عاجل: إسرائيل تعلن بدء الهجوم على رفح رغم موافقة حماس الموافقة على مقترح وقف إطلاق النار    بالأسماء والصور.. تعرف على المواطنين الضحايا الذين اتهمتم المليشيات بأنهم "جواسيس عمار عفاش"    مويس سيغادر وست هام رسميا نهاية الموسم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    كنوز اليمن تحت سطوة الحوثيين: تهريب الآثار وتجريف التاريخ    قتلى من القوات العسكرية في جبهة الحد بيافع إثر صد هجوم حوثي    الرئيس الزُبيدي يطالب بخطط لتطوير قطاع الاتصالات    أبطال أوروبا: باريس سان جيرمان يستضيف بوروسيا دورتموند والريال يواجه بايرن في إياب الدور قبل النهائي    الذهب يصعد متأثراً بآمال خفض اسعار الفائدة الأميركية    فتيات مأرب تدرب نساء قياديات على مفاهيم السلام في مخيمات النزوح    البرلمان العربي يحذر من اجتياح رفح جنوب قطاع غزة    السلطة المحلية تعرقل إجراءات المحاكمة.. جريمة اغتيال الشيخ "الباني".. عدالة منقوصة    فارس الصلابة يترجل    السياسي الوحيد الذي حزن لموته الجميع ولم يشمت بوفاته شامت    عودة نجم بايرن للتدريبات.. وحسم موقفه من صدام الريال    صورة.. الهلال يسخر من أهلي جدة قبل الكلاسيكو السعودي    مبابي يوافق على تحدي يوسين بولت    التشكيل المتوقع لمعركة الهلال وأهلي جدة    مسيره لطلاب جامعات ومدارس تعز نصرة لغزة ودعما لطلاب الجامعات في العالم    منظمات إغاثية تطلق نداءً عاجلاً لتأمين احتياجات اليمن الإنسانية مميز    مليشيا الحوثي تقتحم قرية بالحديدة وتهجّر سكانها وتختطف آخرين وتعتدي على النساء والأطفال    ضجة بعد نشر فيديو لفنانة عربية شهيرة مع جنرال بارز في الجيش .. شاهد    تعاون حوثي مع فرع تنظيم القاعدة المخيف في تهديد جديد لليمن مميز    ضعوا القمامة أمام منازل المسئولين الكبار .. ولكم العبرة من وزير بريطاني    رشاد العليمي وعصابته المتحكمة في نفط حضرموت تمنع تزويد كهرباء عدن    صنعاء.. اعتقال خبير في المواصفات والمقاييس بعد ساعات من متابعته بلاغ في هيئة مكافحة الفساد    سلطات الشرعية التي لا ترد على اتهامات الفساد تفقد كل سند أخلاقي وقانوني    جريمة مروعة في حضرموت.. قطاع طرق يقتلون بائع قات من عمران بهدف نهب حمولته    القاعدي: مراكز الحوثي الصيفية "محاضن إرهاب" تحوّل الأطفال إلى أداة قتل وقنابل موقوتة    تغاريد حرة.. رشفة حرية تخثر الدم    رغم تدخل الرياض وأبوظبي.. موقف صارم لمحافظ البنك المركزي في عدن    ليلة دامية في رفح والاحتلال يبدأ ترحيل السكان تمهيدا لاجتياحها    عقب تهديدات حوثية بضرب المنشآت.. خروج محطة مارب الغازية عن الخدمة ومصادر تكشف السبب    بسبب منعه عكس الخط .. شاهد بالفيديو قيادي حوثي يدهس متعمدا مدير المرور بصنعاء    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    العثور على جثة مواطن معلقة في شجرة جنوب غربي اليمن    هل يستطيع وزير المالية اصدار كشف بمرتبات رئيس الوزراء وكبار المسئولين    البدعة و الترفيه    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    "ثورة شعبية ضد الحوثيين"...قيادية مؤتمرية تدعو اليمنيين لهبة رجل واحد    رباعية هالاند تحسم لقب هداف الدوري.. وتسكت المنتقدين    فاجعةٌ تهزّ زنجبار: قتيلٌ مجهول يُثيرُ الرعبَ في قلوبِ الأهالي(صورة)    استهداف السامعي محاولة لتعطيل الاداء الرقابي على السلطة التنفيذية    وفاة مريض بسبب نقص الاكسجين في لحج ...اليك الحقيقة    الليغا: اشبيلية يزيد متاعب غرناطة والميريا يفاجىء فاليكانو    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    بخط النبي محمد وبصمة يده .. وثيقة تثير ضجة بعد العثور عليها في كنيسة سيناء (صور)    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البروفسور سيف العسلي لأخبار اليوم الاقتصادي: هؤلاء حاربوني حين حاولت إيقاف فساد الضرائب
نشر في الجنوب ميديا يوم 23 - 10 - 2012


البروفسور سيف العسلي لأخبار اليوم الاقتصادي
هؤلاء حاربوني حين حاولت إيقاف فساد الضرائب
الإثنين 10 يونيو-حزيران 2013 الساعة 11 مساءً
حاوره / نبيل الشرعبي
الخبير الاقتصادي البرفيسور د/ سيف العسلي – وزير المالية الأسبق الذي تبنى حملة معلنة لتطهير الفساد غير مبالٍ بشيء سوى أن يغدو الوطن بلا فساد.. قضايا يزاح الستار عنها لأول مرة.. إنها قضايا الحديث عنها - بل مجرد التفكير في تناولها - يعني القبول بمصير عواقبه وخيمة.. وبكل شفافية كشف تفاصيلها.
