أكد السفير الإماراتي لدى الصين، عمر أحمد عدي البيطار، النجاحات الباهرة التي حققتها الإماراتوالصين، وذلك في زمن قياسي أثار إعجاب العالم، ما جعل الدولتين نموذجاً يحتذى للإرادة الصلبة ونبراساً يهتدي بنوره كل من يطلب الإعجاز الحضاري، وذلك بغض النظر عن فارق المساحة والعدد، حيث أثبتت القيادتان من خلال التصميم والإرادة والرؤية الثاقبة قدرتهما على تحقيق المعجزات . وأضاف أن التبادل التجاري المتوقع بين الإماراتوالصين في 2015 سوف يبلغ 60 مليار دولار وأكد ان هناك 4 آلاف شركة صينية في الإمارات ومليارا دولار حجم استثماراتها كما أن الاستثمارات الإماراتية في الصين تبلغ مليار دولار مؤكداً آن هناك الكثير من أوجه التشابه بين التجربتين الناجحتين في الصينوالإمارات . وفيما يلي نص الحوار مع الخليج . الشيخ زايد أرسى علاقات دبلوماسية مع بكين منذ 1984 في رؤية بعيدة المدى هناك الكثير من أوجه التشابه بين التجربتين الناجحتين في الصينوالإمارات بداية، يمكن القول إن هناك كثيراً من أوجه التشابه بين التجربتين الصينيةوالإماراتية الناجحتين بجميع المعايير، فبغض النظر عن فارق المساحة الجغرافية الشاسعة والحجم السكاني المهول بين الدولتين، إلا أنه بالتصميم والإرادة الصلبة والرؤية الثاقبة والتخطيط السليم للقيادتين الإماراتيةوالصينية، تمكنت كلتا الدولتين من تحقيق نجاحات باهرة وتحولات عظيمة في زمن قياسي، تعتبره دول العالم تقدماً وإعجازاً حضارياً بكل المقاييس، فقد أصبحت كلتاهما نموذجاً للإرادة الصلبة ومضرباً للمثل في التقدم والنجاح، فهنيئاً للإمارات كما هو للصين . منذ أن أرسى الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله وطيب ثراه، مع إخوانه أصحاب السمو حكام الإمارات، العلاقات الدبلوماسية والرسمية مع جمهورية الصين الشعبية عام ،1984 كانت رؤيته بعيدة المدى، فقد كان يدرك أن العلاقات مع الصين ستصبح مسألة حيوية في التوازنات الدولية مستقبلاً، خاصة أن الصين عضو دائم في مجلس الأمن وتمثل شعباً يعتبر الأكبر تعداداً بين سكان العالم، كما أن تطلعاته، رحمه الله، لتعزيز مثل هذه العلاقة مع هذا البلد العظيم له أهميته البالغة في تأسيس جسور اقتصادية متينة مع دول الشرق الصاعدة أسوة بدول الغرب، خاصة أن لدى الصين ثروات طبيعية وقدرات اقتصادية كبيرة وطاقات بشرية هائلة، وقد كانت هذه العلاقة ستتيح لدولة الإمارات فرصاً أكبر في تحقيق نمو اقتصادي متوازن على المدى البعيد، علماً بأن تطوير العلاقات مع الصين جاء كأمر طبيعي يستند إلى أهمية إحياء صداقة تاريخية راسخة تتمثل في طريق الحرير منذ قرون طويلة . على مدى سبعة وعشرين عاماً منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية مع الصين وفق رؤية زايد، رحمه الله، استمرت علاقات دولة الإمارات العربية المتحدة مع جمهورية الصين الشعبية بالنمو والتطور إلى أن بلغت مداها في تحقيق الشراكة الاستراتيجية مع الصين في يناير ،2012 بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وإخوانهما أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، حفظهم الله، علماً بأن الإمارات اليوم أصبحت الشريك التجاري الثاني للصين في منطقة الشرق الأوسط، ولو استبعدنا النفط من المعادلة لكانت الإمارات هي الأولى، وقد بلغ حجم التبادل التجاري مع الصين ستة وثلاثين مليار دولار عام ،2011 ومن المتوقع أن يصل حجم التبادل التجاري بينهما إلى ستين مليار دولار عام 2015 . كما تعتبر دولة الإمارات الوجهة الأولى للصادرات الصينية في منطقة الشرق الأوسط، وتعيش