من تابع أفلام "جيمس بوند"منذ بداياتها يعلم جيداً أن ثمة امرأة جميلة لا بد أن تشاركه في أدواره وعادة ما تكون حبيبته . وعلى الرغم من أن شخصية (007) يشترط أن تكون بريطانية فإن شخصية البطلة يمكن أن تكون من جنسية مغايرة، إذ شاركت العميل السري (007) بطلات حسناوات من أمريكا وسويسرا وفرنسا كالممثلة السويسرية أورسولا أندرس التي كانت أول بطلة في سلسلة أفلام جيمس بوند (دكتورنو) والتي ظهرت أيضاً في جزء آخر هو (كازينورويال) حيث كانت البطلة الرئيسة، الممثلة الفرنسية إيفا جرين - ويبدو أن نصيب الفرنسيات كان لا بأس به في أفلام "جيمس بوند". ففي العام 1965 شاركته الممثلة كلودين أوجيه في فيلم "كرة الرعد"ثم كارول بوكيه العارضة والممثلة المعروفة في العام 1981 في فيلم "لأجل عينيك"فقط، ثم تبع ذلك فيلم "العالم وحده لا يكفي"الذي ظهر في العام 1999 والذي شاركته فيه الممثلة الحسناء صوفي مارسو . اليوم وفي فيلمه الجديد (سكاي فول) أو (السقوط من السماء) الذي بدأت عروضه في بريطانيا في 26 اكتوبر/تشرين الأول الماضي، يعود "جيمس بوند"من جديد إلى جميلاته الفرنسيات مع الممثلة الفرنسية الحسناء بيرينيس مارلوهيه . وتساءل البعض: من هذه الممثلة المغمورة التي أطارت لب "جيمس بوند"إلى هذه الدرجة ومن أين أتى بها؟ هذه الفرنسية الحسناء التي ولدت في باريس في 19 مايو/أيار ،1979 ظهرت في عدد من المسلسلات مثل "نساء من أجل القانون"و"أب وعمدة"و"فرق الطوارئ الطبية"ثم ظهرت مؤخراً إلى جانب النجمة صوفي مارسو في الفيلم الكوميدي الفرنسي "السعادة لا تأتي وحدها أبداً". وإلى جانب هذه المسيرة المتواضعة تعتبر مارلوهيه مروجة العلامة التجارية لإحدى الساعات، كما ظهرت في فيلم آخر وهو "فن الإغراء"إلى جانب الممثل الفرنسي ماثيو ديمي الذي عرض في 2011 . وتعود أصول هذه الممثلة الحسناء إلى أن طبيب صيني وكمبودي وأم فرنسية معلمة . ترعرعت مارلوهيه في باريس ودخلت المعهد الوطني الفرنسي للموسيقا والرقص وخصصت فترة وجيزة للعمل كعارضة إلى أن انتهى بها الطريق إلى عالم السينما والتمثيل ولتصبح حسناء جيمس بوند في الفيلم 23 ضمن السلسلة الشهيرة بعد أن اتصلت هي بنفسها، حسبما تقول، بمديرة أعمال الفيلم لتعرض عليها المشاركة فيه وبالفعل وقع عليها الاختيار بشكل فاجأ الجميع . وفي هذا الصدد تقول البطلة الجديدة: "أرى أنه من المعيب حقاً أن يكتشف الفرنسيون حسناواتهم من خلال أفلام "جيمس بوند«، وكنت أفضل أن أحدث هذا النجاح الكبير في بلدي فرنسا ولكن للأسف قضيت سنوات طويلة أحاول أن أدخل من هذا الباب كممثلة لأجده مقفلاً في وجهي". وتضيف مارلوهيه بشيء من الأسى والتحدي "عندما علمت أنهم يبحثون عن فرنسيات للفيلم الجديد راجعت عبر الإنترنت لائحة كل الأسماء التي عرضت بمن في ذلك المنتجون والتقنيون وأرسلت لهم عبر "الفيس بوك"معلومات عني وعن سيرتي الفنية إلى أن حصلت على رسالة إلكترونية من مديرة الممثلين التي قدرت عملي ومسيرتي الفنية وطلبت مني الحضور للخضوع لاختبار عبر مشهدين من "سكاي فول«، بعد ذلك خضعت لاختبار آخر أمام المخرج سام ميندس في بريطانيا باستوديوهات "بينوود"وكانت هذه المرة مع بعض التعليمات لمعرفة إن كنت قادرة على لعب الدور بحرفية عالية . وتشير مارلوهيه