لا يوجد إنسان أو حزب أو جماعة تخلو من الأخطاء أو السلبيات فطبيعة الإنسان والمجتمع تجعلنا عرضة للزلات والقصور. ومع ذلك قد تجد إنساناً صادقا وفياً مخلصا تترجم أفعاله أقواله ، وقد تجد أيضا حزباً وفياً مخلصاً لوطنه يسعى لأن يكون نموذجاً في الصدق والالتزام الوطني يقدم مصلحة الوطن على مصالحه الخاصة. وهذا ما ينطبق على بعض الاحزاب السياسية التي أثبتت حضورها في الساحة الوطنية وفي مقدمتها حزب الإصلاح ، الذي قدّم -ولا يزال- نموذجاً للحزب الذي يضع الوطن فوق كل اعتبار. فقد ضحّى أفراده وقياداته بالغالي والنفيس من أجل الوطن متمسكين بقيمهم ومبادئهم وسط العواصف السياسية والأمنية. وليس ذلك مناً أو تفضلاً وإنما واجب تمليه المسؤولية الوطنية على كل فرد وحزب وكيان حين يتعلق الأمر بمصير الوطن.
ومن منطلق إيمانه بالديمقراطية تبنى الإصلاح نهج التعددية السياسية، وجعل من الشفافية والحرية والعدل ركائز لعمله. ومنذ تأسيسه وقف الحزب بثبات مع الدولة والوحدة معتبرا الوحدة اليمنية خياراً استراتيجياً لا غنى عنه لبناء دولة قوية مستقرة تجمع كل أبناء الوطن تحت راية واحدة، كما تصدى بكل قوة لمحاولات الانقلاب الحوثي على مؤسسات الدولة محافظاً على الشرعية ومؤسساتها.
ولم يكتف الحزب بالشعارات بل ترجم مواقفه إلى خطوات عملية، منها مشاركته في حكومة ائتلافية مع المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي عقب فوزه بالانتخابات 1993م . ورغم أن المشاركة في السلطة منحته موقعا يتيح له الإسهام المباشر في إدارة شؤون الدولة إلا أن الإصلاح آثر الخروج من الحكومة إلى صفوف المعارضة عبر صندوق الاقتراع نفسه عام 1997م، في موقف نادر يؤكد احترامه للديمقراطية وهو في أوج قوته.
كما سعى الحزب إلى توسيع دائرة العمل الوطني من خلال تحالفاته السياسية وفي مقدمتها اللقاء المشترك ، وتوج هذا اللقاء بتقديم مرشح واحد في الانتخابات الرئاسية عام 2006م، كان المرشح فيصل بن شملان..هذا العمل حاز على تقدير واسع داخلياً وخارجياً، واعتُبر مثالاً متقدماً على التنسيق والعمل المشترك بين القوى المختلفة ،هذه التجربة عززت صورة الإصلاح كطرف يسعى للشراكة لا للإقصاء.
ويُعد الإصلاح الحزب الوحيد في اليمن الذي يجدد انتخاب قياداته الداخلية ويعقد لقائاته العامة بشكل دوري ومنظم وفق أنظمته ولوائحه الداخلية، ويعكس حرصه على التداول السلمي للمسؤوليات والحفاظ على حيوية مؤسساته.
ومع كل ما قدمه من مواقف ثابتة وتحالفات وطنية، كلف الحزب تضحيات جسيمة ، فقد تعرّض بعض قياداته للاغتيال ، وما زال عدد آخر منهم مختطفين في سجون الحوثيين، وعلى رأسهم الأستاذ محمد قحطان- عضو الهيئة العليا- الذي أصبح رمزا للصمود والثبات.
ومع كل هذه التضحيات يواجه الإصلاح حملات تشويه متواصلة تُظهر الفرق بين ما يقدمه من تضحيات وما يُحاول خصومه تشويهه في الإعلام وحملات التواصل الاجتماعي.
لكن كما يقول المثل الشعبي: "الشجرة المثمرة تُرمى بالحجارة". فالإصلاح رغم عطائه وتضحياته يواصل الثبات في مواجهة الرياح العاتية متمسكاً بمبادئه الوطنية ، مستمراً في طريق التضحية من أجل مستقبل أفضل . وبين التضحية التي ارتسمت بالدم، والتشويه الذي نُسج بالدعايات المغرضة، يبقى الإصلاح شاهداّ على أن العمل الوطني الحق لا يموت مهما اشتدت العواصف، وقد نجح الحزب سواء كان مشاركاً في السلطة أو خارجها، ليكون مثالاً للحزب الذي يوازن بين السياسة وخدمة الوطن بإخلاص.
خالص التحايا لأعضائه ومواليه وقياداته في ذكرى ميلاده ال( 35) ذكرى تتجدد معها معاني التضحية والصمود ويُستحضر فيها الوفاء للوطن والقيم التي حملها الحزب منذ تأسيسه.