دعت النقاشات في «قمة مجالس الأجندة العالمية» في يومها الأخير بدبي، أمس، إلى ميثاق أخلاقي مشترك للتعاون الدولي، حتى يكون مستداماً. وتركزت نقاشات القمة على تحديات القرن ال21 من خلال إيجاد مزيد من فرص العمل، وحل مشكلات الفقر، والتصدي للكوارث، فضلاً عن بناء اقتصادات مستقرة ضمن أطر تشريعية وعملية، وسبل تعزيز التأثير الناتج من أعمال مختلف المنظمات، ودورها المحفز والمشجع لتسريع وتيرة عمليات التعاون الدولي، فضلاً عن نتائج الأزمة الاقتصادية العالمية، وعدم قدرة المجتمع الدولي على الاتفاق الجماعي على إطار عمل دولي للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وعدم وجود أنظمة سياسية فاعلة في منع وإدارة الصراعات العسكرية المسلحة حول العالم. ولفت المشاركون في النقاشات إلى وجود ثلاثة مليارات نسمة في قوة العمل العالمية، إضافة إلى توافر 600 مليون فرصة عمل خلال السنوات ال15 المقبلة، مشيرين إلى أن العالم يعيش حالياً في ترابط، وأمواج التغيير والتحولات لا تعترف بأي حواجز جغرافية، ما يستدعي التعاون في وضع أجندة تواكب تطلعات العالم التنموية. يشار إلى أن فعاليات «قمة مجالس الأجندة العالمية» شهدت مشاركة من 88 مجلساً متخصصاً، وحضرها ما يزيد على 1000 خبير ومفكر، مقارنةً ب700 خبير في القمة الماضية. وشارك فيها أكثر من 260 مشاركاً يمثلون قيادات قطاع الأعمال العالمي، مقارنةً ب100 مشارك في القمة الماضية، إضافة إلى 253 امرأة بزيادة تعادل الضعف عن الدورة السابقة. فرص عمل دلائل العجز العالمي اختتمت، أمس، فعاليات الاجتماع الدولي الأول للهيئات والمجموعات الدولية، الذي عقد بالتعاون مع حكومة الإمارات، بالتزامن مع اجتماعات «قمة مجالس الأجندة العالمية». واتفق المجتمعون على المشاركة في صياغة أجندة التنمية التابعة ل«الأممالمتحدة» لفترة ما بعد عام 2015، والإسهام في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. وناقشوا سبل تعزيز التأثير الناتج من أعمال مختلف المنظمات، ودورها محفزاً ومشجعاً لتسريع وتيرة عمليات التعاون الدولي. واتفق الحضور على توسيع مجالات النقاش في أجندة الاجتماع المقبل، كما ناقشوا نتائج الأزمة الاقتصادية العالمية التي عصفت بالاقتصادات العالمية في السنوات القليلة الماضية، وأدوار المؤسسات الدولية في التخفيف ومعالجة الآثار الناتجة، والأدوار المنوطة بهم وعمليات اتخاذ القرار التي باتت تخضع لمحاذير أمنية متعددة. وأكدت المنظمات المجتمعة أن دلائل العجز في ميزانية المنظومة العالمية يتجلى حالياً من خلال عدم قدرة المجتمع الدولي على الاتفاق الجماعي على إطار عمل دولي للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، والجمود المستمر الذي رافق «جولة الدوحة لمفاوضات التجارة العالمية»، وعدم وجود أنظمة سياسية فاعلة في منع وإدارة الصراعات العسكرية المسلحة حول العالم. تحديات القرن طالب مشاركون في الجلسة التي تناولت كيفية «مواجهة تحديات القرن 21»، التي عقدت خلال اليوم الأخير لقمة مجالس الأجندة العالمية، بأهمية إيجاد مزيد من فرص العمل، والمسؤوليات الملقاة على عاتق قطاع الأعمال، لافتين إلى أهمية أن يشمل قطاع التعليم، التدريب العملي والفني، وجعل التعليم جسراً يقود إلى توفير مزيد من الوظائف في العالم. وتطرقوا إلى