صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أين دور المدرسة والإعلام في نشر الوعي البيئي?


كتب- أحمد مراد:
مطلع فبراير الماضي صدر تقرير أكاديمي أميركي تحت عنوان "الكويت من أسوأ دول العالم في التلوث البيئي" وجاء كحجر في حنجرة الأصوات الرسمية التي ما انفكت تردد بتكرار رتيب أن "البيئة الكويتية ليست بالسوء الذي يصوره بعض المغلين المبالغين" و أن الوضع البيئي ممسوك و"تحت السيطرة"..إلا أن التقرير الذي لم يصدر عن أي موقع "سياسي" معارض او موالٍ, بل أنه لم يصدر عن أي جهة كويتية أصلاً, ووجه بالحكمة المعتمدة إياها : الصمت..الصمت المطبق الذي لم يخرقه سوى نائب أو اثنين توجها بأسئلة مشحونة بهلع بريء (!) لم ينبرِ أحد لغاية الآن بالرد عنها.
لن تعيد هذه المحاولة تكرار الأسئلة الموجعة - المعروفة الجواب - عن مدى فداحة السوء الذي يحيط بالبيئة الكويتية, كما أنها لن تدعي الإحاطة بكل جوانب القضية لأن المعد ليس اختصاصياً بالبيئة, فكل ما يهمها هو لفت نظر القائمين على السياسة والاقتصاد والبيئة في البلد, بقوة, إلى حقيقة حاسمة خلاصتها: إذا كان المسؤولون لا يستطيعون إخفاء سعادتهم بالعمل على تطوير "مشروع شبكة المعلومات البيئية المتكاملة لدولة الكويت" بين معهد الكويت للأبحاث العلمية بدعم من الUNDP ووزارة التخطيط, فهل يعون مدى انعكاس الأوضاع البيئية المتفاقمة ومدى فداحة الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد الكويتي يومياً? وهل يعون أن تردي الأوضاع البيئية المتزايد أصبح يشكل عامل قتل فعلي وقرض (من إنقراض) للمواطن والمقيم والنبات والحيوان في الكويت?
إذا كانوا يعون الأمر فهنيئا لهم ب"شبكة" أعصابهم الفولاذية, أما إذا كانوا لا..فهنيئاً لنا بالموت الزاحف يومياً من دون إبطاء!
كما تريد ان توجه سؤالين محددين إلى من يعنيهم الأمر:
الأول- هل تحوي الكويت الآن يورانيوم مدفوناً تحت ترابها?
الثاني- هل أن سبب التأخير في تنظيف بحيرات النفط التي سببها الغزو العراقي لعشرات السنين صراع شرس يدور بين ثلاثة هوامير على "الصفقة"?
تناولت الحلقة الأولى الاحتمالات التي تتحدث عن وجود يورانيوم مشع مدفون في تربة الكويت, و"قصة" الصراع على المليارات الثلاثة التي أخرت لغاية الآن, البدء بالعمل على تنظيف بحيرات النفط السامة, كما عرجت على "نهج" المسؤولين البيئيين في مواجهة دمار البيئة في الكويت.
الحلقة الثانية والأخيرة تقدم لوحة عن طبيعة الكارثة التي نتعايش معها في الكويت, وتبحث عن دور فعال للمدرسة والاعلام في مواجهتها.
رد الغضبان على "البيئة والتنمية"
في رد توضيحي طويل على مجلة "البيئة والتنمية" فند الدكتور عبد النبي الغضبان كل الأطروحات التي كان يجري العمل على إشاعتها وأظهر الضرر الهائل, والمستمر الذي ألحقه الغزو العراقي, بكافة عناصر البيئة الكويتية خصوصا في ما يتصل بالعوالق المسرطنة المتطايرة في الهواء جراء حرق آبار النفط, والدمار الكبير الذي حل بالتربة والمياه الجوفية والمسطحات المائية على حد سواء.
