نشرت صحيفة هآارتس اليوم أن الجيش الإسرائيلي يسعي لزيادة مخصصات الحرب الإلكترونية والوحدات المختصة بالتصدي لهجمات الإنترنت، وأن إسرائيل تتعامل مع مسألة الحرب الإلكترونية كقضية ذات أولوية إستراتيجية ليست محصورة على الجيش فقط. وأشارت الصحيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصدر قرارا بتشكيل هيئة حكومية تابعة لمجلس الوزراء الإسرائيلي للعمل على إحباط الهجمات الالكترونية، وهو ما أشار إليه نتنياهو أول أمس في جلسة مجلس الوزراء،والذي أطلق على الهيئة أسم "القبة الحديدية الرقمية للدفاع عن الإرهاب المحوسب". وذكرت الصحيفة أن اجتماع سيتم غدا بين رئيس الأركان في الجيش الإسرائيلي بيني جانتس و12 عنصراً من العاملين في مجالات الانترنت والتصدي للهجمات السيبرية (Cyber attack)، وذلك لتكريمهم لمجوداتهم في التصدي للهجمات الأخيرة. وفي وقت سابق أشار نتنياهو في خطاب له أمام مؤتمر مركز دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب أشار إلى أن قدرات إسرائيل في مجال الهجمات السيبيرية والحرب الإلكتروني تشهد تطوير مستمر وييتم استثمار رؤس أموال ضخمة وموارد بشرية، لتصبح إسرائيل من أقوى خمس دول في هذا المجال، لترتفع الميزانية المخصصة لهذا المجال لحوالي مليار دولار من إجمالي ميزانية الجيش الإسرائيلي، وهو ما يعرف بالخطة المرحلية "عوز". صحيفة جيروليزم بوست تطرقت في وقت سابق إلى تصريحات لمسئولين عسكريين في وزارة الدفاع الإسرائيلية أكدوا على كفاءة إسرائيل في تصديها لأي هجمات إلكترونية، وحسبما قال أحدهم" دفاعاتنا الالكترونية جيدة وهي من أفضل ما هو متاح في العالم المتحضر"، وأضافت الصحيفة أن هناك عدة جهات مسئولة عن الدفاع ضد الهجمات الالكترونية، مثل وحدة 8200 الاستخباراتية العسكرية المسئولة عن حماية الداخل الإسرائيلي من هجمات قراصنة الكمبيوتر بخلاف أن الموساد لديها بعض آليات مكافحة الهجمات الإلكترونية بخلاف أنشاء وزارة الدفاع للوحدة سي .فور.آي للعمل على التصدي لأي هجمات من الممكن أن تتعرض لها شبكات الجيش الإلكترونية. من جهة أخرى، ومع الجمود الذي ساد المفوضات بين إيران وبرنامجها النووي، وبخلاف الضغط بالعقوبات الاقتصادية أتت الهجمات الإلكترونية التي ضربت مراكز البحث والتحكم في إيران وعلى رأسها المتعلقة بالبرنامج النووي، عن طريق فيروس حاسوبي يدعى "فلايم" أو اللهب، وهو عبرة عن دودة رقمية تتكون وتبقى بحالة سكون داخل جهاز الحاسوب ويتم تفعيلها عند اللزوم لتبدأ بتدمير الحاسب الحاضن لها أو تقوم بنقل البيانات والتجسس، أو الأمرين معا، كذلك تشفير الأوامر الصادرة والواردة وتسجيلها وبث أوامر مخالفة، وغيرها من العمليات السيبيرية، وقد تم اكتشافه عن طريق شركة إليكترونيات روسية متخصصة في برامج الحماية من الفيروسات. الهجمات السيبيرية على النظم الالكترونية الإيرانية ليست الأولى من نوعها، فقد سبق أن استهدفت إيران بفيروس حاسوبي للتخريب من نوع ستاكسنت وهو من أكثر الفيروسات تدميراُ في مجال الحروب الإلكترونية، ولكن لأن الشبكات المعلوماتية الإيرانية من نوع الدوائر والشبكات المغلقة، وغير متصلة بالانترنت مكن الإيرانيين من تخطي هذا الهجوم، واتضح بعد الهجوم الأخير أن إسرائيل والولاياتالمتحدة