العميد سريع: المطارات "الإسرائيلية" غير آمنة !    الان .. مساجد صنعاء تصدح بالاذان .. "كيف صلاة الخسوف"؟    إزاحة الستار عن 63 قطعة نقدية أثرية منقوشة باسم النبي الأكرم (ص)    مديريات مأرب تشهد فعاليات نسائية بذكرى المولد النبوي    منتخب الشباب يواجه عُمان في نصف نهائي كأس الخليج    الرئاسي يُشيد بالجهود السعودية في دعم أمن وتنمية اليمن    انقطاع كابل الألياف الضوئية في البحر الأحمر وعدم استقرار الإنترنت في الشرق الأوسط    محافظ عدن يتفقد مشروع مدينة الشيخ محمد بن زايد الطبية    انتقالي المكلا يتقدم ببلاغ للنائب العام يتهم بن حبريش بالتقطع لوقود الكهرباء (وثيقة)    الرئيس الزُبيدي يفتتح قسم الرقود ويضع حجر الأساس لأقسام طبية متقدمة بمستشفى عبود العسكري    بعد جهود استمرت لأكثر من خمس سنوات.. فرنسا تعيد إلى اليمن 16 قطعة أثرية    الصحة العالمية: مجاعة مؤكدة بأجزاء من السودان    الوزير البكري: نقدر عاليا دعم المملكة العربية السعودية للرياضة اليمنية    العلامة مفتاح يزور وزارات العدل والخارجية والثقافة ويشيد بإسهامات وزرائها الشهداء    اجتماع بتعز يقر تنفيذ حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية والصيدليات المخالفة    نتنياهو يريد تحويل العالم العربي وتركيا وايران إلى مستوطنة أمريكية    النعيمي يؤكد أهمية استكمال السياسات الزراعية    الدفاع المدني في غزة ينفذ 49 مهمة خلال 24 ساعة    تدشين مشروع إنارة المدخل الغربي لمدينة عتق    "بيت الموتى" في تركيا.. اكتشاف مذهل لطقوس العصر الحجري الحديث    اكتشاف تأثير خطير لمرض السكري على القلب    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يناقش جملة من الملفات الخدمية والإنسانية في سقطرى    اليمنيون.. سفراء وطن بلا حقائب دبلوماسية.. شبانة محمد شفي.. وجه يمني يرفع راية الوطن في منصات بريكس الدولية    الإصلاح ..تضحية تصنع وطناً    فرقة للموساد في المهرة ولجنة أمريكية في عدن    البوسنة تتصدر بسداسية.. والنمسا تكسب قبرص    رونالدو يتجاوز ميسي في عدد الأهداف بتصفيات كأس العالم    المنحة الإماراتية: بادرة كريمة لدعم الطلبة الجنوبيين في مسيرتهم الجامعية    ريتيجي ابن الأسطورة يبصم على الثامن مع الآزوري    الهجوم والهجوم المضاد    باحث سياسي: قبل الغزو اليمني كانت "مساجد الجنوب لله وحده"    من عامل نظافة 7 سنوات إلى تحقيق شهادة جامعية بامتياز    الجيش السعودي يستهدف المناطق الحدودية    مايكروسوفت: انقطاع عدة كابلات بحرية دولية في البحر الأحمر (2)    سردية اللعبة المكشوفة.. هبوط وارتفاع العملة المحلية والأسعار    حرمان جيشنا وأمننا من مرتبات 17 شهرا وأموالنا تذهب للأوغاد    شهيد مشروع تصحيح مسار الثورة    تصفيات كأس العالم: نيجيريا تبقي على حظوظها بالفوز على رواندا    اعتزال ميسي " ملئة الدنيا وشغلت الناس "... !    مركز الأرصاد يتوقع أمطارًا رعدية ورياحًا قوية في عدة محافظات    البروي: الاعلام الرسمي بصنعاء يمر برحلة هبوط إلى القاع    ترحيل 2476 مهاجراً دخلوا البلاد بطرق غير مشروعة    شرطة الجوف تستعيد سيارتين مسروقتين    بعد قليل .. انطلاق حملة تغريدات استمراراً للاحتفال بذكرى المولد النبوي    وزارة الاقتصاد تكرم المخترع الراحل محمد العفيفي    قيادة الانتقالي تناقش ملفات الضرائب والكهرباء والأراضي    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ عبده حسين حبيش    من يومياتي في أمريكا .. فقدان    انتشار وباء الحصبة في إب وسط تكتم المليشيا    10 علامات تحذيرية تدل على انسداد الشرايين وتهدد صحتك    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    الصمود والمواجهة: إرادة تصنع النصر    حضرموت وعدن نالت أعلى نسب في عدد المبتعثين للدراسة في الإمارات    لماذا قال ابن خلدون العرب إذا جاعوا سرقوا وإذا شبعوا أفسدوا    حلاوة المولد والافتراء على الله    مدينة الحب والسلام (تعز)    حل طبيعي .. شاي أعشاب يثبت فعاليته في السيطرة على سكر الدم    تحذيرات من تزايد وفيات الحصبة والكوليرا بتعز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقديس القيادات الجنوبية !!
