نختتم اليوم موضوعاتنا عن الضمائر في اللغة العربية والتي اسقطنا معانيها على ما تحتمله من محاكاة للواقع ونأتي اخيرا على تعرية الضمير المستتر والذي يعرف لغة انه ضمير اتصل بالفعل من غير أن يظهر في اللفظ.. والضمائر المستترة هي أمر لا يؤيده الوصف اللغوي، وهو عند بعض اللغويين اختراع اخترعه النحويون لمعالجة أحكام افترضوها، ومن شدة غرابة هذا الضمير فالبعض يقول انه لا وجود لضمائر مستترة، والقول المشهور انّ الضمائر منها ما هو بارز، أي له تحقق لفظي وخطّيّ، ومنها مستتر لا تحقق له لفظ ولا خط. والضمائر البارزة وهي ما ذكرناها مسبقا "المنفصلة والمتصلة" وأما المستترة فمنها ما استتاره جائز ومنها ما استتاره واجب،. واستند علماء اللغة الى ذلك بقول ابن عقيل في شرحه على ألفية ابن مالك في معرض حديثه عن الضمير المستتر والمراد بواجب الاستتار ما لا يحل محله الظاهر والمراد بجائز الاستتار ما يحل محله الظاهر. اذا شرعنا بطرح المعنى المستتر الواقعي لهذا الضمير المخترع فسوف نستنتج ان الضمير المختفي او المستتر هو الذي لا يظهر في اللفظ وهو بالمقابل ضمير لا يظهر في الحياة وما اكثر الذين يعيشون معنا باجسادهم وقلوبهم وضمائرهم مختفية لا تقترن افعالهم مع الفاظهم، وهم دائما ما يحاولون الاختفاء عمدا عن الانظار ويتحاشون الدخول في معترك الحياة، ينسجون حول محيطهم هالة من السرية والغموض كي لا تظهر نواياهم التي تخفيها ضمائرهم المستترة خلف كتل من الحقد والنوايا المريضة المبهمة غير القادرة على رؤية الآخرين في وضع مريح.. هذه الفئة من اصحاب الضمائر المستترة تتغلغل كالبكتيريا الضارة في جسد المجتمع لا تعرف لها موقعا من الاعراب كما هي طبيعتها في مواضع اللغة. هذه الضمائر المستترة تعد من اخطر الضمائر فتكا بالجنس البشري واعظمها ايلاما في تفتيت العلاقات الانسانية وابعدها تشوقا للالفة والتسامح وحب الآخرين، تظهر ما لا تبطن تبدو في حالة هيجان اذا ما اجتمع قوم على مصلحة عامة يريدون تحقيقها لاصلاح ذات البين. كفانا الله واياكم شر اصحاب هذه الضمائر المستترة وندعو الله ان يرشدنا الى خير السبيل ويزرع فينا ذلك الضمير المتصل الذي به نهتدي وعليه ندوم وسلامتكم.