رفضت الهيئة العامة للاستثمار المقترح بقانون بإضافة مادة جديدة برقم 21 مكرر إلى القانون رقم 41 لسنة 1993 بشأن شراء الدولة بعض المديونيات وكيفية تحصيلها، مؤكدة ان المقترح شابه المحاذير والمثالب الدستورية والقانونية والاقتصادية. وأفادت الهيئة في المذكرة التي أرسلها نائب رئيس الوزراء وزير المالية مصطفى الشمالي إلى لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بأن المقترح يهدر المبادئ الدستورية المتعلقة بالمساواة والعدالة وتكافؤ الفرص بين المواطنين الكويتيين، ويفتح الباب على مصراعيه أمام العديد من المنازعات القضائية ضد الهيئة العامة للاستثمار ووزارة المالية والحكومة بوجه عام للمطالبة بإقرار المساواة بين من سبق تطبيق أحكام القانون رقم 41 لسنة 1993 عليهم قبل العلم بهذا التعديل إن تم تشريعه، وبين من ستطبق عليهم التيسيرات التي سيأتي بها ذلك التعديل حال إقراره على وجه يضر بالمال العام بالمخالفة لأحكام القانون رقم 1 لسنة 1993 بشأن حماية الأموال العامة. وأوضحت ان المقترح من شأنه تحميل الخزانة العامة للدولة ما عسى أن يقضى به من تعويضات للعملاء، الذين سبق ان التزاموا لدى بدء العلم بالقانون 41 لسنة 1993 بالمبادرة إلى سداد مديونياتهم للدولة دون تأخير، وإن رد بعض أصول المفلس يمثل حال حدوثه تنازلاً عن مال عام وحق من حقوق الدولة وهو ما لا يجوز قانوناً ولا تملكه أي جهة ولا تملك الهيئة كجهة أناط بها القانون تنفيذ أحكامه مثل هذا التنازل. وبينت المذكرة أن المقترح شابه تناقض حين أشار في ديباجته الى قانون التجارة، والقانون 41 لسنة 1993، والقوانين المعدلة لهما، بما مقتضاه أن يأتي النص المقترح تشريعه متفقاً مع نصوص هذين القانونين، غير متعارض مع أحكامهما إلا فيما أريد للمقترح أن يخرج به عن نطاقهما، واستثنى بلفظ صريح بمتنه لا يدع مجالاً للبس وغموض يثار لدى تطبيقه، وهو ما لم يحدث، حيث لم يتحسب لذلك الأمر، فجاءت نصوص مواده متعارضة مع نصوص عديدة تضمنها قانون التجارة، والقانون المدني، والقانون رقم 41 لسنة 1993. وأضافت: لم يبين النص المقترح أسلوب معالجة الديون الأخرى الثابتة في حق المفلس إلى جانب دين الدولة، ولم يحدد مصير مديونيات الدائنين الآخرين بالتفليسة الى جانب الدولة. مبادئ العدالة وذكرت أن ذلك التعديل من شأنه أن يهدر المبادئ الدستورية المتعلقة بالمساواة والعدالة وتكافؤ الفرص بين المواطنين الكويتيين، حيث إن التعديل لم يراع حالات العملاء الذين خضعوا لأحكام القانون رقم 41 لسنة 1993 والتزموا بأحكامه وقت بدء تطبيق القانون والعمل به، فقاموا ببيع أصولهم وفاء بالدين المستحق للدولة، حيث إن تلك الأصول التي اضطروا الى تسييلها وصولاً للسداد، لا شك أن قيمتها قد صارت في الوقت الحاضر أعلى بكثير مما كانت عليه وقت بيعهم لها، وذلك في حين أن المفلس الذي تقاعس عن السداد، ولو كان عامداً ودامت تفليسته قائمة حتى الآن مع وقف سريان الفوائد المقررة على مديونيته منذ صدور حكم شهر أفلاسه، سيستفيد حتماً من زيادة قيمة أصوله التي حال بين الهيئة وبين تسييلها وبيعها رغم الثبات النسبي لقيمة مديونيته، فهو لن يضطر الى بيع سوى عناصر أقل من أصول تفليسته، وفاء لمبلغ السداد النقدي الفوري. وأوضحت: كما أن إعفاء مثل هذا المفلس المتأخر والمتقاعس عن السداد من الفوائد المستحقة على مديونيته، يمثل تمييزاً له بإفراده بمعاملة وإجراءات تختلف عن تلك التي خضع لها غيره من المشهر إفلاسهم، الذين سبق أن سددوا مديونياتهم محسوبة طبقاً لنص المادة 13 من القانون رقم 41 لسنة 1993، وذلك رغم وحدة المراكز القانونية وتمثيلها في الحالتين بما كان يستوجب تطبيق ذات النص