«الرياضة» تستعرض تجربتها في «الاستضافات العالمية» و«الكرة النسائية»    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    السيول تقتل امرأة وتجرف جثتها إلى منطقة بعيدة وسط اليمن.. والأهالي ينقذون أخرى    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    كيف حافظ الحوثيون على نفوذهم؟..كاتب صحفي يجيب    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    مشادة محمد صلاح وكلوب تبرز انفراط عقد ليفربول هذا الموسم    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستشار ألماني يعتذر عن انتهاكات هتلر، وأمراء الحرب في صنعاء يرفضون الاعتراف بالجرائم ضد الجنوب
نشر في الجنوب ميديا يوم 23 - 06 - 2012

ألمانيا الفكر والفن والفلسفة والأدب كيف دمرتها وقسمتها الحرب، كيف أن النازية قتلت الناس وزرعت الكراهية والعنصرية، ولكن لأن شعبها حي، وقادتها وطنيون أوفياء لبلدهم تجاوزوا كل هذا، أرادوا بناء وطنهم فاستطاعوا، لم تبق في مكانها تبكي ما خلفته نازية هتلر والحروب التي دمرتها ولم تقف عند التغني بأمجادها وتاريخها، والحديث عن مفكريها وفلاسفتها، نهضت ألمانيا من تحت الرماد والدمار والدم وتحولت من بلد نازي ديكتاتوري إلى بلد ديمقراطي، اليوم تتغنى بأمجادها ونهضتها وتجاوزها مرحلة رهيبة من تاريخها!، وأصبح التقسيم والنازية والحرب مجرد تاريخ تتعلم منه الأجيال! وماذا فعلنا نحن امة العرب؟ بينما تفاخر هذه الأمم بعلمها وتقدمها وتعايشها مع الآخر المختلف، نحن مازلنا نستحضر صراعاتنا التاريخية ونقتل بعضنا، ولا نتغنى إلا بأمجاد الماضي، لم نقدم شيئاً للإنسانية، للحاضر، للمستقبل، هناك في تلك الحقبة توقفنا لم نتقدم خطوة واحدة إلى الأمام بل إن صراعاتنا الفكرية والمذهبية والتي تجاوزتها تلك الأمم ما زالت تدمر أوطاننا وتسفك دماءنا. وفي اليمن خاصة ما زال الكهنوت بمختلف وجوهه يحكمنا، ما زلنا نرى أمراء حرب الأمس هم حكام اليوم. لكننا ورغم ذلك نحلم بيوم تتحول المعسكرات في المدن إلى حدائق، وسجوننا إلى متاحف، ونرى أمراء الحرب والفساد في السجون والمحاكم.
بين سجون النازية وسجوننا
عدنا من ألمانيا ونحن نحلم ببلد على الأقل يحترم آدميتنا، تحكمه القوانين، نتجاوز فيه اختلافاتنا كما فعلت هذه الدولة. بالطبع يصعب الحديث والحكم عن شعب وحضارة ونهضة بكلمات وبأسطر بسيطة ومن خلال خمسة أيام وزيارة مدينتين، لكن حين تدخل متاحف تتحدث عن تاريخ بلد بكلتفاصيله تستطيع فهم كيف دمر وقسم ومن ثم نهض.
بالنسبة لي زيارة متحف «كمركز وثائق النازية» كان أمراً في غاية الأهمية، قرأنا عن النازية وسجونها، عن التعذيب، وعنصرية هتلر، لكنك حين تدخل إلى متحف كان ذات يوم احد سجون النازية فالأمر مختلف جداً، مختلف أن تعايش تلك الفترة وتعود عشرات السنين للخلف، مختلف أن ترى معاناة رسمت وكتبت بالأظافر وبالملاعق، زجاجات وأغطية لزجاجات وأحجار كانت بمثابة أقلام يكتبون بها على الجدران محنتهم وما يلاقوه من سجاني هتلر ووحشيتهم، وكأنك تعيش وتشارك الضحايا هذا الألم، تدخل زنازين شهدت تعذيب ووفاة كثير من الأبرياء فيها، بينهم نساء وأطفال. الزنازين التي خط ورسم فيها الضحايا ما يلاقونه من تعذيب مغلقة بأبواب زجاجية، حتى يتم الاحتفاظ بها ولا تمحى، وتم تصوير تلك الكتابات والرسومات، وعلقت على الجدران، كما احتفظ بأدوات تعذيب أو ما كان يخط بها السجين على الجدار مأساته.
