المهندس علي نعمان المصفري أجزم من أن التاريخ والتاريخ مُجرّب لا يرحم كل من يتحدى أرادة الشعوب. والشعب في جنوب العرب يبحث عن كلمة بثلاثة حروف وطن يعيش فيه ويعيش فيه أيضا جميعا دون استثناء, الدين لله والوطن للجميع. ولهذا لازالت لقاءات القاهرة ترقيعات مع غياب أرادة إقليمية وتعنت دولي لازالوا في ذات المربع الأول. تابعنا اللقاء وماقبله من لقاءات منذ سنوات ونعرف المخبأ منها أيضا وأسباب ودواعي ذلك في كل هذا الاختزال الواضح في لقاء القاهرة ضمن أطار مجموعة فقط وغياب واضح لمكونات مسيرة التحرير السلمية. جيد أن تلتقي المجموعات مع بن عمر ولكن عيبا أن تكون مجموعة ممثلا لإرادة شعب. مما يدل على فشل المشتركون والممثل الدولي عن أمكانية وضع حل مناسب لقضية تحرير الجنوب واستقلاله وفق محتوى المداخلات واستعراض بن عمر لمجمل ماحدث ويمكن حدوثه وحصره في يمننة الحل دونما للجنوب عرف ونكهة بدليا أيراد مثال جنوب أفريقيا وحكاية الأبارثايد في كلام عام على طريقة قراءة الكف في المغرب الشقيق. والهدف هو تمرير عملية التمثيل في مؤتمر الحوار الذي خُصص لمناقشة وضع اليمنوصنعاء وليس للجنوب صلة به. لذلك يبدو أنه خوار كما تم أشاعته في تعلية صوت بن عمر على من حضر لقاء القاهرة لوزر الحمل عليه في استحقاقات شعب الجنوب التي يريدون كلفتتها كما أوضحها الموهوب د. أحمد علي عبدالله في أن الأخضر الإبراهيمي وجمال بن عمر تقاطع رصاصتين. هذا الحوار الذي أساسا منذو تضمنه في المبادرة الخليجية فاشلا وعاجزا عن شموليته وتضمنه للحل بل تهميش اللاعبين الأساسيين وهو شعب الجنوب وتاركين قضيته فقط لأغراض تزيين ديكور عملية سياسية مخلوسه الجلد والشعر كالدجاجة التي لاتصلح بعد للأستهلاك البشري ميتة ووضعها على مائدة دسمة شكلا وهي فارغة القيمة والمعنى سوى حملها للأسم لاغير, طبخت في مطبخ غير بيئتها وأستوردت مجمدة فقدت كل محتوياتها أثناء نقلها؟؟ السبب يعزي نفسه الى أن تصميم المبادرة هدف لفك اشتباك بين الفرقاء المتصارعون والمتسابقون الى دخول القصر الجمهوري في صنعاء وليس لوضع حل لمحنة الجنوب. ولو كانت توجد نية حقيقية لحل المشكلة لرأت النور مسبقا تحضيرات واسعة لحوار جنوبي جنوبي بغض النظر عن مسميات رؤية هذا المكون أو الطرف الجنوبي أو حتى الأشخاص. لكن يبدو أن صلاحيات مستشار الامين العام للأمم المتحدة لا تمنح كاملة له وفق قواعد المخرج, ولم ترتقٍ الى مستوى تتقاطع مع موقف القائمون على الأمر مما أثقله حمل الجمل ليبرك دونما يكون على ظهره سوى ما قعد عليه بن عمر من خيّه؟ والعيب الأكبر في نفوق الحل وانسداد أفقه, لازالوا يربطون مصير الجنوب أرض وشعب وتاريخ وهوية في الحزب الذي حكم الجنوب لفترة 23 سنة وحصر التبادل في الأدوار بين طرفين أساسيين جنوبيا من لايمسك حتى مربط ضحية عيده وفاقدها بحكم مجمل مامر به الجنوب من كبوات ولا مجال اليوم لمناقشتها, حاصرين القضية في دور هذا الفرد أو ذاك وكأن الجنوب مخصي لايقدر على أنجاب المزيد من عقلائه. والطرف الآخر مشلول في ظٍلال سلطة صنعاء كرهائن لا حول ولا قوة لهم ولا ثقة بهم لا من قريب أو بعيد. وتم استكمال دائرة الحصر في خنق قضية شعب الجنوب في تلك اللقاءات المنفردة على اعتبارها شرعية جنوبية وبين منتصر غازي يمني ببصمة المجتمع الدولي, علاوة على ذلك تم محاولة تسطيح قضية شعب بحالها في تمرد هذا وموافقة آخر. وبهذا ترتفع حجج ومبررات مع من نتحاور والشارع الجنوبي منقسم على نفسه وهذا غير صحيح. على القاصي والداني العودة الى آخر مشهد لمسيرة المليون في شارع الصمود المعلا يوم 14 أكتوبر 2012 فقط لتصحيح رؤيته وغسل دماغه. وليدرك تماما من الشارع السياسي في الجنوب لم ولن يتنازل عن تضحياته في مواصلة مسيرة التحرير السلمية لتحرير أرضة واستعادة كرامته ونزع حريته, ليعيش كما كان عبر التاريخ. المؤسف الذي وضح في لقاء القاهرة انه تم وضع قاعدة حسابية جبرية حسب بن عمر للتقاسم نصفين لحضور المؤتمر: عند أجراء حسابات رياضية بسيطة وفق عناصر المعدودات والمصفوفات الجبرية والمنطق كانت النتيجة مذهلة على النحو التالي: 50% جنوب + 50% يمن = صفر جنوب و100% يمن. التحليل: مع احترامنا لكل من حضر لقاء القاهرة يدرك أو لا يدرك بعيدا عن نظرية المؤامرة أن كلهم ضحية في تصفير عداد صنعاء على حساب ترقيم عدن من جديد ومن ثم على الرغم من عدم حضور أي فرد يمني والكل جنوبي بقى محمل ثقل ووزر تصفير معادلة صنعاء على حساب ضياع الجنوب في حيسه لا لها منتهى في أنك مع صنعاء تضرب أية رقم يطلع الناتج 100% وفي الجنوب صفر في المشمش. والاعتماد على قاعدة الفيدرالية التي حتى في صنعاء مرفوضه. لعدم تقبل العقلية لقيام الدولة في ظل سيادة القبيلة ولا أدري لما هذا الإصرار على نفخ قربة مخرومة, لا يمكن تعبئتها بميزانية الولاياتالمتحدة للتغيير ولا باستيراد أهم عقول الدنيا الى نهضتها. لهذا يستغرب الكل الجنوبي على ذهاب الأخوة مع بن عمر الى هذه الزاوية المغلقة الغير مبررة؟؟ ولم يتم على الأقل النظر الى واقع التراب الجنوبي المخضب بالدم يوميا حتى اللحظة شبر في بقاع الجنوب وماينزف اليوم في دار سعد خير شاهد؟ ولماذا كل هذه الدماء تم هدرها؟ ولماذا من نصيب شعبنا القهر والضنك والألم ولماذا يتم رفع بيارق الولاء هذه وتاريخ المرارة لازال حبره المشئوم لم يجف بعد عار على كل جبين؟. والإشكالية تجاهل شعب الجنوب وأرادته ونخبه الشابة المجربة وعدم الاستماع لها ومغادرة مواقع رؤيتها الصائبة وفق قاعدة مسمار جحا لبعض الأفراد فقط. ولهذا نقول الى متى يظل هذا العبث؟ وهل الأجيال لم تخلق من ذاتها رجال بعد؟ وهل تبقى الناس وعيونها الى السماء في ترقب للقدر حتى نهاية خمس الى عشر سنوات قادمة ليحل عزرائييل ضيفا في تصفية طريقها من هذه الكوابح؟ فالحوار الجنوبي الجنوبي بين كل الأطرف ليس عيبا وليطرح كل طرف رؤيته لتقديمها لشعب الجنوب ومن ثم أتخاذ قراره بذاته عبر آلية وطنية عامة وتحت مرجعية الجنوب الأرض والهوية وبناء الدولة الحديثة دون وصاية طرف محلي أو إقليمي ودولي للتمهيد في التفاوض مع الطرف اليمني عبر أشراف أممي بعدما يتم أيجاد أطر شرعية في اليمن لغيابها لانتهاء صلاحيتها أساسه منذ زمن. ابتداء من شرعية مجلس النواب ومرورا بالحكومة وانتهاء بالرئيس. لضمان شرعية التمثيل اليمني مع الطرف الجنوبي. دون ذلك تبقى الأمور عند مسمياتها الأولى وهو واقع حال يومنا هذا. وتجنبا لأحراج بن عمر في عدم وجود قيادة جنوبية موحدة ولكي نسهل مهمة المستشار بن عمر وحصوله جائزة نوبل للسلام في العام القادم, نقول لسيادته وغيره عودوا الى ملفات الأممالمتحدة على قاعدة قراراتها وفق الهوية فقط والمشروحة حتى الملل في وثيقة استقلال الجنوب العربي في 29 نوفمبر 1967 وقبلها في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 نوفمبر 1963. ومنها يكون الحل لا تربطوا ولا تسجنوا الجنوب مرة أخرى مع عقلية الكهف وماقبل الدولة تحت حجج واهية؟ أمنحوا الجنوب حقوقه وفق تلك القرارات وتحملوا مسئوليتكم الأممية والتاريخية والحقوقية الإنسانية وتصحيح استقلال الجنوب الفاشل في 30 نوفمبر 1967 تحت أشرافكم ومنحه السيادة الكاملة دون انتقاص. لو بقى الجنوب جنوب اليمن فمعالجة أمرة عند باب اليمن ولكن المخرج من المأزق هو في عودة ترميم وبناء البيئة السياسية والاقتصادية المدمرة في الجنوب الى وضعها الطبيعي والتجاوب مع أرادة شعبة بنخبة السياسية الشابة المؤهلة التي لم تكتسب في تاريخها تلوث من ماضي مارق أسود. هنا سنضع الجنوب على قضبان سكة تطوره من جديد وتجنب الدمع والدم والمأساة وتأمين سلامة وأمن المنطقة والعالم بتقاطع المصالح وتكافلها لا بلوي الأذرع وتكميم أفواه الناس؟ ولو كانت هناك نوايا صادقة إقليمية ودولية لحلحلة الأوضاع لكانت الحوارات الجنوبية الجنوبية لكل ألوان الطيف السياسي أولا لتحديد المرجعية في الهوية وبناء الدولة الحديثة وفق ميثاق شرف كآلية لإدارة التباين والاختلاف منطقا طبيعيا للنجاح وليس للعبثية التي نراها هذه الأيام دون اكتراث لحياة الناس في حقوقهم الإنسانية كبشر على أرضهم الطاهرة دون اللهث خلف تملئة البطون فقط؟؟ لهذا على أبناء الجنوب استيعاب حجم التحديات للوضع القائم اليوم بدقة متناهية وقطع طريق أعادة الجنوب الى ذات الوضع الذي لايقارن في التاريخ الحديث لما لحق بهم من أذى من غزاة همج؟ صمت العالم عنه وأدار ظهره وكأن شيء لم يحدث والدم الجنوبي العربي المسلم ينزف يوميا؟ وهنا يكون الرد الشافي في لجم أية صوت يخرج عن أرادة الشعوب. دون ذلك ستبقى الأوضاع عند قاع ذات المأزق وأكثر ترشيحا للانفجار؟ والله يوفق الجميع لمصلحة الناس وعلى ما أقوله شهيد.. *كاتب وباحث أكاديمي لندن في 11 نوفمبر 2012