| كتب حسن الهداد | مجددا خرجت صحراء الكويت بحلتها البائسة والمحزنة مع مغادرة اهل المخيمات الربيعية تاركين خلفهم دمارا بيئيا يضرب بالعمق كل الجمالات البرية. فالبر يصرخ ألماً، والبيئة تنزف دمارًا على مدى 5 أشهر، تبدأ في الأول من نوفمبر وتنتهي في الأول من أبريل في كل عام، في ظل غياب قانون يحمي البيئة البرية من عبث التخييم وكأنما تدميرها بات مكتوباً على رمالها كالقدر المحتوم. وفيما شد رواد البر رحالهم بقيت الصحراء على حالها تنتظر جرافات البلدية تصلح ما افسده «المخيمون» يسأل المهتمون بالشأن البيئي وفي وجه بلدية الكويت والهيئة العامة للبيئة ووزارة الداخلية... إلى متى السكوت عن هذا الدمار بحق البيئة،وإلى متى القانون يبقى حبيس الأدراج بلا تطبيق، حتى أن دمار البيئة البرية من قبل مرتادي البر بات عنواناً للفوضى... فماذا أنتم فاعلون في موسم التخييم المقبل بعدما رأيتم الجرائم التي ارتكبت بحق البيئة البرية في مناطق التخييم، وما هي خططكم لإنقاذ ما يمكن انقاذه لاسيما أن الفوضى في كل عام تتكرر ولم نر أي تحرك أيجابي على أرض الواقع؟». يقول نائب المدير العام في الهيئة العامة للبيئة علي حيدر إن « البيئة البرية تتحول بعد انتهاء موسم البر إلى مكب للنفايات بأنواعها منها،المنزلية مثل الاثاث والبلاستيك والأقمشة والإطارات وغيرها والمسؤولية هنا تقع على رواد البر من جهة بسبب انعدام الثقافة البيئية لدى البعض منهم والمسؤولية الأخرى ايضا تقع على بلدية الكويت لتقصيرها في تطبيق القانون خاصة بشأن فرض مبلغ التأمين على المخيمات». ويرى أن «فرق هيئة البيئة أجرت مسحا ميدانيا على مناطق التخييم في البر فكانت نتيجة المسح سيئة جداً والوضع البيئي مزر، نتيجة ترك كثير من المخيمات انقاضها في نفس مكان المخيم دون أن تسعى إلى ازالتها وكانت الحالة فوضى بيئية». ويؤكد أن « هيئة البيئة بالتعاون مع بلدية الكويت بصدد اتخاذ قرار بشأن تنظيم عملية التخييم في السنة المقبلة بتصور جديد من خلال وضع رسم تأمين على من يريد التخييم بقيمة 100 دينار على ان يسترد المبلغ بعد ازالة المخيم والانقاض من قبل صاحبه وفي حال لم يزل مخلفاته يستخدم التأمين لازالة المخلفات فضلاً عن تسجيل مخالفة أخرى بحقه». وبين حيدر أن « قانون تنظيم عملية التخييم، يتضمن أيضاً مساحة الأرض التي ينصب عليها المخييم بواقع 1000 متر، مع وضع اشتراطات بيئية في حال تجاوزها يتم ازالة المخيم فوراً»، لافتا الى أن « في الاجتماع المقبل مع بلدية الكويت سيتم تحديد الاشتراطات الجديدة بشأن عمليات التخييم». وأشار حيدر إلى أن « حملات التفتيش على المخيمات أثناء التخييم اكتشفت عدداً كبيراً من المخالفات من خلال استخدام (السيراميك والطابوق ) في بناء الحمامات والمطابخ والبعض قام ببناء سرداب داخل مخيمه»، مبيناً أن «مخالفات موسم التخييم تبقى أقل خطراً على البيئة إذا ما قورنت بالمخالفات التي تتم بعد انتهاء فترة التخييم». وينتقد الخبير البيئي الدكتور فيصل الشريفي « المدة الزمنية المسموح بها للتخييم والتي تمتد لأكثر من خمسة أشهر كونها تعد مدة كافية للتدهور البيئي في مناطق البر» موضحاً أن « العطلة الربيعية في الماضي خمسة عشر يوماً وفترة التخييم لا تتعدى العشرة أيام وكانت ومازالت حديث الذكريات رغم بساطة تلك الرحلات اذا ما قورنت بمخيمات الخمس نجوم التي نراها في هذه الأيام». ويضيف: «المفاهيم البيئية كانت فطرية فلا تجد العبث بمكونات الحياة الفطرية كما تراه اليوم، فلا روف يفصل الخيام عن بعضها البعض، ولا تأمين يدفع للبلدية ولا رعي جائر ولا ( بقيات ) وسيارات للتشفيط... لكن كانت هناك رغبة صادقة في الحفاظ على شيء نحبه وهي بيئتنا في كل مكان فهي مصدر صحتنا»، مبيناً أن «موسم السماح لبناء المخيمات عليه ملاحظات عدة تحتاج من المجلس البلدي اتخاذ بعض التدابير لوقف التدهور الذي أصاب البيئة الصحراوية فضلا عن مواقع المخيمات التي عادة ما تكون نفسها في كل عام». ويشير الشريفي الى أن « تدخل الجهات المعنية تسبب في ضياع حقوق البيئة خاصة عندما يلقى كل طرف باللوم على الطرف الآخر وكأن الأمر لا يعنيهم»، مبيناً أنه «اذا كانت قضية موسم التخييم لم تحل فما حال الملفات البيئية العالقة التي لم تجد حتى الآن من يتبنى حلها ويتحمل مسؤولية متابعة التصدي لها»، متسائلاً: «متى سيكون للجهات المعنية، ومنها الهيئة العامة للبيئة دور في تفعيل الرقابة وتطبيق القانون على جميع من يعبث بالبيئة الكويتية». 12 ألف مخيم ... وأكثر المسح الميداني الذي اجرته الهئية العامة للبيئة اثناء موسم التخييم رصد أكثر من 12 ألف مخيم،منها أعداد كبيرة مخالفة فيما سجلت 730 إلى 800 مخالفة. سراديب ابتكر شباب المخيمات صرعات جديدة في التعدي على الصحراء منها على سبيل المثال حفر سراديب بالعمق الامر الذي أثار حفيظة المراقبين البيئيين الذين تساءلوا عن هذه العقلية التي تفكر بأشياء غريبة من دون ان تتحدد في اذهانهم استعمالات هذه السراديب. 1000 متر مساحة المخيم مستقبلاً تدرس الهيئة العامة للبيئية على نحو جاد وضع آلية واضحة لوضع حد لحالة الانفلات الخطيرة والتجاوزات القائمة في مواقع المخيمات منها تحديد مساحة المخيم وحصرها بألف متر مربع وفق اشتراطات بعدم التجاوز على البيئة.