إلى أنها خضعت في المرة الثالثة إلى اختبار أمام البطل دانييل كريج وكذلك أمام المنتجين باربارا بروكولي وميشيل ويلسون اللذين أعجبا كثيراً بموهبتها وأصرا على توقيع العقد معها . ويبدو أن الثغرة التي أحدثتها مارلوهيه في عالم السينما كانت بالنسبة إليها فرصة نادرة جداً ربما لم تكن لتحدث لولا شجاعتها وإقدامها على خوض محاولة كبيرة كهذه . وبمجرد أن وقّعت مارلوهيه العقد حتى دخلت في معترك هذا العالم من أوسع أبوابه وانهالت عليها العروض بإجراء مقابلات خاصة بعد أن أعلنت الصحافة البريطانية عن مشاركة فرنسية في فيلم "جيمس بوند"الجديد . والفرصة النادرة لمارلوهيه أيضاً تتمثل في عملها إلى جانب عدد من الممثلين الكبار أمثال كريج وجودي دينش وخافيير بارديم ورالف فينيس وآخرين من المبتدئين في هذا العالم الكبير . وتقول حول فرصتها النادرة تلك: "بعد أن عملت بجد طوال ثماني سنوات لأصبح ممثلة، أصبح البعض يعلم من أين أتيت ولست مغمورة كما يدعون، وهذه المهنة لم تهتم بي بشكل مفاجئ، لأنني أنا التي بحثت عنها وذلك ضمن هذا المجهود المتواصل لأصل إلى نتيجة مرضية بعد هذا التعب . واليوم أقول إنني وصلت بجهدي ووجدت نفسي مع أناس موهوبين ويعاملونك بوصفك إنساناً . وتضيف أن الكثيرين من أصحاب المهنة يسألونني: "أين كنت طوال هذا الوقت"وأنا أجيبهم: "كنت أحاول باستمرار للوصول والآن ها أنا ذا أمامكم، فهل أصبحتم ترونني جيداً؟". وترى مارلوهيه أن الكل يعلم أنه توجد أنماط عدة من فتيات "جيمس بوند"مع ميل لجمال البطلة وعن مكانها في هذا الإطار، خاصة أنها تجسد دور فتاة تسمى سيفيرين تتميز بالسحر والغموض في "سكاي فول". تقول: "أردت أن تكون هذه الشخصية أكثر تعقيداً وغموضاً وسحراً مما هي عليه في الأصل لأخرج عن طابع الشخصية النمطية بمعنى أن شخصية هذه الفتاة يجب ألا يحكم عليها من الوهلة الأولى أنها مع الطيبين أو الأشرار وذلك على نفس النمط الذي فعله البطل دانييل كريج مع شخصية بوند، فهو في الوقت نفسه قوي وضعيف حيث يبدي الصفة الإنسانية حيناً ثم لا يلبث أن يصبح شريراً لا يهمه إلا القتل . وكذلك سيفيرين فهي ليست إلى جانب "جيمس بوند"ليحميها فقط وهذا في حد ذاته أمر جديد وقفزة نوعية في مفهوم سلسلة العميل السري (007) . وهذه التجربة هي الأولى من نوعها لممثلة فرنسية ربما لا تتقن غير لغتها الأم، ولذا قالت مارلوهيه حين سئلت عن ذلك: "لا شك في أن هذا تحدٍ بالنسبة إلي وما يعجبني في اللغة الانجليزية أنها تمنحني مزيداً من الحرية وبما أن هذا الدور ليس بالفرنسية يمكنني تجنب الفخاخ التي نقع بها أحياناً عندما نمثل حتى بلغتنا الأم . وفي كل الأحوال لكل شيء وجهان، فعندما لا نكبر مع بعض الكلمات والتعابير، لا نحس بمعناها الحقيقي إلا عندما نمارسها علماً بأن هذه الممارسة غالباً ما تكون صعبة . وفي كل الأحوال أحب أن أمثل بلغات أخرى فهذا يثري جعبتي الثقافية . وعن الانقلاب الذي تتوقعه في حياتها المهنية بعد هذا العمل الكبير، تقول مارلوهيه: "لا شك في أنني وصلت في النهاية إلى ما كنت أصبو إليه وأؤكد لكم أن كثيراً من الأشخاص الذين عرفتهم طوال مسيرتي باتوا ينظرون إليَّ الآن بشكل مختلف وهذا أمر في غاية الغرابة لأنه دليل على أن الناس يتعاملون معك بوجهين!".