فساد وقح في مصلحة الضرائب والجمارك ورشاوٍ وإتاوات وإتفاق بين الضرائب ونسبة كبيرة من رأس المال على الإضرار بالبلد وتواطؤ حكومي على صفقات فساد ظاهرة لا تحتاج حتى إلى تحقيق وتعطيل الاصلاحات وتفاصيل كثيرة.. الملحق الاقتصادي ينفرد بنقلها عن وزير المالية الأسبق /العسلي
المسؤولين وإلغاء الضرائب
ليس صحيحاً القول إن هناك من يقف حجر عثرة أمام التحصيل الضريبي، بل الصحيح أنه لا يوجد نظام ضريبي إطلاقاً في اليمن.
ومن صميم المعرفة العلمية والصلة الكبيرة والارتباط الفعلي بهذا الموضوع فإن د/ العسلي في هذا الصدد لا يطرح مجرد رؤى أو مقترحات أو وجهة نظر، بل يجزم بأن لا حل سوى شيء واحد ويجب العمل به فوراً الآن الوضع لم يحتمل أبداً.
والشيء الوحيد هو أن تُحل مصلحة الضرائب كاملة ويُعاد هيكلتها بناءً على معايير وأسس متبعة عالمية، وإيجاد نظام ضريبي يستوعب المتغيرات وكذلك تسريح كافة الموظفين والقائمين على المصلحة لأنهم لا يصلحون للعمل في هذا المجال، والمجيء بموظفين ومسؤولين وخبراء نزيهين وشرفاء وأكفاء يؤدون مهامهم بكل أمانة.
والشق الآخر منه إيقاف كافة المظاهر التي يُطلق عليها تحصيل ضريبي لمدة عام لتنظيمها وتحديد ضرائب جديدة تتلاءم مع الأنشطة الاقتصادية والوضع العام للبلد.
الضرائب في كثير من دول العالم تمثل النسبة الأكبر من إجمالي الناتج المحلي وفي بلدان يصل إسهامها إلى 50 بالمائة.
ففي فرنسا تسهم بنسبة 50 بالمائة وأميركا حوالي 39 بالمائة وفي غالبية البلدان النامية لا تقل عن 25 بالمائة وفي اليمن 7 بالمائة فقط أي ينقص عن الدول التي تشبه أوضاعها بلادنا 18 بالمائة.
والحل الوحيد لأن تغدو الضرائب في اليمن أو أن تصل إلى المستوى الذي وصلت إليه البلدان الأخرى المشابهة لوضعنا، هو في أن تحل مصلحة الضرائب وإعفاء الناس من الضرائب لمدة عام أو عامين ويتم إعادة ترتيب الأوضاع من جديد ومن ا لصفر.
كيف نصل بها إلى 25 بالمائة
الأصل في الضرائب ليس أن يدفع التاجر أو أياً كان مبلغ من المال مقابل ما يحصل عليه من خدمة تقدمها الحكومة، بل الأصل فيها أنها تعني المواطنة.
يقول د/ العسلي أضف إلى هذا أنها تمثل مورداً هاماً وقد يكون من الموارد التي تشكل أحد أبرز قنوات الدخل للدول، فالعالم حالياً يشهد حرباً ليست حرب سلاح وإنما حرب الضرائب والتي لو وجد نظام ضريبي سليم في اليمن ومصلحة ضرائب تعي دورها وتؤديه بإمتياز أو لنقل بنجاح فإن اليمن ستستغني عن مديرها إلى الغير والشحت.
وستغطي أو ستحل بديلاً عن كثير من الموارد التي تنضب فيما الضرائب لا تنضب بل تنمو، ولكن لا يمكن الوصول إلى ذلك في ظل الوضع الراهن ولا خلال فترة قصيرة ولذلك نحن نقول لابد من اعفاء الناس من الضرائب ثم نبدأ بالتدرج.
وإذا كانت تسهم حالياً بنسبة 7 بالمائة من الناتج، فنحن لا نهون منه مع أن العجز في الموازنة قد يفوق ال 7 بالمائة وحتى لا يبقى مستوى الإسهام عند نسبة 7 بالمائة أو يتراجع، نقول على الناس كافة أن يسهموا بها هذا العام ونوقف الضرائب وفي العام التالي نرفعها إلى 10 بالمائة والعام الذي يليه 15 بالمائة إلى أن تصل إلى 25 بالمائة، لكن هذا عندما يكون لدينا أساس، أما الآن الرفع والتخفيض لا يفيد لأنها وهمية.
كبار المكلفين
وبالنسبة لما يسمى كبار مكلفي الضرائب هذه آلية لجأت إليها مصلحة الضرائب لتمرير صفقات فساد وقحة عبر الإتفاق مع كبار التجار بتسليم نسبة بسيطة على أنها ضرائب والتأكيد بأنها كل المستحق دون الرجوع إلى فحص الدفاتر والكشوفات والبيانات والحسابات الختامية ومقابل تمرير ذلك يحصل موظفي الضرائب المخصصين لهذه العملية على رشاوي باهضة.
وموظفو الضرائب حريصون كل الحرص على أن تبقى إدارة المهمة هذه مركزية لضمان دخل أكبر عبر صفقات فساد، فأي تاجر يزيد رأسماله عن مائتي مليون ريال يكون عليه التخاطب مركزياً وبناءً عليه يأتي كبار التجار من كافة المحافظات إلى الإدارة العامة وتتم الصفقات أو عبر التواصل والاتفاق على ما يجب الافصاح عنه وما يجب اخفاءه والمقابل على التستر والتمرير بوثائق رسمية من خلال التلاعب بالبيانات والأرقام.
أتحدى الجمارك أن تقدم لك قائمة أسعار السلع
بتصحيح التجار والمستوردين في ردهم على أسباب ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بالذات (الزيوت – الحليب – الدقيق والقمح – اللحوم المستوردة) أن الجمارك تفرض عليهم رسوم جمركية مرتفعة وكذلك دفعهم ضرائب كثيرة.
د/ العسلي يصرخ ضاحكاً ومقاطعاً إلى متى سيظل هؤلاء الناس يمارسون إستغباء المستهلك؛ الحيل هذه لم تعد تنطلي حتى على الأطفال والسلع مهما كان نوعها وخاصة المستوردة يحكمها العرض والطلب والحركة الاقتصادية والمتغيرات السوقية الإقليمية والعالمية.
