مواضيع ذات صلة بيروت الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام يتسلم من السفير السعودي علي عواض عسيري رسالتي تهنئة من خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز (دالاتي ونهرا)بيروت - "السياسة": في ظل أجواء ترقب وحذر لمجرى الأمور في ما يتعلق بعملية تشكيل الحكومة بعد شبه الإجماع الذي حصل عليه من خلال استشارات التكليف, يبدأ رئيس الحكومة المكلف تمام سلام استشارات التأليف من مجلس النواب اليوم على مدى يومين, للوقوف على آراء الكتل النيابية من مسألة الحكومة العتيدة, شكلاً ومضموناً, في مهمة صعبة وسط الانقسام السياسي العميق داخل المكونات اللبنانية, وعلى وقع الشروط والشروط المضادة من قبل قوى "8 آذار" التي استبقت بدء الاستشارات النيابية التي سيجريها الرئيس المكلف بالتأكيد على مطالبتها بتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم ممثلين عن جميع القوى السياسية, وهو ما ترفضه قوى "14 آذار" التي تطالب بتأليف حكومة حيادية تكون وظيفتها الأساسية والوحيدة الإشراف على إجراء الانتخابات النيابية بشفافية ونزاهة. وكان الرئيس المكلف قام, أمس, بالجولة البروتوكولية على رؤساء الحكومات السابقين, نجيب ميقاتي, وفؤاد السنيورة, وعمر كرامي, وسليم الحص, وميشال عون ورشيد الصلح, ولم يتسن له زيارة الرئيس سعد الحريري لوجوده في الخارج. وفضل سلام, اثر جولته البروتوكولية, أن يشد حزام الصمت حتى حده الاقصى متجنبا الخوض في تفاصيل الملف الحكومي ومكتفياً بالعموميات. وقال بعد هذه اللقاءات أنه "طالما أن مصلحة الشعب اللبناني أمام عيني, وطالما أن المصلحة الوطنية هي ما عنونت به طموحي لتأليف الحكومة, وبالتالي فعلي أن أتفاءل لنصل إلى نتائج طيبة", مشدداً على أن وظيفة الحكومة التي سيشكلها تسليم الأمانة بعد إجراء الانتخابات بشفافية. وأعلن أنه لن يترشح للانتخابات, مضيفاً "أتمنى أن تكون حكومتي كذلك وهذا الأمر يتطلب موافقة القوى السياسية". وأوضحت اوساط سياسية مطلعة أن الأجواء الهادئة التي تحكمت بمرحلة التكليف ستتحكم أيضاً بالتأليف المتوقع ألا يطول أمده في ضوء جملة عوامل تفرض نفسها على الواقعين السياسي والامني. وتحدثت عن مناخات استرخاء من شأنها ان تسهل مهمة سلام, حتى لو تطلب الامر بقاء بعض القوى السياسية خارج المدار الحكومي في المرحلة الراهنة, علما ان هذا البعض قد يفضل التنحي لفترة ومراقبة التطورات عن بعد من المقلب المعارض, بما يوفر له هامشاً أوسع من التحرك. لكن مصادر سياسية مطلعة أكدت ل"السياسة" أن قوى "8 آذار" استطاعت استيعاب الصدمة التي أحدثتها تسمية قوى "14 آذار" سلام لتشكيل الحكومة, فانخرطت سريعاً في لعبة التكليف, محاولة فرض نفسها كلاعب أساسي في لعبة التأليف بهدف تأخيرها وتعطيلها إذا أمكن. وبرأي مصدر سياسي بارز يمكن توقع الآتي للمرحلة المقبلة: أولاً: بما أن فريق "8 آذار" انقسم على نفسه فخرج النائب سليمان فرنجية عن موقف حلفائه, وذهبت كتلة العماد ميشال عون مرغمة إلى استشارات التكليف, بضغط من "حزب الله", فإن التداعيات سرعان ما ستظهر, إذ أن مقاطعة الجناح السوري الخالص في هذا الفريق والذي يمثله فرنجية يؤشر إلى رفض النظام السوري المطلق لتشكيل حكومة ومن ثم إجراء الانتخابات النيابية ومن بعدها الرئاسية, بما يتناقض مع مخطط الفراغ الذي رسمه للبنان. والخشية هي في أن يتزايد الضغط السوري ويتخذ أشكالاً عنفية لتعطيل مسار إحياء المؤسسات. ثانياً: حسبها "حزب الله" (ومن خلفه إيران) بدقة, فوجد أن النظام السوري ضعيف ويمكن أن يسقط في أي وقت, ويمكن لطهران دائماً أن تساوم المعنيين بلبنان على الساحة الإقليمية, للحفاظ على نفوذها عبر الحزب, باستمرار تمثيله في الحكومة, ولاحقاً في مجلس النواب, مقابل الانخراط الكامل في اللعبة وعدم تفجير الأوضاع. تماماً كتجربة التحالف الرباعي في العام 2005. ثالثاً: لعب رئيس مجلس النواب نبيه بري دوراً أساسياً خلف الكواليس لتمرير تكليف سلام. ومهد لذلك من خلال عدم دعوته مجلس النواب لإقرار الاقتراح الأرثوذكسي, ما تسبب بخلاف معلن مع العماد عون, لم يستطع "حزب الله" معالجته. في موضوع التكليف فضل "حزب الله" حليفه الشيعي على حليفه المسيحي, وسار في خياره. ومن تداعيات ذلك أن عون سيرد بقوة خلال مشاورات التأليف من خلال طرح الشروط التعجيزية للمشاركة, تحت طائلة التهديد بالمقاطعة وقلب الطاولة. رابعاً: اشترط النائب وليد جنبلاط أن تكون الحكومة سياسية وتضم كل الفرقاء, ليمنحها الثقة. ولأن قوى "14 آذار" لا تستطيع أن تؤمن الأصوات الكافية وحدها, فإن جنبلاط سيبقى بيضة القبان, كما كان في عملية التكليف. وخطورة موقفه, إذا ما قرر تعطيل التأليف هي في أنه يعيد منح فريق "8 آذار" قدرة سياسية على العرقلة, وخصوصاً عرقلة الانتخابات النيابية, كان قد خسرها باستقالة الحكومة. خامساً: كل هذه العوامل ستجتمع وتنتصب كتحديات تواجه الرئيس المكلف, وهو سيحتاج إلى وقت طويل لعبور حقل الألغام السوري - الإيراني المتمثل بقوى "8 آذار", وبالتهديد العسكري المباشر للنظام السوري, أو لمخابراته في الداخل اللبناني. والمشكلة تكمن في ضغط عامل الوقت, فالاستحقاق الانتخابي داهم. ومن هنا فإن الخطوة التالية لفريق "8 آذار" بعد استيعاب صدمة التكليف هي إرجاء التأليف إلى ما بعد التمديد للمجلس النيابي الذي سيصبح خياراً حتمياً بعد شهرين من الآن.