على أرض الدولة أكبر جالية صينية تعمل بأمان وانسجام، كما أصبحت الإمارات الوجهة السياحية المفضلة للصينيين في المنطقة . من جانب آخر تدرك الصين المزايا الاستراتيجية لدولة الإمارات العربية المتحدة بما في ذلك موقعها الجغرافي المتوسط بين قارات ودول العالم وتميز بنيتها التحتية وقدرتها الخدمية الهائلة وما تتمتع به من قوانين عادلة ومرنة ومن قوة اقتصادية ونظام مالي آمن، إضافة إلى دورها المؤثر في الساحتين الدولية والإقليمية، علاوة على مكانتها المرموقة بين دول العالم، كما أن الصين ترى في الإمارات نموذجاً عصرياً متطوراً ومتفوقاً على دول المنطقة، ولهذا عملت جاهدة على تطوير العلاقات مع الإمارات في كافة المجالات من أجل توفير قاعدة صلبة لها في انطلاقتها باتجاه دول الغرب وإفريقيا، وكذلك لاستثمار عناصر التكامل معها، خاصة لإنها أدركت أن هناك تطابقاً في الرؤى والسياسات القائمة على مبادئ التعايش السلمي بين الشعوب . اتفاقيات في المناحي كافة منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين فقد تجاوز عدد الاتفاقيات الموقعة بينهما أربعين اتفاقية، وجميع هذه الاتفاقيات نافذة وتشمل تنظيم العلاقة في مناحي الحياة كافة، السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وقد توجت هذه الاتفاقيات بإقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية لدى زيارة رئيس مجلس الدولة الصيني ون جيا باو إلى الإمارات في يناير ،2012 كما تم التوقيع على العديد من الاتفاقيات أثناء الزيارة، ومن بينها اتفاقية تبادل العملات المحلية بقيمة خمسة وثلاثين مليار يوان صيني، وهذا الأمر له دلالة خاصة تتمثل بتزايد الثقة السياسية والاقتصادية بين البلدين، وهو تعبير حقيقي للشراكة الاستراتيجية بينهما، كما يشكل خطوة استباقية مهمة على مسار التحول المتوقع في السياسات المالية العالمية مستقبلاً، خاصة قبل أن يصبح اليوان الصيني -قريباً- عملة احتياطية عالمية، كما تم الاتفاق على تبادل فتح أفرع للبنوك الوطنية، علماً بأنه قد تم تأسيس مكاتب تمثيلية لها في كلا البلدين، وذلك من أجل إيجاد الأدوات الاقتصادية اللازمة على الأرض لدعم مسيرة العلاقات الاقتصادية والاستثمارية . من جانب آخر، فقد بلغ عدد الشركات الصينية العاملة على أرض الإمارت نحو أربعة آلاف شركة مسجلة، وبلغ حجم الاستثمار الصيني على أرض الدولة نحو ملياري دولار، كما بلغ حجم الاستثمار الإماراتي في الصين منذ تأسيس العلاقة بينهما حوالي مليار دولار، وأقامت العديد من الشركات والمؤسسات الإماراتية مشاريع لها في الصين، وقد أجرت سفارة الدولة في الصين دراسة لفرص الاستثمار في جميع أرجاء الصين في خمسة عشر مجالاً استعداداً للتوسع في الاستثمارات مستقبلاً وفق الأسس العلمية، كما أن هناك جهوداً حثيثة للقيام بالاستثمارات المشتركة في شتى المجالات بين الدولتين، جزء منها على الأراضي الصينية وجزء منها في الإمارات وجزء في دول أخرى من العالم . الحركة الجوية الأنشط في المنطقة إن حجم الحركة الجوية بين الإماراتوالصين تعتبر الأكثر نشاطاً بين دول منطقة الشرق الأوسط، وهي تعبر عن مدى متانة العلاقات والتبادلات بين البلدين، حيث تجاوز عدد رحلات شركات الطيران الوطنية الإماراتية (طيران الإمارات وطيران الاتحاد) إلى الصين ستين رحلة أسبوعياً، كما أن شركات الطيران الصينية الوطنية تقوم بتسيير رحلات يومية إلى كل من دبي والشارقة، وقريباً ستبدأ بتسيير رحلات إلى أبوظبي . على صعيد العلاقات الإنسانية والثقافية فقد أدركت القيادتان في كل من الإماراتوالصين