وقد يكون سعر سلعة ما مستوردة متقارباً للغاية في كافة دول العالم التي تستوردها عدا اليمن حيث يحدد المستورد أو التاجر سعرها بما يفوق أضعافاً قد تصل إلى خمسة أضعاف السعر المتداول عالمياً حسب هواه ولا أحد يقول له لماذا أو يمنعه والرقابة الحكومية لا توجد إطلاقاً.
وصحيح أنه يفرض رسوم وإتاوات على السلع المستوردة بالذات، لكن ليس بالشكل الذي يجعل سعر السلعة يرتفع بجنون ولذا إرتفاع الأسعار في اليمن ليس ناتج عن إرتفاع الإتاوات والرسوم الجمركية، بل خاضع لمزاج المستورد والتاجر والذي يعتقد أنه حر وليس لأحد دخل به فهو حر ليستورد ما يريد ويبيعه وبكم ما يريد.
د/ السعلي يقول: عندما كنت أشغل منصب وزير المالية قررت وبدأت العمل الفعلي لايقاف هذا العبث والممارسة اللا مسؤولة بالتعاقد مع شركة سويسرية مختصة في فحص الأسعار من بلد المنشأ وتوريدها بقائمة السلع المستوردة إلى اليمن وهي بدورها ستمدنا بأسعار بلد المنشأ وإدخالها إلى أجهزة الحاسوب المخصصة لذلك مباشرة وبالتالي تتغير أسعار البيع في الأسواق اليمنية بتغير أسعار بلد المنشأ.. والأسلوب هذا متبع عالمياً ولذا الأسعار فيها تكون مستقرة ولا تتغير إلا بتغير أسعار بلد المنشأ والشيء المهم في إتباع هذه العملية قطع الطريق أمام مصلحتي الضرائب والجمارك عن التدخل في وضع أسعار.
يضحك د/ العسلي ويواصل قائلاً: الجميع إرتفع من هذا التوجه فالذي كنت أهدف من خلاله ضرب الفساد في عقر داره ولن يقم للمفسدين في هذا الميدان بعده قائمة، فيما كان المواطن والوطن سيستفيد فائدة كبيرة.
وهذا الموضوع وكذلك غالبية المواضيع التي تحدث عنها ضمن حديثي إلى الملحق الاقتصادي أو بالأصح ضمن هذه المكاشفة من أجل الوطن وتطوره لم يسبق أن ناقشتها معي وسيلة إعلامية وبكل شفافية أؤكد أن كلام التطرق إليها لم يكن من باب التحفظ أو لشيء في النفس، بل لم تكن محل نقاش ولم تُطرح، أما العسلي فلا يتحفظ عن مخالفات أو فساد أو تجاوزات حتى ولو كان الفاعل العسلي سأفضحه.
وكما أسلفت الذكر كان الهدف من الخطوة هذه ضرب الفساد في الجذور تم مقاومتي مقاومة شرسة ووقف ضدي مدير مكتب رئاسة الجمهورية في عهد النظام السابق والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وقال هذا فساد، وكنتُ قد إنتهيت من توقيع الاتفاقية، ولكن مدير مكتب الرئاسة السابق هدد بسحب التمثيل الدبلوماسي اليمني من سويسرا وتوتير العلاقات والغاء كافة الاتفاقيات والبروتوكولات بين البلدين، مما دفع بالجانب السويسري إلى ايقاف الاتفاقية والتوقيع عليها وتم الغاؤها بعد إقصائي من الوزارة وكان ذلك سيحل هذه الإشكالية.
واليوم جميع السلع المستوردة تُسعر في الجمارك بأقل من سعرها بخسمين بالمائة مما تُباع بالسوق ويصل تسعير بعضها بأقل مما تُباع بالسوق إلى سبعين بالمائة ونحن قلنا هذا فساد واضح لا يحتاج إثبات وكل الجهات تعرفه.
وأنا أتحدى مصلحة الجمارك أن تبرز أو تنشر قائمة أسعار السلع لديها، ومقارنتها بالأسعار التي تُباع بها في السوق ونحن نؤكد أن الجمارك لا تستطيع حتى أن تطلعك على قائمة الأسعار، مجرد إطلاع أما إعطاؤك نسخة من القائمة فهذا شيء مستحيل وإذا كنت تشك في كلامي فما عليك الا أن تُجرب فقط.
البنوك معفية
البنوك في اليمن معفية من ضرائب كثيرة وهو ما يجعلها تفصح ولو بشكل غير كافٍ عن حساباتها ولو زرت الشركات أو البنوك المعفية من الضرائب ستجد أن موازنتها تختلف عن التي ليس لها إعفاءات.
وبالنسبة للشركات المعفية فهي كثيرة، حيث تم إعفاءها وكذلك شركات الاتصال من الضرائب تحت مسمى الاستثمار والنفطية والخدمات والسفارات وكثير من المشاريع الخارجية، وبالتالي حجم الاعفاءات كبيرة للغاية وهذا يمثل خطر.
وتلك الإعفاءات يجب إلغاؤها لأنه لا قيمة لها، وفي المقابل تحديد ضريبة عادلة على الكل دون إستثناء، فهذه الاعفاءات تمثل خلل كبير حيث يتم استغلالها لادخال معدات وآلات وسلع إلى ا لبلد ثم تذهب إلى السوق وهي معفية من الضرائب وهذا يؤثر على الاقتصاد وحتى التجار أيضاً يتضررون لكنهم يقايضون هذا الوضع.
