كوستاريكا تقلب الطاولة على الدومينيكان    اليوفي يستعرض.. ويتصدر بخماسية العين    اليوم نتائج الشهادة الاساسية وهذه طريقة الحصول على النتيجة    كيف تواجه الأمة الإسلامية واقعها اليوم (2)    شكر الله سعيكم.. نريد حكومة كفاءات    انهيار متواصل للريال اليمني.. أسعار الصرف تواصل التدهور في عدن    الهلال السعودي يتعادل مع ريال مدريد في كأس العالم للأندية    إيران تبدأ بإطلاق الصواريخ الثقيلة    إصابة 3 مواطنين إثر 4 صواعق رعدية بوصاب السافل    الخطوط الجوية اليمنية... شريان وطن لا يحتمل الخلاف    مباراة تاريخية للهلال أمام ريال مدريد    الحوثي والرهان الخاسر    اشتداد حدة التوتر بين مسلحين قبليين ومليشيا الحوثي في ذمار    مليشيا الحوثي تختطف عريساً قبل يوم واحد من زفافه    الجيش الإيراني يدشن هجوم المُسيرات الخارقة للتحصينات    الصبر مختبر العظمة    مواطنون يشكون منع النقاط الامنية ادخال الغاز إلى غرب محافظة الضالع    الفريق السامعي: ما يحدث ل"إيران" ليس النهاية ومن لم يستيقظ اليوم سيتفاجأ بالسقوط    إيران تعلن اطلاق موجة صواريخ جديدة وصحيفة امريكية تقول ان طهران ستقبل عرض ترامب    اعتقال صحفي في محافظة حضرموت    إغلاق مطار "بن غوريون" يدفع الصهاينة للمغادرة برا .. هربا من الموت!    كندة: «ابن النصابة» موجّه.. وعمرو أكبر الداعمين    حجة .. إتلاف مواد غذائية منتهية الصلاحية في مديرية المحابشة    لأول مرة في تاريخه.. الريال اليمني ينهار مجددًا ويكسر حاجز 700 أمام الريال السعودي    مجلس الوزراء يشدد على مواجهة تدهور العملة للتخفيف من معاناة المواطنين    عدن بين الذاكرة والنسيان.. نداء من قلب الموروث    فعالية ثقافية للهيئة النسائية في الأمانة بذكرى رحيل العالم الرباني بدر الدين الحوثي    حدود قوة إسرائيل    اجتماع بصنعاء يناقش جوانب التحضير والتهيئة الإعلامية لمؤتمر الرسول الأعظم    لملس يزور الفنان المسرحي "قاسم عمر" ويُوجه بتحمل تكاليف علاجه    روسيا تحذر أمريكا من مساعدة تل أبيب «عسكريا»    رسميا.. برشلونة يضم خوان جارسيا حتى 2031    انتقالي شبوة يتقدم جموع المشيعين للشهيد الخليفي ويُحمّل مأرب مسؤولية الغدر ويتوعد القتلة    الرهوي يناقش التحضيرات الجارية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم    ترقية اليمن إلى عضوية كاملة في المنظمة الدولية للتقييس (ISO)    مدارج الحب    لاعبو الأهلي تعرضوا للضرب والشتم من قبل ميسي وزملائه    أزمة خانقة بالغاز المنزلي في عدن    صراع سعودي اماراتي لتدمير الموانئ اليمنية    شرب الشاي بعد الطعام يهدد صحتك!    شرطة صنعاء تحيل 721 قضية للنيابة    بين صنعاء وعدن .. على طريق "بين الجبلين" والتفاؤل الذي اغتالته نقطة أمنية    ترامب يؤكد ان مكان خامنئي معروف ويستبعد استهدافه وإسرائيل تحذّر من انه قد يواجه مصير صدام حسين    الإمارات توضح موقفها من الحرب بين إيران وإسرائيل وتحذر من خطوات "غير محسوبة العواقب"    الصحة العالمية: اليمن الثانية إقليميا والخامسة عالميا في الإصابة بالكوليرا    من يومياتي في أمريكا .. بوح..!    من يومياتي في أمريكا .. بوح..!    