الهجري يترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للتحالف الوطني بعدن لمناقشة عدد من القضايا    وزارة الخدمة المدنية تعلن الأربعاء إجازة رسمية بمناسبة عيد العمال العالمي    رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة    منازلة إنجليزية في مواجهة بايرن ميونخ وريال مدريد بنصف نهائي أبطال أوروبا    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    الفريق علي محسن الأحمر ينعي أحمد مساعد حسين .. ويعزي الرئيس السابق ''هادي''    وفاة ''محمد رمضان'' بعد إصابته بجلطة مرتين    «الرياضة» تستعرض تجربتها في «الاستضافات العالمية» و«الكرة النسائية»    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    السيول تقتل امرأة وتجرف جثتها إلى منطقة بعيدة وسط اليمن.. والأهالي ينقذون أخرى    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    مشادة محمد صلاح وكلوب تبرز انفراط عقد ليفربول هذا الموسم    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في وقت لايزال أمراء الحرب على جنوب اليمن يرفضون الاعتراف بالجرائم: مستشار الماني لم يكن جزء من النازية يركع أمام نصب تذكاري لشهداء الحرب ويعتذر عن جرائم هتلر
نشر في الجنوب ميديا يوم 23 - 06 - 2012

ألمانيا الفكر والفن والفلسفة والأدب كيف دمرتها وقسمتها الحرب, كيف أن النازية قتلت الناس وزرعت الكراهية والعنصرية , ولكن لان شعبها حي, وقادتها وطنيون أوفياء لبلدهم تجاوزوا كل هذا ,أرادوا بناء وطنهم فاستطاعوا, لم تبق في مكانها تبكي ماخلفته نازية هتلر والحروب التي دمرتها ولم تقف عند التغني بأمجادها وتاريخها, والحديث عن مفكريها وفلاسفتها , نهضت ألمانيا من تحت الرماد والدمار والدم وتحول من بلد نازي ديكتاتوري إلى بلد ديمقراطي , اليوم تتغنى بأمجادها ونهضتها وتجاوزها مرحلة رهيبة من تاريخها!وأصبح التقسيم والنازية والحرب مجرد تاريخ تتعلم منه الأجيال! وماذا فعلنا نحن امة العرب ؟ بينما تفاخر هذه الأمم بعلمها وتقدمها وتعايشها مع الآخر المختلف, نحن لازلنا نستحضر صراعاتنا التاريخية ونقتل بعضنا,ولا نتغنى إلا بأمجاد الماضي ,لم نقدم شيء للإنسانية, للحاضر , للمستقبل ,هناك في تلك الحقبة توقفنا لم نتقدم خطوة واحدة إلى الأمام بل إن صراعاتنا الفكرية والمذهبية والتي تجاوزتها تلك الأمم لازالت تدمر أوطاننا وتسفك دمائنا.وفي اليمن خاصة لازال الكهنوت بمختلف وجوهه يحكمنا, لازلنا نرى أمراء حرب الأمس هم حكام اليوم.لكننا وبرغم ذلك نحلم بيوم تتحول المعسكرات في المدن إلى حدائق , وسجوننا إلى متاحف , ونرى أمراء الحرب والفساد في السجون والمحاكم.
بين سجون النازية وسجوننا
عدنا من ألمانيا ونحن نحلم ببلد على الأقل يحترم أدميتنا, تحكمه القوانين, نتجاوز فيه اختلافاتنا كما فعلت هذه الدولة. بالطبع يصعب الحديث والحكم عن شعب وحضارة ونهضة بكلمات وبأسطر بسيطة ومن خلال خمسة أيام وزيارة مدينتين,لكن حين تدخل متاحف تتحدث عن تاريخ بلد بكل تفاصيله تستطيع فهم كيف دمر وقسم ومن ثم نهض.