إعفاء شركات الاتصال
من غالبية الضرائب بحجة أنها استثمارات جديدة، وتم تجديدها وهذا فساد كبير، يعني أنها لاتدفع إلا نسبة بسيطة جداً من الضرائب المتوجب عليها، رغم أنها غطت كل إمكاناتها ولكنها تستمر تحت مظلة الاعفاء.. شركات الاتصالات لا تدفع إلا ضريبة المبيعات فقط رغم ما تحققه من أرباح مهولة، وهذا من قضايا الفساد القائمة والتجديد لها يعاظم من الفساد لأنه لا حاجة لها للتجديد فهي لم تستثمر من جديد أو تُحسن خدماتها..
سوق للأوراق المالية
يجزم د/ العسلي أن الحديث عن إقامة سوق للأوراق المالية في اليمن موضوع في غاية الأهمية والحساسية وأثناء شغله منصب وزير المالية كان قد بحث مع خبراء أجانب وفي مقدمتهم أميركيين البدء في هذا الموضوع ولكن بعد إقصاءه من الوزارة بسبب مواقفه الرافضة للفساد توقف المشروع.
ويقول د/ العسلي لا يمكن أن تتم عملية إقامة سوق للأوراق المالية في اليمن الا إذا كان النظام صحيح وسليم وشفاف، فالأصل في أسواق الأوراق المالية الشفافية والإفصاح وفي ظل الوضع الضريبي القائم لن تبادر أية شركة أو جهة للتسجيل في هذه السوق لأنها ستدفع ضرائب مهولة ومن هو خارج السوق المالية لن يدفع شيء.
ومالم يتم إصلاح النظام الضريبي لن يكن هناك سوق مالية، ولا استثمارات فعندما يأتي الخارج ويرى أن هناك موازنة مخفية وموازنة للدولة مختلة، سيقول من يضمن أن الشريك اليمني لن يخفي أو يتلاعب بما هو حق لي فكيف أشاركه أو اثق به.. وإذا كان مطلوب من المستثمر الأجنبي أن يدفع رشاوٍ فهذا ضد قوانينه وتشريعاته ومكانته وسمعته، وكثير من الناس يتحاشون ذلك لأن مخاطره وخسائره كبيرة وخصوصاً الشركات الكبيرة لا تستطيع أن تعمل لها نظاماً محاسبياً مماثلاً لما هو سائد في الدول.
أسباب إقصائي!!
اليمن يستورد عدد كبير من السلع من الخارج هذا إذا لم تكن النسبة الأكبر ويتم فرض رسوم جمركية لكن لم يُحسم في إدارة الرسوم الجمركية ولم تستغل اليمن التقدم العلمي والتقني لإدارة هذا الموضوع فلا يزال محل فساد كبير.
وعندما كنتُ في وزارة المالية سعيت جاهداً لحسم الأمر، وتم محاربتي من كل الجهات، لأن لا التجار والمتنفذين والمفسدين يريدون إصلاح ذلك ولم يقف معي أو يُساندني أحد، لا المسؤولون والموظفون ولا الوزراء والقطاع الخاص ولا الحكومة ولا مجلس النواب ولا طرف وقف أو حاول مساعدتي.
وهذه إشكالية معالجتها وإصلاحها وصحيح أن هناك تعدداً في الضرائب في اليمن ضريبة الأرباح الأجور والمرتبات – الدخل – المبيعات – المساكن – المهن ورسوم أخرى تصل إلى مائتين وهذه حقاً نسبها مرتفعة جداً.. وإذا كان التاجر أميناً ويريد أن يُطبق القانون فإنه سيخسر رأسماله بثلاث إلى أربع سنوات ومن لم يكن أميناً يربح، وهذا جعل التجار ورجال الأعمال يمارسون الغش والاحتيال جميعهم بدون إستثناء وهم مضطرون لذلك.
وأثناء شغلي لمنصب وزير المالية قررت العمل جدياً لحل هذه المشكلة وذلك بالتركيز على ضريبة المبيعات بدرجة أساسية وأؤكد ضريبة المعبيات لأنه يُسهل تحصيلها وبالتالي يُسهل تحديد كم مقدارها ومعرفة المتهربين من دفعها.
وكنت أزمع العمل على إلغاء وتخصيص بعض الضرائب التي يصعب تحصيلها أو تحديدها وخضتُ معركة شرسة وقفت مصلحة الضرائب ضدي وكذلك الحكومة ورئيسها وقفت ضدي ومجلس النواب وكافة الناس في اليمن وكان ذلك أحد أهم الأسباب لإقصائي من وزارة المالية.. وقد مر حوالي خمس إلى ست سنوات منذ تلك الفترة ولم يستطيعوا تطبيق ضريبة المبيعات ولا إصلاح الضرائب رغم وجود دراسات كثيرة ومؤيدة من كل الجهات الضريبية والمساندة والمعنية إقليمياً ودولياً.
لا يوجد نظام ضريبي!!
إن الموازنات العامة للدولة وطرق إدارتها هي في الأساس ضرائب وكيف يتم انفاق هذه الضرائب والذي يكون وفق القانون المالي.
ونجد أن قواعد التعامل مع الضريبة أو المال العام هي من أهم القواعد الدستورية وتخضع على نقاش مستفيض، بحيث لا تكون هذه الضريبة مثبطة للنشاط الاقتصادي أولاً، وثانياً لا تكون ظالمة تُفرض على بعض ولا تُفرض على أخرين، وثالثاً لابد أن تكون شاملة، ورابعاً تُفرض لسبب وهو وجود خدمات اجتماعية تتطلب التمويل وليس فقط لمنافسة المواطنين.. ومن سوء الحظ أننا في اليمن لازلنا حتى اليوم لدينا أساليب إتاوات ولا يوجد نظام ضريبي على الإطلاق، وصحيح أن هناك قوانين وإشارة إلى بعض القواعد المالية في الدستور، لكنها عامة وغير مكتملة ولا تُطبق بتاتاً، والسبب أنه أسُتعير من دول أخرى وطلب شروط غير متوفرة في اليمن.