يبقون دائماً على سلاح خفي يستخدم عند اللزوم، وقد يكون التلويح والضغط على إيران هو الهدف عن تفعيل هذه الدودة الالكترونية والتي لم يكن الإيرانيون على علم بها والتي تعد الأخطر والأنجع في مجال الهجمات السيبيرية، في حين يرجح بعض الخبراء من الشركة الروسية التي اكتشفت فلايم أن اكتشافه ناتج عن "إفلات فلايم من قبضة المتحكمين به". إيران ألقت بالمسئولية على إسرائيل استنادا على تصريحات سابقة ولاحقة على الهجوم السيبيري، فمثلاً موشيه يعلون نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي قد صرح أن إسرائيل ستعمل على تعطيل البرنامج النووي الإيراني بوسائل عدة منها استخدام فيروسات بالغة التطور لمهاجمة منظوماتها الحاسوبية. أمريكيا، فالهجمات السيبرانية المتبادلة بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى أضحت أهم ساحات الصراع، فبشكل واضح ومنذ اليوم الأول لتولي الرئيس الأمريكي باراك أوباما لمنصبه أمر بزيادة الهجمات السيبرانية ضد مراكز التحكم الالكتروني للبرنامج النووي الإيراني، وهو البرنامج الذي بدأ في عهد سلفه جورج بوش تحت أسم "ألعاب أولمبية"، وحتى بعد اكتشاف أحد عناصر البرنامج في صيف العام 2010 بسبب خطأ بالبرمجة أدى إلى تسربه من مفاعل "ناطنز" النووي الإيراني وانتشاره حول العالم، وأعطى الخبراء الذين بدأوا دراسة الفيروس الذي طورته الولاياتالمتحدة وإسرائيل، أسم "ستاكسنت" وذلك حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في مطلع يونيو الماضي. وكشف المسئولون انه بعد انكشاف الفيروس، عقد اجتماع في البيت الأبيض شارك فيه أوباما ونائبه جون بإيدن، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية آنذاك ليون بانيتا، وبعد إطلاع أوباما على أدلة على أن البرنامج لا يزال مؤثراً وأنه ليس واضحاً كم يعرف الإيرانيون من الشفرة، قرر مواصلة الهجمات الإلكترونية. وأوضحت "نيويورك تايمز" أنها أجرت مقابلات مع مسئولين أميركيين سابقين وحاليين ومسئولين إسرائيليين مشاركين بالبرنامج إضافة إلى خبراء من حول العالم خلال الأشهر ال18 الأخيرة والذين اختلفوا حول مدى تأثير الهجمات الإلكترونية على إبطاء تقدم البرنامج النووي الإيراني، ففي حين قدّر مسئولون داخل إدارة أوباما أنها نجحت بتأخير البرنامج 18 شهراً إلى سنتين، شكك بعض الخبراء داخل الحكومة وخارجها في ذلك، مشيرين إلى أن مستويات تخصيب اليورانيوم انتعشت بشكل ثابت ومنحت إيران وقودا يكفي ل5أسلحة نووية أو أكثر، أما في ما يتعلق بفيروس "فلايم" الذي اكتشف أخيراً وسبق أن هاجم شبكات كمبيوتر إيرانية، فرفض مسئولون أميركيون القول ما إذا كانت الولاياتالمتحدة مسئولة عنه أم لا. قد تكون الهجمات السيبرية والإلكترونية سلاح ثانوياً تستخدمه الولاياتالمتحدة وإسرائيل للضغط على إيران في مسار المفاوضات الدبلوماسية، أو كمحاولة لتعطيل برنامج طهران النووي، ولكن من السابق لأوانه اعتبار "الحرب السيبيرية" بديلاً عن العمل العسكري المباشر لإيقاف البرنامج النووي الإيراني نهائيها حسب ما تتمناه إسرائيل، والذي إذا حدث، ستمتلك إيران مشروعية إنتاج سلاح نووي مما سيجعل المنطقة تدخل في سباق تسلح نووي، بحسب ما حذر منه رئيس الموساد الأسبق مائير داجان.