الصفحة الرئيسية - من هنا وهناك " / 2012/10/17 الساعة 22:26:57 التغيير - أ ش أ : فشلت حتى الآن محاولات اللجنة الوطنية للإعداد والتحضير للحوار الوطني في اليمن -الذي سيضم مختلف الأطراف السياسية اليمنية - في إقناع فصائل الحراك الجنوبي بالقبول بالانخراط في الحوار؛ بسبب غياب أجواء الثقة وضمانات النجاح وهيمنة القوى التقليدية على مسار الثورة اليمنية. وذكر موقع "سويس أنفو" الإخباري السويسري أنه في الآونة الأخيرة بذلت تحركات سياسية، واتخذت خطوات إجرائية لجر فصائل الحراك الجنوبية للمشاركة في الحوار الوطني، حيث أصدر الرئيس اليمني عبد ربه هادي، وبناء على توصية اللجنة الفنية للحوار قرارا بتوسعة عضويتها لتضم ممثلين عن فصائل الحراك الجنوبي، ولكن القيادات سارعت إلى رفض المشاركة واعتبرت أخرى أن من تم تعيينهم ليسوا من مكونات الحراك الجنوبي. وأشار الموقع الإخباري السويسري إلى أن موقف الرافضين بانعقاد "المؤتمر الجنوبي الأول للحراك" في أواخر شهر سبتمبر الماضي، تمخض عنه إعلان رفض المشاركة في الحوار الوطني المرتقب، ما لم يكن على قاعدة المناصفة بين الشمال والجنوب وبين دولتين، والقبول بحق بتقرير المصير الذي تطالب به مختلف مكونات الحراك، على الرغم من انقساماتها إلى تيار حسن باعوم، وتيار يقوده نائب الرئيس السابق علي سالم البيض، والتيار المطالب بالفدرالية بقيادة الرئيس الجنوبي السابق على ناصر ورئيس أول حكومة لدولة الوحدة المهندس أبوبكر العطاس. وأضاف موقع "سويس انفو" في تقريره أنه بغض النظر عن الاختلافات القائمة بين مكونات الحراك الجنوبي، إلا أنهم متفقون على أن لا يخوضوا في أي حوار ما لم يفضي إلى الاعتراف بحق تقرير المصير لشعب الجنوب، الأمر الذي وضع بدوره اللجنة الفنية المكلفة بالإعداد للتحضير للحوار الوطني أمام عقبة مشاركة الحراك الجنوبي، الذي يتجه مع مرور الوقت على قيام الثورة الشبابية الشعبية في اليمن إلى المزيد من "التشدد المطلبي" بالرغم من إقرار مجموعة من المبادئ والشروط التمهيدية للدخول في الحوار تضمنت الإعتذار للجنوب والجنوبيين ورد حقوقهم ورفع مظالمهم. ورغم اتخاذ اللجنة قرارات جريئة من أجل جر فصائل الحراك إلى طاولة الحوار منها إقرار تشكيل اللجنة التوجيهية "التسيرية لأعمال الحوار" بالمناصفة (50% للشمال و50% للجنوب) في الأسبوع الجاري على أن تشمل هيئة رئاسة اللجان التسع ممثلين جنوبيين، إلا أن ذلك لم يغري الجنوبيين حتى الآن بالقبول بالدخول في الحوار. وحول استعادة الثقة عبر "خطوات عملية" .. يرى "علي سيف حسن" القيادي الجنوبي والرئيس التنفيذي لمنتدى التنمية السياسية " أنه بالحقيقة يوجد محاولات صادقة ومخلصة، لكنها لن تكون مفيدة وجاذبة لمشاركتهم ما لم تتزامن معها خطوات عملية على أرض الواقع تهيئ النفوس وتعيد أجواء الثقة للجنوبيين بالتعاطي مع مطالبهم، وأولها البدء بتنفيذ النقاط العشرين التي وضعتها اللجنة، والتي تضمنت الاعتذار للجنوب والجنوبيين ورد حقوقهم ورفع مظالمهم". وكانت توقعات المراقبين تشير إلى أن الثورة الشبابية اليمنية بما حملته من مبادئ وأهداف وإزاحتها للرئيس علي عبدالله صالح وأركان نظامه ستغير في مواقف الداعين لانفصال الجنوب، خاصة أن الثورة في بدايتها الأولى وحدت اليمنيين على إسقاط النظام وتراجع مطلب فك الارتباط، إلا أن الدكتور علي الصبيحي، الناشط في الحراك الجنوبي والعضو البرلماني السابق أوضح أن "مطلب فك الارتباط واستعادة دولة الجنوب لم ينحسر؛ لأنه نتيجة طبيعية لتراكم سياسات ممنهجة للنظام في الشمال ضد الجنوب، ومحصلة لتراكم نضاله الطويل والشاق من أجل حقوقه وكرامته واستعادة حريته". وأشار الصبيحي إلى أن قوى الحراك