| ياسمين مرزوق الجويسري | تطرقنا معاً في مقال سابق (نصرةً للمظلوم) إلى الظلم وسبب إقدام الظالمين على هذا الفعل وأحوال المظلومين وردود أفعالهم، فاعتبرنا أحد ردود الأفعال هي التلفظ ب(حسبنا الله و نعم الوكيل) مع اليقين بأن استرداد الحقوق والكرامات قادمٌ موّكَلٌ إلى الله عز وجل، وأود أن أضيف في هذا المقال على أحوال المظلومين وردود أفعالهم، ما هو أسمى وأرقى من كل فعل، ما اعتبره جانباً من جوانب إشراق روح المظلوم وصفاء قلبه إنه (العفو) إنه المسامحة والصفح والغفران، إنه أحد أسماء الله جل جلاله وتقدست أسماؤه، فاسم الله (العفو) يعني المتجاوز عن الذنب التارك للعقاب، بالإضافة إلى أنه مقررٌ في الشريعة الإسلامية في حد القصاص، فلأهل وذوي المقتول الحق في العفو عن القاتل وصرف النظر عن استرداد الحق بالقتل إلى استرداده بالفدية التي يقررها القاضي أو أن يكون عفواً تاماً بلا فدية!، إن كان الصفح مشروعا في القصاص وقتل الأنفس ألا نشرَع في تطبيقه بالأمور الحياتية اليومية؟!. إن العفو على مراتب ودرجات منها القولي أي التلفظ بلفظ المسامحة فقط ثم إن وقع الطرف الآخر بالخطأ تُذكَر الأحداث السابقة وغيرها من المواقف الراسخة في العقل أو القلب، ومنها العفو قولاً وفعلاً يعني التلفظ مع عدم الالتفات لأخطاء الآخر أو الرد عليها لكن تظل المواقف القديمة في القلب لم تُنس، أما العفو المطلوب فهو العفو بالقول والفعل والقلب أي المسامحة الحقة والصفح المطلوب. لقد سألتُ نفسي وقد يسألني أحد ما، ما السبب وراء إقدامي على الصفح؟ وما الذي يدفعني لأسامح؟، ففكرت في الأمر وأجبت ببعضها وما لم أعلمه بالطبع أكثر وأعمق، فأحدها مدى القرب بين الخصمين وقوة العلاقة بينهما، وظهور الحق أو وضوح الصواب دافع للمسامحة، أما الدافع الإيماني فهو احتساب الأجر والثواب عند العفو الغفور سبحانه، أو أن نغفر ونتجاوز لمجرد المسامحة ولاستمرارية الحياة. معاً لنبدأ بهذه الخطوة العظيمة القوية ولنكتب أحد الوقائع الملازمة لنا بالضيق والحزن أو لندوّن الأحداث المحزنة جميعها، ثم لنعلم يقيناً أن تلك الوقائع واستمرارية تذكرها وترديدها في العقل سبب في حرقة قلوبنا أو بؤس حياتنا وعبوس وجوهنا، ثم لنؤمن أنه بالصفح تتلاشى تلك الآثار وأن الغفران سبيل للراحة الدنيوية والأخروية فقد قال الحبيب المصطفى -عليه الصلاة والسلام- (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا) وقال ربي في كتابه الكريم «ونزعنا ما في صدورهم من غلٍ إخواناً على سرر متقابلين»، فلنمزق تلك الوُريقة البخسة الرخيصة فيتبعه تمزق الماضي المؤلم والبدء بكتاب جديد خالٍ إلا من الحب وإحسان الظن واحترام الآخر. [email protected] @jasmine_m_alj