للشباب مشاركته الفعالة في البرامج التطوعية التي تطلقها المؤسسات الرسمية والأهلية على مستوى الدولة، بما لديهم من أفكار وأهداف نبيلة تصب في مصلحة المجتمع، ومشروع "يداً بيد" الذي أطلقه مؤخراً مكتب شؤون الطلبة في الجامعة الأمريكية بالشارقة بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للتمكين الاجتماعي، واحد من المبادرات التطوعية التي شارك فيها أكثر من 100 طالب وطالبة من مختلف التخصصات والجنسيات، بهدف التفاعل مع المجتمع المحلي، بإقامة شراكات مثمرة تنمي التزام الطلبة بدعم مجتمعهم والتفاعل معه . مشاركات الطلاب والمتطوعين من خارج الجامعة جاءت ضمن مشروع "جدران" المنبثق من مبادرة "تمكين بيئي"، إحدى مشاريع مؤسسة الشارقة للتمكين الاجتماعي، لإعادة ترميم بيوت الأسر المتعففة، وإدخال الفرحة على قلوب الأطفال اليتامى . عن تطوعه في المشروع يقول ماجد عيسى، طالب بالفرقة الثانية كلية العلوم بالجامعة الأمريكية: إنها المرة الأولى التي أشارك فيها زملائي أحد البرامج التطوعية لنادي خدمة المجتمع، لكني بعد المشاركة في إعادة ترميم أحد بيوت الأسر المتعففة، أدركت أن الشباب يمكنهم فعل الكثير من خلال تطوعهم في خدمة الناس . ويضيف: لم أتوقع حجم الإقبال على مثل هذه النشاطات، وفوجئت بعدد كبير من زملائي الذين انضموا قبلي للبرنامج، وشعرت بسعادة غامرة وأنا أشاركهم تنظيف البيت، وطلاء الجدران، وترتيب المكان . وعن صعوبة العمل التطوعي خلال الدراسة في الجامعة الأمريكية يشير: الدراسة في الجامعة صعبة، خاصة للطلاب الذين يتابعون دروسهم يوماً بيوم، ويسعون إلى نيل معدلات عالية نهاية العام، لكننا بشيء من التنظيم يمكننا المشاركة في إعادة البسمة إلى بعض الأسر المتعففة، أو إصلاح غرف أحد الأيتام، وهو ما ينعكس بالإيجاب على حالتنا النفسية، ومن ثم العودة إلى دروسنا بأريحية تامة . ويؤكد عيسى حرصه على ممارسته الأعمال التطوعية خارج الجامعة، والمبادرات الشخصية التي تعوّد القيام بها بشكل فردي هو وزملاؤه، مثل زيارتهم مواقع العمل في الظهيرة وتوزيع الماء البارد والعصائر على العاملين فيها . تعرف أنس مسامرة، طالب بالفرقة الثالثة بكلية الهندسة، إلى أنشطة برنامج "يداً بيد" من خلال أحد الرسائل الإلكترونية التي أرسلها نادي خدمة المجتمع بالجامعة، إذ يطلع فيها الطلاب على الأنشطة التي سوف يقوم بها، فبادر بتسجيل اسمه وأصبح عضواً في النادي ومشاركاً في أنشطته التطوعية . وعن مشاركاته الأخيرة يقول: كوني طالباً بكلية الهندسة فلدي فكرة عن العمل اليدوي والمجهود الذي يحتاج إليه ترتيب بيت من الداخل، من إعادة ترميم الجدران، وإزالة الطلاء القديم وتبديله بجديد، إضافة إلى تبديل الستائر، وتصليح أثاث الغرف . ويضيف: قُسّم الطلاب على مجموعات، بعضهم يرمم الجدران، والآخر يتولى طلاءها، ومجموعة تنظف، وأخرى تعيد ترتيب