مركز وثائق النازية هو احد السجون التي استخدمتها النازية ومورس فيه أبشع التعذيب والقتل، يقع في مدينة كولونيا في ولاية بون، فيه صور لفترة النازية، صور للضباط الذين كانوا يقومون بالتعذيب، للضحايا، فيه كتب عن النازية ووثائق، وفيه غرفة تأسست قريباً للأطفال.
السيد يورغين مولر هو مؤرخ ومدير العلاقات في المركز تجول بنا في المتحف شرح لنا ما فعلته النازية بالناس وخصوصاً من غير الألمان، هذا المتحف «سجن النازية سابقاً» أغلبية من سجن فيه من غير الألمان ومن الذين عملوا في السخرة لم يعملوا كما يريد السجان، أو حاولوا الهرب، أو من الروس الذين حاولوا الاتصال بنساء ألمانيات، لأنهم كانوا يعتبرون الروس واليهود والبولنديين اقل منهم لذا كانوا يمنعون اتصال الأجانب بالسيدات الألمانيات حتى لا تلد الألمانية جيلاً اقل قيمة من الشعب الألماني، على أحد الجدران كتب سجين إلى صديقه «سأموت في السجن»، غير أنه خرج من السجن وعاد إليه متحدثا عن حياته في تلك الفترة وفي ذلك السجن.
يضيف السيد يورجين: هذا المتحف من البيوت التي لم تدمر من الحرب، والقاعات هنا معرض دائم للصور، الكثير من الناس يأتون ليعرفون ماذا حدث وكيف كانت فترة النازية، افتتحنا قبل شهر مركزاً صغيراً في المتحف لتعليم الأطفال هذا التاريخ عن طريق الألعاب، ومسابقة صغيرة للأطفال وحين تحل يصلون مباشرة إلى الأجوبة عن أسئلتهم حول النازية، ويشرح عن الألعاب والأدوات الموجودة في هذه الغرفة: كل هذه أدوات كانت موجودة في كل منزل في فترة النازية، وألعاب وقصص توصلهم إلى قصة إنسان عاش فترة النازية ومرتبطة بسؤال الطفل.
في المتحف شاشات تعرض لشهادات الضحايا يتحدثون عما حدث إبان حكم هتلر، ولديهم مشروع عن حياة الناس التي عاصرت الفترة، مقابلات تمت لحوالي من 80 إلى 100 شخص عاصروا الفترة، نسبة النساء منها حوالي من30 -40%. كان «كونرادادناور» أول مستشار ألماني بعد فترة النازية نزيل هذا السجن هو وزوجته، ألقي القبض عليه لكنه استطاع الهرب، كانت زوجته تعرف مكان اختبائه، اعتقلوها وعذبوها فترة لتعترف بمكانه واضطرت تحت التعذيب لتكشف عن مكانه، بعدها ولشعورها بالذنب حاولت الانتحار! بعد الحرب أتى ادناور ودخل السجن ومكان سجنه لقي شمعدان كان على مكتب أحد الضباط، وشوهد ذلك الشمعدان في مكتبه كتذكار من هذا السجن.
بأسف يقول مولر: المفارقة أن الناس الذين كانوا يقومون بالتعذيب لديهم عائلة وأطفال ويهتمون بهم ، ويأتون إلى هنا ويتحولون إلى وحوش، كان المخيف في هذه الفترة الذين كانوا يرون أن من يسجنون أو من ليسوا ألمان أنهم ناس ليسوا بنفس مستوى الألماني بل هم اقل قيمة، لدرجة أن هناك علماء كانوا يقومون بأبحاث لإثبات ذلك، من ضمن الأبحاث التي كانوا يقومون بها، على الغجر في ألمانيا مثلاً يقومون بقياس انف وطول الجبين للغجر، وبعدها يصدرون شهادة تقرر هل من حقه العيش أم لا حتى الأطفال لم يرحموا!
