تتواصل الحرب غير المعلنة التي تشنها سلطات الشرعية اليمنية ضد أبناء العاصمة الجنوبية عدن، حرب لا تُخاض بالسلاح، بل بسياسات العقاب الجماعي التي جعلت من انقطاع الخدمات وسيلة إذلال وإخضاع. فبعد سنوات طويلة من العذاب الكهربائي، حيث عاش المواطن العدني في ظلام دائم وانقطاع متواصل تجاوز حدود الاحتمال، جاء الدور اليوم على الماء ليكمل فصول المعاناة. محرر "شبوة برس" تابع تحذيرات المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي في عدن من توقف شامل لخدماتها نتيجة الانقطاع الكلي للكهرباء، مؤكدة أن محطات الضخ وحقول المياه باتت مهددة بالتوقف الكامل عن العمل. وبيّنت المؤسسة أنها تحاول جاهدة تشغيل المضخات عبر مولدات احتياطية، إلا أن استمرار الأزمة قد يؤدي إلى توقف الخدمة بشكل نهائي، ما يعني أن مئات الآلاف من المواطنين قد يُتركون لمواجهة العطش في مدينة بحرية، تحولت إلى بقعة عطشى بفعل الإهمال المتعمد.
سنوات من الوعود الكاذبة عاشها أبناء عدن على أمل تحسّن خدمة الكهرباء، لكن واقع الحال ازداد سوءاً، حيث تتعامل حكومة الشرعية مع معاناة الناس ببرود وصمت مقصود، وكأن عذاب العدنيين سياسة ممنهجة لا صدفة عابرة. فمن قطع الكهرباء لساعات طويلة تصل أحياناً إلى اليوم الكامل، إلى انهيار المنظومة المائية التي تعتمد كلياً على التيار الكهربائي، باتت الحياة اليومية في عدن أقرب إلى شكل من أشكال الحصار الداخلي.
إن ما يجري في عدن ليس مجرد أزمة خدمات، بل جريمة مستمرة تستهدف إرادة المدينة وصمودها، وتعكس فشل منظومة حكم تتلذذ بعقاب المواطنين في العاصمة الجنوبية. ومع كل بيان اعتذار من مؤسسات الخدمات، يبقى السؤال المؤلم قائماً: إلى متى سيُترك أبناء عدن يواجهون الموت بين ظلام الكهرباء وعطش الماء؟