القانوني عليها من دون تمييز بين حالة وأخرى. وأكدت أن إقرار النص المقترح وتشريعه بوضعه المطروح سيحل الاختلاف القائم بين المركز القانوني للمدين المعامل بالنصوص المنظمة للصلح الواقي من الإفلاس الذي يهدف المقترح المطروح إلى استعارة التيسير المكفول قانوناً له، وبين المركز القانوني للمفلس الذي يعامل بأحكام وضوابط الصلح القضائي، فالأول لم يصدر حكم قضائي واجب النفاذ بشهر إفلاسه وليست للهيئة العامة للاستثمار أي علاقة قانونية مباشرة تربطه بها، في حين أن الثاني صدر حكم نهائي واجب النفاذ قضى بشهر إفلاسه وعينت الهيئة مديراً لتفليسته. وأضافت المذكرة: ذلك الاختلاف في المركز القانوني بين الحالتين يقتضي اختلاف وتباين النصوص القانونية المطبقة على كل منهما، بحيث يغدو من غير الجائز قانوناً وقضاءً استعارة وتطبيق النصوص المنظمة للصلح الواقي من الإفلاس على حالة المفلس المقتضى شهر إفلاسه بحكم واجب النفاذ على نحو ما يذهب اليه النص المقترح. منازعات قضائية ولفتت إلى أن التعديل المقترح سيفتح الباب على مصراعيه أمام كم هائل من المنازعات القضائية ضد الهيئة العامة للاستثمار ووزارة المالية، بل والحكومة بوجه عام، وهي منازعات ستدور في مجملها حول طلب تحقيق المساواة بين من سبق تطبيق القانون رقم 41 لسنة 1993 عليهم قبل العمل بهذا التعديل إن تم تشريعه، وبين من ستطبق عليهم التيسيرات التي سيأتي بها ذلك التعديل حال إقراره. وأبانت أن من شأن إقرار هذا المقترح تحميل الخزانة العامة مبالغ مالية طائلة بقيمة الأموال التي ستلتزم الدولة - كدائن- بردها نقداً إلى المفلسين الذين سبق أن قضى بانتهاء تفليساتهم بعد سدادهم كامل مديونياتهم أو قضى بإيقاع الصلح القضائي أو الصلح مع التخلي عن الأموال لمصلحتهم نظير مبالغ تزيد على قيمة السداد النقدي الفوري ولا تتجاوز قيمة المديونية محسوبة طبقاً لنص المادة 13. وتابعت: وكذا قيمة الأصول والأموال المحصلة أو التي تضع الهيئة العامة للاستثمار يدها عليها لمصلحة تفليسات قائمة حالياً بالفعل، والتي تزيد على قيمة السداد النقدي الفوري، ولا تتجاوز قيمة المديونية وفق المادة 13، والتي سيؤدي تطبيق المقترح المطروح عليها حالة إقراره إلى استرداد المفلسين لها عيناً أو نقداً. دعاوى التعويض وأوضحت المذكرة أن ذلك فضلاً عن مبالغ التعويضات التي ستتمخض عنها دعاوى التعويض التي من المتوقع أن يقيمها العملاء الذين سبق أن التزموا لدى بدء العمل بأحكام القانون رقم 41 لسنة 1993، وبادروا إلى سداد مديونياتهم إلى الدولة دون تأخير، مما اضطرهم، آنذاك، إلى بيع أصولهم بأسعار زهيدة مقارنة بما آلت إليه أصول من قضى بشهر إفلاسهم ولم يلتزموا - رغم زيادة أسعار تلك الأصول - إلا بسداد قيمة السداد النقدي الفوري دون فوائد أضيفت إلى مديونياتهم نتيجة لذلك التأخير في السداد لما هو مقرر قانوناً من أثر واقف لحكم الإفلاس بالنسبة لسريان فوائد تلك الديون، وفضلاً عن الملتزمين ابتداء بالسداد، فإن إقامة دعاوى التعويض تلك متصور، أيضاً، ممن ذكروا بالبند الأول من بنود التكلفة المالية للمقترح المطروح، إذ إن كل هؤلاء قد أضيروا حين اضطروا إلى بيع أصولهم بأسعار أقل مما وصلت إليه حالياً، حرصاً منهم على إنهاء تفليساتهم أو إيقاع الصلح بشأنهم، وهو ما سيمثل عنصر الضرر الذي يطالبون الدولة قضائياً بتعويضهم عنه. وأكدت الهيئة العامة للاستثمار «جازمة أن رؤاها واجتهاداتها وآلية تطبيقها لأحكام القانون المذكور تقوم على احترام مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين المخاطبين والخاضعين لأحكام ذلك القانون دون تمييز بين عميل وآخر، وذلك منذ بدء العمل بأحكام القانون واضطلاع