أحمد الحسني الوصاية هي الأساس التاريخي للمشكلة الجنوبية التي تمثل اليوم الخطر الأكبر على مستقبل اليمن وأمنه واستقراره.. توقيع قادة الحزب الاشتراكي الحاكمين للجنوب اتفاق الوحدة كان من وجهة نظرهم إسهاماً بملكية خاصة في شركة جديدة ولم يكن استجابة لإرادة الجماهير، لذلك حين اختلّت معايير التقاسم بصعود الإصلاح أراد أولئك القادة فض الشراكة واستعادة أملاكهم فكانت الحرب.. وقف أبناء الجنوب ضد مبدأ الملكية هذا، ووقفوا في صف الوحدة في حرب 94م. عقب الحرب تعامل المنتصرون مع الجنوب على أنه ملكية خاصة لأولئك القادة الذين خسروا المعركة وتقاسموه كغنيمة حرب ليقعوا في خطأ المهزومين نفسه، ووقف أبناء الجنوب ضد المبدأ مرة أخرى من خلال الحراك المتنامي الذي تحول إلى ثورة ضد الوحدة، الحلم الذي تربوا عليه ودافعوا عنه، ليصبح اليمن الواحد مهدداً بالتشظي إلى أشطار. اليوم- وبعد أكثر من عقدين- لا يزال التعامل مع أبناء الجنوب على أنهم ملكية خاصة والاختلاف فقط هو حول من يملك أبناء الجنوب، عبدربه أم البيض، أم علي محسن الأحمر، أم أولاد الشيخ عبدالله أم علي ناصر محمد، أم الحسني، أم محمد علي أحمد، أم قادة الحراك الفعليين: حسن باعوم، ومحمد حيدرة مسدوس. مبادرة التسوية السياسية لم تخرج عن هذه النظرة. ورعاتها الذين اجتمعوا في أبها في يونيو 94م وأصدروا بياناً يقولون فيه "إنه لا وحدة بالقوة"، يتعهدون اليوم بحماية وحدة اليمن وعينهم أكثر على استقلال حضرموت الكبرى وتحرير نفطهم من مضيق هرمز. الحوار الوطني الذي يشكل الأمل الوحيد في بقاء الوحدة يتم الإعداد له على أساس اختيار ملاك الجنوب من القيادات التاريخية أو الجنوبية بدلاً من اختيار الجنوبيين لممثليهم فيه، وسينتهي بالفشل. ولا قيمة لالتزامات الخليجيين -لو صدقوا- ولا الخمس ولا الست ولا العشرين، واجتماعات بن عمر في عمان والقاهرة، ما لم يتم التعامل مع أبناء الجنوب كأصحاب قرار في هذا الحوار، وهذا لن يتأتى إلاّ باختيار أبناء المناطق الجنوبية والشرقية لمن يمثلهم في هذا الحوار بعيداً عن الوصاية من الداخل أو الخارج. الموقف الأممي والخليجي وهذه الزعامات التي يحاورها بن عمر لم يكونوا مع الوحدة في 94م، وكان أبناء الجنوب مع الوحدة فانتصرت، ووجودهم اليوم في صف الوحدة دون إرادة أبناء الجنوب لن يغني شيئاً. إذا لم تدعوا أبناء الجنوب يختارون من يمثلهم سيتأخر الحوار الوطني من أجل إلى أجل إلى أجل حتى تدركوا أن أبناء المناطق الجنوبية لهم قرار، وليسوا ملكية شخصية وما لم تحترموا هذا في الحوار فسترضخون له بالانفصال. *اليمن اليوم