تكلفة الضريبة يجب أن تكون مناسبة للوضع الاقتصادي وإلا إذا كانت الضريبية المباشرة وغير المباشرة أكبر من عائدها، مقدم وجودها أفضل، ونحن نعرف أن النشاط الاقتصادي في اليمن يقوم به ناس صغار.. لكن يوجد إحتكار على المستوى الكلي – استيراد – تصدير – وجملة – وبالتالي لا تتوفر الشروط الموضوعية لفرض ضريبة بالمعنى الصحيح، وعلى سبيل المثال هناك كثير من التجار الصغار لا يمسكون دفاتر وكذلك التجار الأصغر مثل البقالات، الاتصالات، المطاعم ...إلخ، ولا بد من التعامل بجدية مع هذه المشكلة.. ما يسمى أيضاً ضريبة القات والتي قد يصل عائدها مبلغ يتجاوز أربعة مليارات تعتبر تكلفة كبيرة جداً وعائدها قليل، وعملت على نشر الفساد وإضعاف الدولة، وهذه الضريبة يجب أن تلغى، لأن أضرارها أكثر بكثير من فوائدها فلا هي حدث من استهلاك القات ولا وفرت دخل للدولة وجعلت محاربة الفساد فيها شبه مستحيل، ونرى أن مثل هذه الضرائب يجب أن تلغى.
رئيس مصلحة الضرائب ليس مسؤول جمعية خيرية
كان الاستياء كبيراً للغاية يبدو على د/ العسلي ونحن ننقل إليه تصريحات عن رئيس مصلحة الضرائب تفيد أنهم يعانون من التهرب الضريبي وأن الملتزمين بدفع الضرائب لا يتجاوز 25 بالمائة.
د/ العسلي لم يدعنا نكمل طرح بقية ما يتعلق بالموضوع هذا وصرخ قائلاً: عيب يا أخي.. عيب أن تصدر مثل هذه التصريحات من رئيس مصلحة الضرائب، فهو ليس مسؤول جمعية خيرية، يشحت من المحسنين ورجال المال والأعمال، بل هو قائم على استحقاق قانوني وأموال دولة وشعب، فكيف له أن يصرح بذلك وكما أسلفنا الضريبة أساس الدولة، ولا يدفع الضريبة أحد مختاراً، بل لابد من استخدام سلطة الدولة وقوة القانون ضد من لا يدفع الضرائب، فالتهرب الضريبي من أكبر الجائم التي تهدد أمن الدولة.
ونستغرب من رئيس مصلحة الضرائب صدور مثل هذه التصريحات، فهو ليس مسؤول جمعية خيرية، وإنما هو رئيس لأحد أعلى سلطات الدولة على مستوى العالم كله ولذلك فالضرائب تحرص عليها دول العالم حرصاً أكبر وتوليه كل الاهتمام، بل تحرص عليها أكبر من حرصها على النظام أو الرئيس لأنها أساس الدولة والمواطنة وبالتالي ما الذي عملته مصلحة الضرائب أو الدولة في هذا المجال؟!
في دول العالم أجمع هناك أجهزة أمنية مرتبطة بالضراب ماعدا اليمن والأمن الضريبي أهم أمن ويحظى بسلطات كبيرة وفي اليمن لا يوجد هذا الأمن وهنا نتساءل لماذا يوجد أمن سياسي وقومي ومركزي واستخبارات عسكرية ....إلخ ولا يوجد أمن واستخبارات ضريبية، السلطة ملزمة بأنها تحمي الضرائب، والتي بدونها تنهار الدولة، وإذا قصرت في حماية حقها هذا، فأي حق يمكن أن تحميه؟!!
إتفاق للإضرار بالوطن!!
من أبرز المؤشرات على ظلم ما يسمى الضرائب في اليمن، معظم الضريبة تأتي من المرتبات الحكومية لأنها تخصم من المنبع وإذا ما لاحظنا سنجد أن موظفي القطاع الخاص لا يدفعون ضرائب كثيرة وهم كُثر أولاً.
وثانياً: يتم تحصيل الضريبة من الرسوم الجمركية وضريبة المبيعات والتي تؤخذ من المنبع وهذه كلها يتحملها المواطن العادين فيما رجال الأعمال والمفروض الذين يدفعون ضريبة الأرباح، لكنهم لا يدفعون إلا قليلاً جداً، كما أنه يُفرض أن يدفعوا ضريبة الأجور والمرتبات على الموظفين لديهم ولكنهم لا يدفعونها.. ولهذا نجد أن مصلحة الضرائب بتحصيل الضرائب ممن تطلق عليهم كبار المكلفين من أجل تحصيل الرشاوي، فلا يوجد أي إقرار ضريبي يمر إلا ويُدفع به رشاوي وأتحدى أي شخص غير ذلك، بحيث يأتي مكلف الضريبة للفحص، فياتي ويقدرها بمبالغ خيالية ويلغي كل المستندات وبعد ذلك يتم التفاوض، ما دفعه في العام الماضي يدفعه في هذا العام مع زيادة نسبة معينة، لكن يدفع رشاوٍ واضحة، أين الأمن السياسي والقومي وهيئة الفساد وأين المواطنون، هناك فساد وقح وظاهر ومن السهل إثباته وليس مخفياً، «وإذا بليتم فاستتروا» وهنا مصلحة الضرائب تتحمل كامل المسؤولية.. وعندما كنت وزيراً للمالية حاولت أن يأتي أجهزة الضرائب حتى يتم توزيع القاعدة الخاصة بالبيانات والمعلومات والوصول إلى الناس.
وكانت مصلحة الضرائب تقوم هذا الأمر بقوة، لأنها تريد أن تحتكر كبار التجار ورجال المال والأعمال والمستثمرين في كل الذين يتم التعامل معهم مركزياً ومباشرة مع المصلحة في أمانة العاصمة.
