كتبي عمر يكتب عن الجزائري عبدالقادر الهاشمي    إصرار ونجاح لفتاة    المحكمة تعقد أول جلسة والمحامين قدموا دفوع وطلب افراج والنيابة لم تحضر المياحي من السجن        في ثاني اجراء من نوعه .. ضبط 3 سيارات (تستعرض) في موكب عرس    الكثيري يطّلع على استعدادات وزارة الأوقاف لموسم الحج    وزير الشباب يتفقد الدورات الصيفية بمديرية الحيمة الخارجية في محافظة صنعاء    وزيرا الخارجية والنقل وأمين رئاسة الجمهورية يطلعون على أعمال الترميم بمطار صنعاء    استشهاد 16 فلسطينياً في قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلًا ومركز إيواء على غزة    الهدنة مع الحوثيين مثال واضح لسياسة "أمريكا أولاً"    النفط يرتفع بعد محادثات تجارية بين الولايات المتحدة والصين    قراءة نقدية في كتاب موت الطفل في الشعر العربي المعاصر .. الخطاب والشعرية للدكتور منير فوزي    قوات مشتركة تحاصر وكرا لتنظيم القاعدة قريبا من مثاوي بن حبريش    مسير مسلح بمديرية التحرير لإعلان النفير العام والبراءة من الخونة والعملاء    وزارة العدل وحقوق الإنسان تُطلق دورة تدريبية متخصصة في إعداد الخطط التشغيلية وتقييمها    موعد إعلان رحيل أنشيلوتي عن ريال مدريد بعد موسم صفري    الكشف عن شعار كأس العالم للناشئين 2025    وزارة الصحة توقع اتفاقية مع البرنامج السعودي لدعم القطاع الصحي    عدن تطرق أبواب تل أبيب    حزب العمال الكردستاني يعلن حل نفسه وإنهاء الصراع مع تركيا    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الاثنين 12 مايو/آيار 2025    عدن.. القضاء يصدر حكما بحبس رئيس تحرير صحيفة "الأمناء" ومراسلها    هندي يهاجم وزير المالية بصنعاء ويطالبه التعامل بمساواة    دبلوماسية بريطانية تصل عدن    بن بريك لن يستطيع تنفيذ وعوده التي تحدث عنها لصحيفة عكاظ السعودية    الولايات المتحدة تعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين في جنيف    اكتشاف رسائل سرية مخفية على مسلة مصرية في باريس    أرسنال يقتنص نقطة ثمينة ونيوكاسل يعزز حظوظه بالتأهل لدوري الأبطال    وداعاً...كابتن عبدالله مكيش وداعاً...ايها الحصان الجامح    حقيقة استحواذ "العليمي" على قطاع وادي جنة5 النفطي شبوة    تمهيد لقيام سلطته.. بن حبريش يشق طريق جبلي بمنطقة "عيص خرد"    نساء عدن: صرخة وطن وسط صمت دولي مطبق.!    صبحكم الله بالخير وقبح الله حكومة (أملصوص)    المنطقة العسكرية الثامنة مقرها الضالع كارثة قادمة    الحرب الهندية - الباكستانية .. إلى أين ؟!!    منظمة "عين" تدين جريمة مقتل طفلة وإصابة شقيقتها برصاص الحوثيين في البيضاء    بريطانيا وأمريكا تاريخ أسود من الإجرام المُفرِط بحق الأمة والإنسانية ! (53)    مبعوث ترامب يهاجم حكومة نتنياهو ويتهمها بإطالة أمد الحرب في غزة    أكد أن نصرة المستضعفين من أبناء الأمة شرف وفضل كبير في الدنيا ولآخرة..الرئيس المشاط يتوجه بالشكر والعرفان لجماهير الشعب اليمني لتلبيتهم نداء الواجب ودعوة السيد القائد    بحاح يناقش آلية دمج الطلبة اليمنيين في المدارس المصرية وتحديث اتفاقية التعاون    أمريكا.. وَهْمٌ يَتَلَاشَى    مرض الفشل الكلوي (4)    أقنعة الشرعية... وخنجر الخيانة    المدارس الصيفية ودورها في تعزيز الوعي    ضربة الشمس والإنهاك والفرق بينهما؟    