رائحة العطر الفواح وصلتني قبل ضحكاتهن التي تعالت في أرجاء المقهى، فالتفت إلى مصدر الصوت، وكم تألمت عندما رأيت أمامي فتيات صغيرات أعمارهن تتراوح مابين 16و 18عاما، وكأنهن متجمعات لحضورحفلة تنكرية، بدا لي ذلك واضحا من كمية المكياج، والألوان اللافتة التي وقع عليها نظري، واللباس الغريب الذي لا يُعرف ما هو، هل هو عباءة أم فستان؟ لم أكن الوحيدة التي نظرت إليهن، فقد سبقتني نظرات الرجال إليهن، وتساءلت يا ترى: أين ذهب الحياء؟ وأين أمهات وآباء هؤلاء الفتيات؟؟ لن نلوم الأمهات فقط، لأنهن ربما هن القدوة السيئة لبناتهن، أو قد يكون ضعف شخصيتهن هو السبب، لذلك أوجه رسالتي إلى الآباء: فأين أنت أيها الأب عن ابنتك؟ ما الذي شغلك عنها وجعلك لا تعلم ماذا تلبس ابنتك خارج المنزل، أوحتى مع من خرجت، وإلى أين هي ذاهبة؟ أين أنت أيها الأب؟ كيف ترضى أن تلتهم نظرات الرجال جسد ابنتك؟ لم يقتصر الأمر على تلك الفتيات فقط، ففي نفس المقهى وعلى طاولة أخرى، سيدة لا تقل تبرجا عن تلك الفتيات، تتحدث بمياعة وتتبادل الضحكات مع النادل وبجانبها زوجها الموقر. هذا الرجل كيف سمح لزوجته بالخروج بهذا الشكل؟ هل هو ضعيف شخصية، لا يستطيع أن يفرض سيطرته ورجولته ويأمرها بالستر؟ يرى نظرات الرجال تلتهم زوجته وهو مازال مبتسما، لا يحرك ساكنا. أخي الرجل: أنسيت قول الرسول صلى الله عليه وسلم: كلكم راع ومسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عنهم، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. نداء أوجهه لكل ولي أمر: إلى كل أب، وأخ وزوج: اهتم بمحارمك، لا تنشغل عنهن، لا تجعل دورك فقط منحصرا في إعطاء الأوامر بعدم لبس كذا أو التبرج أو...، لا بل اجعل دورك أكبر من ذلك، كن حنونا وعطوفا وبين لهن ثقتك بهن، وخوفك عليهن من عيون الذئاب البشرية المنتشرة في كل مكان، وقدم النصح بطريقة محببة، واحرص على تقوية الجانب الديني لديهن. شذرات: دورك أخي الرجل كبير، فأنت قائد السفينة، وعليك تقع المسؤولية، وتخليك عنها، أو تفريطك فيها تفريط في أغلى ما تملك (ابنتك واختك وزوجتك). ولنتذكر أننا مجتمعات إسلامية محافظة، قوتنا تكمن في عقيدتنا ومبادئنا وحيائنا.