بالنسبة لي زيارة متحف "كمركز وثائق النازية " كان أمر في غاية الأهمية, قرأنا عن النازية وسجونها,عن التعذيب, وعنصرية هتلر, لكنك حين تدخل إلى متحف كان ذات يوم احد سجون النازية فالأمر مختلف جدا, مختلف أن تعايش تلك الفترة وتعود عشرات السنين للخلف , مختلف أن ترى معاناة رسمت وكتبت بالأظافر وبالملاعق , زجاجات وأغطية لزجاجات وأحجار كانت بمثابة أقلام يكتبون بها على الجدران محنتهم وما يلاقوه من سجاني هتلر ووحشيتهم,وكأنك تعيش وتشارك الضحايا هذا الألم, تدخل زنازين شهدت تعذيب ووفاة كثير من الأبرياء فيها بينهم نساء وأطفال.الزنازين التي خط ورسم فيها الضحايا مايلاقونه من تعذيب مغلقة بأبواب زجاجية , حتى يتم الاحتفاظ بها ولاتمحى, وتم تصوير تلك الكتابات والرسومات , وعلقت على الجدران, كما احتفظ بأدوات تعذيب أو ماكان يخط بها السجين على الجدار مأساته.
مركز وثائق النازية هو احد السجون التي استخدمتها النازية ومورس فيه أبشع التعذيب والقتل, يقع في مدينة كولونيا في ولاية بون , فيه صور لفترة النازية , صور للضباط الذين كانوا يقومون بالتعذيب, للضحايا, فيه كتب عن النازية ووثائق, وفيه غرفة تأسست قريبا للأطفال.
السيد يورغين مولر هو مؤرخ ومدير العلاقات في المركز تجول بنا في المتحف شرح لنا مافعلته النازية بالناس وخصوصا من غير الألمان,هذا المتحف "سجن النازية سابقا " أغلبية من سجن فيه من غير الألمان ومن الذين عملوا في السخرة لم يعملوا كما يريد السجان , أو حاولوا الهرب , أو من الروس الذين حاولوا الاتصال بنساء ألمانيات , لأنهم كانوا يعتبرون الروس واليهود والبولنديين اقل منهم لذا كانوا يمنعون اتصال الأجانب بالسيدات الألمانيات حتى لاتلد الألمانية جيل اقل قيمة من الشعب الألماني, على احد الجدران كتب سجين إلى صديقه "سأموت في السجن",غير انه خرج من السجن وعاد إليه متحدثا عن حياته في تلك الفترة وفي ذلك السجن.
يضيف السيد يورجين: هذا المتحف من البيوت التي لم تدمر من الحرب, والقاعات هنا معرض دائم للصور , الكثير من الناس يأتون ليعرفون ماذا حدث وكيف كانت فترة النازية , افتتحنا قبل شهر مركز صغير في المتحف لتعليم الأطفال هذا التاريخ عن طريق الألعاب, ومسابقة صغيرة للأطفال وحين تحل يصلون مباشرة إلى الأجوبة عن أسئلتهم حول النازية , ويشرح عن الألعاب والأدوات الموجودة في هذه الغرفة :كل هذه أدوات كانت موجودة في كل منزل في فترة النازية, والعاب وقصص توصلهم إلى قصة إنسان عاش فترة النازية ومرتبطة بسؤال الطفل.
في المتحف شاشات تعرض لشهادات الضحايا يتحدثون عما حدث إبان حكم هتلر, , ولديهم مشروع عن حياة الناس التي عاصرت الفترة ' مقابلات تمت لحوالي من 80 إلى 100 شخص عاصروا الفترة, نسبة النساء منها حوالي من30 -40%. كان "كونراد ادناور"أول مستشار ألماني بعد فترة النازية نزيل هذا السجن هو وزوجته, القي القبض عليه لكنه استطاع الهرب, كانت زوجته تعرف مكان اختبائه ,,اعتقلوها وعذبوها فترة لتعترف بمكانه واضطرت تحت التعذيب لتكشف عن مكانه ,بعدها ولشعورها بالذنب حاولت الانتحار! بعد الحرب أتى ادناور ودخل السجن ومكان سجنه لقى شمعدان كان على مكتب احد الضباط , وشوهد ذلك الشمعدان في مكتبه كتذكار من هذا السجن.
بأسف يقول مولر :المفارقة إن الناس الذين كانوا يقومون بالتعذيب لديهم عائلة وأطفال ويهتمون بهم ,ويأتون إلى هنا ويتحولون إلى وحوش,كان المخيف في هذه الفترة الذين كانوا يرون إن من يسجنون أو من ليس ألمان أنهم ناس ليسوا بنفس مستوى الألماني بل هم اقل قيمة , لدرجة هناك علماء كانوا يقومون بأبحاث لإثبات ذلك, من ضمن الأبحاث التي كانوا يقومون بها , على الغجر في ألمانيا مثلا يقومون بقياس انف وطول الجبين للغجر ,وبعدها يصدرون شهادة تقرر هل من حقه العيش أم لا حتى الأطفال لم يرحموا!
