القائم بأعمال رئيس الوزراء يشارك عرس 1000 خريج من أبناء الشهداء    موسم العسل في شبوة.. عتق تحتضن مهرجانها السنوي لعسل السدر    مليشيا الحوثي تسعى لتأجير حرم مسجد لإنشاء محطة غاز في إب    أبين.. حادث سير مروع في طريق العرقوب    شبوة تحتضن بطولة الفقيد أحمد الجبيلي للمنتخبات للكرة الطائرة .. والمحافظ بن الوزير يؤكد دعم الأنشطة الرياضية الوطنية    صنعاء.. إيقاف التعامل مع منشأتَي صرافة    المجلس الانتقالي الجنوبي يرحّب بتقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة ويدعو إلى تعزيز التعاون الدولي    الأرصاد يتوقع أجواء باردة إلى شديدة البرودة على المرتفعات    وزارة الخدمة المدنية توقف مرتبات المتخلفين عن إجراءات المطابقة وتدعو لتصحيح الأوضاع    لحج: المصفري يرأس اجتماعا للجنة المنظمة لدوري 30 نوفمبر لكرة القدم    توتر وتحشيد بين وحدات عسكرية غرب لحج على شحنة أسلحة    عالم أزهري يحذر: الطلاق ب"الفرانكو" غير معترف به شرعا    تسعة جرحى في حادث مروع بطريق عرقوب شقرة.. فواجع متكررة على الطريق القاتل    انتقادات حادة على اداء محمد صلاح أمام مانشستر سيتي    سؤال المعنى ...سؤال الحياة    برباعية في سيلتا فيجو.. برشلونة يقبل هدية ريال مدريد    بوادر معركة إيرادات بين حكومة بن بريك والسلطة المحلية بالمهرة    هل يجرؤ مجلس القيادة على مواجهة محافظي مأرب والمهرة؟    جحش الإخوان ينهب الدعم السعودي ويؤدلج الشارع اليمني    الأربعاء القادم.. انطلاق بطولة الشركات في ألعاب كرة الطاولة والبلياردو والبولينغ والبادل    العسكرية الثانية تفضح أكاذيب إعلام حلف بن حبريش الفاسد    غارتان أمريكيتان تدمران مخزن أسلحة ومصنع متفجرات ومقتل 7 إرهابيين في شبوة    إحباط عملية تهريب أسلحة للحوثيين بمدينة نصاب    الدوري الايطالي: الانتر يضرب لاتسيو في ميلانو ويتصدر الترتيب برفقة روما    العدو الصهيوني يواصل خروقاته لإتفاق غزة: استمرار الحصار ومنع إدخال الوقود والمستلزمات الطبية    الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية تُنظم فعالية خطابية وتكريمية بذكرى سنوية الشهيد    دائرة الرعاية الاجتماعية تنظم فعالية ثقافية بالذكرى السنوية للشهيد    فوز (ممداني) صفعة ل(ترامب) ول(الكيان الصهيوني)    مرض الفشل الكلوي (27)    فتح منفذ حرض .. قرار إنساني لا يحتمل التأجيل    الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر اليمني ل 26 سبتمبر : الأزمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة وفاعلة    انها ليست قيادة سرية شابة وانما "حزب الله" جديد    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    تيجان المجد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    الرئيس الزُبيدي يُعزي قائد العمليات المشتركة الإماراتي بوفاة والدته    محافظ العاصمة عدن يكرم الشاعرة والفنانة التشكيلية نادية المفلحي    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    في بطولة البرنامج السعودي : طائرة الاتفاق بالحوطة تتغلب على البرق بتريم في تصفيات حضرموت الوادي والصحراء    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    عين الوطن الساهرة (1)    الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري تعزّي ضحايا حادث العرقوب وتعلن تشكيل فرق ميدانية لمتابعة التحقيقات والإجراءات اللازمة    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لننادي جميعا شمالا وجنوبا بفك الارتباط !!
نشر في الجنوب ميديا يوم 23 - 12 - 2012


عبدالله سالم الدقيل
تم من عدن الباسلة إعلان قيام دولة الوحدة ، و تم طوعيا توحيد أراضي اليمن الجنوبي مع أراضي اليمن الشمالي ،ولأول مرة في التاريخ ، لتصبح كيان واحد وضعت تحت سيادة وسيطرت الدولة المركزية لدولة الوحدة في صنعاء لتعم خيراتها الشعب اليمني شماله وجنوبه . خلال الفترة الانتقالية ازدادت التوقعات وتوحد الإنسان اليمني شرقا وغربا ، شمالا وجنوبا وأصبح له هدف واحد هو بناء اليمن العصري الجديد ، يمن الثاني والعشرين من مايو .
الا إنه خلال الفترة التي تلت الفترة الانتقالية اتضحت نوايا طرفي الوحدة من الوحدة . نوايا حسنة لدرجة السذاجة ، كما يصفها البعض للقيادات الجنوبية ، قابلتها ممارسات استعلائية تسلطية استحواذية للقيادات الشمالية . أفاق الجنوبيون من الصدمة المخيبة للآمال بعد فوات الأوان ، حاولوا فعل شي لإنقاذ الموقف فلم يفلحوا ، ووجهوا بجفوة وصلافة شديدة ، وقام الشريك الذي استولى على مقاليد الأمور بصدهم بقوة مفرطة غير آبها بمشاركتهم الطوعية في الوحدة ومنكرا مواثيقها. وهكذا تبخرت أحلام القيادات الجنوبية في دولة الوحدة دولة المؤسسات العصرية التي كانوا ينشدونها وضحوا بدولتهم شعبا وأرضا من أجلها .
وكانت حرب صيف 1994م والتي خلالها وصف الجنوبيين بالمستضعفين ، واعتبر إن الوحدة هي وحدة الأرض لذلك تم اجتياحها بالقوة منكرين وحدة الإنسان الذي تم التقليل من قدره واستباحة دمه ، وانتصرت القوة العسكرية ودمرت الوحدة الطوعية ، وفر شركاء الوحدة الأساسيين من القيادات الجنوبية إلى خارج اليمن ، وتم استعارة شركاء جنوبيين آخرين لتزيين ديكور الوحدة الملطخة بالدماء.
بعد أن انتهت العمليات العسكرية الميدانية النظامية ، بدأ وبشكل ممنهج تمزيق وحدة الشعب التي ترسخت أكثر خلال الفترة الانتقالية . لقد تم وبشكل مقصود الترتيب إلى اصطفاف شمالي- شمالي ، جنوبي - جنوبي ، ونشر وممارسة ثقافة إن الشمالي هو السيد والجنوبي هو التابع . فوضع الشمالي في السلك الحكومي والعسكري أياً كان منصبه موضع السيادة والاستقواء وفرض السيطرة وأحقية الحصول على الثروة ، في حين وضع الجنوبي موضع التابع المستضعف المهزوم الذي عليه أن يقتنع بما يجود به عليه نظيره الشمالي . فالموظف الشمالي الذي نقل الى الجنوب تم تمليكه من ارض الجنوب مجانا عدد من القطع الأرضية السكنية/ الاستثمارية أوالزراعية . هذا إضافة إلى مميزات السكن والمعيشة الأخرى . وكثيرا ما كان يعتبر نقل القائد أو الموظف الشمالي إلى الجنوب بمثابة منحة له لتحسين مستوى معيشته . في حين فقد العديد من الجنوبيين في مناطقهم الجنوبية أعمالهم وأقفلت مؤسساتهم الإنتاجية وشرد بعضهم من منازلهم واستيلاء العسكر على قطعة الأرض الوحيدة التي منحت له من قبل . أما من نقل من الموظفين الجنوبيين إلى الشمال فقد وضعوا في مركز التابع وفرضت عليهم الوصاية ، وسكنوا بالايجار تحت رحمة ملاك العقارات الشماليين .
وبالإضافة إلى المميزات التي يتمتع بها المنقولين الشماليين إلى الجنوب فقد عملوا وبقصد على إدخال العديد من الممارسات والعادات الاجتماعية الغير مرغوبة والسيئة ، وتشجيع ترك العادات والممارسات السائدة الحسنة منكرين بذلك الأخذ بالأفضل من الجنوب ، ومدمرين خصوصيات الجنوب الحضارية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية بحجة الوحدة أوإنها من آثار الحكم الشمولي الذي يجب طمسه .
كما تم توجيه العامل الشمالي البسيط الكادح وفي مختلف المهن الخدمية : بقالات ، ملابس ، خضار ، بائعي أرصفة ، عمال بناء ، نقل ، عمال الحراج .... والذي يتعيشون في المحافظات الجنوبية ، وبشكل مقصود لأن يضع نفسه دائما ، وهو في الجنوب ، في موضع السيد ، مستقويا بالوضع الأمني . لذا ترى الكثير من هؤلاء ، بالرغم من عوزهم ، متمنطقين بالسلاح ويتصنعون خشونة المعاملة ، غير آبهين بخصوصية المجتمع ، حيث تم إفهام هذا العامل الطيب البسيط بان يكون رسول الوحدة في الجنوب وتقع عليه مهمة تثبيتها عن طريق فرض السيادة والتصرفات الرعناء . هذ السلوك الشائن لم يساعد أبدا على ترسيخ الوحدة ، بل نصب المواطنون الشماليون به لأنفسهم العداء في المحافظات الجنوبية والغريب أن ترى هؤلاء أنفسهم أناس آخرين وديعون تماما عندما يكونوا في محافظاتهم الشمالية .
وعلى خلاف أولئك المواطنون الشماليون العاملون في المحافظات الجنوبية فان المواطنون والعمال والمزارعون والمهنيون وأرباب الأعمال الحرة الشماليين المستقرون في محافظاتهم الشمالية ، كان هؤلاء جميعا هم الذين يحملون براءةالوحدةوهمها ومفاهيمها الحقيقية . يشعر المرء وهو يجالسهم ، يتحدث معهم ، يصادقهم ، يتعامل معهم ، يؤاخيهم ، يصاهرهم ...الخ. بمصداقية أخوتهم وشعورهم نحو الوحدة . نفس المشاعر والهموم ، والآمال والطموح .
إلا إن جميع الشرائح لم تسلم من التعبئة الخاطئة . فبوسائل إعلامية شتى للحاكم تم إقناعهم بأهمية الاصطفاف معه ضد الجنوبيين الذين يرفعون أصواتهم مطالبين بتصحيح مسار الوحدة . لأن هذا يعني في مفهومهم المطالبة بالانفصال ، متناسيين أي مطالب شرعية للجنوبيين ومتغاضين عن أي غبن أو ظلم واقع عليهم . وبذا استطاع الحاكم أن يقنع المواطنون الشماليون بأن يلبي نداء الوحدة أو الموت طيعا مذعنا مستسلما دون التفكير بمغزى هذا الشعار الحقيقي .
لقد بدأ الجنوبيين مطالبهم بتصحيح مسار الوحدة ، والتوزيع العادل للثروة والتنمية ، والمواطنة المتساوية ، و محاربة الفساد على مستوى دولة الوحدة . فسر الحاكم هذا للشعب في الشمال على أنه مطالبة بالانفصال ، وتم إنكاره ومواجهته بقوة . ظل الجنوبيون يكررون نفس المطالب داعيين إخوانهم المواطنين الشماليين للانضمام معهم ، فلم يفعلوا بل استسلموا لتفسير الحاكم بأن الدعوة للتصحيح هو الانفصال بعينه ، لذا اصطفوا في صفه ضد إخوانهم الجنوبيين الذين يطالبون بالخير للجميع . وهكذا تبني مواطني المحافظات الشمالية شعار" الوحدة أو الموت " ، في حين كان حال المواطن الجنوبي يقول "إن هذه الوحدة هي الموت" .
لقد كان تبني شعار " الوحدة أو الموت " من قبل المواطنون الشماليون هو بمثابة الموافقة على سياسة الحاكم وأسلوبه في إدارة شؤون البلاد ومشاركته في تعطيل بناء اليمن الحديث. لقد شغل الحاكم الشمالي المواطن في الشمال بالوحدة وأثار قلقه عليها ، وتفرغ هو وحاشيته لتكريس الجهل والتخلف وحبك الحيل وإشعال الفتن ونهب خيرات البلاد واستعباد العباد غير آبه بالمتطلبات التنموية الحقيقية للمواطن المسكين الذي شغله ليل نهار بالدفاع عنه عبر الدفاع عن الوحدة الوهمية.
لقد كانت من مسؤولية المثقفين في المجتمع التوعية وتفنيد أطروحات الحاكم حول مفهوم الوحدة وفي شعار " الوحدة أو الموت " وفضح هدفه من وراء هذا الشعار وفي آليته الفريدة في إدارة شؤون البلاد جنوبا وشمالا لتكريس التخلف والفقر .لقد أنجبت وأهلت اليمن عدد كبير من الكتاب المثقفين القادرين على ذلك ، والذي منهم من هم في صف الحاكم وهؤلاء غير معنيين الآن.وللحقيقة فقد كان ينبري العديد من الكتاب الذي يطلق عليهم الكتاب الوطنيون التقدميون في العديد من المناسبات وبقوة كبيرة لانتقاد أساليب الحاكم في إدارة البلاد ، وفي التقدم المخيب للآمال نحو بناء دولة المؤسسات ، وكان هذا شيئ رائع . إلا إن معظم هؤلاء الكتاب المثقفون التقدميون الوطنيو سرعان ماينقلبوا إلى مدافعين عن الحاكم عندما ينتقد كاتب أو مثقف جنوبي الوضع ويطالب بالتصحيح ، بل وبخبث شديد يعمل هؤلاء الكتاب التقدميون المدافعون عن الحاكم علىالتفتيش في دفاتر الجنوب للنيل من التاريخ ،وهذا شيئ مشين . نعم ! لقد تسلل شعور السيادة الشمالية حتى لدى الكتاب المثقفين الوطنيون . مثل هؤلاء الكتاب المثقفون الوطنيون جندوا أقلامهم في وقت من الأوقات لانتقاد مطالب الجنوبيين بتصحيح مسار الوحدة وحملوا هذا المطلب المشروع تبعات لا علاقة له البتة بها . وعندما يشمر الحاكم عن ساعديه ضد الجنوبيين يصطف جميع الشماليون معه ، بما في ذلك بعض الكتاب المثقفون التقدميون ضد إخوانهم الجنوبيين المنادين بتصحيح مسار الوحدة والكف عن نهب ثروات البلاد، والمطالبة بالتنمية العادلة والمواطنة المتساوية وبناء هياكل دولة الوحدة الحديثة . وبفعلهم هذا فان مثل هؤلاءالمواطنون الشماليون الكتاب قد شاركوا الحاكم في الاضرار بالوحدة ضررا كبيرا وفي تعطيل بناء دولتها الحديثة وكرسوا عوامل الوهن والاستسلام في نفوس المواطنين الشماليين الآخرين وأثاروا حفيظة الجنوبيين على من توحدوا معهم .
كان قد ضمن الحاكم اصطفاف أغلبية إن لم يكن جميع المواطنين الشماليين الأكثر عددا معه عندما يحتاج لهم ، وحيدهم عن مشاغلته في ممارسة هوايته في الفساد والإفساد والنهب والقمع وتكريس التخلف والجهل وعن عدم قيامه بواجبه في التنمية و بناء دولة الوحدة . فكلما تكلم أحد منهم عن تنمية عادلة أو مواطنة متساوية هدده بالوحدة التي في خطر من الجنوبيين ، لذا سرعان ما يعود للاذعان والاستسلام ويعود إلى الموقع المخصص له في الصف . في حين كان لو أصر المواطنون في الشمال والكتاب على مطالبهم التنموية ووقفوا مع الجنوبيون في المطالبة بتصحيح مسار الوحدة ، وقالوا للحاكم : إما أن تلبي مطالب الجنوبيين المشروعة في التصحيح أو تركهم يعودوا من حيث أتو ، فنحن ليس مع هذه الوحدة الوهمية التي تم تشويهها . كان هنا فقط سيعي الحاكم إن الشعب في الشمال أيضا ليس معه ، وبذا سيبدأ إعادة حساباته مرة أخرى واتخاذ خطوات جادة لتصحيح الوضع لليمن بشكل عام . وقد كان ممكنا لو وقف المواطنون الشماليون هذه الوقفة التضامنية لما فكر الجنوبيون قط بالانفصال .
عندما يئس الجنوبيون من صحوة أخوانهم الشماليون ، وتركهم وحيدين في مواجهة الحاكم السابق المستبد ، بل ومصطفين في صفه ، بدأوا برفع شعار الانفصال ، فصل ارض الجنوب المستباحة عن أرض الشمال ، أما شعب الجنوب فقد بدأ بالفعل دبيب الانفصال ياخذ طريقه الى نفسه .
في العام 2010م وبعد يأس الجنوبيون ، إنطلقت صحوة شعب اليمن في شمال اليمن ، إنها الثورة الشبابية المنادية بالتغيير ، تغيير الحاكم الذي أمعن في الاستبداد وبطانة حكمه المستحوذة على الثروات . وحتى لا يتم إفساد هذه الثورة هب الجنوبيون للتو،وتناسوا يأسهم ، ونصروا الثورة ، بل صف الجنوبيون أنفسهم في صف المطالبين بالتغيير، ورفعوا شعار التغيير في كافة المحافظات وفتحوا الميادين للنضال من أجل ذلك ، وتناسوا مطالبهم بالانفصال . فبالتغيير سيرحل الحاكم وزبانيته المتسببين في إفساد الوحدة ، وبذا سيتم تصحيح مسارها. لتعم خيراتها الجميع . وهذه هي المطالب الجنوبية الأصلية وليس الانفصال ....
. لقد وضع شباب الثورة وشركائهم خلال عنفوانها القضية الجنوبية كأحد المحاور الأساسية للثورة . وهذا ما أثلج صدور الجنوبيين ، على اعتبار إن هذا دليل على إحساس جميع القوى الثورية الفاعلة بالمعاناة التي يعاني منها المواطنين الجنوبيين في الجنوب من جراء الحاكم السابق وزبانيته ومن استقطبهم باسلوبه البهلواني من مثقفي وعامة الشعب ، ولدليل أيضا على إصرارالثوار ومناصريهم على تصحيح ما يمكن تصحيحه بما يضمن رد الاعتبار للجنوب أرضا وإنسانا . وبذا تربعت القضية الجنوبية في حينها موقعا متميزا في قائمة قضايا الثورة .
وكانت المبادرة الخليجية ، وغادرالحاكم السابق السلطة ، وتم تشكيل حكومة وفاق وطني وانتخاب رئيس توافقي ، وبدء حوار وطني مشوه وغير متجانس العضوية والفعالية . وانتهت الثورة الى لا طريق. تم سحب البساط من تحت أقدام الثوار الحقيقيين بواسطة القوى التقليدية والخفية التي ناصرت الثورةوالتي كانت بالأمس حليف الحاكم الأول ،وتم تحريف أهداف الثورة لتضمن الحفاظ على مصالح المناصرين وليس الثوار الفعليين . وشمل هذا التحريف القضية الجنوبية التي أصبحت تطرح باسلوب مغاير لرؤية الجنوبيون لقضيتهم ، وكأنه قد تم وضعها ضمن قضايا الثورة بهدف استدراج الجنوبيين فقط . بدأت القوى التقليدية والخفية الجديدة تسخر قواها في إفساد الحياة العامة ، نكاية بالرئيس التوافقي ورئيس وزراءه لتثبت إنها هي فقط القادرة على إدارة البلاد والعباد . وعملت كذا على توظيف الاصوات النشاز التي كانت تسمع أيام الحاكم السابق وعلى اعادة الاصطفاف الشمالي - الشمالي ضد الجنوبيين وتمييع قضيتهم العادلة . وبذا نكون قد عدنا الى المربع الأول . إن هذا هو أسلوب الحاكم السابق الذي مارسه على الشعب طوال فترة حكمه مطبقا فيه مبدأ " فرق تسد " والذي يعني الآن التفريق بين صفوف الشعب شمالا وجنوبا للسيطرة عليهم . إن نجاح هذا المبدأ الآن يعني إن : الجمعة هي الجمعة والخطبة هي الخطبة ، ولذا قال الجنوبيون ما قاله سعد زغلول " ما فيش فائدة ".
لقد نتج عن تمييع القضية الجنوبية الىتزايد اصطفاف الجنوبيون يوما بعد يوم حول مبدأ " فك الارتباط " والسعي لتحقيقه بالطرق السلمية عبر الاحتجاجات السلمية ، المسيرات ، المظاهرات والاعتصامات ، الكتابات ، وهذا حق كفله لهم الدستور ، وفي المقابل ترى العديد من الأخوة الشماليين الذين لم يستوعبوا أبعاد القضية الجنوبية ، ومن مفهومهم الذاتي الضيق يسخرون من مفهوم فك الارتباط وينكرونه على الجنوبيون ، كما كانوا من قبل يسخرون من وينكرون المناداة بتصحيح مسار الوحدة . ينكرون بشدة وبشكل استفزازي على الجنوبيين تنظيم المسيرات ، الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات للمطالبة بفك الارتباط لإعادة دولة الجنوب السابقة . إلا إنه كلما ازداد إنكار حق الجنوبيين في فك الارتباط كلما ازداد اصطفافهم حوله واشتدت المطالبة به بالطرق السلمية .
لقد إختفت ظاهريا بعض القوات الثوريةالحقيقيه من الطرف الشمالي والذين قد يكونوا قد استوعبوا في خضم الثورة القضية الجنوبية والذي قد يكونوا أيضا قد رسموا في ذلك الوقت خطوطا عريضة لمعالجتهاكقضية محورية مفتاحية أولى لمصلحة الوطن . وقد تكون بعض هذه القوي الثورية الشبابية قد جرفت بواسطة القوى المسيطرة وبالتالي اصطفافها في نفس الاصطفاف ضد الجنوبيين . إلا إنه بلا شك فان هناك جزء كبير قد وضع نفسه مؤقتا في مرحلة حياد ليتيح الفرص ويرقب الوضع عن بعد ومن المتوقع أن يتحرك في الوقت المناسب .
وفي هذه المناسبة فإنني أنادي القوى الثورية الشمالية والشبابية بمختلف توجهاتها أن لا تنخدع مرة أخرى بدغدغة العواطف حول الوحدة ، وأن تكسر حاجز الخوف من فك الارتباط الجنوبي وأن تبادلهم الاصطفاف بالاصطفاف ، وتضع تجارب الماضي أمامها حتى لا تنخدع مرة أخرى . ولتتوحد القوى الثورية الشمالية والجنوبية ، كما توحدت في ساحة التغيير ، منادية الآن بفك الارتباط المرعب للبعض وفتح ساحات لذلك . وليتم في وقت واحد وفي نفس المناسبات تنظيم مسيرات واعتصامات ومهرجانات تنادي بفك الارتباط أو تتضامن مع فك الارتباط في : عدن ، وصنعاء وتعز والحديدة وحضرموت واب وحجة وصعدة ومارب والبيضاء ولحج وشبوة وريما وعمران وصعدة والمهرة وذمار وأمانة العاصمة والضالع وابين والجوف .... . وهنا فقط ستعي القوى المسيطرة على مقاليد الأمور إن غالبية الشعب وفي الشمال أيضا ليس معها ولن تستطع بعد أن توجهه بدغدغة العواطف وفقا لمصالحها. بل قد تتوارى محتفظة بماء وجهها عند تيقنها بأن زمن التغيير الحقيقي قد أزف . وسينتج عن ذلك أن يقوم الجميع باعادة حساباته القديمة والحديثة والنظر بجدية نحو المستقبل بمنظور عصري . لنجرب هذه الوصفة ، وصفة مناداة الجميع بفك الارتباط ، إنها وصفة مضمونة ونتائجها ستكون مشرفة وستنقذ اليمن من التشرذم . ستحقق للجنوبيين فك الارتباط السلمي المشرف وستحقق لليمن شمالا وجنوبا الوحدة المستدامة .
ختاما ،هذه مرحلة تاريخية فاصله، فإذا لم نتحرك التحرك السليم والحكيم المجرد من الأنانية ستضيع علينا الفرصة التي قد لا تتاح لنا مرة أخرى . وحينها سنندم حيث لا ينفع الندم .
والله من وراء القصد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.