GMT 0:00 2013 الأحد 14 أبريل GMT 1:58 2013 الأحد 14 أبريل :آخر تحديث مواضيع ذات صلة خليفة علي السويدي عندما تقرأ كلمة ظاهرة مضافة إلى كلمة، ففي الغالب تتجه نحو السلبية، فجملة مثل ظاهرة الاحتباس الحراري، أو ظاهرة العنوسة، أو ظاهرة تعاطي المخدرات، هذه الجمل في جلها تحمل شحنات سالبة كما يقال في علم التفكير الناقد. وإذا قلنا ظاهرة التدين، فإننا نرمز إلى أن التدين أصبح شراً لا بد من التعامل معه، وهذا خلاف المنطق والعقل. التدين في حقيقته فطرة إنسانية وحاجة بشرية، فهو فطرة، لأن الله سبحانه وتعالى خلقنا لعبادته «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون». فإذا كان هذا هو سر الخلق، فإن انعكاس ذلك أن يكون التدين فطرة لدى الإنسان، والعكس هو الظاهرة الشاذة. وإن رأيت شخصاً يقول لك، ليس لي رب أعبده، نقول عندها إن هذا الإنسان انحرف عن فطرته السوية. والتدين كذلك حاجة بشرية، فإن تحديات وأزمات الحياة لا يستطيع الإنسان أن يتعايش معها دون دين، أكثر من رسالة أتلقاها عبر البريد الإلكتروني، يقول فيها صاحبها: "لقد فكرت في الانتحار"، وهذا مؤشر على خلل في التدين لدى هذا الإنسان، لأنه كما يقول سدت في وجهه كل الأبواب، وفقد الأمل في الحياة فقرر تركها. مسكين من يعيش على كوكب الأرض ولا يعبد الله، إذ كيف يتعايش مع الظلم والإحباط والقهر الذي يمر به. قد يسأل البعض، فكيف يتصرف أهل الدين في مثل هذه الحالات، العقلاء من البشر يعرفون أن للإنسان طموحات وأحلاماً لا تستطيع الأرض بما فيها من تحقيقها. وقد يعاني ظلماً لا يستطيع قانون الأرض أن ينصفه، عندها يقول هذا الإنسان إن لي رباً لا يظلم عنده عبد سأله كما ورد عن رسولنا الكريم-صلى الله عليه وسلم- عن دعوة المظلوم: (تحمل على الغمام يقول الله جل جلاله وعزتي وجلالي لأنصرنكِ ولو بعد حين) الحديث صححه الألباني. وللحاجات التي لم تتحقق يقول وموعدي جنة أحقق فيها ما عجزت الأرض عن تلبيته، وإن فقد حبيباً قال موعدي معه في الجنة... هذه العبارات ومثلها تجعل الإنسان يستشعر أهمية التدين الحقيقي في حياتنا. بعد هذا أقول، إن الظاهرة ليست في التدين لكن في التطرف الديني أو التعصب الديني، هنا نكون قد وضعنا النقاط على الحروف، وهذه ظاهرة إنسانية لا ترتبط بالإسلام وحده، ففي النصارى متطرفون كما عند اليهود، بل حتى في الديانات البشرية، هناك تطرف عند البعض، كما نراه عند متطرفي السيخ. إن وراء ظاهرة التطرف الديني أسباباً لابد من التعامل معها كي نحفظ دولنا، وأمتنا، بل العالم كله من شر التطرف الديني. اسمحوا لي أن أضرب لكم مثلاً يقرب الصورة، من أهم مؤشرات التطرف الديني لدى البعض أنه على حق مطلق وغيره ليس له إلا الضلال، هذه القاعدة عند البعض جعلته يستبيح دماء من ليس على فكره، كما رأينا في الخوارج قديماً والخوارج المعاصرين. لو امتلك أفراد هذه الفكرة قنبلة ذرية ما الذي يمنعهم من استخدامها لإفناء البشرية، هنا تكمن خطورة التطرف الديني الذي لا يرى الحياة إلا وفق منهجه. وكأن مفاتيح الجنة بيده يعطيها من شاء من جماعته، هؤلاء ليسوا سواء، فبعضهم بحاجة إلى حجج كي تقنعه كما ورد في مراجعات الصحابة مع الخوارج، ومن أشهرها، مناظرة ابن عباس رضي الله عنه لهم، فعاد منهم ألفان إلى الحق، لأن أزمة هؤلاء في العلم، وبعضهم بحاجة إلى شدة تردعه كي يسلم الناس من فتنته.