أبناء وأحفاد كثير من ضحايا النازية الذين عاشوا أيام الحرب يرسلون إلى المتحف بصور ومتعلقات من تلك الحقبة للاحتفاظ بها في المتحف، وأبناء الجناة والمجرمين لا يريدون التحدث عن تاريخ أجدادهم وآبائهم وعن الماضي، هذا المتحف لا يتحدث فقط عن هتلر إنما عن المدينة وفترة النازية، والهدف منه تعريف الناس بالتاريخ والأحداث والحياة اليومية فيها، من عاش بعد الحرب خصوصا من كان لديهم أقارب تعرضوا للسجن والتعذيب أخذوا وقتاً كبيراً ليستطيعوا فهم ما حدث، الأطفال حين كبروا في الستينيات من القرن الماضي بدأوا يسألون أهاليهم ماذا فعلتم أثناء الحرب هنا بدأت الضمائر تستيقظ وبدأ الناس يفكرون بالتاريخ ويتعاملون معه، وشعور بالذنب وتأنيب للضمير، وبدأ الألمان يسألون أنفسهم لماذا صمتنا على كل جرائم هتلر؟!
وحشية التعذيب
من وسائل التعذيب التي كانت تستخدم في هذا السجن تعليق الشخص من يديه أو قدميه على عمود لساعات، ومنهم من يموت لعدم قدرته على التحمل أو وضعه في البرد وبدرجة حرارة -10 يقف لساعات دون حراك، وكانوا يصبون عليه الماء البارد، من الوسائل البشعة وضع الضحية في زنزانة صغيرة وفتح غاز إلى الزنزانة كان الضحية يستنشق هذا الغاز ما يؤدي إلى اختناقه ووفاته، أيضا هناك من ماتوا بسبب تجويعهم! تذكرت وأنا أرى تلك الكتابات على جدران احد سجون النازية، كتابات على جدران السجون اليوم في اليمن، منها حين قمنا بزيارة إلى السجن المركزي في مستشفى السجن بصنعاء كتب السجناء عن مرضهم وعن الظلم الذي يلاقونه، وعن نهب أدويتهم وبيعها والمتاجرة بها، احدهم كتب بمرارة أنه يحتاج لحبة دواء لتخفف عنه ألمه! وما أصبح في ألمانيا مجرد تاريخ وذكرى مؤلمة في بلدنا ما يزال يمارس وبوسائل أبشع، في سجن الأمن القومي يتم تعليق السجناء ولم ننس بعد قضية شائف الحيمي وشباب الثورة.
في السجن المركزي بتعز مات أحد السجناء قبل سنوات قليلة بمرض الكلى بعد تعذيبه وتركه في البرد مع صب الماء عليه حتى توفي، في السجون يعذبون بالكهرباء، تقلع أظافرهم، كل هذا لم يعد موجودا في الدول الديمقراطية الحقيقية حيث يحترم الإنسان وكرامته وآدميته، لا تجد صحفياً سجيناً لا تجد تعذيباً، ولا سجوناً خاصة بالمشايخ، في وقت ما تزال معتقلاتنا وسجوننا ومحاكمنا مفتوحة للصحفيين والمعارضين.
متحف دار التاريخ
متحف دار التاريخ لجمهورية ألمانيا الاتحادية يتحدث عن فترة ما بعد الحرب وحتى اليوم، كيف دمرت الحرب البلد وكيف قسمت وكيف ساعد الحلفاء ألمانيا الغربية وكيف أعيد توحيد الألمانيتين، وكيف صيغ الدستور، وكيف أصبحت من الدول الصناعية الكبرى. هنا في المتحف تعرض صوراً لمدن مدمرة، منها (بون)، في تلك الصور ترى مثلا مدينة بون التي دمرتها وأحرقتها الحرب، ترى صوراً للمدينة بعد الحرب العالمية الثانية، دمار لم يبق ولم يذر، وترى كيف كانت وكيف أصبحت، كيف نهضت ونفضت عنها غبار ورماد الحرب.
قالوا لم يكن في ألمانيا إلا الجوع والخراب، هنا في المتحف قطع لطعام بسيط كان يقدم من روسيا وفرنسا، ونتيجة البؤس الذي عاشوه كانوا يصنعون الأحذية والحقائب من إطارات الطائرة ومن القش ملابسهم.
