في الوقت الحالي في قطر، يصعب أن يجد طالب العمل -مهما تكن شهادته وخبرته- وظيفة دون واسطة، أو معرفة، أو تقديم تنازلات، هذا ونحن في القرن الحادي والعشرين، وفي ظل التقدم الكبير في النهضة العمرانية والتعليمية، ووجود مبدأي الديمقراطية والشفافية، وغيرهما من المبادئ والأعراف الدولية، وقبل كل شيء وجود ديننا الإسلامي الحنيف، الذي يحث على المساواة ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب. أصبح المتعلم، الذي كان يظن نفسه بشهادته التي هي سلاحه يمكن أن يعمل بسهولة في المواقع التي تخصص من أجلها لرفعة وطنه وعلو شأنه، يصارع الأوهام ويحلم بفرصة عمل ويسعى جاهدا لأقرب واسطة، ويبحث في كل مكان عن صديق أو قريب يوصله إلى المسؤول الفلاني ويوصي عليه حتى يمكن أن يعينه، وإن لم يجد أحداً أو يعرف أحداً، أوحتى تحدى نفسه ولم يرض أن يتوظف إلا بجهده، ساعتها سيظل حبيس المنزل أو عرضة للضياع والتشرد. ماذا يحصل في مجتمعنا؟! كل الدول تنهض بأبنائها وبناتها المتعلمين. فأين يجد ذلك المتعلم الفرصة المناسبة؟ أيعقل أن توجد لدينا بطالة؟! لقد اقيم المعرض المهني بعد ان تزايدت الأعداد التي تبحث عن عمل من القطريين وقد تفضل سمو ولي العهد واعطى أوامره بحل هذه المشكلة عن طريق توفير الوظائف خلال المعرض. وللأسف لم تتوافر خلال المعرض سوى 10 % من الفرص الحقيقية للتوظيف على الأقل في السنوات الماضية، اما هذه السنة، فهناك تطور كبير وفرص أكبر للتوظيف، نتمنى فقط أن تلبي ولو 50 % من احتياجات المتقدمين دون ان تتدخل بها الواسطة وتذهب لغير القطريين بحجة عدم ملاءمة الوظائف لهم. 3000 عاطل عن العمل في قطر، هذا كما هو معلن وقد يكون الرقم اكبر من ذلك!! بعض المسؤولين يغيرون كلمة عاطل الى باحث عن عمل والبعض الآخر يقول انهم ليسوا بعاطلين ولكنهم يطلبون تغيير العمل! النتيجة واحدة عاطل تساوي يبحث عن عمل تساوي يريد عملا. وايضا هناك الكثير ممن يريدون العمل ولم يسجلوا لدى وزارة العمل. لماذا تغيير العمل؟ من يريد ان يغير عمله انما ناتج ذلك عن الاختلاف الكبير في الرواتب من هيئة الى وزارة الى مؤسسه، فلو كانت الرواتب متقاربة لظل الجميع في اماكنهم وهذه مشكلة ادت الى عدم الرضا وبالتالي الى وجود بطالة اضافية. فلن يستطيع الباحث عن عمل إيجاد وظيفة ان لم يكن لديه واسطة وسيظل بلا عمل ولا إنتاج ان ظل في وظيفته السابقة. هل يمكن أن نصدق بأن يظل المواطن القطري يبحث عن عمل لمدة سنتين وثلاث؟! كيف يمكن أن نقتنع بأنه حتى الوظائف الصغيرة تحتاج واسطة للتعيين بها. في المقابل نرى موظفين ليس لديهم شهادات جامعية ومنهم حتى من لا يحمل الثانوية مسؤولين ويتحكمون في تعيين أصحاب الشهادات العليا. ومن يستطيع أن يتغلب على كل شيء ويدخل ميدان العمل، فيجب عليه أن يجامل وأن يغمض عينيه عن الفساد الإداري ويحضر الحفلات الخاصة حتى يحصل على ترقية وان رفض تكتب فيه التقارير السيئة أو أن يحال إلى التقاعد وهو في عز سنوات العطاء.. هناك امور كثيرة ومتداخلة والتناقضات عجيبة ويصعب تصديقها، وكلما وضعت الحكومة مشكورة قوانين جاء من يتلاعب بها ويروضها حسب مصلحته الشخصية في ظل غياب المحاسبة والتدقيق. وفي نفس الوقت لا ننسى ان نقدم الشكر والتقدير لكل المخلصين من ابناء قطر من الموظفين والمسؤولين الذين يعملون بكل ذمة واخلاص ويبتغون وجه الله ومصلحة الوطن.