حوادث السير تحصد حياة 33 شخصاً خلال النصف الأول من يونيو الجاري    استعدادًا لكأس الخليج.. الإعلان عن القائمة الأولية لمعسكر منتخب الشباب تحت 20 عاما    على خلفية أزمة اختلاط المياه.. إقالة نائب مدير مؤسسة المياه والصرف الصحي بعدن    طبيب يفند خرافات شائعة عن ورم البروستاتا الحميد    بالأدلة التجريبية.. إثبات وجود ذكاء جماعي لدى النمل!    صنعاء .. التربية والتعليم تعمم على المدارس الاهلية بشأن الرسوم الدراسية وعقود المعلمين وقيمة الكتب    القائم بأعمال رئيس المجلس الانتقالي يتفقد مستوى الانضباط الوظيفي في هيئات المجلس بعد إجازة عيد الأضحى    تعز.. مقتل وإصابة 15 شخصا بتفجير قنبلة يدوية في حفل زفاف    علماء عرب ومسلمين اخترعوا اختراعات مفيدة للبشرية    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    اغتيال الشخصية!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيكل: "الإخوان" يستعملون المقدس في السياسة ويقرنون المصحف بالسيف - الخليج الإماراتية - القاهرة
نشر في الجنوب ميديا يوم 23 - 06 - 2012


القاهرة
وصف الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل المنطقة العربية بأنها تحولت إلى إقليم ضائع ومفرغ بعد أن تم إخلاؤها من مقدرات القوة، مشيراً إلى أن المحصلة النهائية لذلك أن "إسرائيل" أصبحت هي القوة الوحيدة الباقية، "تكتفي بدور المتفرج على ما يحدث في المنطقة من حولها، وتنتظر حرباً أهلية من الممكن أن تشتعل في أي لحظة، بينما نحن غير موجودين" .
وقال هيكل: إن القضية السورية سوف تكون على رأس مباحثات الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال زيارته الجديدة إلى المنطقة، والمقررة خلال أسابيع، والتي سوف تشمل الأردن وقطر وتركيا، مشيراً إلى أن الأوضاع في سوريا تحولت إلى مبعث قلق للرئيس الأمريكي، في ظل تنامي ظهور تنظيم القاعدة، بينما المشهد على ما يبدو مسدود، فالمعارضة من ناحيتها غير قادرة على الانتصار، والنظام من جهته يبدو أنه مازال قادراً على البقاء .
لفت هيكل إلى غياب مصر والسعودية، عن جدول زيارة أوباما الجديد، "رغم أن السعودية صاحبة التأثير الأكبر في ما يجري، بينما لاتزال مصر الطرف غير الموجود في سوريا"، مشيراً إلى أن غياب مصر عن هذه المباحثات، يرجع إلى أنها لم تعد طرفاً مؤثراً في الإقليم، بينما تغيب السعودية بناء على رغبتها، لأنها تريد ألا تبدو كأنها مؤثرة في الصراع الدائر حاليا بالمنطقة .
وقال هيكل، خلال حديثه ليلة أمس لفضائية "سي بي سي" المصرية، ضمن سلسلة حواراته التي بدأتها المحطة معه قبل أسابيع، إن البلاد صارت بحاجة إلى "قارعة"، مشيراً إلى أن هناك شيئاً ما لايزال ضائعاً، وأن لدينا أشياء كثيرة أعلى الرؤوس أصبحت معطلة . ووصف جماعة الإخوان في مصر بأنهم أشبه ب"أهل الكهف"، مشيراً إلى أن الجماعة، برغم هذه السنين "لم تتعلم شيئاً، ولم تعلم أن الزمن قد اختلف، وأن لغة الخطاب تغيرت"، وقال: "القرآن الكريم يخبرنا أن أهل الكهف مكثوا في كهفهم 309 سنوات، بينما من معنا اليوم مكثوا في كهفهم بين السبعين والثمانين عاماً، وخرجوا للعالم، وأخذوا السلطة في ظروف معينة، وقد اختلفت العملة واللغات، واختلفت أيضاً المقاييس، وهم لم يعرفوا أن العالم تغير، وأنهم قد أصبحوا بعيدين عنه، لكنهم لا يزالون يصرون على أن يتعاملوا بنفس المنطق والطريقة" .
وقال هيكل: إن النظام القائم في مصر اليوم، لايزال يرى في القضاء خصماً، وفي الجيش تهديداً، ويرى البوليس أداة العاجز وفي الإعلام العدو، مشيراً إلى أن "أهل الكهف مستمرون، بينما نحن نحاول أن نخبرهم بأن الدنيا قد تغيرت، وأنهم تأخروا نحو ثمانية عقود، تغيرت فيها لغة الزمان لكن لا فائدة" . وأوضح أن ما شهدته مصر خلال الأسبوع الماضي من أعمال عنف في منطقة "الخصوص" وقبالة الكاتدرائية الكبرى بالعباسية، لا يرقى إلى درجة الفتنة الطائفية، لكنه يؤشر إلى احتمال شرر "لا بد أن يدرك الجميع أنه قريب من مستودع للبارود"، وعرض هيكل إلى مشكلة الأزمة الطائفية، مشيراً إلى أنها قريبة العهد، حيث بدأت منذ نحو أربعين عاماً، وبالتحديد فيما بين عامي 71 و،72 وقال: قبل ذلك لم يكن هناك وجود لما يسمى ب"الفتنة الطائفية"، لكن ذلك لم يمنع حدوث بعض حالات قد تصل حد "الخناقات" في الأرياف، لكن لم يتحدث أحد عنها باعتبارها فتنة طائفية" .
وأوضح أن العديد من النماذج القبطية التي تفخر بها مصر، لعبت دوراً كبيراً في غياب مصطلح "الفتنة الطائفية"، بدءاً من بطرس غالي الجد، مروراً بنماذج أخرى كثيرة مثل مكرم عبيد، الذي كان يشغل موقع الرجل الثاني في حزب "الوفد"، حزب الأغلبية في العصر الملكي، وكان الناطق باسمه . وقال إن الحركة الوطنية أحدثت إنجازاً كبيراً في أعقاب ثورة 19 على يد مكرم عبيد، ووجود كثير من كبار العائلات القبطية، الذين أجهضوا كل محاولات الإنجليز لاستخدام ورقة الطائفية، مشيراً إلى أن الأمور سارت في مصر على مدار عقود من الزمان على هذا النحو قبل أن يدخل الإخوان على الخط في بداية السبعينات التي شهدت بدايات الأزمة .
وروى هيكل كيف دخلت جماعة الإخوان على خط الأزمة، عندما قرر الرئيس الأسبق أنور السادات التخلص مما سمى حينذاك ب"مراكز القوى"، مشيراً إلى اجتماع عقده السادات في حضور رجل الأعمال المعروف عثمان أحمد عثمان، ومرشد الإخوان الخفي في ذلك الوقت عبد الحميد حلمي، ورئيس المخابرات السعودية كمال أدهم، إلى جانب المرشد المعلن عمر التلمساني، وقد طلب الإخوان في هذا الاجتماع من السادات أن يسمح لهم بالعمل، واستخدام الإسلام لمقاومة أفكار اليسار في النقابات والجامعات . وأضاف: كان هذا الحلف الإسلامي ذا هدف سياسي واضح بالنسبة إلى الإخوان، وقد منحهم الفرصة لأن يتحركوا بحرية، قبل أن تظهر أول فتنة طائفية حقيقية في أحداث الزاوية الحمراء . وقال: كثف الإخوان دعوتهم خلال تلك الفترة في الأرياف، بينما كان الأقباط يقيمون صلواتهم في غرف صغيرة، لأن بناء الكنائس وقتها، كان يخضع لما يسمى ب"الخط الهمايوني"، وعندما تزايد نشاط الإخوان في الريف بدأ الحديث عن غرف الأقباط وماذا يفعلون فيها؟ وأتذكر أن الرئيس السادات هاتفني وقتها وأخبرني بأنه اطلع على تقارير تقول: إن تصرفات الأقباط قد أصبحت مستفزة، وقد أخبرني وقتها بأنه سوف يذهب إلى البرلمان ويفجر الموضوع، لكنني طلبت منه أن يؤجل الأمر قليلاً، وأخبرته في زيارة لاحقة أن إثارة هذه الأزمة سوف تفتح أبواب جهنم، وأن الأقباط موجودون في كل مكان، في الجيش والشرطة وغيرهم من المؤسسات، وأن مصر لا تعرف هذه اللغة، والحقيقة أن الرئيس السادات اقتنع برأيي مشكوراً، وقد اقترحت عليه تشكيل لجنة تحقيق، وأن تضطلع هذه اللجنة بوضع حل حقيقي لمشكلة ممكن أن تتفاقم، لكن سرعان ما حدث الاعتداء على كنيسة الخانكة، وقاد البابا شنودة موكباً مع الأساقفة للكنيسة وذهبوا للصلاة، وانقلبت الدنيا .
ولفت هيكل إلى أن أرضية التيارات الإسلامية كانت موجودة منذ عام 67 لكن اتسعت رقعتها بنشاط الإخوان، وقد أنفق السعوديون خلال تلك الفترة ما يقرب من 50 مليون دولار على الدعوة السلفية، حتى إن فتاوى الشيخ بن باز المتشددة، وكانت ممنوعة من التداول في مصر، وزعت فيما بعد على المساجد، وقد كان الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر يقول: إن الملائكة حاربوا معنا في حرب أكتوبر، وعندما ظهر المجتمع البديل بعد الانفتاح في السبعينات، وتحول كثيرين إلى الثراء الفاحش، كانوا ينسبون هذا الثراء الشديد الذي لا يعلم أحد مصدره إلى رضا الله، وقد حدث هذا الأمر تاريخياً في العديد من بلدان العالم، ففي أوروبا عندما بدأ الذهب يتحرك من المستعمرات ويتدفق، قالت جماعات البروتستانت وقتها إنه "نعمة فاض بها الرب علينا" .
وعرج هيكل على قراءة للمشهد الاقتصادي في مصر، واصفا الوضع في البلاد بأنه أقرب إلى "غياهب الجب"، وقال: حتى أكون منصفاً هي أزمة تراكمت عبر سنوات طويلة، وقد ورثها الإخوان بالطبع، لكن مشكلتهم أنهم لا يدركون قيمة ما ورثوه، ولا يعرفون قدر ما هم مسؤولون عنه" . وقال: إن جماعة الإخوان تخطئ كثيراً عندما تقول: إن مصر أكبر من أن تسقط، مشيراً إلى أن تصور الجماعة لذلك، قائم على المكانة الإقليمية لمصر، وتأثيرها في محيطها، ربما من دون أن يدركوا أن تأثير هذه المكانة لم يعد موجوداً .
ولفت إلى ما وصفه ب"معركة" تدار على أرض مصر حالياً بين قطر والسعودية، وقال: يكفي أن يقرأ أي شخص الصحف ليجد كثيراً من الإشارات الطائرة في الهواء، لتلك المعركة التي تحارب على أرض مصرية . وأضاف أن القطريين قد يكونون أخطأوا في شيئين أساسيين، أولهما قناة "الجزيرة مباشر مصر"، وثانيهما دعمهم الواضح للإخوان، لكن قطر تظل هي البلد العربي الوحيد الذي قدم مساعدات حقيقية لمصر، بينما الباقون امتنعوا" . وقال إن استمرار الأوضاع في مصر على هذا النحو، قد يدفع بالرئيس مرسي في غضون شهرين أو ثلاثة على الأكثر، إلى اتخاذ إجراءات استثنائية، مشيراً إلى أنه لا يستبعد أن يتصور الإخوان أنه في مقدورهم الإعلان عن أحكام عرفية، لأنهم في حالة قلق دائم من الإعلام ومن الناس، ومن الوضع كله . وأضاف "مرسي قد تساوره أوهامه بإعلان حالة الطوارئ، وقد يستدعي الجيش، وهو بذلك يضع البلاد في أزمة لا لزوم لها، لأنه لا يستطيع أن يدير الأوضاع في البلاد، لا اقتصاد ولا شأناً عاماً ولا شأناً دولياً" .
