أكد محللون ماليون أن أسواق الأسهم المحلية واصلت في الأسبوع الماضي تفاعلها مع إفصاحات الشركات عن نتائج أعمالها لفترة الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، إذ اختفت عروض البيع على عدد من الأسهم وارتفعت أسعارها بالحد الأقصى بعد إعلانها عن التحول من الخسارة إلى الربحية، أو تحقيقها طفرة في أرباحها. وقالوا إن النمو الكبير في أرباح بعض الشركات أدى إلى إقبال المستثمرين على اقتناء أسهمها بسبب ما يتوقعونه من توزيعات نقدية لهذا العام، خصوصاً أن هناك شركات وزعت ما نسبته 18٪ في العام الماضي، ومن المتوقع أن تزيد النسبة العام الجاري. وأضافوا أن عدم وجود خارطة طريق حتى الآن تضمن إيجاد الحلول طويلة الأمد لمسألة أزمة منطقة اليورو، مازال يضغط على البورصات العالمية، ما يؤثر بشكل غير مباشر في أسواق الأسهم المحلية، لافتين إلى أن استقرار وحفاظ الأسهم المحلية على الجزء الأكبر من مكاسبها المتحققة في الأسابيع الماضية ينبئ بإمكانية الصعود القوي حال زوال الضغوط الخارجية، لاسيما أن التوقعات كافة تؤكد أن الأسواق الناشئة، (ومن بينها الإمارات)، ستقود النمو العالمي في المرحلة المقبلة. «إشراق» «الهلال الأخضر» قالت رئيسة قسم البحوث والدراسات المالية في شركة «الفجر للأوراق المالية»، مها كنز، إن «من الشركات التي أفصحت عن تراجع في خسائرها خلال الأسبوع الماضي، شركة (الهلال الأخضر)، التي بلغت خسائرها عن الأشهر التسعة الأولى من عام 2012 نحو 28.8 مليون درهم، مقارنة بخسائر بقيمة 40.5 مليون درهم بالفترة ذاتها من العام الماضي». وقالت إنه «بمتابعة حركة السهم خلال الفترة الماضية يتضح أنه في 18 أكتوبر الماضي هوى بالحدود القصوى على مدار ثلاث جلسات متتالية عقب ورود إفصاح الشركة عن توجيه مجلس إدارتها دعوى للمساهمين لإجراء اجتماع للنظر في استمرار الشركة أو حلها، مع النظر حال الموافقة على استمرارها في مقترح خفض رأس المال، وذلك بإلغاء 150 مليون سهم، ليصبح رأس المال 100 مليون درهم فقط»، موضحة أنه «كان على إثر هذا الإفصاح انخفاض السهم بنسبة 24٪ من مستوى 33 فلساً إلى 25 فلساً، إذ إن الشركة منذ تأسيسها واصلت تحقيق خسائر سنوية بسبب الأداء التشغيلي الضعيف مع ارتفاع المصروفات العمومية والإدارية». وأكدت كنز أن «سهم الشركة خالف مساره الهابط على مدار الجلسات الثلاث الأولى من الأسبوع الماضي وقبل انعقاد الجمعية غير العادية مساء الثلاثاء الموافق 13 نوفمبر، إذ قفز السهم بالحد الأقصى مع اختفاء العروض، وارتفع من 33 فلساً إلى 39 فلساً حتى جلسة الثلاثاء (قبل الجمعية)». وأشارت إلى أنه «لم يرد أي جديد عن الشركة خلال الفترة ما بين الإفصاح ويوم انعقاد الجمعية، سوى البيانات المالية للربع الثالث من العام، التي أوضحت تراجع الخسائر بقيمة 28.8 مليون درهم». وتفصيلاً، رصدت رئيسة قسم البحوث والدراسات المالية في شركة «الفجر للأوراق المالية»، مها كنز، تأثير إفصاحات الشركات عن نتائج أعمالها في أسعار أسهمها ومؤشرات أداء أسواق الأسهم خلال الأسبوع الماضي، فقالت إن «شركة (إشراق العقارية) أفصحت خلال الأسبوع الماضي عن أرباحها للربع الثالث من العام، البالغة 244.3 مليون درهم، مقارنة بخسائر محققة بالفترة ذاتها من العام الماضي بلغت 919 ألف درهم»، مضيفة أن «صافي أرباح الشركة للأشهر التسعة الأولى من العام الجاري وصل إلى 252.2 مليون درهم مقارنة بأرباح الفترة ذاتها من العام الماضي، البالغة قيمتها 8.9 ملايين درهم». وأوضحت أنه «عقب ورود إفصاح شركة (إشراق العقارية) إلى إدارة سوق أبوظبي للأوراق المالية بجلسة الإثنين الماضي تواصل ارتفع السهم إلى الحد الأقصى بالجلسة والجلسات التالية مع اختفاء العروض»، مسوّغة ذلك بالنمو الكبير في أرباح الشركة، الذي جعل مضاعف الربحية المتوقعة أقل من ثلاث مرات، وكذا لأن المستثمرين أقبلوا على السهم بسبب ما يتوقعونه من توزيعات نقدية لهذا العام». وأشارت إلى أن «(إشراق) أجرت العام الماضي توزيعات نقدية بقيمة ست فلسات، والتي تحقق معها للمساهمين أعلى ريع للتوزيعات على مستوى سوقي دبيوأبوظبي الماليين معاً، والذي كان بحدود 18٪ من القيمة السوقية للسهم وقت الإعلان عن التوزيعات». ارتفاعات «عقارية» ونوهت كنز إلى أن «الارتفاعات الجيدة في الأرباح للأشهر التسعة الأولى من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي لم تكن من نصيب شركة (إشراق) العقارية وحدها، بل كان ذلك حال معظم الشركات العقارية». ودللت على ذلك بشركة «الدار» العقارية، التي حققت نمواً في أرباحها للفترة ذاتها بنسبة 139٪، لتقفز من 460.4 مليون درهم إلى 1.1 مليار درهم، وكذلك شركة «إعمار» العقارية، التي ارتفعت أرباحها بنسبة 50٪ لتبلغ 1.6 مليار درهم، مقارنة ب1.07 مليار درهم، وكذا «صروح» التي نمت أرباحها بنسبة 47٪ لتبلغ 356.3 مليون درهم، مقابل أرباح بقيمة 242.1 مليون درهم خلال الفترة نفسها من العام الماضي. واستطردت: «حققت شركة (أرابتك) كذلك ارتفاعاً في الأرباح بنسبة 14٪، إذ وصلت إلى 107.5 ملايين درهم مقابل أرباح بقيمة 94.7 مليون درهم للفترة ذاتها من العام الماضي، و(الاتحاد العقارية) التي تحولت من خسائر بقيمة 1.5 مليار درهم، إلى أرباح بقيمة 155.6 مليون درهم»، لافتة إلى أن «شركتين عقاريتين فقط خالفتا اتجاه الشركات العقارية لزيادة أرباحها وهما (ديار)، التي سجلت انخفاضاً في أرباحها بنسبة 26٪ لتصل إلى 33.2 مليون درهم، مقابل أرباح بقيمة 45.1 مليون درهم للفترة ذاتها من العام الماضي، وشركة (رأس الخيمة العقارية)، التي انخفضت أرباحها بنسبة 13٪ لتصل إلى 86.1 مليون درهم، مقارنة ب99 مليون درهم». هدوء التداولات بدوره، أفاد المحلل المالي علاء الدين علي، بأن «أسواق الأسهم المحلية تمر حالياً بمرحلة استقرار في الأداء وهدوء في التداولات ناتجة عن ترقب ما يحدث في البورصات العالمية بسبب المستجدات العالمية». وقال إنه «يمكن القول إجمالاً انه على الرغم من انخفاض أسعار بعض الأسهم القيادية عن أعلى المستويات السعرية التي وصلت إليها خلال الأسابيع الماضية، إلا أن أداء السوق مازال إيجابياً، إذ تشهد دخول وخروج مستثمرين محليين وأجانب من دون أن تخسر القيمة السوقية للأسهم الكثير». وأضاف أن «تجدد المخاوف حول الأزمات العالمية مازال يضغط بشكل غير مباشر على أسواق الأسهم المحلية، إذ أصبح المستثمرون المحليون يتابعون المستجدات بدقة ويتفاعلون معها». وأوضح أن «استقرار أسعار الأسهم ومحافظتها على الجزء الأكبر من المكاسب التي حققتها في ظل تحركها في نطاقات ضيقة في الوقت الحالي يعد أمراً إيجابياً، وينبئ بإمكانية الصعود القوي حال زوال الضغوط الخارجية، لاسيما أن توقعات مديري الصناديق الاستثمارية في العالم، تؤكد أن الأسواق الناشئة، (ومن بينها الإمارات)، ستقود النمو العالمي في المرحلة المقبلة». تطوّرات خارجية وحول تطورات الأزمة الأوروبية والأميركية وتأثيرهما في البورصات العالمية، ومن ثم في أسواق الأسهم المحلية، قال كبير استراتيجي الاستثمارات في الخدمات المصرفية الخاصة في بنك «الإماراتدبي الوطني»، مارك مكفارلاند، إن «العالم بدأ يشهد انحساراً للمخاطر السياسية، لاسيما بعد انتهاء الانتخابات في الولاياتالمتحدة الأميركية»، مضيفاً أن «الأسواق العالمية بدت أكثر تركيزاً على القضايا الثانوية، مثل الصعوبات وحالة الخلاف السياسي في أوروبا، إضافة إلى خطط الكونغرس الأميركي لخفض مستويات العجز المالي». وأوضح أن «الأوساط السياسية في أوروبا تسود فيها حالة من عدم اليقين، إذ لاتزال ألمانيا واليونان على خلاف دائم حول من ينبغي عليه تحمل مخاطر الإفلاس وتداعياته، هل الدائنون أم دافعو الضرائب في ألمانيا؟»، مشيرة إلى أنه «تم منح اليونان مهلة عامين إضافيين لتعديل برنامج ميزانيتها الحكومية، كي يصل هدف العجز عند نسبة 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي»، مؤكداً أنه «حتى الآن لا توجد خارطة طريق تضمن إيجاد الحلول طويلة الأمد لمسألة اليورو، لاسيما كيفية تجنب البلدان الأوروبية الصغيرة، التي تسجل مستويات عجز، لمخاطر الإفلاس من دون اعتماد خيار خفض قيمة العملة». وذكر مكفارلاند أنه «خارج نطاق أوروبا، توجد جملة من الأمور التي تدعو للتفاؤل، إذ شهدت العاصمة القطرية الدوحة هذا الأسبوع لقاء عدد من مديري الاستثمارات الوافدين من شتى أنحاء العالم لتسليط الضوء على الآفاق الواعدة في أسواق النمو خارج نطاق الدول السبع الكبرى، إذ تسهم الأسواق الجديدة بنسبة 60٪ من النمو العالمي»، لافتاً إلى أن «الأسواق الآسيوية غير المتقدمة، إضافة إلى منغوليا وإفريقيا ستكون بمثابة الحدود الجديدة التي يشكل فيها القرب من أسواق البلدان الناشئة المتقدمة عاملاً مشجعاً للغاية، من أجل تحقيق مزيد من النمو».