جهاد هديب (الشارقة)- قدمت فرقة مسرح حتّا مساء أمس الأول على خشبة مسرح القاعة الأولى لمعهد الشارقة للفنون عملها المسرحي الذي حمل عنوان «زيت وورق» من تأليف وإخراج علي جمال وكذلك ممثلا إلى جوار عبد الله حيدر، في إطار المنافسة على جوائز أيام الشارقة المسرحية في دورتها الثالثة عشرة التي تختتم مساء الأربعاء من هذا الأسبوع. لا أسماء أو عناوين في هذه المسرحية، التي جاءت بلغة عربية فصيحة، مسرحية استفادت كثيراً من المنطق الفلسفي والمزاج الثقافي لمسرح العبث، لكنها في الوقت نفسه أبقت على نوع من الاتصال مع المتفرج أكثر مما هو مع الجمهور، رغم لا واقعيته واعتناء المخرج بتفاصيل المشهدية السينوغرافية بكل تفاصيلها وحيثياتها. ورغم أنه المخرج، صاحب القرار في العمل لم يستأثر علي جمال بالبطولة على مستوى حضور الممثل على الخشبة بل إنه، في بعض مفاصل العمل، يعطي شريكه في مساحة التمثيل، عبد الله حيدر، الكثير من مساحته الخاصة. وعندما سألته «الاتحاد» عن ذلك في أعقاب انتهاء العرض قال «لم أكن أرغب في أن أكون ممثلًا أبداً في العمل، وكل ما حدث هو أنني اضطررت إلى القيام بهذا الدور نتيجة اعتذار ممثل زميل قبل أسبوعين فقط، حتى أنني أحيانا كنت أخاف أن أنسى، لولا ذلك الجهد الذي بذله الممثل عبدالله حيدر بأدائه المميز». الأداء بهذه الروح أيضاً، جاء الأداء في «زيت وورق» التي تأخذ المرء إلى بدايات الصراع الإنسانين صراع قابيل وهابيل، الصراع الأزلي على السلطة مثلما على امتلاك المعرفة، والذي يتجسد درامياً دائما بأنه صراع إرادات بين قوى طاحنة. لكنه هنا لم يكن واضحاً كذلك، إذ يأخذ عبد الله حيدر وعلي جمال المتفرج إلى توتر درامي من اللحظات الأولى للعمل، ويأخذانه إلى عالم ليس واضحاً تماما وليس غامضاً بالمطلق بل في المسافة ما بين بين: في منطقة الرماد التي قد تكون فيها النفس البشرية إجمالًا عصيّة كثيراً على التأويل. ويبدو أن نجاح العمل في جذب عين المشاهد باتجاه التفاصيل السينوغرافية، وتحديداً الإضاءة التي ادخلها علي جمال إلى لعبته الدرامية، فلم تكن مجرد مبرر للانتقال من حالة مسرحية أو مشهد مسرحي إلى آخر بل جاءت جزءاً من البنية المشهدية الدرامية بمعنى أن تفكيك النص إلى عرض بصري كان هاجس المخرج ثم الممثلَيْن معا. وعلى الأرجح فإنه لا نص أدبيا سابقا على العرض بالمعنى الكلاسيكي للكلمة، بل جاء العرض نتيجة نزعة تجريبية أراد المخرج من خلالها أن يصل إلى أبعد ما يمكن الوصول إليه تلبية لهذه النزعة. ... المزيد