وهذا يعتبر مصدر الدخل الرئيسي والكبير لموظفي الضرائب وهناك شبه إتفاق بين مصلحة الضرائب وهذه الشرائح على إدارة أموالهم بطريقة تضر بالوطن، وهذا عيب ولا يوجد ضمير لدى هؤلاء لإنكار ذلك، وأصبح وكأنه شيء مشروع ومحتم يُمارس ضمن المهام فإذا كانت الدولة غير قادرة على التعامل مع هذا بجدية، فما الذي يمكن أن نتعامل معه؟!!
لماذا فشلت مصلحة الضرائب؟
يجزم د/ العسلي أن سبب فشل مصلحة الضرائب في تطبيق المبيعات، هو أن كل أصحاب الضرائب الآن مستفيدون من بقاء الوضع وثراءهم واضح لا يحتاج إلى أي إيضاح.
لكن هيئة الفساد ومجلس النواب لا يتابعونهم، فتجد أن موظفاً بسيطاً يدخل مصلحة الضرائب وهو فقير، وإذا به يغدو يملك الحسابات والعقارات ظاهراً ولا يحتاج حتى إلى تبييض الأموال، إنه فساد ظاهر وقح يدل على عجز كل الحكومات بل والمجتمع عن معالجته.
وإذا لم يتم إصلاح الضرائب بكل صراحة فإنه لن يكون هناك مواطنة متساوية ولن تكون هناك دولة حديثة، ومن سوء الحظ أن اليوم النقاش الذي يجري في مؤتمر الحوار، نقاش على قضايا سفسطائية لا علاقة لها بالدولة الحديثة ولا حياة المواطن ولا مستقبل الوطن. وقضية كالضرائب في غاية الأهمية والحساسية وينبغي أن تكون في صلب الموضوع بحيث يتم تحديد ماهو المقدار العادل للضريبة، وبها تكون كل حكومة تأتي ملزمة به ولا تتنازل عن المقدار هذا أو تزيد عليه.
يلي ذلك إيجاد ضمانات حقيقية تضمن أن هذه المبالغ التي تُحَّصل تذهب إلى مستحقيها من الناس في القرى والمدن وتحسين الخدمات العامة والاجتماعية وحياة المجتمع وبدون الوصول إلى تحديد وإنفاذ هذه النقطة، فلا يمكن إحداث تنمية اقتصادية أو أي تنمية أخرى.
وواقعياً هناك تجارب عديدة إما أن تكون الضريبة أقل مما يجب كما هو في اليمن وبالتالي فإن الدولة تكون عاجزة وتستطيع أن تغطي عجزها عن النفط لكن النفط إنتهى والآن الدولة تشحت من الخارج لكن لا يمكن لها أن تشحت إلى ما لا نهاية ولذا لابد أن يكون لديها مقدار من الضرائب القابلة للتحصيل والعادلة غير المضرة بالنشاط الاقتصادي ومن غير ذلك لا يمكن حصول تطور أو نماء اقتصادي وتنموي ومجتمعي متوازن أبداً ونحن نعرف أن هناك دولاً فرضت ضرائب كبيرة ولم تتطور مثل الأردن والمغرب بل أثرت سلباً على اقتصادها وأجبرت رأس المال على الهجرة والاستثمار في الخارج.
موضوع الحوار
العالم الخارجي يقول أنا لا أعطي مالي للإنسان السفيه الذي يبذر ماله، وسوف يبذر مالي، وإن الركن الأساسي للدولة الحديثة الضرائب.
واليمن لن تدخل هذا المربع، وبالتالي فإنها خارج نطاق التاريخ وخارج نطاق بناء الدولة ولن يتم ولوج الدولة الحديثة والعصر الحديث لليمن إلا إذا أثرنا إصلاح الضرائب لأنها سبب لكل الفساد، فساد الحاكم والمحكومين والتجار والموظفين وبدون الوقوف عند هذا الأمر وضبطه من خلال القوانين التي تكون عادلة وواقعية وفعالة أولاً وإيجاد جهاز يطبقها، فلا ينفع وجود قوانين ممتازة ولا يوجد من يطبقها ثانياً، ووجود محاسبة ثالثاً.
هذه ثلاث قضايا أساسية هي لب مشكلة اليمن وما يحدث من إضطرابات وأواسط الدول العربية كلها لأن ذلك هو الذي يقود إلى إنعدام العدالة ووجود المحسوبية وتثير الشللية وتخلق الديكتاتورية، وما الديمقراطية إلا وسيلة لأن المواطن يدفع الضرائب يستطيع تغيير الحاكم فإن فرض عليه ضريبه أكبر وإن هدر أموال غيره.
وإن لم يكن هذا ضمن برامج الأحزاب والمعايير التي على أساسها تتم الانتخابات، قيمة لهذه الانتخابات، واليوم صارت الانتخابات شللية مناطقية إيدلوجية دينية طائفية وكلها يختلف الناس فيها.
وهذا أدى إلى عدم فاعلية مجلس النواب والحكومة والنظام أجمع وسيظل الأمر إذا لم تكن الضريبة موضوع أساس للحوار والنقاش، فالدولة الحديثة في العالم تتناقش على هذا الأساس، فهي التي تحدد مستوى الدولة الفاعلة وغير الفاعلة وتحدد للناس، هل يصوتون لهذا أو لهذا.. ونرى أن ذلك ا ليوم عائق يدفع الشعب ثمنه وتستفيد منه النخب، سواءً التجارية أو بعض الموظفين أو المسؤولين أو الدولة وهذا الظلم الأكبر ومالم يتم إزالته من خلال إصلاح نظام الضريبة، فإن أي حديث عن إصلاحات، هو مجرد كذب وتضليل وخداع للناس.
مشكلة لها نصف قرن
عدم الإفصاح عن البيانات أو نشرها وكذلك الحسابات الختامية السنوية والأرباح مشكلة لها أكثر من خمسين سنة، ولم يتم ايجاد معالجات لها وتتحمل مصلحة ا لضرائب المسؤولية الكبرى لأنها لا تُناقش هذا الأمر كونها مستفيدة.