أهمية توطيد عرى الصداقة والتبادل الثقافي والحضاري والإنساني لما يشكله هذا الأمر من أهمية بالغة في توطيد العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلاقات التفاهم، وقد انعكس ذلك من خلال تبادل افتتاح العديد من المؤسسات الثقافية والتعليمية في كلا البلدين، حيث أمر الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، منذ أكثر من ثمانية عشر عاماً بفتح مركز الشيخ زايد لتعلم اللغة العربية والدراسات الإسلامية التابع لكلية اللغة العربية في جامعة الدراسات الأجنبية في بكين، وقد قام الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد ابوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، بتجديد هذا المركز مؤخراً على نفقته الخاصة وقد أعيد افتتاحه برعايته لدى زيارة سموه الرسمية إلى الصين في مارس الماضي وقد أسهم هذا المركز بتخريج العديد من المسؤولين الصينيين الذين يعملون في الحكومة الصينية بما في ذلك العديد من السفراء والدبلوماسيين وبعض القيادات الصينية الذين يتحدثون اللغة العربية بطلاقة . من جانب آخر، فقد تم تأسيس مركزين لكونفوشيوس في دولة الإمارات العربية المتحدة في كل من ابوظبيودبي لتعليم اللغة الصينية والحضارة الصينية، كما يتم تدريس اللغة الصينية في بعض مدارس الدولة وهذا يعكس احتراماً للحضارة الصينية العريقة واهتماماً متزايداً باللغة الصينية وبالرغبة في التقارب مع الشعب الصيني، علماً بأن أبناء العديد من الشيوخ والوزراء والمسؤولين والمواطنين في الدولة يتحدثون اللغة الصينية بطلاقة، كما أن هناك عدداً متزايداً من الطلاب المبتعثين من الدولة للدراسة في الجامعات والمعاهد الصينية، علاوة على إقامة النشطات الثقافية والفنية المتبادلة بين البلدين، كما تم افتتاح مكتبين في بكين لهيئة ابوظبي للسياحة والثقافة ودائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي، وكذلك مشاركة معرض الشارقة الدولي للكتاب في معرض بكين الدولي للكتاب بشكل دوري، وفي كل الأحوال فإن الحاجة لزيادة عدد الطلبة الدارسين والمبتعثين إلى الصين إضافة إلى فتح جامعات صينية على أرض الدولة مستقبلاً يعتبر أمراً بالغ الأهمية في سبيل الارتقاء بالعلاقات الثقافية والإنسانية على طريق ترسيخ العلاقات الاستراتيجية . 200 مليار دولار في 2015 على صعيد القضايا الإقليمية، أصبحت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تلعب دوراً حيوياً ومحورياً متزايداً في علاقات الصين بدول الشرق الأوسط بما فيها الدول العربية، انطلاقاً من أهميتها الاستراتيجية والحيوية، حيث تمتلك دول الخليج العربية ثروة نفطية تتجاوز 45% من الاحتياطي النفطي العالمي المؤكد، وقد تجاوز حجم التبادل التجاري مع دول الخليج العربي مئة وثلاثة ثلاثين مليار دولار عام ،2011 كما تستورد الصين ثلث احتياجاتها النفطية من هذه الدول، علماً بأنه من المرجح أن يصل حجم التبادل التجاري مع دول الخليج العربية عام ،2015 مئتي مليار دولار وهذا ما سيشكل ثلثي حجم التبادل التجاري مع جميع الدول العربية . إن لهذا الأمر دلالته وأهميته الخاصة في معرض علاقات الصين بالدول الأخرى في المنطقة . دور تاريخي مشرف في مناصرة القضايا العادلة ترى دول الخليج وكذلك الدول العربية، أن الصين قد لعبت دوراً تاريخياً مشرفاً في مناصرتها للقضايا العالمية والإقليمية العادلة ووقوفها إلى جانب الدول العربية وقضاياها المصيرية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ويبقى من المهم جداً العمل على الاستمرار بدفع علاقات دول الخليج