الأثاث وفرش الغرف . . ويشير مسامرة إلى المجهود الذي من الممكن أن يبذله الشباب في خدمة المجتمع، من دون تأثير في التزاماتهم ومستواهم الدراسي، حيث يرى أن تبرعه لأربع ساعات من وقته لمدة ثلاثة أيام لمصلحة الأسر المتعففة والأيتام، أشعره بالمسؤولية تجاه أناس غير قادرين، وأمكنه مساعدتهم ولو بوقته ومجهوده . وهو ما كان له مردوده الإيجابي على حالته النفسية . فور علمه بالمشروع بادر حسن محمود، طالب بكلية الهندسة، إلى التسجيل في الفريق، خاصة بعد أن شاهد صور الحالة المزرية التي تعيش فيها بعض الأسر، ولخبرته في أعمال النجارة، بادر في حمل أدواته وتوجه إلى البيت المستهدف من قبل نادي خدمة المجتمع .، فبدأ في اليوم الأول في تفكيك الأثاث، واليوم الثاني إصلاحه، وفي الثالث تجميعه وطلائه، وبعد الانتهاء من أعمال النجارة شارك زملاءه بأعمال التنظيف والطلاء والرسم على الجدران . عن مشاركته يقول: تعودت منذ سنوات المشاركة في الأعمال التطوعية التي تهدف إلى النهوض بالمستوى الاجتماعي للأسر المتعففة، وتمكنت خلال هذا العام من قضاء 80 ساعة من العمل التطوعي، لكن العمل في هذا البرنامج "يداً بيد" كان له طعمه الخاص، حيث شعرت بحماسة الزملاء، وسعادتهم في العمل معاً لإزالة المهملات، وإعادة ترتيب البيوت، والرسم عليها، وتوفير غرف تليق بإخوانهم المحتاجين . ويشدد محمود على حاجة مثل هذه الأنشطة إلى دعم مستمر من قبل الشركات، لأن مثل هذه المبادرات قد تتعدى ميزانيات النادي الجامعي، حتى وإن كان شريكه إحدى المؤسسات الخيرية، لأن إعادة تأهيل بيت من الألف إلى الياء أمر مكلف ويحتاج إلى دعم كبير، وهو ما يتمنى أن يحدث وتتكفل إحدى الشركات بإعادة تأهيل وترميم وفرش عدد من البيوت، على أن يشارك الشباب بأفكارهم ومجهودهم في إعادة ترتيب الأمور الداخلية من ديكور وأثاث وفرش . وعلى الرغم من تخصصها في هندسة الكمبيوتر فإن دعاء زكي، لم تتردد في تقديم العون لإخوانها من الأسر المتعففة والأيتام، وبادرت إلى الاشتراك مع زملائها من الأقسام المختلفة، للتطوع في إعادة تأهيل أحد البيوت في الشارقة . عن مشاركتها تقول: شاركت في أعمال الطلاء والتنظيف ونقل الأثاث لمدة ثلاث ساعات، وكنت في سعادة بالغة وأنا أشارك زملائي التعب من أجل إعادة البسمة إلى شفاه أحد الأطفال الأيتام، بالرسم على جدران غرفته، وطلائها باللون الذي يفضله . وتضيف: قد يتردد البعض في قضاء عدة ساعات متطوعاً في خدمة الناس، ويرى في ذلك مضيعة للوقت، أو يتخيل أن مجهوده لن يؤثر في مساعدة الآخرين، لكن تلك الأفكار ستتغير تماماً بمجرد أن ينخرط أحدهم في أحد البرامج التطوعية، سيجد أن ما يقوم به من عمل بسيط، يسهم في سعادة المحتاجين، وأن الساعات التي قضاها في ذلك لم تهدر هباءً، وسيعوضه الله بالبركة في وقته . وشاركت مريم الكوش، طالبة بالفرقة الثانية كلية علوم