فإذا كانت البيانات والكشوفات متوفرة ويُفصح عنها لن يكون هناك مجال للرشاوي والإتاواتن إذا هناك إتفاق بين التجار ومصلحة الضرائب بعدم مناقشة ذلك والقول بأنه صعب ويهولوا من المسألة.. مع أنه حتى التاجر البسيط لديه كشف يومي بالحركة أي ما قام بشراءه وبيعه ولكن مصلحة الضرائب تحاول بقاء الوضع، فهي وكما أسلفتم الذكر ذكرت أن من يدفعون ما يُسمى الضرائب لا يتجاوز 25 بالمائة وفي المقابل لماذا ترفض حتى مجرد الحديث عن المتهربين أو نشر قائمة سوداء بهم، فهي لا تريد ذلك ولا يوجد محاولة لهذا لأنها مستفيدة من ذلك.. قيام مصلحة الضرائب بهذه الخطوة معناه أنها ستخسر ما كان يتدفق على موظفيها من أموال، هم يريدون الإبقاء على الأمر لاستخدامه كوسيلة للتهديد والضغط على التجار واستلام إتاوات ورشاوٍ، وإذا وجدت قائمة سوداء - هذا إذا كان هناك نظام ضريبي- سيكون على موظفي مصلحة ا لضرائب التقشف وقد يتم محاكمتهم.
ظلماً وتدميراً
ينبغي أن نفرق بين الضريبة والإتاوات، الإتاوات تفرض من قبل الحاكم أو الإمبراطور أو الملك أو الرئيس، لأغراضه هو وتفرض على الناس بحسب هواه هو.
وبالتالي فإنها لا تكون مرتبطة بالمجتمع لا من قريب ولا من بعيد، وبهذه الحالة فإن هذه الإتاوات تعتبر ظلماً وتدميراً لأنها تأخذ جزءاً من موارد المجتمع، ويتم تبديدها على القصور والحاشية والمظاهر واحتفالات التكريم، وهذه أمور كلها تفيد الحاكم ولا تفيد المجتمع.
الدولة الحديثة قامت على ركن أساسي وهو الضرائب، إذا الضريبة مرتبطة أساساً بالدولة الحديثة التي تقوم على قاعدة هامة تشترط أن تقدم الدولة خدمات مفيدة للمجتمع لا يمكن له إطلاقاً أن يحصل عليها من أي جهة أخرى، لا من القطاع الخاص ولا من منظمات المجتمع المدني، وإنما لابد من الدولة نفسها.
ووجود الدولة لابد أن يوجد معه مقومات هذه الدولة كالأمن والعدالة والدفاع عن الوطن والعدالة الاجتماعية وكذلك أصبحت جزء من إدارة الاقتصاد الحديث.
وإذاً الضريبة هي مظهر من مظاهر الدولة الحديثة ولا يمكن لأي دولة حديثة أن تقوم أو توجد بالمعنى الصحيح، مالم يوجد ضريبة، لأن الدولة الحديثة تقوم على أساس، أنها لا تملك المجتمع، بل المجتمع يملكها وبالتالي فإنها تحتاج إلى موارد للقيام بهذه العمليات.
وجزء من هذه الموارد تحصل عليها من المواطنين، وما يميز الضريبة عن النشاط الاقتصادي الآخر وهو القطاع الخاص، هو أن الضريبة تفرض على من عندهم القدرة ويستفيد من خدماتها بدرجة رئيسية هم العاجزون الذين لا يستطيعون أن يديروا أمورهم.
وعليه سيكون هناك شريحة كبيرة من المجتمع لا تستفيد منها، ويحصل عليها شريحة ليس بالضرورة أن تكن هي التي تدفعها، وهذا جعل التعامل مع الضريبة يحظى بترتيبات خاصة تختلف عن النشاط الاقتصادي لأن السوق يقوم على قاعدة من يملك ثمن السلعة يحصل عليها، وبالتالي هنا لا يحصل تمييز بين إنسان وآخر، بل من يملك ثمن السلعة يحصل عليها سواء كان أبيضاً أو أسوداً أو غنياً أو فقيراً أو صغيراً أو كبيراً.
لكن خدمات الحكومة تُقدم للمواطنين ليس على أساس تحمل التكاليف، وإلا لكان القطاع الخاص والسوق هما أولى، وإنما تُقدم على أساس المواطنة.
المواطنة هي الضريبة
هنا المواطنة هي الضريبة بمعنى أنك قد تكون مواطناً وتحصل على خدمات من مجتمعات تفوق ما تقدمه من خدمات للمجتمع وبالتالي هنا فإن الضريبة كأنها تسمح بتفاوت الدخل دون أن يكن هناك حسد أو صراع أو تنازع، لإنه إذا زاد دخل الشخص فإنه سيدفع من ذلك ضريبة ويستفيد منه بقية المجتمع، إذاً المجتمع كله يستفيد وكذلك الشخص.
وعلى هذا الأساس فإن الضريبة تفرض أساساً على الدخل المتولد عن الزيادة، ولا تكون من رأس المال، لأنه إذا كانت منه سيؤدي ذلك بالمجتمع لأن ينحط، وبالتالي كون الضريبة من الزيادة المتولدة فالتاجر قد لا يجد عداءً كبيراً في دفعها، أما إذا كانت ستؤخذ من رأس ماله فإن سيدافع عن عدم دفعها بقوة وبناءً عليه فإن الضريبة تكون من الزيادة أولاً.
وثانياً لا تُصادر كل هذه الزيادة، وإذا صادرت كل الزيادة، فلن يكن هناك دافع لدى رجال المال والأعمال والمستثمرين للقيام بأية أنشطة، لأن العائد لا يستفيد منه سوى الحكومة ولذلك فإن ترتيبات الضريبية تكون على الأساس التالية:-
لا تُفرض إلا بقانون بمعني أن لا يستطيع أي حاكم - أياً كان - أن يفرض ضريبة وفق رغباته الخاصة، وعندما يوجد القانون فلابد أن يتم تقييم تكلفة الضريبة ومنافعها ولا بد أن يكون هناك صافي يعوض جزءاً من الخسارة التي خسرها المجتمع أو الخسارة كلها.
