دمشق - ا ف ب: اعتبر ائتلاف المعارضة السورية, أمس, أن مبايعة "جبهة النصرة" تنظيم "القاعدة" تخدم نظام الرئيس بشار الاسد, داعيا الجبهة الى البقاء "في الصف الوطني السوري". وجاء في بيان للائتلاف: "نعتقد أن أي سلوك يتناقض مع خيارات الشعب السوري في الحرية والكرامة والعدالة, لن يخدم سوى نظام الأسد, وسيلحق الضرر بثورة السوريين وبحقوقهم ومصالحهم, وعليه فإنه سيعتبر سلوكا مرفوضا بالمطلق, من قبل الائتلاف الوطني السوري ومن قبل الشعب السوري على السواء". واضاف الائتلاف ان "من صميم واجبه ومسؤوليته أن ينبه إلى خطورة ما تضمنته تلك الرسائل والبيانات من نقاط", متمنياً على الجبهة "ان تحافظ على مكانها في الصف الوطني السوري, وان تتابع بذل جهودها في محاربة النظام الأسدي, ودعم حرية الشعب السوري بكل أطيافه". وذكر بأن العديد من اعضائه اعرب "في ما سبق عن رفضه لقرار وضع جبهة النصرة على لائحة الإرهاب الأميركية, وأصر على اعتبارها جزءا من الجانب المسلح الذي فرضته وحشية النظام على الثورة السلمية". وأشار الائتلاف إلى أنه "ينظر بمنتهى الريبة إلى الرسائل والبيانات التي صدرت في الآونة الأخيرة حاملة تصورات وافكارا لا تتوافق مع الحقائق التاريخية والاجتماعية والفكرية لشعب تضرب حضارته جذورا تعود إلى آلاف السنين". ورفض "كل ما يمس بتطلعات الشعب السوري أو يتجاوز أهداف ثورته العظيمة ومبادئها", مستنكرا "كل موقف أو اتجاه يرفض حرية الفكر والرأي والاعتقاد أو يصادر حق السوريين في تقرير مستقبلهم". وكان زعيم "النصرة" أبو محمد الجولاني اعلن الاربعاء الماضي مبايعته زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري, متنصلاً في الوقت نفسه من اعلان أبو بكر البغدادي, زعيم الفرع العراقي للتنظيم المعروف باسم "دولة العراق الاسلامية", ان النصرة "امتداد له", وجمعها مع تنظيم تحت راية "الدولة الاسلامية في العراق والشام". وفضلاً عن ائتلاف المعارضة, أثار إعلان "النصرة" مبايعتها الظواهري حفيظة المجموعات الاسلامية المقاتلة الاخرى التي وجهت للمرة الاولى انتقادات علنية لهذا التنظيم. وأتت هذه الخطوة غير المسبوقة بعدما سعت هذه المجموعات الى حجب تبايناتها مع الجبهة المتطرفة, لكن مبايعة هذه الاخيرة صراحة "القاعدة" فتح باب التباين واسعا. وجاء في بيان ل"جبهة تحرير سورية الاسلامية" الجمعة الماضي "نحن في سورية عندما خرجنا وأعلنا جهادنا ضد النظام الطائفي خرجنا لإعلاء كلمة الله وليس لأن نبايع رجلا هنا او رجلا هناك, ونفتئت على بقية اخواننا المجاهدين وشعبنا, أو أن نفرض عليه شيئاً فوق إرادته". وتضم الجبهة نحو عشرين لواء وكتيبة ومجموعة اسلامية ممثلة في القيادة العسكرية العليا ل"الجيش الحر", من ابرزها "لواء التوحيد" و"لواء الاسلام" و"ألوية صقور الشام" و"كتائب الفاروق" التي تعتبر من ابرز المجموعات المقاتلة ضد النظام. ووجهت الجبهة انتقادات الى الظواهري من دون ان تسميه, مبدية "استغرابها لهذا النهج الحزبي الضيق لاناس بعيدين عن ساحات جهادنا ولا يدركون واقعنا ومصالح ثورتنا المباركة, فيقيمون علينا دولة ونظاما من دون استشارتنا وأميرا لم نؤمره ولا نعرفه ولم نسمع عنه الا في وسائل الاعلام". وفي حين لم يصدر تعليق عن "الجبهة السورية الاسلامية" التي تعد "كتائب احرار الشام" مكونها الرئيسي, الا ان "الاب الروحي" للجبهة ابو بصير الطرطوسي, اعتبر ان اي ارتباط مع "القاعدة" ينعكس بالضرر على الاحتجاجات المطالبة برحيل النظام. وبحسب ارون لوند, الخبير في النزاع السوري المستمر منذ عامين, تشكل مبايعة "النصرة" طرفاً غير سوري, موضع الانتقاد الرئيسي الذي تواجهه بها المجموعات المعارضة الاخرى. وقال ان "هذه نقطة اساسية لأنه اذا امكن للنواة الصلبة في النصرة ان تكون مسرورة بمبايعة الظواهري, فان هذا الامر سيصعب عليها استقطاب متعاطفين جددا", مضيفاً "ربما يشكل هذا الامر فرصة للمجموعات الاخرى للكف عن الدفاع عن سمعة النصرة". وبقيت التباينات بين المجموعات المعارضة المقاتلة والجبهة التي لم تكن معروفة قبل بدء النزاع السوري, مستترة نظرا الى قوة الدفع التي مثلتها "النصرة" في الهجمات الميدانية. لكن ذلك لم يحل دون حصول مناوشات بين الجبهة ومقاتلين معارضين من كتائب اخرى, لا سيما في منطقة تل ابيض في محافظة الرقة, حيث دارت مناوشات بين عناصر الجبهة وافراد من "كتائب الفاروق", وهي ايضا اسلامية التوجه. وقال الخبير الفرنسي في الشؤون الاسلامية توما بييريه انه "بالنسبة الى الاسلاميين السوريين, تعكس تصريحات الظواهري رغبة في ان تتحول جبهة النصرة من مجموعة مقاتلة ضمن مجموعات اخرى, الى قائد سياسي للتمرد, وهذا طبعا امر غير مقبول بالنسبة إليهم (الاسلاميون الآخرون)". وأضاف "للمرة الاولى لدى الاسلاميين لوم ملموس ضد القاعدة في سورية, وهذا يمكن اختصاره بالآتي: من انتم لتعلنوا دولة اسلامية طالما ان الاسد لم يسقط بعد, وعلى وجه التحديد من انتم لتنصبوا انفسكم قادة"?