وزير الشباب والرياضة يعزي في وفاة نجم المنتخبات الوطنية السابق عبدالله مكيش    ملخص مباراة برشلونة ضد ريال مدريد بالدوري الاسباني    البرنامج الوطني لمكافحة التدخين يدشن حملة توعوية في عدن تحت شعار "فضح زيف المغريات"    شركات أمنية رافقت نساء المنظمات والشرعية يوم أمس    انتشار فيديوهات مفبركة بالذكاء الاصطناعي ل"كوكب الشرق"    دراسة: المصريون القدماء استخدموا "تقنية بركانية" وآلات قديمة عالية التقنية لبناء الأهرامات    تسجيل 17,823 إصابة بالملاريا والأمراض الفيروسية في الحديدة منذ بداية 2025    الملك سلمان يرعى نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين    بايرن ميونيخ يحتفل بلقب الدوري للمرة ال 34 ويودع نجمه المخضرم توماس مولر    الفن بين المرآة والسيف: خطر مشهد السحل في الدراما "طريق إجباري" نموذجًا    - كيف ينظر وزير الشباب والرياضة في صنعاء لمن يعامل الاخرين بسمعه اهله الغير سوية    وزير الأوقاف: تفويج حجاج اليمن سيبدأ الثلاثاء القادم    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ينبغي التحقيق مع المحققين
نشر في الجنوب ميديا يوم 24 - 04 - 2012

ينبغي التحقيق مع المحققينمات عرفات جرادات ابن الثلاثين حينما حقق جهاز الامن العام معه. وفي كل اسبوع يسير عشرات إن لم نقل مئات الفلسطينيين في الطريق الذي دُفع اليه في 18 شباط عند اعتقاله. ويستعمل هذا الطريق عشرات الاسرائيليين: من الجنود الذين يعتقلون المشتبه به تحت جنح الظلام، مرورا بالطبيب العسكري الذي يفحص عن صحة السجين الجديد، ومحققي 'الشباك' الذين يتبدلون في نوباتهم، وسجاني مصلحة السجون، والعاملين في عيادة السجن والقاضي الذي يُمدد الاعتقال.
صحيح ان آلافا آخرين يجتازون هذا الطريق بل أطول وأصعب منه ويبقون أحياء. وينبغي ان نفترض ان هذا ما سيقوله رجال جهاز الامن العام ومصلحة السجون دفاعا عن أنفسهم. لكن من وجهة النظر الفلسطينية فان كل محطة في طريق الاعتقال والتحقيق مقرونة بمعاناة جسمية ونفسية عظيمة يُسببها الجيش والشرطة و'الشباك' ومصلحة السجون على عمد تفوق مقادير المعاناة التي يفترض ان يُسببها سلب الحرية واصدار لائحة اتهام. وقد اجتمعت على مر السنين شكاوى معتقلين وسجناء فلسطينيين من منع النوم ساعات طويلة، وتقييد مؤلم طويل، وأعمال إذلال وضربات جافة واهمال طبي. وهذه اعمال تعذيب بحسب التعريفات الدولية.
لم يكن جرادات قنبلة متكتكة بل اعتُقل متهما بأنه رشق بالحجارة أهدافا اسرائيلية ورماها بقنابل حارقة. وبعد ثلاثة ايام تحقيق طلبت الشرطة (باسم 'الشباك') تمديد اعتقاله 15 يوما آخر من اجل التحقيق. وتم نقاش تمديد الاعتقال يوم الخميس، 21 شباط، في مركز تحقيقات 'الشباك' كيشون أمام القاضي العسكري دافيد كدوش. وأمر القاضي بتمديد الاعتقال ب 12 يوما. وسأل كميل صبار، وهو محام من جهة مكتب شؤون الأسرى في السلطة الفلسطينية في المداولة القاضي الشرطي هل نشأت شبهات اخرى تتعلق بجرادات وأُجيب بالنفي. وسأل هل اعترف بما نُسب اليه وأجاب محقق الشرطة: 'جزئيا'. ومن هنا استنتج المدعي العام ان جرادات اعترف برشق الحجارة.
