محمد المخلافي بين سفوح جبل مراد في مأرب التاريخ والحضارة، حيث احتضن طفولته، وقاعات السفارة في أنقرة، التي يمثل وطنه فيها اليوم، تمتد حكاية السفير محمد صالح طريق. يحمل في صميم عمله رؤية إنسانية عميقة، فهو الأخ الداعم والصوت الذي لا يغيب. يتجلى دوره في كل المناسبات، حيث يشارك أبناء جاليته أفراحهم، ويعزيهم في أحزانهم، ويزور مرضاهم، ويسعى بلا كلل لتذليل العقبات التي تواجههم. تعد نشأة محمد صالح طريق في إحدى قرى جبل مراد الشامخ بمثابة المدرسة الأولى التي صاغت شخصيته. فقد غذت تلك البيئة القاسية والكريمة في آن واحد سمات بارزة فيه منذ الصغر: شجاعة واجه بها تحديات الحياة، وكرم جعله معطاءً، وذكاء جعله سريع البديهة. هذه الصفات، التي لفتت أنظار من حوله في صغره، شكلت النواة الأولى لمسيرة قيادية حافلة بالعطاء والمسؤولية. انطلقت مسيرته المهنية بعد تخرجه من كلية الشرطة عام 1977، حيث قضى رحلة طويلة متنقلاً بين مدن اليمن وأريافها. تميز خلالها بحسه الأمني الثاقب ونهجه العملي الذي يأتي دائمًا في المقام الأول. تظل صورته وهو يدير أمن عدن شاهدة على تفانيه؛ كان يبدأ يومه منذ ساعات الدوام الأولى، وفي الظهيرة يعود إلى منزله لتناول الغداء مع مرافقيه في غرفة الحراسة، ثم يتجه إلى نادي ضباط الشرطة، حيث يلتقي بمجموعة من رجال الأمن في مقيل القات ويتابع عمله من هناك. بعد صلاة العشاء، يعود إلى إدارة الأمن يتريض في ساحة المبنى قرابة ساعة، ثم يدخل مكتبه حتى ساعات متأخرة من الليل لمتابعة سير العمل، وخاصة في أيام الأعياد الوطنية. عندما عُين سفيرًا لليمن في تركيا عام 2022، حمل معه نفس روح الخدمة والانتماء التي رافقته دائمًا. منذ وصوله، أسس لنهج جديد قائم على الكفاءة والقرب الإنساني، واضعًا آليات لخدمة الجالية بكفاءة. لكن الأبرز هو تجاوزه لجدران المبنى الدبلوماسي، فهو يتنقل بنشاط بين أنقرة وإسطنبول، يلتقي أبناء الجالية في مقارّهم وبيوتهم، يستمع إليهم، ويتابع قضاياهم باهتمام شخصي، ويبادر بحلول عملية. زياراته للأسر وتفقده لأحوالها، وتقديمه العون المباشر، كما حدث بشكل مؤثر خلال زلزال تركيا المدمر – تعكس رؤيته التي تضع الإنسان في الصدارة. تحمل مسيرته دلالات عميقة حول مفهوم الدبلوماسية الحديثة، حيث لا تقتصر على العطاء الرسمي بل تشمل التفاعل الإنساني المباشر. في المحافل الرسمية، يمثل اليمن بشموخ واعتزاز، بينما في المناسبات الدينية والوطنية، تراه حريصًا على جمع شمل موظفي السفارة والجالية كأسرة واحدة، يتنفسون معًا عبق الوطن. تجسد مسيرة السفير محمد صالح طريق نموذجًا حيًا للدبلوماسية الملتزمة، حيث لا تقتصر جهوده على الواجبات الرسمية فحسب، بل تمتد لتشمل الرعاية والدعم المجتمعي. من خلال تواصله المستمر مع أبناء جاليته، وإسهاماته الفعالة في قضاياهم، يضفي طابعًا إنسانيًا على العمل الدبلوماسي، مما يعكس عمق انتمائه لوطنه ورغبته الصادقة في خدمتهم.