الهيئة بمسؤولياتها واختصاصاتها التي أوكلتها إليها تلك الأحكام وإلى الآن». وأضافت: لم يحدث أن ردت الهيئة للمفلس بعضاً من أصوله التي كانت تحت سيطرتها، اكتفاء منها بتحصيل مبلغ السداد النقدي الفوري لمديونيته، طالما هي في مجموعها تقل عن قيمة المديونية محسوبة طبقاً لنص المادة 13، حيث إن مثل هذا الرد لبعض أصول المفلس يمثل حال حدوثه تنازلاً عن مال عام وهو ما لا يجوز قانوناً ولا تملكه أي جهة، ولا تملك الهيئة العامة للاستثمار كجهة أناط بها القانون رقم 41 لسنة 1993 تنفيذ أحكام مثل هذا التنازل، ولا يجوز لها وهي بصدد تنفيذ تلك الأحكام أن تعطل بعضاً منها أو تنتقص من آثارها بالنسبة لبعض المدينين الخاضعين لها دون البعض الآخر. وأشارت المذكرة إلى أن سلطة الهيئة العامة للاستثمار واختصاصها بالنسبة للصلح الواقي من الإفلاس هي سلطة مقيدة ومظهرها إبداء الهيئة لمقترحاتها بشأن الصلح المطلوب، وبحيث يكون القول الفصل في القضاء بالصلح لمحكمة الإفلاس. وتابعت: ولا يختلف الحال كثيراً بشأن الصلح القضائي، إذ سلطة الهيئة بشأنه وإن بدت أكثر اتساعاً ومرونة في ضوء ما اشترطه القانون بخصوص ذلك النوع من أنواع الصلح من ضرورة موافقة الهيئة على إيقاعه، إلا أنها، أيضاً، سلطة مقيدة في الأحوال التي تتوافر فيها مقومات وشروط تلك الموافقة، فمتى تبين للهيئة توافر شروط وضوابط الصلح القضائي الذي يطالب المفلس بإيقاعه لمصلحته، فإنها لا تملك إلا الموافقة عليه، تحقيقاً وحرصاً على احترام مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين المفلسين، وإلا فإنه يكون من حق المفلس اللجوء إلى القضاء المختص نعياً على ذلك التمييز في المعاملة التي لقيها. وأشارت إلى ان المقترح قد أشار في ديباجته إلى قانون التجارة، والقانون 41 لسنة 1993 والقوانين المعدلة لهما، بما مقتضاه ان يأتي النص المقترح تشريعه متفقاً مع نصوص هذين القانونين غير متعارض مع أحكامهما إلا فيما أريد للمقترح ان يخرج به عن نطاقهما، واستثنى بلفظ صريح بمتنه لا يدع مجالاً للبس وغموض يثار لدى تطبيقه، وإلا فإن القول بغير ذلك معناه وجود نصوص قانونية قائمة متعارضة في ما بينها سيخلق تطبيقها على المخاطبين بها مفارقة وتمييزاً وتفاوتاً في المعاملة القانونية بين أشخاص وفئات تتماثل مراكزهم القانونية وهو ما يتعارض مع العديد من المبادئ الدستورية واجبة الاحترام. ولفتت إلى ان المقترح بقانون المطروح لم يتحسب لذلك الأمر فجاءت نصوص مواده متعارضة مع نصوص عديدة تضمنها قانون التجارة، والقانون المدني، بل والقانون رقم 41 لسنة 1993على نحو ما سيبين من خلال البنود التالية. الديون الثابتة وأفادت بأنه لم يبين النص المقترح أسلوب معالجة الديون الأخرى الثابتة في حق المفلس إلى جانب دين الدولة، ولم يحدد مصير مديونيات الدائنين الآخرين بالتفليسة إلى جانب الدولة، وما إذا كانوا سيجبرون على قبول الحكم بانتهاء التفليسة رغم عدم الوفاء بكامل مديونياتهم وعدم تسويتها، أم سيكون لهم الحق في المطالبة باستمرار قيام حالة الإفلاس إلى حين الوفاء لهم بتلك المديونيات. وأضافت: وفي حال القول بوجوب تسوية المديونيات الأخرى فهل ستتم التسوية عن طريق الهيئة العامة للاستثمار بصفتها مديراً لاتحاد الدائنين وفقاً للمعمول به حالياً طبقاً للنصوص القائمة، أم ان ذلك سيتم عن طريق المفلس دون أي تدخل من الهيئة في هذا الخصوص ومن دون مراعاة لما قد يرتبه ذلك من تمييز المفلس لبعض دائنيه على حساب البعض الآخر منهم، بما يتعارض مع نظام الإفلاس في مجمله كنظام جماعي للتنفيذ على أموال المفلس يضمن المساواة بين دائني المفلس أصحاب المرتبة الواحدة لدى اقتضاء حقوقهم منه.