علينا تعلم مهارة التفكير لمعالجة مشاكلنا، وذلك بالتفكر في الآفاق وفي انفسنا، وآيات الماء دليل على كل شيء حي، فمن السهل تطوير مهاراتنا. تقتضي الحكمة، عدم اجترار حراك أمة غلبت على واقعها العشوائية والرعونة، فتكرار التعليق على أحداثها كتابة وحديثا، يسهم في اذكاء الخلافات وادمان انتاج الحماقات، ولذلك من الافضل، لمن يبتغي اصلاح حال أفراد مجتمعنا أن يدعو الى تغيير ثقافتنا، وتحسين ذائقتنا، وتطوير مهارة تفكيرنا، ولا يوجد افضل من الدعوة الى التفكر في الآفاق وفي انفسنا، التي اكثرها ماء. غيث يذوب منه صحو ممطر، ووجه الصحو يتجلى عنه غيث مضمر، وسنا البرق شق جيب السماء وزمجر، وركام السحاب يعتصر ثجاجا وهو معذر، ودمع الغيث ينثر لؤلؤا مهمرا، وغمائم الجو وابلها يهمر، على البطحاء سيل يهرهر، وخرير الماء يخرخر، جداول سلت سيوفها فعدن نهر يهدر، يسقي جنانا متعطفة مثل سوار ترصع ثمين جوهر، ويحف بها هدب مقلة لونها خضر، ثمارها ثغر تنسّم تحت خد مُعَذَّر، ولجين من الغضارة يتندى ماء سلسالا نميرا مقطرا، والشمسُ تغزل النور ورداؤها يرفلُ مصفرا، والطير تغنَّى فوقَ الأغادير رواقص تتبختر، وبديعة قد سرجت اغصانها بنبات مزهر. تصديقا لقوله تعالى «وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بقدر»، فقد اكتشف العلماء أن الماء تشكل من عناصر الكون في المجرات البعيدة، ووجدوا نجوما عديدة، تقذف بالماء الذي حُمل بعضه مع النيازك والمذنبات، التي قذفت الأرض بقدر مناسب، لا يزيد على حجم معين، يرطب تربتها، يشق الفجاج والسبل فيها، ويجري على سطحها سيولا جارفة، وأنهارا متدفقة، وجداول جارية، لينتهي به المطاف إلى منخفضات مكونا البحيرات والبحار والمحيطات، كما يتسرب ليكون خزانات مائية، لقوله: «وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ»، ثم يخرجه تعالى عيونا وينابيع، وجليدا فوق القطبين وفي قمم الجبال، لقوله «وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا». توصل العلماء الى ان السحب تحتوي %2 من الماء الموجود في الغلاف الجوي للأرض، وقدروا وزنها بملايين الأطنان، وربطوا إمطارها بصحبة البرق، وهو ما أخبرنا به القرآن، من ثقل أوزانها وربطها بالبرق، لقوله: «هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السّحَابَ الثِّقَالَ». كما بين علاقة وهج الشمس، بتحريك الرياح، وتبخير بعض من الماء، ضمن دورة محكمة كي لا يفسد، وتجميع قطراته، وإثارتها بالشحنات الكهربائية، وإنزالها مطرا لقوله: «وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا، وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا». ويؤكد العلماء اليوم ان الرياح الشمسية، وما تبثه من جسيمات مشحونة كهربائيا، تقوم بعمليات تآلف وانسجام دقيقة لتشكل الغيوم، مصداقا لقوله: «ألم تر أن الله يزجي سحاباً ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاماً». وحينما صور العلماء هذه الغيوم بالأقمار الاصطناعية وجدوها كالجبال، والقرآن يقول: «وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ»، ووجدوا أيضاً أن هذه الغيوم هي البيئة المناسبة لتشكل العواصف الرعدية والبرق، مصداقا لقوله: «يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأبْصَارِ». وهكذا، فإن اعادة علاقتنا بالقرآن وتدبر آياته هي أفضل منهج لتطوير مهارة تفكيرنا. حجاج بوخضور