تحالف السلام على رأس مؤسسة بحجم قامة الشاعر الراحل، كما ندعو المثقفين الفلسطينيين والعرب إلى قولة في هذا الشأن الثقافي العام . . فلا سلطة على الثقافة إلاّ بثقافة أكثر شمولية واتساعاً . . ولا بديل عن الثقافة إلاّ بثقافة أمضى مقولةً وأشدّ نفاذاً . . كما أننا ندعو سيادة الرئيس إلى إصدار مرسوم يعيد الاعتبار للمؤسسة التي استلبها سادنها الحالي بمرسوم يخصّه . . فمحمود درويش أيقونة الشعر العربي لا بدّ من أن نحرسها من السقوط والتردي . . وليست المؤسسة احتكاراً لغير الثقافي، وليست الثقافة فضاء تزينياً لتجميل المقولات الناقصة الشوهاء . . ففي اليوم الوطني للثقافة نستعيد لياقة الكتيبة المؤسسة في الشعرية الفلسطينية لإعلاء دوزان الشعر والخير العام من غير سوء، ونحن نقترب من مئوية الشاعر الفارس عبد الرحيم محمود نجدّد سياقه العالي: "سأحمل روحي على راحتي" . . تلك مقولة المثقف المشتبك وليس مثقف السلام الجنائزي في تحالف السلام الفلسطيني "الإسرائيلي" . لا لوم على السياسي الذي يستبيح حمى الثقافي . . اللوم جلّه على المثقفين الذين صمتوا وتلطّوا وهانوا فتجرأ عليهم الجهلاء واللثغاء والأدعياء الكذبة . .