وأوضح أن مشكلة الجماعة الحقيقية تتمثل في أنها صارت في حالة نسيان تامة لأمور كثيرة، بعضها يتعلق بالواقع العملي لمصر، وهو أن أغلبية الشعب متدين بطبعه، وعقائده مترسخة، لكن ذلك شيء ومسألة الثقافة السائدة عن الإخوان شيء آخر . وقال: الشعب المصري لن يتخلى عن تاريخه، وثقافته التي تقول إن الإخوان على مر العصور، اصطدموا بكل النظم التي حكمت مصر، بدءاً من العهد الملكي ومروراً بعهد عبد الناصر، ثم السادات ومن بعده مبارك، ورغم أن الناس أحسنت الظن بهم للحظة، وقالوا لهم تعالوا ليس هناك ثمة مشكلة لنجربكم، تناسى الإخوان تلك الثقافة المترسخة عبر كل العصور والغائصة في أعماق الناس . ولفت هيكل إلى مشاركة جماعة الإخوان في ثورة يناير، مشيراً إلى أنهم "كانوا قلة في في تلك القوة التي أسهمت في تغيير الأوضاع، لكنهم جاؤوا واستولوا على السلطة كاملة، من دون مراعاة للآخرين" . وأضاف: المشكلة الأكبر أن الإخوان يشعرون دوماً بأن الجميع في حالة تربص بهم، وهذا الإحساس يدفعهم إلى مزيد من العناد والمكابرة، فيصرون على موقفهم، ويعتقدون أنهم مظلومون، رغم أن المظلومية انتهت، وهم الآن في السلطة، وقد كانت الناس في مصر على استعداد أن تمنحهم الفرصة، لكنهم مع الأسف الشديد لا يستفيدون من التجربة .
وقال هيكل: الإخوان لايزالون حتى الآن يستعملون المقدس، وهذا ليس في السياسة، بينما قضية الإسلام دين ودولة غير ممكنة، لسبب بسيط هو أن السياسة قد تتغير كبنيان ومؤسسات، لكن الإسلام لا يتغير، ومن ثم لا تقرن المصحف الشريف بالسيف، فالمصحف دعوة والسيف قمع، وليس بينهما علاقة، الدنيا تغيرت وأنت ترفض التغيير، وتتوقع أن ما لم تستطع الحصول عليه، تستطيع أن تفرضه على الناس بالقوة . وعرج على أزمة القضاء والنائب العام، مشيراً إلى تصريحات أطلقها قبل فترة المرشد العام السابق للجماعة، مهدي عاكف، عندما تحدث عن إمكانية خروج 3500 قاض من خلال تقليل سن الإحالة إلى التقاعد، ووصف ما تخطط له الجماعة بأنه مذبحة حقيقية للقضاة مقارنة بما سمي إعلامياً في وقت سابق ب"مذبحة القضاء" في عهد الزعيم جمال عبد الناصر، وقال: كانت المسألة في عهد عبد الناصر لا تتجاوز 43 قاضياً، وكان للقرار أسبابه الاجتماعية من وجهة نظره، وقد تكون خاطئة أو صائبة، لكن كانت هناك مشكلة تتعلق بإعادة الأراضي التي أممها الإصلاح الزراعي، وكان البلد يشهد تحولاً اجتماعياً، لكن هذه المرة المسألة ليست مبدأ، وإنما من أجل مصلحة حزب أو فصيل أو جماعة .
وقال إن جماعة الإخوان استعملت القانون بشكل معين، وارتكبت مخالفات قانونية تتعلق بالدستور الذي وضعته . وأضاف: لقد فوجئت بأن أحداً قال لي أن كل قرارات الدكتور مرسي باطلة، لأنه لابد وفقاً للدستور الجديد أن يكون هناك ما يسمى ب"التوقيع المجاور" لرئيس الوزارة على القرارات الصادرة عن الرئيس، وأحياناً للوزير المختص، وبالتالي فإن القرارات الصادرة عن الرئيس باطلة، لأنها منقوصة التوقيع، لقد أدى التعسف مع القانون واختراع النصوص إلى أزمة مع القضاء . ولفت إلى ما وصفه ب"محاولات من بعض العقلاء" لإيجاد مخرج من المأزق الحالي، مشيراً إلى قيام أعضاء في المجلس الأعلى للقضاء بمحاولة أن تعيد النائب العام السابق ولو ليوم واحد فقط، ثم يتقدم باستقالته، وأن يقوم المستشار طلعت إبراهيم هو الآخر بتقديم استقالته، مراعاة منصب النائب العام، وأنه المؤتمن على الدعوى العمومية، وأضاف هيكل: في مرات كثيرة جداً أكون منتظراً أن تحدث للناس عملية إفاقة، لكن المنطق الغالب في النهاية هو أن أهل الكهف مستمرون، بينما نحن نحاول أن نخبرهم أن الدنيا قد تغيرت، وأنهم تأخروا ثمانين عاماً لكن لا فائدة .