أبناء وأحفاد كثير من ضحايا النازية الذي عاشوا أيام الحرب يرسلوا إلى المتحف بصور ومتعلقات من تلك الحقبة للاحتفاظ بها في المتحف, وأبناء الجناة والمجرمون لا يريدون التحدث عن تاريخ أجدادهم وإبائهم وعن الماضي,
هذا المتحف لايتحدث فقط عن هتلر إنما عن المدينة وفترة النازية , والهدف منه تعريف الناس بالتاريخ والأحداث والحياة اليومية فيها, من عاش بعد الحرب خصوصا من كان لديهم أقارب تعرضوا للسجن والتعذيب اخذوا وقتا كبيرا ليستطيعوا فهم ماحدث , الأطفال حين كبروا في الستينيات من القرن الماضي بدأوا يسألون أهاليهم ماذا فعلتم أثناء الحرب هنا بدأت الضمائر تستيقظ وبدأت الناس تفكر بالتاريخ وتتعامل معه, وشعور بالذنب وتأنيب للضمير , وبدأ الألمان يسألون أنفسهم لماذا صمتنا على كل جرائم هتلر؟!
"وحشية التعذيب"
من وسائل التعذيب التي كانت تستخدم في هذا السجن تعليق الشخص من يديه أو قدميه على عمود لساعات,ومنهم من يموت لعدم قدرته على التحمل أو وضعه في البرد وبدرجة حرارة -10 يقف لساعات دون حراك , وكانوا يصبوا عليه الماء البارد, من الوسائل البشعة وضع الضحية في زنزانة صغيرة وفتح غاز إلى الزنزانة كان الضحية يستنشق هذا الغاز ما يؤدي إلى اختناقه ووفاته , أيضا هناك من ماتوا بسبب تجويعهم! تذكرت وأنا أرى تلك الكتابات على جدران احد سجون النازية, كتابات على جدران السجون اليوم في اليمن, منها حين قمنا بزيارة إلى السجن المركزي في مستشفى السجن بصنعاء كتب السجناء عن مرضهم وعن الظلم الذي يلاقونه, وعن نهب أدويتهم وبيعها والمتاجرة بها , احدهم كتب بمرارة انه يحتاج لحبة دواء لتخفف عنه ألمه! وما أصبح في ألمانيا مجرد تاريخ وذكرى مؤلمة في بلدنا لايزال يمارس وبوسائل أبشع, في سجن الأمن القومي يتم تعليق السجناء ولم ننس بعد قضية شائف الحيمي وشباب الثورة.
في السجن المركزي بتعز مات احد السجناء قبل سنوات قليلة بمرض الكلى بعد تعذيبه وتركه في البرد مع صب الماء عليه حتى توفي, في السجون يعذبون بالكهرباء, تقلع أظافرهم , كل هذا لم يعد موجودا في الدول الديمقراطية الحقيقية حيث يحترم الإنسان وكرامته وأدميته ,لاتجد صحفيا سجين لاتجد تعذيب, ولاسجون خاصة بالمشائخ, في وقت لاتزال معتقلاتنا وسجوننا ومحاكمنا مفتوحة للصحفيين والمعارضين.
"متحف دار التاريخ"
متحف دار التاريخ لجمهورية ألمانيا الاتحادية يتحدث عن فترة ما بعد الحرب وحتى اليوم , كيف دمرت الحرب البلد وكيف قسمت وكيف ساعد الحلفاء ألمانيا الغربية وكيف أعيد توحيد الألمانيتين , وكيف صيغ الدستور , وكيف أصبحت من الدول الصناعية الكبرى . هنا في المتحف تعرض صور لمدن مدمرة , منها بون , في تلك الصور ترى مثلا مدينة بون التي دمرتها وأحرقتها الحرب صور للمدينة بعد الحرب العالمية الثانية, دمار لم يبق ولم يذر , وترى كيف كانت وكيف أصبحت , كيف نهضت ونفضت عنها غبار ورماد الحرب.
قالوا لم يكن في ألمانيا إلا الجوع والخراب, هنا في المتحف قطع لطعام بسيط كان يقدم من روسيا وفرنسا , ونتيجة البؤس الذي عاشوه كانوا يصنعون الأحذية والحقائب من إطارات الطائرة ومن القش ملابسهم.