ويعرض الغضبان, بالتفصيل, لمراحل مسلسل الكارثة البيئية التي بدأت مع الخيوط الأولى لفجر 2/8/90 عندما إقتحمت القوات العراقية دولة الكويت واتمت مع نهاية اليوم الثالث إحتلالها الكامل الكويت بكامل أراضيها وسواحلها. وشمل قوام القوات العراقية ثلاث فرق مدرعة من الحرس الجمهوري العراقي, و9 فرق مشاة تتكون من نحو 430 الف مقاتل, و3500 دبابة, و2500عربة مدرعة, و1700 قطعة سلاح ثقيل. وخلال فترة الإحتلال التي طاولت السبع أشهر قامت القوات العراقية بعمل الكثير من الممارسات السلبية تمثلت في تدمير البيئة البرية من خلال حفر الخنادق وملئها بالنفط وزرع الألغام بأنواعها وتغيير طبيعة الارض المورفولوجية وعمل السواتر الترابية وملاجئ الأفراد وحفر الذخائر والأسلاك الشائكة والتحصينات الدفاعية. كما عمدت إلى سكب النفط بشكل متعمد في البيئة البحرية مع إلقاء الألغام البحرية, وتعطيل مصانع معالجة الصرف الصحي ما أدى إلى انسكاب الصرف الصحي إلى السواحل الكويتية وتعطيل وسرقة الاسطول البحري الخاص بالثروة السمكية وإلقاء النفايات بشتى انواعها إلى البيئة البحرية. ثم عمدت إلى تدمير الآبار النفطية (اكثر من 700 بئر من أصل 1100) ما أدى إلى وجود سحب من السخام الذي عمل على تغيير طبيعة درجة حرارة الماء والإضرار بصحة الإنسان, وخلق ما يسمى بالحيرات النفطية وتدمير المحميات البرية والبحرية.
وتشمل حرب الخليج (1990-1991), بالإضافة إلى العلميات الحربية والأحداث الساخنة التي شهدتها المنطقة منذ بداية الإجتياح العراقي لدولة الكويت, الأحداث اللاحقة للعمليات الحربية مثل عمليات الهندسة الميدانية لإزالة الألغام, وتطهير التراب الوطني من آثار المعارك, وعمليات إطفاء حرائق آبار النفط التي أشعلتها القوات العراقية وهي لا تقل أهمية من وجهة النظر البيئية عن الأحداث الساخنة. لذا فإن الفترة الزمنية الفعلية التي استغرقتها حرب الخليج وما ترتب عليها من أعمال إعادة التأهيل تقدر بنحو أربع سنوات ( 2 أغسطس 1990 - 13 يوليو 1994) قسمت إلى أربع مراحل :
1.مرحلة الغزو والاحتلال ( 2 أغسطس 1990 - 16 يناير 1991) وتمثل نحو 13% من إجمالي الفترة الزمنية لحرب الخليج.
2.مرحلة التحرير (16 يناير 1991- 25 فبراير 1991) وتمثل نحو 3% من إجمالي التفرة الزمنية لحرب الخليج.
3.مرحلة اشتعال آبار النفط وعمليات الإطفاء (22 يناير 1991 - 8 نوفمبر 1991) وتمثل نحو 17% من إجمالي الفترة الزمنية لحرب الخليج.
4.مرحلة إعادة التأهيل وإزالة الألغام والمتفجرات (ديسمبر 1991- يوليو 1994) وتمثل نحو 67% من إجمالي الفترة الزمنية لحرب الخليج.
يتضح مما تقدم أن عمليات هدم وتدمير عناصر البيئة خلال العمليات الحربية لم تستغرق وقتا طويلا (نحو 16% من إجمالي الفترة الزمنية لحرب الخليج) بينما استغرقت عمليات إطفاء الحرائق وإزالة الألغام فترة زمنية طويلة (نحو 84% من إجمالي الفترة الزمنية لحرب الخليج), وبالرغم مما بذل من جهود لإصلاح عناصر البيئة المتضررة إلا ان هذه العناصر ما زالت تعاني من آثار متنوعة بسبب حرب الخليج.
الأضرار البيئية وآثارها المستقبلية:
1.تدمير الغطاء النباتي الطبيعي وقتل الحيوانات البرية.
2.تفكك وتفتت التربة وإنكشاف الرواسب المفككة للرياح السطحية.
3.تكسير القشرة السطحية الخشنة الحبيبات والتي تحمي ما تحتها من رواسب مفككة.
4.تغيير السمات الطوبوغرافية المحلية.
5.إنضغاط التربة
6.تشقق وفلق الطبقات الجيولوجية الصلبة القريبة من السطح.
7.تلوث التربة وتغير خصائصها الطبيعية والكيميائية.
8.إحلال بعض قطاعات التربة بمواد غريبة (النفايات والمخلفات الحربية أو غيرها ما يؤثر سلبا على خصائصها وقدرتها الإنتاجية).
9.تلوث الطبقات الحاملة للمياه القريبة من السطح.
البحيرات النفطية
تختلف البحيرات النفطية في الأشكال والأحجام والعمق من حقل إلى آخر, فعلى سبيل المثال يبلغ طول وعرض بعض البحيرات 3.1 كم و1كم على التوالي بحقل نفط برقان, ويتراوح عمق البحيرات بين 60-120 سم, ويختلف عمق النفط المتسرب بالتربة تحت سطح البحيرات من 30 - 110 سم. وقد بلغت مساحة البحيرات النفطية والتربة المغطاة بالنفط بشواطئ البحيرات في شهر نوفمبر 1991 نحو 49.1 كم2. ونظرا لتبخر كميات من النفط, أو تغطية أجزاء منه بالرمال, فقد بلغت مساحة البحيرات النفطية المتبقية في شهر مارس 1992 نحو 27.5 كم2. وتمثل مساحة التربة شديدة التلوث (المغطاة بالنفط الخام) بكل من حقلي برقان والروضتين - الصابرية نحو 52% , 39% على التوالي من المساحة الكلية للتربة المغطاة بالنفط, كما تمثل مساحة التربة شديدة التلوث (المغطاة بالنفط الخام) بحقول الوفرة, المناقيش, أم قدير وبحرة 9% من إجمالي مساحة التربة المغطاة بالنفط.
وبالخلاصة, فقد تعرضت البيئة الصحرواية في دولة الكويت إلى تدهور وصل إلى مستوى التدمير نتيجة الغزو العراقي, الأمر الذي نتج عن إحراق وتدمير اكثر من 700 بئر نفطية إضافة إلى البحيرات النفطية وحفر المئات من الخنادق وملئها بالنفط وزرع الألغام, وقد أوجد ذلك اختلالا كبيرا في الاتزان البيئي.
ويؤكد الكتور الغضبان انه بالرغم من إجراء الكثير من الدراسات وعقد الكثيرمن المؤتمرات بعد تحرير الكويت لتقييم آثار الغزو على البيئة الكويتية , إلا ان موضوع الخنادق النفطية لم ينل حظه من الدراسة والبحث بالرغم من امتدادها الإقليمي عبر البلاد وآثارها السلبية على عناصر البيئة الأساسية, ولم تتم الإشارة إليها سواء من ناحية الإمتداد الجغرافي والمواصفات الهندسية وكميات النفط بهذه الخنادق أو من ناحية كمية التربة الناتجة عن عمليات حفر الخنادق ومساحة السطح المضار بسبب أعمال الحفر والردم, فضلا عن آثارها البيئية بعدية المدى.
ويقول إن كمية التربة الناتجة عن حفر الخنادق بلغت اكثر من نصف مليون متر مكعب في المناطق التي تمت دراستها, كما بلغت مساحة السطح المضار بأعمال الحفر والردم أكثر من 2 مليون متر مربع, بالإضافة إلى ثلاثة ملايين ونصف المليون برميل من النفط تم سكبها في الخنادق.
وتعكس هذه الأرقام مدى الدمار البيئي الرهيب الذي تعرضت له البيئة في الكويت, وقد كان هذا التأثير على تركيب التربة نفسه ومن ثم على كائناتها الدقيقة وعلى جذور النباتات.
