الأصل في العلاقة بين البشر أن يلتقي الناس ويتحدوا، لا أن يختلفوا ويتفرقوا، وأن تحفظ الأعراض من كل ما يخدشها أو يسيء إليها! والأصل التناصح لا التناطح، التلاقي لا التباعد! إنه لمن اللائق بالمجتمع المسلم أن يكون بناؤه قائماً على محاربة الظنون الكاذبة، ونبذ الإشاعات الضارة، وطرح الريب، فالإشاعة الباطلة تزعزع الأمن، وتنشر الخوف والهلع والفزع، وقد كثرت وتصاعدت وتزايدت لسهولة نشرها، وتعدد سبل وصولها، مع قلة الأمانة وكثرة الخيانة. اللائق والواجب تطبيق أخلاقيات النصوص الشرعية، «لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ»، «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ»، «وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ» «إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ»، «مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ»، ومن السنة النبوية أخبار وآثار كثيرة غزيرة منها: كفى بالمرء إثماً - وفي رواية كذباً - أن يحدث بكل ما سمع، «وكرّه لكم قيل وقال»، «امسك عليك لسانك»، أو إنا لمؤاخذون بما نتكلم؟ قال هل يكب الناس في النار على مناخرهم - وفي رواية على أنوفهم - إلا حصائد ألسنتهم»، إن اختلاف الأقوال، وإشاعة الأكاذيب، أصول كل شر وذم، ولسوء العواقب، وخبث النتائج، وإن نشر الفضائح والقبائح أصل كل مفسدة تهدد الأعراض وسمعة الناس، يقول د. أحمد محمود كريمة: الأولى لمن بلغه كتاب الله تعالى، وبلغته سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، العمل والتطبيق بصيانة اللسان عن الولوغ في الأعراض، والأضرار بالوطن، والإيذاء لخلق الله، وأن يتحرى التثبت لا الشك والتخمين وسوء الظن، والغيبة والنميمة، ونهش الأعراض لأنها أمور محرّمة مجرمة، عواقبها وخيمة، سمعة الدين ومصلحة الوطن وسلامة المواطنين أعلى المصالح، ومقدمة على مصالح ضيقة.