العربية والدول العربية مع الصين إلى آفاق أكبر في كافة المجالات وذلك من أجل تحقيق توازن حقيقي على الساحة الدولية بين الشرق والغرب، وإيجاد نظام دولي أكثر عدلاً وإنصافاً في المستقبل . بالنظر إلى العلاقات التاريخية القائمة بين الصين والعرب منذ قرون نجد أن الصين أدركت أهمية موقع ودور الدول العربية تاريخياً على المسرح العالمي، ولهذا فقد أقامت الصين مؤخراً في مدينة تيانجين الصينية علاقات تعاون استراتيجي، مع الدول العربية في مايو ،2010 من خلال منتدى التعاون العربي الصيني، علماً بأن العديد من الدول العربية أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين بعد فترة وجيزة من تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام ،1949 وفي كل الأحوال ينتظر أن يتعاظم دور الصين على المسرح العالمي في غضون السنوات القليلة المقبلة في سبيل مناصرة الحق والقضايا الدولية العدالة بما في ذلك المساهمة في التصدي لسياسات الكيل بمكيالين واخضاع "إسرائيل" للانصياع لقواعد الشرعية الدولية والعمل على حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً وشاملاً، إضافة إلى وقوف الصين إلى جانب القضايا العادلة للدول النامية، وذلك من خلال اتساع رقعة مصالحها الاستراتيجية حول العالم ومن خلال كونها عضواً في مجلس الأمن الدولي . اليوم في عام التنين وبعد أن اختتمت الصين المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي يوم الخميس 15112012 شهدت الدولة ولادة قيادة جديدة من رحم قيادة عتيدة قادت الصين على مدى عقد من الزمن بكل جدارة وكفاءة واقتدار عبر أمواج من الأزمات المالية والاقتصادية العالمية والتحديات السياسية المعقدة، ولهذا يمكن تلخيص نجاح التجربة الصينية، بعد أن قطعت الشك باليقين ومن خلال حقيقة دامغة، فقد ارتقى التنين الصيني إلى المرتبة الاقتصادية الثانية عالمياً في زمن قياسي، واستمر بدفع عجلة الاقتصاد المحلي والدولي حتى أصبحت الصين كالقاطرة القوية التي تجر عربات الاقتصاد العالمي صعوداً دون تلكؤ، وهذا ما يضع القيادة الجديدة أمام تحديات كبيرة في ظروف عالمية أكثر تعقيداً وأصعب مواجهة لتحقيق مزيد من النجاح، أو بأقل تقدير، مواصلة رحلة نجاح مرضية، ولهذا تضع القيادة الصينية الجديدة نصب عينيها الانطلاق إلى مستقبل أكثر نجاحاً على أسس متينة . علاقات متينة وشراكات استراتيجية لا بد من الاستمرار بتطوير العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الصين الشعبية على أسس متينة من الصداقة والتفاهم لتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية وتحقيق المصالح المشتركة، ولهذا لا بد من تكثيف تبادل الزيارات رفيعة المستوى، التي كان أبرزها زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إلى الصين عام ،2008 حيث تعززت صداقة راسخة مع القيادة الصينية، وقد التقى سموه وقتها شي جين بينغ نائب رئيس الجمهورية والأمين العام الحالي للحزب الشيوعي والرئيس المنتخب للولاية المقبلة، وقد تعززت العلاقات بين البلدين بزيارة رئيس مجلس الدولة الصيني ون جيا باو إلى الإمارات في يناير عام ،2012 وتلتها زيارة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الصين في مارس ،2012 عندما التقى كلاً من رئيس مجلس الدولة ون جياباو وشي جين بينغ وترسخت بينهما علاقات الود والصداقة والتفاهم، ولهذا نأمل أن تكون دولة الإمارات العربية المتحدة في طليعة الدول التي سيقوم بزيارتها شي جين بينغ بعد تقلده مهام منصبه كرئيس لجمهورية الصين الشعبية في مارس المقبل .