تدل التجربة على ان ايام التحقيق الاخرى وهي كثيرة قياسا بخفة المخالفات لم تكن ترمي فقط الى استخراج اعترافات اخرى بل الى محاولة جعل المحقق معه يعترف على ناس حوله أو لجمع معلومات شخصية لكنها محرجة كي تُستعمل في المستقبل. وتُبين تقارير المعتقلين المقدمة الى محاميهم ان استعمال منع النوم مع التقييد الطويل والمؤلم شائعان جدا. وتبين في المحكمة العسكرية ايضا ان الناس يعترفون بما لم يفعلوه أو يُدينون آخرين عبثا وذلك كي يدعوهم ينامون فقط.
في الزمن القصير الذي مُنح لهم قبل التباحث في تمديد الاعتقال، استطاع جرادات الذي كان يعاني قبل اعتقاله من انزلاقا غضروفيا أن يقول للمحامي صبار انه يعاني من آلام ظهر وآلاما اخرى بسبب الجلوس الطويل على كرسي زمن التحقيق الطويل. وعلم القاضي كدوش بالآلام من التقرير السري الذي عُرض عليه. وفي الوقت الذي كتب فيه القاضي قراره تحدث جرادات الى محاميه ايضا عن ان السجن في زنزانة معزولة صعب عليه جدا وانه يطلب الانتقال منها. وانطبع في ذهن المحامي صبار ان الشاب في ضائقة نفسية كبيرة وأشرك القاضي في انطباعه هذا. فأضاف القاضي الى القرار: 'يطلب المحامي إذن المحكمة بالحديث عن شأن الصحة النفسية للمشتبه به زمن مكوثه في زنزانة اعتقاله وحده والخوف من ضرر نفسي. ويطلب ان يتم الفحص عن المشتبه به وأن يُصرف اليه الانتباه المطلوب'.
تم التباحث في تمديد الاعتقال في يوم الخميس في العاشرة صباحا وصحيح الى اليوم ان المحامي صبار لا يعلم متى نُقل جرادات الى سجن مجدو حيث مات. إن أحد تقديرات المنظمات الفلسطينية التي تمثل الأسرى هو ان جرادات نُقل الى زنزانة مستنطِقين في مجدو.
بخلاف تحقيقات 'الشباك' التي توثق في سجلات تمتنع السلطات عن تصديق رسمي لوجود مستنطِقين. وتدل التجربة على ان المستنطِقين يستعملون شتى الطرق والتهديدات لاستخراج معلومات (صحيحة أو كاذبة): فهم يفخرون بأعمال بطولتهم على أنهم اعضاء في واحدة من المنظمات الفلسطينية، وينشرون شُبهة ان المعتقل يتعاون لأنه لا يُشركهم في أعمال بطولته ويهددونه ايضا.
يجب ان ينحصر التحقيق في موت جرادات في كل واحدة من المحطات التي مر بها منذ كان اعتقاله. وذلك برغم ان كل تحقيق سيكون فاسدا مسبقا لأن التحقيق الذي جرى على جرادات في جهاز الامن العام لم يوثق بالصور، باذن من المحكمة العليا. وقبل اسبوعين فقط، في السادس من شباط، محا رئيس المحكمة العليا، آشر غرونس، والقاضيان حنان ملتسار ونوعام سولبرغ استئنافا قدمته اربع منظمات حقوق انسان طالبة الغاء تعديل القانون في 2003 الذي أعفى الشرطة من توثيق بصري أو صوتي لتحقيقات مع مشتبه فيهم بمخالفات أمنية. ورأى القضاة انه بسبب ان تعديل القانون يُفحص عنه من جديد 'لم يحن الوقت بعد للفحص عن دعاوى المستأنفين في حقيقة الأمر'.
لا يحتاج الفلسطينيون الى تحقيق اسرائيلي، فهم يرون ان موت جرادات حدثٌ أكبر كثيرا من مأساته ومأساة عائلته. وهم يعلمون من تجربتهم ان موت جرادات ليس دليلا على عدم موت المعتقلين الآخرين بل على أن الجهاز الاسرائيلي يستعمل اعمال التعذيب على الدوام. ويعلمون من تجربتهم ان اعمال التعذيب لا ترمي فقط الى إدانة هذا أو ذاك بل ترمي في الأساس الى ردع واخضاع جمهور كامل.
عميره هاس
هآرتس 25/2/2013


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.