اما التعدي على البيئة البحرية والساحلية بعد تعرض دولة الكويت إلى محنة خطيرة حيث قامت قوات الاحتلال العراقي بارتكاب اكبر حوادث تلوث شهدها الجنس البشري, بتفجير آبار النفط وخزانات الوقود ومرافق التصدير ومراكز التجميع. وتسببت بإشعال النار في 1079 بئراً موزعه على 15 حقلا, ولم يقتصر التخريب على الآبار بل امتد ليشمل الخزانات ومراكز التجميع والمصافي التي تم إشعال النار بها, وتم تدمير الجزيرة الصناعية تماما, كما أن ارصفة الشحن الجنوبية أصابها الدمار الشامل, أما أرصفة الشحن الشمالية فقد دمرت بصورة أقل. وتفاوتت التقديرات عن حجم النفط المشتعل, ولم يشتعل عدد كبير من الخزانات لأنها كانت خالية بسبب قيام قوات النظام العراقي بضخ النفط الذي كانت تحتويه إلى البحر. وتم ضخ كمية أخرى إلى خندق حفره العدو العراقي على امتداد الحدود الكويتية السعودية ليعوق تقدم قوات الحلفاء. كما تم إنشاء خط أنابيب لتوصيل مراكز التجميع والحقول الشمالية إلى خنادق تم حفرها في جزيرة بوبيان وعلى امتداد خور الصبية, وكان من المفروض اشعال النار في هذه الخنادق او صرفها إلى الخليج في حالة قيام قوات التحرير بهجوم من البحر. وقرب نهاية فترة الإحتلال قامت قوات الغزو العراقي بشحن كميات كبيرة من النفط المقطر إلى العراق. ويعتقد بأن كمية النفط التي اشتعلت في خزانات النفط وفي المصافي لا تزيد عن 9 ملايين برميل من إجمالي الكمية المخزونة التي تبلغ 22 مليون برميل وقد ساعد هذا كثيرا في التقليل من حجم تلوث الهواء المتوقع من حرق هذه الكمية بالإضافة إلى الكمية التي احترقت من الآبار في الأيام القليلة الأولى.
المخاطر الصحية الناجمة عن الدمار البيئي
تشكل بحيرات النفطية المتبقية وترسبات السخام على سطح الأرض والتلوث النفطي البحري مخاطر جدية لصحة الإنسان على المدى البعيد. فالكويت محاطة من الشمال والغرب والجنوب بصحراء تغطيها رمال غير ثابتة تفتقر إلى الكساء النباتي . ويمكن لمركبات تحلل النفط السامة والسخام المترسب ان ترتفع إلى الجو مع الغبار, كما يمكن لها أن تصل إلى المناطق المأهولة عندما تحملها الرياح الشمالية الغربية الجافة السائدة. ويمكن لها ايضا أن تتراكم بيولوجيا في السلسة الغذائية الأرضية وقدتصل إلى الإنسان عن طريق تناول الأغذية .
وحسب الظروف التي تتميز بها منطقة شمال الخليج العربي, كالأعماق الضحلة ومحدودية تجديد المياه ودرجة الحرارة والمولحة المرتفعتين, فإن النفط المنسكب في البحر قد تعرض إلى عمليات انتقال وتحول مختلفة قد ينتج عنها عملية تراكمات بيولوجية لمواد تحلل النفط والمعادن السامة في المأكولات البحرية التي يجري تناولها في الكويت. ونتيجة لاعتماد الكويتيين على البيئة البحرية كمصدر لمياه الشرب والغذاء والترفيه فإن التعضر للملوثات النفطية البحرية قد يحدث من خلال تناول الطعام او الشراب او الملامسة. وبالرغم من السيطرة على مصادر التلوث فإن المخاطر المرتبطة بالتلوث البيئي الضخم لا يمكن إهمالها. ولأن المركبات الهيدروكربونية متعددة الأنوية والمسببة للسرطان تعتبر من بين أكثر المركبات الموجودة بالنفط الخام الكويتي بقاء في البيئة وخطورة على صحة الإنسان, يجب أن تتم دراسات منفصلة لتقييم التعرض المحتمل بعيد المدى وتقدير المخاطر الناتجة عن هذا التعرض.
البحيرات النفطية
تشكل البحيرات النفطية مخاطر صحية مزمنة للسكان في الكويت, فقد تكونت نتيجة تجمع النفط في المناطق المنخفضة الواقعة بالقرب من الآبار التي تدفق منها النفط, كما ان المنطقة الواقعة بين الآبار والبحريات اصبحت ايضا مشبعة بالنفط الخام. والمخاطر التي تشكلها البحيرات النفطية تتمثل في التسرب المحتمل للملوثات إلى خزانات المياه الجوفية خاصة في المنطقة الشمالية وفي انتشار الغازات العضوية السامة المتصاعدة إلى الهواء المحيط بالمناطق المأهولة.