مصلحة الضرائب ترفض التقديرات الحقيقية
إرتفاع الأسعار ليس له علاقة بالضرائب وإنما التجار يستغلون مسمى الضرائب لرفع الأسعار كما يشاؤون ولا رقيب عليهم، كما يقدمون أسعاراً مضروبة وبعيدة كل البعد عن السعر الحقيقي والاستهلاكي.. وما يتم ليس ضرائب وإنما إتاوات، فعندما يوجد نظام ضريبي يُحدد على أساسه ضريبة المبيعات فإذا كانت 5 بالمائة يرتفع سعر السلعة 5 ريال وهكذا، بمعنى آخر أن الضريبة لا علاقة لها بالسياسة الاقتصادية وما يجري إقتصادي.
وأكرر لا يوجد في اليمن نظام ضريبي إنما إتاوات، ومصلحة الضرائب تُقدم أنها ستحصل على أربعمائة مليار أو أكثر ثم تعمل على تقسيمها عشوائياً على الجهات المستهدفة دون أن يكون ذلك مربوطاً بنشاط هذه الجهة أو تلك أو إنتاجها أو حركتها السوقية ودون أن يكون مربوطاً بأي أهداف استراتيجية، اقتصادية مثل زيادة النمو أو إهباط التضخم أو التنمية عليها لأنها ستجعلها تفتضح وتصر على أن يكون المبلغ هو المبلغ الذي تستطيع أن تفرضه على الناس، يعني قبيَّلة أو عشوائية وهذا يؤكد أنه لا يوجد نظام ضريبي، لأن النظام الضريبي يعتمد على النشاط الاقتصادي، فإن زاد النشاط الاقتصادي زادت الضريبة وإن انخفض يرافقها انخفاض في الضريبة، وعلى الدولة أن تعمل على نماء النشاط الاقتصادي حتى لا تخسر، لكن اليوم لا علاقة للضرائب ببرامج الحكومة ومفهوم النشاط الاقتصادي، إنها إتاوات وتفرض جزافاً دون أي معايير.
لايمكن الحديث عن تهرب ضريبي
إلا إذا كان هناك نظام ضريبي فيمكن عليه أن نبني تقديرات التهرب الضريبي، وبدون ذلك هذا شيء مستحيل وما يصدر من بحوث أو دراسات أنا أسميها اجتهادات تورد أرقام إذا كان يوجد نظام ضريبي، قد تكون تلك الأرقام مقاربة نوعاً ما عن مستوى الفاقد.
لكن في ظل غياب النظام والوعي الضريبي، وبقاء أساليب الإتاوات والعشوائية التي تسير هذه العملية، لن نستطيع تحديد شيء وهو معدوم في الأصل، حيث لا يوجد كشوفات ولا حسابات ولا موازنات.
ومن باب الطرح فإن المبلغ الذي يتفاوت ما بين (700 مليار إلى تريليون ومائتي مليار ريال) قد يكون أصغر أو أكبر، ولكن الأهم ليس المبلغ وإنما كيف تؤدي الضريبة دورها وهل هي منصفة وعادلة أو ضاره، فالأساس فيها العدل وعدم إلحاق الضرر، فإذا إرتفعت أو انخفضت كانت ضارة.. وعلى الدولة أن لا تُبالغ في الايرادات لأنها تستطيع أن تأمم كل الدخل وترفع الضريبة مائة بالمائة وهذا ضار، وإذا جعلت الضريبة صفراً أيضاً هذا ضار، إذاً لابد نصل إلى إبقاء او ما يسمى آليات ضبط الضرائب، يتم على أساسها تكون الضرائب مرتبطة بالنشاط الاقتصادي والخدمات التي تقدمها الدولة ومقدار العدالة وماهو موجود.
ثراء المتنفذين
يحذر د/العسلي من استمرار فساد الضرائب والتلاعب بها لأن قضية الضرائب قضية هامة وحساسة جداً وفي اليمن التلاعب كبير في الضرائب عن طريق الاعفاءات بهدف الاستثمار ولم يأتي هذا المسمى استثماراً.
والطامة الكبرى إستغلال هذه الإعفاءات لتحقيق ثراء بعض المتنفذين، وعليه فإن الضرائب قضية شائكة وموضوع حساس جداً ويحتاج إلى بناء من الصفر وشجاعة وحوار ونقاش بحيث يتم تحديد هو المقدار المناسب من الضرائب ومن يدفعه وكيف يُصرف ولمن.
وبدون ذلك لن يتحقق أي إصلاح لا مالي ولا إداري ولن توجد موازنة مضبوطة ولا تنفيذ لكافة مشاريع البنى التحتية والعامة بدون تعثر، ولا الحديث عن أي تقدم في اليمن ولا الحديث عن محاربة الفساد وكيف يمكن الحديث عن محاربة الفساد وموظفي مصلحة الضرائب إما ممارس أو صامت عن الفساد، ولا يجد بداً من الفساد إما من خلال صمته أو ممارسة الفساد، وهذه قضية بلغت فيها الوقاحة إلى درجة لا يمكن بعدها أن يوجد أي إحترام لأي حكومة ترى هذا الأمر ولا تعمل على إصلاحه.
وقد عجزت كل الحكومات عن أي إصلاح ضريبي لأنها لم تكن صادقة ولا وطنية، واليوم النظام الجديد والثورة وغير ذلك مالم يتم محاربة الفساد في مصلحة الضرائب سيكون كأنه لم تقم ثورة ولم يأتي نظام جديد ولن تتحقق تنمية وكذلك عدم تحسين الخدمات وتحقيق مطالب الشباب والشعب، معناه الحكم على التغيير والثورة وإصلاح وتطلعات الشباب والمجتمع بالقتل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.