يحكى المتحف بصور وأدوات كيف بدأت تبنى ألمانيا وتحت كنترول الحلفاء , وفي هذه الفترة بدأت تنشأ الولايات في ألمانيا, وبدأ تعلم الألمان التحول من ديكتاتورية مظلمة إلى الديمقراطية, وفي ألمانيا الشرقية كانت تحكم الديكتاتورية , مع إن هناك من يرى في ستالين رمز ومحررهم من النازية , وكان للبعض رمز لكل ماهو جميل وبدأوا في صناعة التماثيل له , كان كل من هو ضد ستالين يسجن , صور لشخصيات سجنت وعذبت في ألمانيا الشرقية , إمرأة شطبت على صور لستالين فصدر حكم بسجنها عشر سنوات.المارشال الأمريكي أعطى رئيس وزراء ألمانيا ورقة كتب عليها " حان الوقت لتتفقوا انتم الألمان على كتابة دستور تتعايشوا فيه في ألمانيا " وفي طاولة موجودة في المتحف اجتمع الألمان - ممثلوا عن الولايات لتسعة أشهر لكتابة الدستور. ونظمت أول انتخابات حرة في ألمانيا الغربية في العام 1949م ,31% من الأصوات حصل عليها المسيحيين الديمقراطيين, 29% الديمقراطي الاجتماعي, والمشكلة وقتها لم تكن ألمانيا مستقلة تماما , أي قانون يصدر من البرلمان كان لابد من الأمريكان والتحالف الموافقة عليه,ولكن في ألمانيا الشرقية كان الوضع أسوأ.
الوحدة
في وقت لايزال أمراء الحرب على جنوب اليمن يرفضون الاعتراف بالجرائم التي ارتكبت بحق الجنوبيين والتي قضت على وحدة 90م السلمية ,ويلي برانت أول مستشار ألماني من الحزب الديمقراطي الاجتماعي ورغم انه لم يكن جزء من نظام هتلر والنازية إلا انه قام بشيء لم يقم به احد قبله أو بعده , ذهب إلى بولندا وهناك أمام النصب التذكاري لشهداء الحرب ركع وأمام الجميع اعتذر عن كل جرائم هتلر والنازيين ضد البولنديين, عمل اتفاقيات مع روسيا وبولندا وبناء عليها ذهبت كل المناطق التي على الحدود الشرقية لروسيا وبولندا,. وقال "هذه المناطق كانت ألمانية ولكن من يقطنون فيها الآن هم روس وبولنديين ومن اجل استعادتها يعني أن أقوم بحرب ولهذا أتنازل عنها واتركها للناس الذين يقطنون فيها " وفي العام 1971م حصل على جائزة نوبل للسلام.
يتحدث الألمان عن تشابه بين اليمن وألمانيا هم بالطبع يعنون الوحدة, وحقيقة ومن وجهة نظري إن التشابه الوحيد هو أن الوحدة بين الألمانيتين والوحدة بين شطري اليمن تمتا في العام 90م, ففي حين أضحى جدار برلين اثر تاريخي وحضاري , وحجارة يأخذها الزوار كتذكار , وفي وقت سيأتي جيل ينسى فيه إن ألمانيا كانت دولتين إلا من كتب التاريخ , أتى جيل في اليمن وهو جيل الوحدة يريد أن تعود اليمن إلى ماكانت عليه قبل 90م,وتعود براميل الشريجة التي قسمت اليمنيين, ترسخت الوحدة الالمانية بالعدالة والمساواة , لايحن شعبها إلى عهد التقسيم , ألمانيا الغربية الغنية لم تدمر ألمانيا الشرقية بل ساعدتها لتنهض , لم يفعل حكامها مافعله حكامنا بجنوب اليمن , ظلم الجنوب ونهبه خلق الكراهية, الانقلاب على اتفاقيات الوحدة وفي مقدمتها دستورها المتفق عليه خلق هذا الشرخ , وصل إلى إن شطر ينهب الآخر يتفيده ويدمره, شطر كفر الأخر واستباح أرضه ودمه وسرح الموظفين من وظائفهم, إنهم حلفاء الشر مزقوا وحدة سلمية أتى إليها الجنوبيون طوعا وحبا, وسلموا دولة لأجل هذه الوحدة. يقول الألمان بكل ثقة نحن شعب لايحب التجزئة , شعب يحب الوحدة , والنظام الفيدرالي فقط من أجل توزيع السلطة وتنظيم كل ولاية عملها وحتى لا تكون السلطة والنظام بيد واحدة .الفيدرالية الكلمة المهمة فيها هي"الوحدة", وجميع الولايات تساعد على الحفاظ على الوحدة !وحين سألنا مااذا كانت هناك أصوات تنادي بالانفصال ؟ ربما إن هناك أصوات وخصوصا من المناطق الشرقية تقول إن الوضع في السابق كان أفضل وتنادي بالانفصال لكنها أصوات ضعيفة وغير مسموعة ,والعدالة جعلت الشعب لايفكر بالانفصال , بالإضافة إلى إن هذا الجيل كبر في السن ,ومع مرور السنين سيأتي جيل لا يعرف من ألمانيا الشرقية والغربية شيء غير من كتب التاريخ. بعد الوحدة عام 90م كانت الولايات الغربية مستوى معيشتها مرتفع عن الولايات الشرقية, وقدمت المساعدة من ألمانيا الغربية من اجل أن تنهض ألمانيا الشرقية وتصل إلى مستوى ألمانيا الغربية,الولايات الغنية دفع مبالغ معينة للولايات الفقيرة حتى لايكون الفرق كبير, ويحاولون أن يوصلوا مستوى أفقر ولاية ل97,5% من مستوى أغنى ولاية ,صحيح لايكون التقارب 100% لكن لايكون الفرق أيضا كبير.
الإعلام والمنظمات
دويتشه فيله إمبراطورية إعلامية ضخمة, استوديوهات, وأجهزة وإمكانيات هائلة (موقع اليكتروني وفضائية وإذاعة) , مؤسسة تمتلك إمكانيات هائلة , هي صوت ألمانيا إلى الخارج وبثلاثين لغة منها العربية, تعرفك عن هذا البلد, سياساته, ثقافته, ونمط حياة الناس في ألمانيا, تنتمى إلى القطاع العام كونها تمول من أموال الضرائب , لديها أكثر من 1500 موظف مثبت موظفين من مختلف أنحاء العالم, وعشرات المراسلين في جميع البلدان, وهي الوحيدة التي يجب أن يوافق على ميزانيتها التشغيلية البرلمان ووزارة الثقافة. أكاديمية دويتشه فيله هي هيئة عالمية تتبع مؤسسة دويتشه فيله وهي هيئة للتعليم والتدريب, والتطوير الإعلامي' ولها نشاطات في عدة دول عربية منها اليمن, أوقفتها مع بداية الربيع العربي في اليمن وسوريا بسبب الأوضاع , وتدعم موقع"قنطرة" وهو موقع يعتبر جسر بين الثقافات , يقول مديره يجب ألا تشكل اللغة عائق للحوار , لذا موقع قنطرة وسيلة للحوار وبلغات مختلفة كما يدور الحوار على فيس بوك وتويتر , تحليلات, بكافة المجالات, وعن الثورات العربية وتبادل للأفكار.
خاتمة
وصلنا إلى برلين كان الثلج يغطى المدينة كل شيء ابيض المباني والسيارات والأشجار والطرقات ,معظم أبنيتهم الحكومية زجاجية وقريبة من الشارع حتى يرى الناس ما يفعل ممثليهم في الحكومة أو مجلس النواب , أنها الشفافية , في بلدنا لازالت الطرقات مغلقة حتى إلى الأبنية الحكومية الحكومة أو البرلمان, واصغر شيخ في ها البلد يمكن أن يغلق شارع يؤدي إلى منزله ! كانت الزيارة لمنظمات واتحادات صحفية وحقوقية , لأشهر الصحف ,لقاء مع مسئولين ' حقيقة كان لقاء شفاف وودي, في برلين مقابر رمزية لليهود ضحايا النازية, بعضها مرتفع وأخرى منخفضة ولا اعلم سر هذا التمييز , ربما لمكانة صاحب القبر! وحين سألنا عن العدد الحقيقي للقتلى من اليهود قيل انه لايوجد عدد حقيقي للذين أعدمهم هتلر فكثير منهم هربوا وآخرين لم يكشفوا عن هوياتهم كيهود ليستطيعون العيش ومنهم من قرر الاختباء. المترجمات نسرين جامود ,واسيا عفانة, ونانسي الدايري, كن رائعات معنا وصبورات ,شعرنا وكأنهن صديقات لنا منذ زمن .
*إنطباعات للزيارة الأخيرة لألمانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.