كنت أعتقد بأن «مراكز الشرطة» ستغير تعاملها مع بعض القضايا التي لا ينطبق عليها ما هو دارج ، وخصوصا بعد الهجوم عليها من الإعلام، حين ظهر خبر يؤكد أن «هيئة الادعاء والتحقيق أطلقت سراح شخص قبض عليه في جدة وهو يحاول الانتحار في مكان عام ، بعد أن وقع تعهدا بعدم العودة إلى الانتحار مرة أخرى» .وكان النقد يميل إلى «الكوميديا السوداء»، وتساءل أحد الكتاب: ماذا ستفعل «هيئة الادعاء والتحقيق» لو أن المتهم الذي وقع تعهدا أعاد الكرة ومات، كيف ستعاقبه ؟هذا النقد القاسي والساخر كان من المتوقع أن يترك أثره فلا تتكرر مثل هذه القضايا ، وأن تتساءل هيئة الادعاء ومراكز الشرطة كيف نتعامل مع مثل هذه القضايا؟ولكن للأسف كنت مخطئا في توقعي، فقد نشرت جريدة «عكاظ» يوم الخميس الماضي خبرا مفاده «تحقق شرطة حفر الباطن مع خادمة منزلية أفريقية حاولت الانتحار داخل غرفة نومها بمنزل كفيلها، وقال الناطق الإعلامي في شرطة المنطقة الشرقية المقدم زياد الرقيطي : «تلقى مركز شرطة حفر الباطن بلاغا من أحد المواطنين أفاد من خلاله عن اشتباهه بمحاولة خادمته الانتحار داخل غرفة نومها، بعد أن لاحظ احتفاظها بحبل بين مقتنياتها الخاصة، وعلى الفور تم التعامل مع البلاغ من قبل دوريات الأمن، وإحالة المواطن المبلغ، والعاملة إلى الشرطة للتحقيق مع الخادمة».. انتهى الخبر .أليس غريبا أن تعاود أقسام الشرطة التعامل مع هذه القضايا بنفس الآلية، وكأنها تحقق مع مشتبه به، أو متهم بارتكاب جريمة، فيما هي أمام حالة تحتاج إلى آلية مختلفة جدا قبل أن تبدأ التحقيق مع الخادمة ؟فما هو منطقي أن يلتقي بهذه العاملة طبيب نفسي ليحدد للشرطة هل هي في حالة طبيعية يمكن التحقيق معها كأي إنسان عادي، أم هي في حالة نفسية تحتاج إلى علاج لتتخلص من فكرة الانتحار؟فالمضطرب المريض نفسيا يختلف كثيرا عن المجرم، فالأول يتحرك بطريقة خارجة عن إرادته، ولا يستطيع السيطرة على فكرة الانتحار ما لم يتم علاجه نفسيا أو دوائيا ، فيما المجرم يتحرك بإرادة واعية يعرف ما الذي يفعله ولماذ؟فهل تعيد مراكز الشرطة آلية التحقيق لديها، أم ستنتهي القضية بكتابة تعهد من قبل العاملة «بأن تتعهد بعدم الانتحار»؟للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة[email protected]