البيئة، في إعادة تأهيل أحد البيوت التي تسكنها عائلتان، وشاركت زملاءها على مدى ثلاث ساعات صبغ حوائطه، وتركيب الستائر، وفرش السجاد . وتقول: على الرغم من الوقت القصير الذي قضيته مع زملائي في منزل إحدى الأسر المتعففة، فإنني شعرت بسعادة غامرة لم أشعر بها من قبل . بخاصة بعد أن لاحظت الحماسة الكبيرة التي يعمل بها الزملاء في خدمة الناس، وتمنيت أن أكون ضمن المجموعة التي تسلم البيت في مراحله النهائية، لكني لم أتمكن من حضور اليوم الأخير لارتباطي بمواعيد دراسية . وتضيف: قد تكون الدراسة في الجامعة صعبة، وتحتاج إلى حضور مكثف في بعض الأحيان، لكن تخصيص عدد من الساعات للعمل الخيري، لا يقل أهمية عن الدراسة والامتحانات، خاصة لمن ذاق واستمتع بالشعور الطيب والمردود المباشر للعمل التطوعي على النفس، وحالة الرضا الكبير التي يشعر بها الفرد بعد بذله كل ما يستطيع لإسعاد غيره . تتفق معها مريم السركال طالبة بالفرقة الأولى كلية العلاقات الدولية في أن الدراسة لم ولن تعوق العمل التطوعي، بخاصة إن كانت المشاركات بعد الساعات المخصصة للجامعة، ويتمكن الطالب ترتيب وقته بالشكل الذي لا يؤثر بالسلب في معدلاته الجامعية . وتقول: شاركت في البرنامج ليوم واحد بعدة ساعات من وقتي، وكنت سعيدة عندما شاركت زميلاتي صبغ الجدران، والرسم عليها، وشعرت بقيمة العمل لمصلحة المجتمع، والتضحية بقليل من الوقت لإعادة تأهيل المكان الذي تعيش فيه إحدى الأسر المتعففة، لاسيما الأطفال الأيتام ممن يسكنون بيوتاً لا تصلح بالقدر الذي يحلمون به . وتضيف: لن أتردد مطلقاً في المشاركة في المشاريع التطوعية المقبلة للنادي الاجتماعي بالجامعة، لأني أدركت أن الوقت البسيط الذي قضيناه في أحد البيوت، أسهم في إعادة البسمة لأطفال مقبلين على مستقبل مشرق، وشعرت بسعادة غامرة كوني أحد أفراد الفريق الذي أسهم في توفير مكان لائق يعيشون فيه . شاركت دعاء نصار، طالبة بالفرقة الثانية كلية الهندسة المدنية، زميلاتها إعادة تأهيل ثلاثة بيوت في العام الماضي، وبادرت هذا العام بتسجيل اسمها ضمن فريق الجامعة للعمل التطوعي . وعن ذلك تقول: من يجرب العمل التطوعي ويرى فرحة إحدى الأسر المتعففة عند تسلمها البيت نظيفاً مرتباً، لا يمكن أن يتردد في تكرار التجربة مرة أخرى، بل على العكس يبحث هو بنفسه عن تكرار التجربة . وتضيف: العمل ضمن فريق من المتطوعين، يعطي للفرد حمية وحماسة كبيرتين، ويفرغ في الإنسان طاقات كبيرة قد يكون لا يعرفها عن نفسه، فكانت المرة الأولى التي أشارك فيها أدوات الطلاء، لكني تمكنت من فعل ذلك بمساعدة زملائي . وتشير نصار إلى قدرة الشباب بطاقاته وأفكاره على المشاركة في الأعمال التطوعية، التي لها مردود عيني ونفسي على غيرهم من أفراد المجتمع . وعن كيفية اختيار البيوت التي يرممها ويعيد تأهيلها الطلاب، تقول عائشة علي، مديرة نادي الخدمة