الأوضاع المالية في الولاياتالمتحدة، ونمو الاقتصاد فيها وأداء القطاعات الرئيسة، كما ناقشوا أزمة منطقة اليورو مشددين على أهمية احتوائها، مشيرين إلىألا أن الإجراءات التي اتخذت أخيراً من قبل الحكومات الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي أسهمت في استقرار المنطقة. وطالبت مسؤولة الشؤون الإنسانية في الأممالمتحدة، فاليري أموس، الأسرة الدولية، بمحاربة الجوع ومستويات الفقر من خلال رؤية سياسية طويلة الأمد. تفصيلاً، شدد مؤسس ورئيس «منتدى دافوس الاقتصادي العالمي»، البروفسور كلاوس شواب، على أهمية أن تتركز الأفكار المطروحة في الشكل المستقبلي للعالم، لافتاً إلى أنه «على الرغم من كل الجوانب السلبية، فإن الاقتصاد العالمي وفق التوقعات الأخيرة لصندوق النقد الدولي، سيستمر في النمو بنسبة 3.6٪ خلال العام المقبل». وأضاف أنه «لو أخذنا الأمر من منظور أكثر إيجابياً، بأن الاقتصاد العالمي سينمو بنسبة 5٪، وهو فعلاً ما حدث خلال السنوات الأخيرة، فإن إجمالي الناتج العالمي سيتضاعف إلى ثلاثة أمثال ضعف ما هو عليه اليوم، وهذه بالتأكيد رسالة إيجابية للجميع». وأوضح أن «هناك ثلاثة مليارات نسمة في قوة العمل، وهم يحركون الاقتصاد العالمي الحقيقي، وحسب تقرير البنك الدولي الأخير، فإن 600 مليون فرصة عمل ستتوافر خلال السنوات ال15 المقبلة». وأكد أنه «مع استمرار النمو، سواء كان بطيئا أو سريعاً، فإنه سنتمكن من حل العديد من المشكلات، مثل إيجاد فرص عمل، والقضاء على الفقر»، مشيراً إلى أن الاشكالية والتحدي يكمنان في جعل هذا النمو شاملاً على المستوى المالي محلياً ودولياً، لأنه من دون هذه الشمولية فإن مجتمعاتنا ستنهار». مرحلة التغيير وشدد شواب على أهمية العمل على إعداد الأفراد لمرحلة التغيير، إضافة إلى مفهوم الشمولية، لأن شكل الاقتصاد العالمي سيكون مغايراً بشكل كلي خلال 50 عاماً المقبلة لما هو عليه حالياً، وبالتالي فإن عملية إعادة الهيكلة التي علينا تنفيذها، يجب أن يطابقها توافر مهارات ومواهب وخبرات نحتاج إليها في الأسواق المستقبلية. وأكد أهمية الحوكمة العالمية، نظراً إلى أن المستقبل سيكون مؤسساً على شبكات المصالح، والعمل، والأهداف المشتركة، لافتاً إلى أن «النظم التقليدية الحالية قائمة على الحوكمة، والتجارة، والمجتمع المدني، إلا أنه علينا أن ندمج في هذا النسيج العالمي، مطلباً آخر، وهو صوت الحقيقة والصدق». وتابع: «إذا أردنا أن نعالج القضايا الدولية العالمية، فإنه يتعين علينا أن نكون أكثر انفتاحاً، ونعبر عما يدور في أذهاننا»، مستدركاً أنه «من دون إيجاد ميثاق أخلاقي مشترك للتعاون الدولي، فإن هذا التعاون لن يكون مستداماً». وأفاد بأن «أكثر من نصف سكان العالم من فئة الشباب، وهنا يظهر على السطح مطلب إدماج هذه الفئة للإسهام في بناء الشكل المستقبلي للعالم، فضلاً عن أهمية دمج صوت المرأة في هذه المعادلة»، لافتاً إلى دور الإمارات في هذا الإطار. وذكر أن «هناك دعوات من المجالس المنعقدة حالياً، لاستغلال هذه القمة لمناشدة القيادات في الدول، كي تكرس جهودها وطاقتها الإيجابية لرعاية القضايا العالمية خلال عام 2013، وليس استيعابها عبر قضايا محلية»، داعياً إلى جعل 2013 عام تعاون عالمي حقيقياً. وطرح شواب مقترحين لجعل نتائج هذه القمة أكثر فائدة، الأول: منصة مشتركة للأجندة العالمية، للتوصل إلى مبادرات عن طريق مؤسسات ومنظمات دولية مهمة، لتكون منبراً يوفر الفرصة بشكل متواصل للتفاعل وإعطاء المشورة أثناء تنفيذ العديد من المبادرات التي تقدمها المنظمات العالمية وحلها، فيما يمثل المقترح الثاني إعطاء فرصة أكبر للخبراء في مجالس الأجندة والقيادات، كي يعبروا عن قلقهم وأفكارهم تجاه مختلف المشكلات. حوار إيجابي من جانبه، قال وزير الاقتصاد، الرئيس المشارك لقمة مجالس الأجندة العالمية، المهندس سلطان بن سعيد المنصوري، إن «الإمارات تحرص على إذكاء وتعزيز روح المواطنة العالمية، والتأكيد المستمر على أهمية الحوار الإيجابي، والمشاركة البناءة مع المجتمع الدولي»، لافتاً إلى أن هذه التوجهات تجلت في انعقاد القمة ومناقشتها لأكثر القضايا العالمية إلحاحاً عبر 88 مجلساً، ومشاركة ما يزيد على 1000 من قادة الفكر والخبراء والأكاديميين». وأضاف أن «المجالس شهدت تبايناً في وجهات النظر، ومقاربة التحديات والقضايا المطروحة، إلا أنها نجحت في تغليب المنفعة العامة على المصالح الشخصية، وخرجت بتوصيات تعود بالخير على المجتمع العالمي ككل»، مشيراً إلى أن أول ما تبادر إلى الأذهان مع بداية انعقاد هذه القمة، هو كيفية الخروج بأجندة موحدة جامعة، بينما كان الهدف الأكبر لتجمعنا هو الخروج بتوصيات ترسم ملامح التنمية العالمية المنشودة، وتمهد لواقع معيشي أكثر أمناً وسلاماً واستقراراً. وتابع: «نعيش اليوم في عالم مترابط، إذ لا تعترف أمواج التغيير والتحولات بأي حواجز جغرافية، ما يحتم علينا العمل معاً وتحمل مسؤولياتنا مجتمعين أكثر من أي زمن مضى في وضع أجندة تواكب تطلعات العالم التنموية». وأضاف أن «هناك ما يزيد على 350 مليون شخص في الشرق الأوسط وإفريقيا، يمثل الشباب دون ال25 عاماً 60٪ منهم، يطمحون إلى أرقى الخدمات على صعيد التعليم، والوظائف، والإسكان»، مؤكداً أن «تلك الرغبات المشروعة للشعوب كانت على الدوام تحتل الأولوية القصوى في المنظومة الإنمائية للإمارات». فعاليات القمة إلى ذلك، قال المدير العام لدائرة التنمية الاقتصادية في دبي، سامي القمزي، إن «قمة مجالس الأجندة العالمية 2012 تميزت بكبر حجمها وموضوعاتها، فضلاً عما شهدته من فعاليات، مثل (منتدى الهيئات والمجموعات الدولية) الذي أطلق للمرة الأولى من الإمارات، وناقش التحديات والمخاطر المشتركة، إضافة إلى فعالية (الحلقات النقاشية) التي تم فيها تناول تجربة الإماراتودبي التنموية، في قطاعات حيوية عدة، واستعراض (الاستدامة في مشروعات البنية التحتية) و(الحكومات المبدعة) و(تشجيع الابتكار في المشروعات الوطنية الصغيرة)، إضافة إلى عرض لنماذج حية وقصص نجاح». وأفاد بأن «مناقشات القمة أثمرت توصيات وحلولاً ذات قيمة مضافة لصناع القرار في العديد من القضايا العالمية الملحة مثل التمويل، ورؤوس الأموال، وتغيرات المناخ، والأمن الغذائي والمائي، وحماية الملكية الفكرية، فضلاً عن قضايا اجتماعية واقتصادية وبيئية وتعليمية». وأشار إلى أن «القمة قدمت مجموعة ملاحظات هادفة إلى إرساء الأسس والمناقشات، تمهيداً لعرضها خلال الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في (دافوس) العام المقبل، إذ قدمت القمة فرصة ثمينة لتبادل المعلومات وعرض أفضل الأمثلة على مستوى المنطقة والعالم».