الجنوبية نظرت إلى كل ما حدث خلال الأشهر الأولى للاحتجاجات الشعبية على أنه "ارتداد طبيعي لانتفاضة الجنوبيين وستتبنى مطالبهم التي وُوجهت بالقمع والقتل والاعتقال من قبل نظام صالح من جهة وبفتور شعبي شمالي من جهة أخرى خلّف حسرة ومرارة في نفوس الجنوبيين". وأضاف أنه في تلك الأجواء "الملبدة بالقهر والظلم" تفجرت الثورة الشبابية ووجد فيها الجنوبيون ثمرة لانتفاضتهم التي بدأت بحراك عام 2007 وتوقعوا أنها ستعمل على دعم مطالبهم فتريثوا حتى تتضح الصورة لديهم، وفهم ذلك التريث على أنه انخراط في الثورة، لكن بعد أن بدأت الصورة تتضح لهم وفرص الحصول على مطالبهم تتراجع، وتحديدا منذ توقيع المبادرة الخليجية التي تجاهلت القضية الجنوبية وهمشت الشباب مقابل عودة هيمنة القوى التقليدية، تراجع رهانهم على أن تنصف الثورة قضيتهم وراهنوا على الوفاء لها بكل مكوناتهم واتجاهاتهم. وأضاف موقع "سويس انفو" أنه على غرار ما ذهب إليه النائب البرلماني السابق، كان الاتجاه العام يرى أن الثوار الذين رفعوا مطالب التغيير والعدالة والمساواة، ووضع حد للظلم وإقامة الدولة المدنية لا يمكن أن يكونوا ضد مطالب الحراك الجنوبي، ولا يمكن أن يضعوا سقفا لتلك المطالب، ولا أن يفرضوا شروطا على مشاركتهم في الحوار الوطني؛ لأنهم إذا فعلوا ذلك سيضعون أنفسهم في موقف حرج، وعلى نقيض المبادئ خرجوا للانتصار لها، لكن تلك التوقعات لم تصمد أمام رؤية صعود الكثير من رموز القوى التقليدية إلى واجهة الثورة ورفضهم الاعتذار للجنوب أو التعاطي بإيجابية مع مطالبه. وأشار الموقع إلى أن هذه الهواجس تأكدت بوضوح بعد ما جاء على لسان شيخ قبيلة حاشد صادق الأحمر في كلمة له أمام "مؤتمر تحالف قبائل اليمن" الذي دعا إليه حوالي 600 من زعماء القبائل من تهديدات ضد الحوثيين والجنوبيين عندما قال: "عليهم نبذ العنف وترك السلاح والانخراط في الحوار؛ حتى لا يضطر الشعب لمواجهتهم بنفس منطقهم الدامي". وقد استفز ذلك التصريح مشاعر الجنوبيين وعزز قناعاتهم بأن هناك قوى تقليدية ترفض الاعتراف بمطالبهم (منها ما هو محسوب على قوى الثورة، ومنها ما هو محسوب على صالح ونظامه) وجميعهم يعملون على إفشال الحوار والتحكم في مخرجاته، وسيشكلون عقبة أمام مقترح المناصفة في التمثيل بين الشماليين والجنوبيين في لجنة التوجيه وفق ما أقرته اللجنة الفنية للحوار . وخلص "سويس انفو" فى تقريره إلى أن تعقيدات الحوار ليست فقط القبول به، إنما أيضا في مدى توافر المصداقية للدخول إليه وتأمين الضمانات للقبول بمخرجاته، لأن القوى التقليدية القبيلة المهيمنة على مصادر القوة سواء في جبهة الثورة أو ضمن القوى الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح قد تنقلب على نتائج الحوار الوطني في أي لحظة، خاصة إذا ما جاءت نتائجه متعارضة مع حساباتها. ويعتبر ما يرجح تلك الفرضية ليس فقط تجارب الماضي، كما حدث قبيل حرب 1994، عندما رفض الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر ومعه الرئيس السابق صالح وزعماء قبائل ورجال دين تنفيذ "وثيقة العهد والاتفاق" بعد التوقيع عليها مباشرة، بل الوضع الحالي أيضا الذي يشبه ما كان عليه الحال آنذاك من انقسام للجيش بين الموالين لصالح والموالين لنائبه علي سالم البيض .. فالمؤسسة العسكرية منقسمة اليوم أيضا بين صالح وأنصاره وأقاربه من جهة، واللواء علي محسن الأحمر وأنصاره من جهة أخرى، مما سيجعل الجنوبيين غير مطمئنين لخوض حوار في ظل اختلال موازن القوى العسكرية ومترددين في الانضمام إلى طاولة لا تتوافر فيها شروط الأمان. src="/dynamic/uploads/images/G507f2b6ae4b42.gif" alt="التعبير نت" border="0" width="690" height="66" /