وعرج هيكل على قضية المرشح الرئاسي السابق، الفريق أحمد شفيق، مشيراً إلى أن ما يحدث مع شفيق "غير لائق ولا يجوز"، وقال: إذا أردت أن أحاسبه على أخطاء ارتكبها، فلنفعل ذلك بهدوء وعقل، وهناك ما يسمى المواءمة السياسية التي تفرض ضرورة التصرف باحترام مع مرشح رئاسي سابق، حصل على أكثر من 48% من أصوات الناخبين في مصر .
ولفت هيكل إلى زيارة الرئيس مرسي الأخيرة إلى السودان، مشيراً إلى أنه كان يتمنى أن يكون للزيارة هدف واضح غير الهدف الدعائي والإعلاني، وأن يكون الرئيس على دراية تامة بكافة المعلومات المتعلقة بملف حلايب وشلاتين، وقال: أي واحد يطل إلى خريطة مصر سوف يجد خط الحدود المصري مستقيماً، وأنا أعتقد أنه يجب ألا تقوم مشكلة بين السودان ومصر بسبب أرض مهما كانت هذه الأرض، لكن هذا أيضاً لا يمنع أن تكون الحدود واضحة . وارجع تجدد الحديث عن ملف حلايب وشلاتين إلى ما وصفه ب"استثارة الأزمات العاطفية" في السودان من قبل حكومة ضعيفة، وقال: أعتقد أن التصريحات التي خرجت بعد زيارة الرئيس مرسي إلى الخرطوم تعكس ما دار في اللقاءات، لأن هذا العصر لم يعد عصر الأسرار، وإذا كان الإخوان استمراراً لعهد الوشوشة، فقد اختلف العصر، وعلى أهل الكهف أن يدركوا أنه لم يعد هناك كهوف .
وتعرض الكاتب الكبير لدعوات استدعاء الجيش للتعاطي مع العديد من الأزمات التي تواجهها مصر مؤخراً، مجدداً حديثه هو أهمية أن يترك الناس الجيش مصاناً في مكانه، لكنه لفت إلى احتمالية أن يستدعى الجيش إذا ما تدهورت الأحوال، وتصور الإخوان أنه في مقدورهم الإعلان عن أحكام عرفية، لأنهم في حالة قلق دائم من الإعلام ومن الناس، وقال هيكل: قد يتصور البعض وقد تساوره أوهامه إعلان حالة الطوارئ، فيستدعي الجيش، وهو بذلك يضع البلاد في أزمة لا لزوم لها .
ولفت هيكل إلى لقاء جمع الرئيس "الإسرائيلي" شمعون بيريز وزائر أجنبي لم يفصح عن اسمه، قال فيه الرئيس "الإسرائيلي" لمضيفه أن مصر تواجه الآن ثلاث حروب نائمة قد يتم إيقاظها في أي وقت، الأولى دينية بين فئة وفئة أخرى، وسوف يشعلها أناس لهم تفسير خاص للدين الذي هو موجود بالأساس لإسعاد الناس وليس لشقائهم، والثانية لها علاقة مباشرة بالأزمة الاقتصادية الطاحنة التي باتت تنذر بحرب أهلية، بينما الحرب الثالثة فسوف تكون نتيجة الأزمة بين المسلمين والأقباط . وقال هيكل: مشكلة الإخوان أنهم لا يستطيعون قراءة الأزمة، وأن يوصفوها بالتوصيف الصحيح، ثم يجدون الحلول الممكنة لها، بينما في الحقيقة عليهم أن يدركوا أنهم المسؤولون عن هذا، نحن نعرف أنهم استلموا أوضاعاً اقتصادية صعبة، لكنهم لم يقدموا حلولاً حتى الآن، باستثناء خطاب موجه للشعب مملوء بالتفاؤل، لكنك عندما تشاهد الصحف سوف تعرف فوراً، أن مشروعاتهم لاتزال في الخيال، وأن خططهم لاتزال حبراً على ورق .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.