دراما سينمائية شفافة ومؤثرة وواقعية تحقق نجاحاً ملحوظاً في الصالات المصرية بانتظار توزيع الفيلم في بلدان عربية أخرى. "ساعة ونصف" عنوان العمل الذي كتبه أحمد عبدالله وأخرجه وائل إحسان، ويشارك فيه فريق كبير من الوجوه القديمة والحديثة لا يقل تعداده عن ثلاثة وثلاثين فناناً. من بين هؤلاء: فتحي عبدالوهاب، ماجد الكدواني، سمية الخشاب، سوسن بدر، هالة فاخر، أحمد الفيشاوي وسواهم. تدور أحداث الفيلم خلال ساعة ونصف الساعة في أجواء من الإثارة والصخب والخوف. ويتناول الكارثة التي ألمت بقطار "العيّاط" الشهير الذي اندلعت فيه النيران أثناء رحلته الى الصعيد المصري وقضى فيه عدد غفير من ركابه الذين واجهوا في الحادثة موتاً محققاً. تعزى أهمية الفيلم الى الحبكة الاجتماعية التي غلّف بها الكاتب القدير أحمد عبدالله قصته المتشابكة، إذ أودع فيها كثرة من المشاكل والأزمات التي يعيشها المجتمع المصري منذ عقود. ولا تزال تثير لديه قلقاً عميقاً وخوفاً من المستقبل. يبلغ الفيلم ذروته في المشهد الذي يتسلّق فيه الركاب القطار بشكل عشوائي ينذر بأن هؤلاء يفعلون ذلك وكأنهم يلقون بأنفسهم الى التهلكة. بالمثل، يرمز القطار بحالته الرثة وافتقاره الى مقاييس الأمن والسلامة الى الحياة نفسها وقد باتت معرضة لأفدح الكوارث وأخطرها. اللافت أن من يستقلون القطار يمثلون، على وجه التقريب، كل أطياف الشعب المصري. ولعل الكاتب أراد من خلال ذلك أن يوحي بأن الجميع شركاء من دون استثناء في أي مصيبة متوقعة. وأن الفقر هو القاسم المشترك بين الأكثرية الساحقة من الركاب الذين تدفع بهم أقدارهم في الفيلم الى الكارثة. تكمن أهمية القصة في قدرة الكاتب أحمد عبدالله والمخرج وائل إحسان على وضع هذه التصورات موضع التعبير الدرامي بعيداً عن السرد الإنشائي والاقتباس التلقائي للمفاهيم المشار إليها. بدليل أن الشخصيات التي تتوزع السيناريو والوقائع والأحداث الأساسية والثانوية ذات سمة واقعية. وجوه من لحم ودم وأحاسيس تحلم كثيراً وتصطدم كثيراً بالحائط المسدود. ومع ذلك تأمل أن تتمكن من الارتقاء بطبيعة حياتها. ينتهي الفيلم بالكارثة المعروفة التي أودت بحياة كثيرين من ركاب القطار، ومع ذلك لا تنتهي الحركة الداخلية للقصة. تظل تتفاعل وكأن للقصة تتمة خفية تجري أحداثها في الذاكرة.