نشر في الجنوب ميديا يوم 23 - 10 - 2012

هناك من يضيق ذرعا وشططا عندما يقرأ تعليقا أو مقالا أو نصا ينتقد أخطاء الحراك الجنوبي وفصائله أو زعمائه أو وسائل إعلامه أو أو أو ... ، وتجده يبادرك مباشرة إما بحسن نية أو وفق توجهات – لوبي معين – بالهجوم الحاد على أنك تسعى أن تشتت الحراك ، وأنك تثير الخلافات ، أو مثلا ينصحك البعض بأن توظف جهودك وقلمك للحديث عن النظام اليمني (العدو) وتترك الحديث عن خلافات أو أخطاء الحراك على اعتبار من وجهة نظر هؤلاء أن المرحلة ليست مرحلة نقد أو تقييم وإنما مرحلة "ثورة".
بصراحة أقولها أن مثل هذا التفكير - حتى وإن كان عن حسنة نية - وفي هذه المرحلة من عمر ثورتنا الجنوبية التي أتت لكي تطهر حاضرنا من سيئات ماضينا وما علق منها بالعقل أو الفكر أو المشاعر أو الممارسات، يشعرني ذلك بخوف رهيب جدا ، هذا الخوف يمكن وصفه في سياق العبارة الشهيرة "إنما أخشى عليكم أنفسكم".
يشعرني بالخوف الشديد لأن مثل هذا التفكير يخلق حول الحراك الجنوبي "هالة قداسة" وحول زعماء الحراك "هالة قداسة" وحول سين أو صاد من وسائل الإعلام "هالة قداسة" وحول العقل الجنوبي دائرة مغلقة يصعب معها التحليق في سماء الأمم المعاصرة.
يرجع ذلك بدرجة أساسية من وجهة نظري إلى عدة أسباب يمكن تلخيصها بالتالي :
- غياب الدقة لدى البعض في التمييز بين النقد الذي يهدف إلى تقييم الأخطاء أو التحذير من الاستمرار في الوقوع فيها وتصحيحها ، وبين الهجوم الذي يهدف عادة إلى تصفية حسابات شخصية أو سياسية أو حزبية أو فئوية معينة.
- ترسخ ثقافة سائدة من فترات العهد السابق لحكم الحزب الواحد "لا صوت يعلو فوق صوت الحزب" ، وهي الثقافة التي عبثت بمصير أمة بكاملها وفتكت بأحلامها ودمرت مستقبلها في بيئة عربية وإقليمية أدمنت الخضوع للزعيم الفرد والحزب الحاكم ودفعت ثمن صمتها لسنوات على هذه الثقافة من دمائها وفلذات أكبادها وكانت سببا في أن تضل هذه الأجزاء من المنطقة من العالم بلدان ما تسمى ب "العالم الثالث".
- كما يرجع ذلك لغياب ثقافة الرأي الآخر وحرية الفكر واتخاذ القرار في إطار بنية المجتمع كأسرة وعائلة ، تأثرت كثيرا بفعل التعبئة السياسية والشحن الديني والعادات القبلية الصارمة وفترات الحكم الشمولي قبل وبعد 90.
- عدم التمييز بين ما تتناوله وسائل إعلام الاستخبارات اليمنية وتلك المنابر التابعة للأحزاب القبلية ورجال النفوذ ومطابخ الاحتلال اليمني الساعية لشق الصف الجنوبي والتشويه بثورته وبين ما يتناوله بعض رموز الفكر الجنوبي والنخب المثقفة والواعية من منطلقات أهمها صيانة العقل الجنوبي من الوقوع في مثل هذا الخلط والالتباس الذي ينتج عنه صناعة الثقافة الماضاوية تحت مبررات حماية الحراك الجنوبي وثورة شعب الجنوب التحررية.
- أن الحراك الجنوبي بات يدار سياسيا وإعلاميا بطريقة تعبوية ترويجية تفتقد لأبجديات العمل السياسي والإعلامي المنظم ووفق منطلقات "ضيقة" من قبل قوى وشخصيات ووسائل ترتبط بالحقبة الماضية من عمر النظام الشمولي الأوحد في الجنوب ، ورغم معاصرة هذه القوى والشخصيات لواقع الجنوب الجديد بالتزامن مع اندلاع ثورات الربيع العربي في المحيط الجغرافي ، إلا أنها لا تزال مصرة على التمسك بحسابات قديمة انعكست من خلال نفوذها داخل الساحة الجنوبية على تفكير جزء غير بسيط من الجيل الجديد الذي يفترض أن يكون محصن تحصين جيد من التأثر بها "سلبا".
- أن هناك مجاميع تتبع جهات معينة يمكن وصفها ب "اللوبي" تحاول بكل ما أوتيت من قوة ووفق أجندة معينة أن تطال من كل من يحاول أن يشهر قلمه أو كلمته في وجه الخطأ أو السلوك السياسي المنحرف أو ينتقد بجرأة وشجاعة ، لدرجة مثلا أن هناك أقلام لُفقت لها تهم "شخصية" طالت مواقفهم السياسية وبعضهم حتى طالت أعراضهم وأهاليهم (أمر لا يصدق) ، هذا فضلا عن تهم التخوين والعمالة والمرض والعمل لدى جهات خارجية والكثير مما قد لا يتوقعه عقل القارئ الكريم.
- غياب أو ندرة المراكز أو المنظمات المختصة بترسيخ مثل هذه القيم المعاصرة ، وعدم تبني النخب في الجنوب بشكل مدروس ومنظم مسئولية القيام بهذه الخطوة نحو بناء العقل الجنوبي وفتح آفاقه بما يتماشى وطبيعة القضية العظيمة وأهمية المستقبل الذي ينشده الإنسان الجنوبي ، المستقبل الذي يجب أن يكون جزء من مستقبل هذا العالم.
ما ذكر أعلاه لا يعني أن الجميع يقع تحت هذا التظليل الفكري أو إذا ما جاز التعبير تسميته "التقدير الخاطئ بحسن نية" ، بل على العكس هناك نخب رائعة من الأقلام والإعلاميين والصحفيين والأكاديميين ورجال الدين ورجال الأعمال وحتى من قيادات الحراك الجنوبي وكذلك من المواطنين في الشارع ، من يؤمنون بخطورة هذه الثقافة على مستقبل العقل الجنوبي أولا وانعكاسها على مستقبل ثورة شعب الجنوب التحررية الهادفة لبناء الدولة الجنوبية المدنية الديمقراطية الحديثة والتي لن تتم إلا ببناء العقل الجنوبي بناء جيدا.
أكتب ما أكتبه وأنا أتخيل طبيعة دولة الجنوب القادمة ، الدولة التي أحلم بها أن تكون نموذج مثالي للدولة المدنية في المنطقة العربية ، الدولة التي يعيش الإنسان الجنوبي عليها .. الإنسان بكل معتقداته وأفكاره الدينية والسياسية والثقافية والاجتماعية ، متنوع العادات والآراء ، متعدد الألوان واللغات ، الإنسان وحسب الذي لا يخضع موقعه من القانون للتصنيف الديني المتطرف ، ولا لحسابات القبيلة والمنطقة ، ولا لحسابات الفرز العنصري الأخرى.
نعم ، لا أخفيكم أني أشعر بالخوف ، لكني متفاقم أملا بأن لدينا في الجنوب من العقول النيرة ما يغير حسابات هذه المنطقة الجيواستراتيجية من العالم بإرادة وثقافة وفكر جنوبي يمكنه بكل قوة من التحليق بين أمم هذا العالم المعاصر والمتقدم ، فقط كل ما نحن بحاجة إليه الآن أن نكون أكثر جرأة وشجاعة وصدق مع أنفسنا قبل غيرنا ، وصدق الله تعالى القائل ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))[الرعد:11]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.