الاجتماعية في الجامعة الأمريكية بالشارقة، إنه يجري التنسيق بين النادي ومؤسسة التمكين الاجتماعية في الشارقة، للتعرف إلى البيوت ومدى حاجتها إلى التأهيل، ومن ثم نختار البيوت التي هي بحاجة إلى مجهود يناسب إمكانات الطلاب . لأن النادي لا يمتلك القدرة ولا الميزانية الكبيرة التي تمكنه من إعادة هدم وبناء وفرش إحدى هذه البيوت . وتضيف: فور إعلاننا عن البرنامج، استقبلنا طلبات من 600 طالب للتطوع فيه، لكننا كنا بحاجة إلى مئة فقط، قسمناهم على عدة مجموعات، مجموعة تتولى التنظيف وإعادة الترتيب، وأخرى ترمم الجدران، وتقوم مجموعة بالطلاء، وأعمال الديكور والرسم على الجدران . وتشير علي إلى إنجاز الطلاب خلال هذا العام لأربعة بيوت لأسر متعففة، إضافة إلى مركز ابن الهيثم لتحفيظ القرآن، وذلك بالتعاون مع برنامج جدران، الذي أطلقته مؤسسة التمكين الاجتماعية في الشارقة . وتؤكد مديرة نادي الخدمة الاجتماعية بأمريكية الشارقة على اختيار أوقات العمل في المشروع، حيث يبدأ العمل من الخامسة مساء عقب انتهاء الطلاب من محاضراتهم، وهو ما يعطيهم فرصة أكبر للمشاركة والتبرع بالوقت والمجهود لمصلحة المجتمع . وأعربت الدكتورة موزة الشحي نائبة مدير الجامعة لشؤون الطلبة، عن سعادتها بنجاح مشروع "يداً بيد" والتعاون مع مؤسسة الشارقة للتمكين، مشيرةً إلى أنها المرة الرابعة التي تتعاون فيها الجامعة بنجاح مع مؤسسة الشارقة للتمكين في تنفيذ مشاريع مشابهة، وأكدت الشحي ازدياد عدد الطلبة الذين يتطوعون بوقتهم ومواهبهم وقدراتهم في هذا العام، معللةً ذلك بنجاح جهود مكتب شؤون الطلبة في الجامعة، في رفع وعي الطلبة بأهمية خدمة المجتمع، آملة أن ينضم المزيد من الطلبة إلى مثل هذه المشاريع التي تعود بالنفع على المجتمع، وإعادة تدوير طاقاتهم لخدمة مجتمعهم . تقول نوال ياسر "مديرة البحوث الاجتماعية في مؤسسة التمكين الاجتماعية" في الشارقة، إن مؤسسة التمكين الاجتماعية في الشارقة بدأت هذا المشروع في عام 2004 بهدف ترميم منازل الأسر المتعففة في الشارقة، وذلك بالتعاون مع عدد من الشركاء، وكانت الجامعة الأمريكية في الشارقة أحد أهم الشركاء الداعمين لهذا المشروع الذي تدرج في النمو مع الوقت، حيث بدأ بمشروع واحد سنوياً، رفعناه استجابةً للطلب المتزايد، وفي هذا العام أنجزنا مشروعين بالتعاون مع الجامعة الأمريكية في الشارقة . وتضيف: مشاركات الشباب التطوعية كانت ضمن مشروع "جدران" المنبثق من مشروع المؤسسة "تمكين بيئي" الذي أطلقته المؤسسة في عام ،2010 وأنجزنا حتى الآن ما يزيد على 50 بيتاً، وكانت الأعمال فيها تتفاوت بين إعادة الترميم، والطلاء وزرع الحشائش والورود، والتزويد بالورود . كما تمكنا من تزويد تلك الأسر بالأجهزة الكهربائية اللازمة لكل بيت، من أجهزة تبريد وثلاجات، وتلفزيونات، إضافة إلى غرف نوم وأثاث تحتاج إليه تلك البيوت .