يحكي المتحف بصور وأدوات كيف بدأت تبنى ألمانيا وتحت كنترول الحلفاء، وفي هذه الفترة بدأت تنشأ الولايات في ألمانيا، وبدأ تعلم الألمان التحول من ديكتاتورية مظلمة إلى الديمقراطية، وفي ألمانيا الشرقية كانت تحكم الديكتاتورية، مع أن هناك من يرى في ستالين رمزاً ومحررهم من النازية، وكان للبعض رمز لكل ماهو جميل وبدأوا في صناعة التماثيل له، كان كل من هو ضد ستالين يسجن، صور لشخصياتسجنت وعذبت في ألمانيا الشرقية، إمرأة شطبت على صور لستالين فصدر حكم بسجنها عشر سنوات. المارشال الأمريكي أعطى رئيس وزراء ألمانيا ورقة كتب عليها «حان الوقت لتتفقوا أنتم الألمان على كتابة دستور تتعايشوا فيه في ألمانيا»، وفي طاولة موجودة في المتحف اجتمع الألمان وممثلون عن الولايات لتسعة أشهر لكتابة الدستور. ونظمت أول انتخابات حرة في ألمانيا الغربية في العام 1949، 31% من الأصوات حصل عليها المسيحيون الديمقراطيون، الديمقراطي الاجتماعي، والمشكلة وقتها لم تكن ألمانيا مستقلة تماماً، أي قانون يصدر من البرلمان كان لابد من الأمريكان والتحالف الموافقة عليه، ولكن في ألمانيا الشرقية كان الوضع أسوأ.
الوحدة
في وقت ما يزال أمراء الحرب على جنوب اليمن يرفضون الاعتراف بالجرائم التي ارتكبت بحق الجنوبيين والتي قضت على وحدة 90 السلمية، ويلي برانت أول مستشار ألماني من الحزب الديمقراطي الاجتماعي ورغم انه لم يكن جزءاً من نظام هتلر والنازية إلا انه قام بشيء لم يقم به أحد قبله أو بعده، ذهب إلى بولندا وهناك أمام النصب التذكاري لشهداء الحرب ركع وأمام الجميع اعتذر عن كل جرائم هتلر والنازيين ضد البولنديين، عمل اتفاقيات مع روسيا وبولندا وبناءً عليها ذهبت كل المناطق التي على الحدود الشرقية لروسيا وبولندا، وقال «هذه المناطق كانت ألمانية ولكن من يقطنون فيها الآن هم روس وبولنديون ومن اجل استعادتها يعني أن أقوم بحرب ولهذا أتنازل عنها واتركها للناس الذين يقطنون فيها»، وفي العام 1971 حصل على جائزة نوبل للسلام.
يتحدث الألمان عن تشابه بين اليمن وألمانيا هم بالطبع يعنون الوحدة، وحقيقة ومن وجهة نظري إن التشابه الوحيد هو أن الوحدة بين الألمانيتين والوحدة بين شطري اليمن تمتا في العام 90، ففي حين أضحى جدار برلين اثراً تاريخياً وحضارياً، وحجارة يأخذها الزوار كتذكار، وفي وقت سيأتي جيل ينسى فيه أن ألمانيا كانت دولتين إلا من كتب التاريخ، أتى جيل في اليمن وهو جيل الوحدة يريد أن تعود اليمن إلى ما كانت عليه قبل 90، وتعود براميل الشريجة التي قسمت اليمنيين، ترسخت الوحدة الالمانية بالعدالة والمساواة، لا يحن شعبها إلى عهد التقسيم، ألمانيا الغربية الغنية لم تدمر ألمانيا الشرقية بل ساعدتها لتنهض، لم يفعل حكامها ما فعله حكامنا بجنوب اليمن، ظلم الجنوب ونهبه خلق الكراهية، الانقلاب على اتفاقيات الوحدة وفي مقدمتها دستورها المتفق عليه خلق هذا الشرخ، وصل إلى أن شطراً ينهب الآخر يتفيده ويدمره، شطر كفر الآخر واستباح أرضه ودمه وسرح الموظفين من وظائفهم، إنهم حلفاء الشر مزقوا وحدة سلمية أتى إليها الجنوبيون طوعاً وحباً، وسلموا دولة لأجل هذه الوحدة. يقول الألمان بكل ثقة نحن شعب لا يحب التجزئة، شعب يحب الوحدة، والنظام الفيدرالي فقط من أجل توزيع السلطة وتنظيم كل ولاية عملها وحتى لا تكون السلطة والنظام بيد واحدة. الفيدرالية الكلمة المهمة فيها هي«الوحدة»، وجميع الولايات تساعد على الحفاظ على الوحدة! وحين سألنا ما إذا كانت هناك أصوات تنادي بالانفصال؟ ربما هناك أصوات وخصوصاً من المناطق الشرقية تقول إن الوضع في السابق كان أفضل وتنادي بالانفصال لكنها أصوات ضعيفة وغير مسموعة، والعدالة جعلت الشعب لايفكر بالانفصال، بالإضافة إلى إن هذا الجيل كبر في السن، ومع مرور السنين سيأتي جيل لا يعرف من ألمانيا الشرقية والغربية شيئاً غير من كتب التاريخ. بعد الوحدة عام 90 كانت الولايات الغربية مستوى معيشتها مرتفع عن الولايات الشرقية، وقدمت المساعدة من ألمانيا الغربية من أجل أن تنهض ألمانيا الشرقية وتصل إلى مستوى ألمانيا الغربية، الولايات الغنية دفعت مبالغ معينة للولايات الفقيرة حتى لا يكون الفرق كبيراً، ويحاولون أن يوصلوا مستوى أفقر ولاية ل97، 5% من مستوى أغنى ولاية، صحيح لا يكون التقارب 100% لكن لا يكون الفرق أيضاً كبيراً.
الإعلام والمنظمات
دويتشه فيله إمبراطورية إعلامية ضخمة، استوديوهات، وأجهزة وإمكانيات هائلة (موقع اليكتروني وفضائية وإذاعة)، مؤسسة تمتلك إمكانيات هائلة، هي صوت ألمانيا إلى الخارج وبثلاثين لغة منها العربية، تعرفك عن هذا البلد، سياساته، ثقافته، ونمط حياة الناس في ألمانيا، تنتمى إلى القطاع العام كونها تمول من أموال الضرائب، لديها أكثر من 1500 موظف مثبت موظفين من مختلف أنحاء العالم، وعشرات المراسلين في جميع البلدان، وهي الوحيدة التي يجب أن يوافق على ميزانيتها التشغيلية البرلمان ووزارة الثقافة. أكاديمية دويتشه فيله هي هيئة عالمية تتبع مؤسسة دويتشه فيله وهي هيئة للتعليم والتدريب، والتطوير الإعلامي، ولها نشاطات في عدة دول عربية منها اليمن، أوقفتها مع بداية الربيع العربي في اليمن وسوريا بسبب الأوضاع، وتدعم موقع «قنطرة» وهو موقع يعد جسراً بين الثقافات، يقول مديره يجب ألا تشكل اللغة عائقاً للحوار، لذا موقع قنطرة وسيلة للحوار وبلغات مختلفة كما يدور الحوار على فيس بوك وتويتر، تحليلات، بكافة المجالات، وعن الثورات العربية وتبادل للأفكار.
خاتمة
وصلنا إلى برلين كان الثلج يغطي المدينة كل شيء ابيض المباني والسيارات والأشجار والطرقات، معظم أبنيتهم الحكومية زجاجية وقريبة من الشارع حتى يرى الناس ما يفعل ممثلوهم في الحكومة أو مجلس النواب، إنها الشفافية، في بلدنا ما زالت الطرقات مغلقة حتى إلى الأبنية الحكومية كالحكومة أو البرلمان، واصغر شيخ في ها البلد يمكن أن يغلق شارعاً يؤدي إلى منزله! كانت الزيارة لمنظمات واتحادات صحفية وحقوقية، لأشهر الصحف، لقاء مع مسؤولين.
حقيقة كان لقاء شفافاً وودياً، في برلين مقابر رمزية لليهود ضحايا النازية، بعضها مرتفع وأخرى منخفضة ولا أعلم سر هذا التمييز، ربما لمكانة صاحب القبر! وحين سألنا عن العدد الحقيقي للقتلى من اليهود قيل إنه لا يوجد عدد حقيقي للذين أعدمهم هتلر فكثير منهم هربوا وآخرون لم يكشفوا عن هوياتهم كيهود ليستطيعوا العيش ومنهم من قرر الاختباء. المترجمات نسرين جامود، وآسيا عفانة، ونانسي الدايري، كن رائعات معنا وصبورات، شعرنا وكأنهن صديقات لنا منذ زمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.