تراكمات السخام
يشكل السخام الأسود جزءا هاما من الدخان الذي اطلقته حرائق النفط في الكويت . وأثناء انتقال عناصر الدخان في الجو ينتج عن عملية تحولها عن طريق التفاعل الضوئي - الكيميائي مواد متحللة تتصف بسمية أكثر من تلك المركبات التي تولدت عنها. كما أن قدرة هذه المركبات (مثل بعض المركبات الهيدروكربونية متعددة الأنوية الموجودة في ترسبات الدخان) على الذوبان في الماء تعكس قدرة هذه الملوثات على الوصول إلى التربة والتسرب إلى خزانات المياه الجوفية. كانت تراكمات السخام, المكون من جزئيات أولية سائدة في جزئيات الدخان الناتجة عن السحب السوداء عالية, وكانت نسبة إنبعاث السخام أكثر 61 مرة من إجمالي نسبة الإنبعاث الناتجة عن الباصات والشاحنات التي تستخدم الديزل كوقود في الولايات المتحدة الأميركية. وقد لوحظ أن أكثر الدخان الأسود كثافة نتج عن حرق كميات ضخمة من النفط على الأرض كما لوحظ أيضا أن من أهم مسببات انبعاث السخام الأسود كانت حرائق البحيرات النفطية والذي يمكن إرجاعه إلى الإحتراق غير التام للنفط الخام المتحلل بصورة كبيرة في البحيرات.
إن المخاطر المرتبطة بالمركبات الهيدروكربونية المسرطنة على السكان المعرضين لها ترتبط بصورة كبيرة بالتحرك الجوي لهذه المركبات من خلال الآليات الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية, كما أن قابلية هذه المركبات للتطاير قد سادت التغيرات في التركيزات النسبية ضمن الزمان والمكان.
نشر الوعي البيئي في الكويت
هل يمكن نشر الوعي البيئي وزيادة الإهتمام الإنساني بالمحافظة على البيئة وبالمطالبة بحقه الطبيعي بالعيش في ظروف بيئية ملائمة ومطمئنة ولائقة, وكيف يمكن خلق ثقافة بيئية مستدامة تساعد على حماية البيئة من الدمار لتستفيد منها الأجيال القادمة?
ما هو دور الدولة بأجهزتها? وكيف للمجتمع, بكافة هيئاته ومؤسساته, ان ينشط لتأمين شروط بيئية مستدامة? وأي دور ينتظر المدرسة والإعلام?
إن التقدم الكبير الذي أحرزه الإنسان في مجالات العلم والتكنولوجيا والمخترعات الحديثة أدى إلى نقله حضارية كبيرة في مختلف مجالات التنمية التي تهتم برفاهية الإنسان, ولكن هذا التقدم في الوقت ذاته تجاهل البيئة ونظمها ما أحدث خللاً في توازنها ومكوناتها وإلى حدوث اختلال بيئي كبير وظهور مجموعة من المشكلات البيئية التي لم يقتصر ضررها على البيئة وحدها, بل اتسع ليشمل الإنسان. وقد تنبه العالم إلى خطورة ما أصاب البيئة من دمار فبدأت كثير من الدول والجمعيات والهيئات والأفراد في القيام بأنشطة واسعة ومختلفة لحماية البيئة, وكذلك بهدف توعية المجتمعات بالمشاكل البيئية التي أحدثها الإنسان بتعامله غير المتبصر مع النظام البيئي ومكوناته.
من هنا, لا بد للإعلام البيئي من أن ينطلق من أسس تربوية, إذ أجمعت كل المؤتمرات والاجتماعات العالمية والمحلية أن التربية تسهم بشكل كبير في نشر الوعي البيئي بين أفراد المجتمع, من خلال تأهيل وتغيير اتجاهاتهم وميولهم نحو السلوك الصديق للبيئة, وإجراء تعديل سلوكي في مواقف الأفراد وتصرفاتهم وتعاملهم مع النظام البيئي الذي يعيشون فيه لتحقيق التنمية المتكافئة والمستدامة بيئياً من خلال توفير المعلومات اللازمة, بالإضافة إلى خلق حس بالانتماء الاجتماعي والوطني وبالدور الهام للفرد في حماية البيئة.
وهنا لابد من التشديد على ضرورة تعاون جميع الجهات في المجتمع الكويتي من وزارات الدولة المختلفة والجمعية الكويتية لحماية البيئة والهيئة العامة للبيئة والجمعيات غير الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص والمؤسسات الصناعية لوضع خطة تعاون مشترك من أجل حماية البيئة الكويتية (الجوية والبحرية والبرية) والتكاتف من أجل عمل حملات توعوية تطوعية مكثفة, تعمل على نشر الوعي البيئي بين أفراد المجتمع الكويتي وكل من يسكن على أرضها ويستفيد من خيرات بيئتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.