صراع الداو... هو ليس أول ولا آخر صراعات الأطراف المتخاصمة بالكويت، فنحن منذ سنوات نعيش في أزمات سياسية كلفت الوطن الكثير من الوقت والجهد والمال، حتى تأخرنا عن الركب، ومن مميزات الصراعات السياسية أنها تكون كمجسات استشعار لأماكن الخلل في المجتمع، بحيث تستطيع المجتمعات الواعية معرفة ايجابياتها وأماكن ضعفها، وفي الكويت في العادة تكون الصراعات السياسية من الخصومة الشخصية الصرفة، وهناك أجهزة إعلام تذكي هذه الصراعات بين الحين الآخر من أجل مصالح آنية ضيقة وتشفٍ وانتقام سياسي، والنتيجة طعنة في خاصرة الوطن الذي يئن منذ سنوات دون استشعار من المتخاصمين. صفقة الداو التى لم تتم وتم دفع غرامتها المليارية... وتعتبر شركة الداو كيميكال من الشركات التي كانت تود شركة الصناعات البترولية الكويتية عقد شراكة معها ب 40 مصنعا خاصا للبتروكيماويات، وتقضي هذه الاتفاقية بإنشاء شراكة مناصفة تعرف ب «كي داو»، وقد تم الإعلان عن هذه الشراكة في ديسمبر 2007، وتقدر قيمة الصفقه ب 9.5 مليار دولار، إلا أن الأزمة المالية العالمية أدت إلى انخفاض هذا السعر ليصل حجم الصفقة ب 7.5 مليار، وهذه الشراكة لو تمت لكانت سببا في تنويع مصادر الدخل للبلد، وتعزيز الدخل القومي. وبعد أن تم إلغاء صفقة الداو، قامت شركة آرامكو السعودية والداو كيميكال الأميركية بالمشاركة في مشروع مشترك لبناء وتأسيس مجمع البتروكيماويات، وسيكون هذا المجمع الأضخم في العالم، وستتجاوز قيمة الصفقة 20 مليار دولار، مع العلم أنه تم تشكيل عمل مشترك بين الشركتين، ومن المتوقع الانتهاء من المشروع وبداية أعماله في عام 2015، مع العلم أن شركة ارامكو السعودية هي التي قامت ببناء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا، وستبني مدينة الملك عبدالله الرياضية. وأنا على يقين أن مشروع الداو كيميكال والمشاريع الأخرى والتى كانت ستتم بالكويت أنها مرت بالطرق والقنوات القانونية، لأن من يعمل بالنفط هم رجال ونساء يشهد لهم بالكفاءة والنزاهة، وأن مصلحة الكويت جعلوها نصب أعينهم قبل كل شيء وهذا واضح من خلال انجازاتهم التى تشهد لهم، ولكن مع كل أسف وسائل الإعلام لم ترحمهم وقامت بالهجوم الشرس عليهم، بل شوهت صورهم وصور أقربائهم! أعتقد أن المشكلة لم تكن في الشراكة أو المشروع او الجدوى الاقتصادية، وإنما هي مشكلة نفوس التى تقدم مصلحتها الشخصية ومصلحة جيوبها على مصلحة البلد، وقد شعرت بالصدمة عندما دخل علينا أحد الأعضاء، وسألناه عن المشروع وعن سبب معارضته له، فقال بالحرف الواحد «والله لا أعلم شيئا عنه»، فقيل لم عارضته؟ فقال الأغلب يعارضه فعارضته. أنا متأكد لو أنه تم تطبيق النظم واللوائح الخاصة بالتوظيف وطريقة اختيار العناصر القيادية وطريقة اختيار المشاريع المعمول بها في النفط على باقي مؤسسات الدولة والشركات في القطاع الخاص لأصبحنا اليوم في مصاف الدولة المتقدمة اقتصاديا وتكنولوجيا وبشريا، وماذا لو أن الشراكة والصفقة مع الداو كيميكال تمت؟ كم حجم الوظائف التي كانت ستوفرها أو حتى التكنولوجيا التي كنا سنستفيد منها؟ ولمعرفة ماذا حصل في «الداو» يجب البعد تماماً عن الجانب السياسي، ولكن تشكل لجنة متخصصة فنية حيادية وتعمل بصلاحيات واسعة بعيدة عن الإعلام حتى تستطيع تشخيص المشكلة بكل وضوح وشفافية... وهذا ما كان يطالب به وزير النفط السابق المهندس: محمد العليم، ولكن مع الأسف لحسابات سياسية وللمحافظة على بعض الأشخاص تم التضحية بالمشروع... والخاسر الكويت. عبدالعزيز الكندري @akandary [email protected]