مرض أصاب فئات من الشباب، يمكن تسميته ب«متلازمة التصوير»، لديك جهاز بكاميرا إذاً لا بد من استغلالها. ساهمت في انتشار هذه المتلازمة سهولة التصوير والإرسال من الأجهزة الذكية! إذا وقعت الأجهزة الذكية في الأيدي الغبية يمكن لك توقع غير المتوقع. في كاريكاتير نُشر، وضع الرسام صورة غريق يطلب النجدة، والمتجمهرون حوله كلهم يصورنه، هذا ما يحدث تقريباً، الحادث ليس إلا حدثاً للتصوير ثم الإعادة، حتى ولو حساب حياة أشخاص، ربما يأتي يوم يطلب فيه المصوّر من الضحية الابتسام أو وضعية معينة للحصول على لقطة مميزة. في زمن مضى كان بعض منا ينتقد الغرب «اجتماعياً» لما يقال عن عدم تفاعلهم مع حوادث تقع في الشارع، اعتداء على امرأة، سطو مسلح. لا أحد يلتفت، فكل واحد منهم في طريقه، قام البعض منا بتطوير الحال، استثمارها مع وضع العراقيل في طريق الآخرين ومن بينهم مسعفون. تحول التصوير لدى البعض إلى هواية من لا هواية له، تحول إلى شكل من أشكال «شفاحة التقنية» والبروز الفقاعي. كل شيء له حدود حتى في الظواهر الاجتماعية السلبية، لكن أن يصل الأمر إلى اعتداء على مسعفي الهلال الأحمر لأنهم منعوا شباناً من تصوير ضحايا حادث فهذا انحدار أخلاقي وقضية جنائية لا يجوز السكوت عنها، حفاظاً على حقوق الإنسان وحقوق المجتمع والمكلّف بالإسعاف، أيضاً هذا يجعلنا نفكر أكثر في قيمة الصورة وأثرها، فلا حديث عن تأثير التقاط صورة من دون إذن من تم تصويره ولا عن نتائجها السلبية عليه وعلى أسرته. ومثلما جاءت التقنية بالمفيد واستطاعت التغيير حتى في التفكير الرسمي لأجهزة طاولها الجمود، يصر البعض على استخدامها للّهو غير البريء على حساب ضحايا حوادث مثل قضية «أحد المسارحة»، كأني ببعض هؤلاء الهواة يبحثون عن جثة لتصويرها، كل هذا بحثاً عن صدى لا ينافسه في الفراغ سوى فراغ عقول من يبحث عنه. * عبد العزيز السويد