عندما يكافَح مرض بالدواء فإن زوال المرض بقدرة الله يكون بما يتناسب معه، وكمية الدواء، وكيفية التناول. وهذا مثله مثل الفساد الإداري والمالي؛ فنحن بفضل الله في هذا الوطن الغالي نشهد تطوراً مستمراً وتقدماً دائماً يوماً تلو الآخر في جميع مناشط الحياة التعليمية والصحية والاجتماعية وغيرها، وبشكل متسارع، لكن الرقعة تتسع، والألم يزاد، وهو قابل للتوسع والانفجار من مداخل كثيرة؛ لاستغلال فرص الفساد وسُبل السلب والاستغلال، في ظل غياب الدور الرقابي الذي لم يعد قادراً على السيطرة على أكثر من عشرة في المائة "فالمراقبون في وزارة التجارة مثلاً عددهم ثلاثمائة، وعدد السكان قريب ثلاثين مليوناً في دولة أشبه بالقارة"؛ وعليه فليس هناك ما يتناسب وهذا التوسع من جهات ذات اختصاص للسيطرة على "الفلتان" الحادث حالياً، حتى لو كان لدينا ما يسمى "نزاهة" أو "رقابة" وغيرهما، ناهيك عن عدم قدرتهما على مواكبة هذه الرقعة التي تتسع ولو بالحد الأدنى من مكافحة الفساد؛ فعدد سكان السعودية يزداد بزيادة عدد المواليد اليومية. وترتفع أيضاً نسبة الإصابة ب"المرض" يوماً تلو الآخر، وبشكل ملحوظ، ورغم ذلك نجد أنه لم يقابله من توسع في إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية. كذلك تزاد عدد المركبات، وتنشط حركة المرور؛ فيتم تحويل الإشارة المرورية لدوار، وما إن تلبث بضعة أشهر حتى يتم تحويله لحفرة بحجة دوار أصغر، وهكذا دواليك لعموم الأجهزة الحكومية الأخرى؛ ما شجع ضعاف النفوس وأصحاب المصلحة الخاصة على الاستعجال في استغلال ضعف الجهات الرقابية في تحقيق مآربهم. كل ما سبق ذكره "غيض من فيض"، إن لم يقابله مساندة الجهات ذات الاختصاص بقيام جهات وطنية شعبية اجتماعية مستقلة، تمتلك القدرة على اتخاذ القرار والمحاسبة والعزل والترشيح، فلن نتقدم خطوة، وسيكون الشق أكبر من الرقعة.