د. عبد العزيز حسين الصويغ ما هو الوطن؟! إنه أنت.. وهو.. وأنا.. إنه جميعنا، فالفرد هو أساس المجتمع. وعندما يبدأ مشروع يقوم أكبر مسؤول في البلاد بوضع ما يُسمى بالحجر الأساسي الذي يُعلن انطلاق المشروع الذي يتكون من حجارة ليُصبح مبنى كبيرا. وهكذا الوطن، الفرد فيه هو الحجر الأساسي الذي تكون فيه بقية الحجارة، مع فارق التشبيه، المبنى الذي يسميه الناس وطناً. إنه عطاء واحد صغير ينتهي بسلسلة من العطاء لا نهاية لها تصبّ في النهاية في صالح الوطن. ***** ما أثار هذا الموضوع اليوم هو "كيس زبالة"، أكرمكم الله، وضعه جاري في العمارة التي أقطن فيها مع غيره من المخلفات التي انبعثت منها روائح كريهة غير مُحتملة دعتني إلى مخاطبة الجار العزيز فكان رده: وماذا تريدني أن أفعل؟ إنها قضية البلد كلها ، وليس قضيتي وحدي. وكان ردي عليه: أوافقك على ما تقوله.. ولكن البلد هو أنت.. وجاري الآخر.. وأنا الضيف المقيم في رحاب هذا البلد الكريم، كلنا مسؤولون ولو بدأنا بالعناية بالزبالة التي نضعها أمام شققنا فسنكون قد ساهمنا في حلّ مشكلة الزبالة في البلد. وكان ردّ فعل الجار العزيز هو: ولماذا لا تترشح إذاً رئيسًا للحي حتى تحلّ لنا هذه القضية الكُبرى؟! وضحكنا وانتهى الأمر بإزالة كيس الزبالة! ***** المغزى وراء هذا المثال، عدا خفة الدم المصرية المعروفة، هو أن الإنسان يطالب بتغيير كثير من الأشياء والمظاهر ويُلقي اللوم على غيره متناسياً أنه أساس كل تغيير. فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: (إِنَّ اللَه لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم) (الرعد/11). فالتغيير يبدأ بالنفس عند الفرد والجماعة. فالآية تؤكد أن ما يُغير هو إما الفكر وإما العمل. أما باقي الأمور كالسلوك أو أية حالة كالنصر والهزيمة فهي راجعة إلى الفكر والعمل لأنهما الأصل والباقي فروع عن الأصل. إذا عرفنا ذلك فإن تغيير ما يلزم في النفس يصبح معروفاً وهو المفاهيم لأنَّ الذي يؤثر في الفكر والعمل ويوجه الفكر والعمل هو المفاهيم. ***** التغيير يبدأ إذاً بالنفس.. أي بالفرد وبالجماعة. وليس بالضرورة أن يكون الفرد مسؤولاً كبيراً حتى يتم على يديه تغيير المظاهر السلبية في المجتمع، بل يمكن أن يبدأ التغيير على يد مواطن بسيط. وأنت لست أنت إلا إذا أعطيت.. والعطاء ليس فقط عطاء ماديا أو نقديا بل يمكن أن يكون هو مجرد قيامك بما عليك من واجبات داخل أسرتك الصغيرة وبيتك، وفي المكان الذي تعيش فيه، وفي الشارع الذي يقع دارك فيه، وفي الحي الذي تقطنه. إن العطاء كبير مهما صغر أو صغرت قيمته.. فعطاؤك يمكن أن يقود إلى التغيير الجدّي في المجتمع. والتغيير يمكن أن يبدأ ب"كيس زبالة"؟! * نافذة صغيرة: (لا تسألوا عما يستطيع بلدكم أن يُحقّقه لكم، لكن اسألوا أنفسكم عما يمكنكم فعله لبلدكم).. الرئيس الأمريكي جون فيتزجيرالد كينيدي [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain