أنا متزوجة منذ أكثر من عشرة أعوام, وعمري الآن سبعة وثلاثين عاما, وأخبرني الأطباء المتخصصون أنني لا أستطيع الحمل الا بطريقة أطفال الأنابيب,بسبب عيوب خلقية متعددة ونرغب بشدة انا وزوجي في انجاب طفل بهذه الطريقة المتعبة و المكلفة من حيث الأدوية والحقن والعلاجات المعقدة وسوف نتحملها بصعوبة شديدة,ونرغب في انجاب طفل ذكر. فهل يجوز لنا الإنجاب بهذه الطريقة وأن نختار أيضا جنس المولود؟ يجيب علي هذا السؤال فضيلة الشيخ هاشم إسلام عضو لجنة الفتوي بالأزهر الشريف ، بحسب جريدة "الأهرام" قائلا: بالنسبة للإنجاب بوضع لقاح الزوج والزوجة خارج الرحم ثم إعادة نقله إلي رحم الزوجة; فإنه لا مانع منه شرعا إذا ثبت قطعا أن البويضة من الزوجة والحيوان المنوي من زوجها وتم تفاعلهما وإخصابهما خارج رحم هذه الزوجة أنابيب وأعيدت البويضة ملقحة إلي رحم الزوجة دون استبدال أو خلط بمني إنسان آخر, وكانت هناك ضرورة طبية داعية إلي ذلك كمرض بالزوجة أو الزوج يمنع ذلك, أو أن الزوجة لا تحمل إلا بهذه الوسيلة, وأن يتم ذلك علي يد طبيب حاذق مؤتمن في تعامله.وأما بالنسبة لتحديد نوع الجنين: فإن الله تعالي قد خلق الإنسان خلقا متوازنا; فجعله زوجين: ذكرا وأنثي, وميز كلا منهما بخصائص تتناسب مع الوظائف التي أقامه فيها, وبين أن هذه هي طبيعة الخلق التي تقتضي استمراره, فقال تعالي: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا, النساء:1], وقال تعالي: وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثي من نطفة إذا تمني, النجم:45-46], وقال تعالي: ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون, الذاريات:49], وهذا التنوع في الخلق والتوازن في الطبيعة هو ما اقتضته حكمة الله تعالي العليم بكل شيء والقدير علي كل شيء. قال تعالي لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير, الشوري:49-50], وعندما نتناول مسألة كمسألة تحديد نوع الجنين فإننا نعالجها علي مستويين مختلفين: فإذا عالجناها علي المستوي الفردي فالأصل في الأشياء الإباحة; لأن الإنسان يمكنه أن يتزوج أو لا يتزوج, وإذا تزوج فيمكنه أن ينجب أو لا ينجب, وإذا أنجب فيمكنه أن ينظم النسل أو لا ينظمه, كل حسب ظروفه وأحواله, وكما يجوز للإنسان أن يعمل علي زيادة نسبة اختيار نوع الجنين بما ينصح به المختصون في ذلك من اختيار نوع الغذاء, أو توقيت الجماع قبل التبويض أو أثناءه, أو غربلة الحيوانات المنوية, أو غير ذلك من الأساليب التي يعرفها أهلها فكذلك يجوز التعامل المجهري مع الكروموسومات والمادة الوراثيةdna لنفس الغرض; إذ ليس في الشرع ما يمنع من ذلك علي المستوي الفردي, ولكن كل هذا بشرط ألا يكون في التقنية المستخدمة ما يضر بالمولود في مقتبل أيامه ومستقبله, وهذا مرده لأهل الاختصاص; فلا يقبل أن يكون الإنسان محلا للتجارب, ومحطا للتلاعب.وعليه فإن هناك فارقا في الحكم بين تحديد نوع الجنين علي المستوي الشخصي وعلي المستوي الجماعي; وذلك بناء علي ما هو مقرر شرعا من اختلاف الفتوي باختلاف تعلق الحكم بالفرد وتعلقه بالأمة, وهذا نجده كثيرا في كتب الفقه. أما إذا عالجناها علي مستوي الأمة فالأمر يختلف; لأن الأمر سيتعلق حينئذ باختلال التوازن الطبيعي الذي أوجده الله تعالي,وباضطراب التعادل العددي بين الذكر والأنثي الذي هو عامل مهم من عوامل استمرار التناسل البشري, وتصبح المسألة نوعا من الاعتراض علي الله تعالي في خلقه بمحاولة تغيير نظامه وخلخلة بنيانه وتقويض أسبابه التي أقام عليها حياة البشر.وبناء علي ذلك وفي موضوع السؤال: فلا مانع من نقل ذكور الأجنة دون إناثها حسب رغبة الزوجين, ما لم يشكل اختيار أحد الجنسين ظاهرة عامة.