من المفترض أن تكون الأميّة قد تلاشت إلى حد بعيد، وانتقلنا إلى عصر التعلم ومنه للعولمة، فدخلنا عالم التقنية وعصر الإنترنت الذي يُعد عالماً فسيحاً اختصر المسافات إلى أن بات الجميع يعيشون وكأنهم في قرية صغيرة. إلا أن المتتبع لأوضاعنا على الشبكة العالمية (الإنترنت) يجد العجب العجاب، بداية من الغرض المراد والمواقع المستهدفة ومروراً بأسماء المستخدمين، وصور ملفات عرضهم (البروفايل) وانتهاء بما يكتب! أمور مؤسفة؛ فالمواقع الإباحية تدفع العديد من الشباب لدخولها وبأعداد هائلة، مستخدمين برامج متعددة لفتح تلك المواقع وكسر حجبها (البروكسي) ويدفعون مبالغ لهذا الغرض المشين، وكان الأولى دخول المواقع المفيدة والعلمية منها على وجه الخصوص، فالشاب يفترض فيه حب المعلومة ولو كانت غريبة ويسعى لتحديث معلوماته في شتى المجالات، ولو فعل ذلك لانصرف تماماً عن تلك المواقع المليئة بالأوحال، والتي كانت سبباً في الإشغال، والمؤلم هو الانغماس في تلك البؤر المليئة بالعفن والتي تضر ولا تنفع. أما المتأمل في الأسماء التي يتخذها الكثيرون في مواقع التواصل الاجتماعي والتي انتشرت وبشكل واسع فإن قلبه يعتصر ألماً وربما ضحك حتى استلقى على قفاه (فشر البليّة ما يُضحك)؛ فالأسماء المستعارة وصور الملفات الشخصية تنبئ عن ضحالة كبيرة في التفكير، والآخر يوحي بأمراض نفسية خطيرة، ونسبة ليست باليسيرة تنم عن انحراف مخيف يفترض دراسته بعمق والخروج بحملات تصحيحية؛ فهؤلاء يُمثلون فئة كبيرة من المجتمع، والعالم ينظر إلينا من خلالهم. أما ما يُكتب فالحديث عنه يطول، وليله ليس له أفول، أمور مدهشة فمنهم من يُهاجم الآخرين بلا مبررات، وربما كفّرهم وفسّقهم ورماهم بالكبائر والموبقات وغيرها من الكفريات، ومنهم من يقول كلاماً كفرياً صريحاً ربما يخرجه من ملّة الإسلام في حالات شاذّة وأفكار منحرفة، والبعض يحكي تفاهات وربما يكتب لمجرد الكتابة، فتكون المحصلة مخيّبة للآمال إلا ما رحم ربي من أناس أثّر التعليم فيهم فارتقوا بتفكيرهم وباتوا نماذج مشرفة، لكن المؤلم أنهم لا يمثلون نسبة مقارنة بذلك السيل العرمرم الذي اجتاح تلك المواقع فملأها بالغث الذي لا يفيد! إن المؤمل أن نعيد النظر في أوضاعنا على الشبكة العالمية، فالإحصائيات تذكر أننا بتنا نُمثِّل نسبة كبيرة في استخداماتنا لبعض مواقع التواصل، وهذا يُشكّل عبئاً على جميع المتعاملين مع هذه الشبكة من أبناء هذه البلاد. وفي تصوري أن هيئة الاتصالات قد نهجت نهجاً جيداً يتمثل في إقامة دورات ومحاضرات توعوية للجمهور، وقد أقيمت محاضرة قبل فترة يسيرة كانت أشبه ما تكون بالدورة المكثفة، وكان لها شهادة حضور بالنادي الأدبي بالمدينةالمنورة، وأرجو أن يتسع المجال في قابل الأيام لعقد المزيد من مثل هذه الدورات، وألا تقتصر فقط على جوانب الحماية والجوانب المعرفية الأخرى بل تشمل جوانب أخرى مثل معرفة المواقع والتعامل معها باحترافية. إن الإنترنت نعمة كبيرة والمفترض استغلالها استغلالا جيدا، لتعكس ما وصلنا إليه من تفكير، بحيث تعكس للعالم صورة زاهية عنا، والرقي بهذا الفكر، فالاستخدام الأمثل بات مطلبا هاما؛ وأرجو ألا تكون وصمة في جبين البعض، ومؤشراً على تدني تفكيرهم، فلا مناص من مزاحمة العالم بالفكر وحسن التعامل والمشاركة الواعية والإدراك لما يجري، وحينها نشرف بمشاركين لهم كتابات راقية وأساليب متقدمة في المدونات والمشاركات، فهل وصلت الرسالة للمتعاملين مع الانترنت؟! [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (68) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain