عبده عايش-صنعاء بدأت فرق العمل في مؤتمر الحوار الوطني في اليمن اليوم الأربعاء أول اجتماع لها لتلقي الملاحظات التي قدمت حول تقارير ستة فرق، بينها تقرير "العدالة الانتقالية" الذي أثار اعتراضات من جماعة الحوثيين وقوى بالحراك الجنوبي. وقالت أفراح الزوبة، نائبة الأمين العام لمؤتمر الحوار، في تصريح للجزيرة نت إن فرق العمل ستستمر في تلقّي الملاحظات خلال ثلاثة أيام، تنتهي الأحد المقبل، وبعدها يبدأ التصويت على القرارات في الجلسة العامة التي تنعقد مجددا يوم الاثنين القادم، بحيث تنتهي الجلسة يوم الأربعاء المقبل بالموافقة على القرارات والتوصيات المتوافق عليها. وكان مؤتمر الحوار شكل تسعة فرق عمل خاصة هي: "بناء الدولة والحكم الرشيد، والتنمية المستدامة، والعدالة الانتقالية، والحقوق والحريات، والجيش والأمن، واستقلالية الهيئات والقضايا الاجتماعية، والقضية الجنوبية، وقضية صعدة". وأشارت الزوبة إلى أن ستة فرق تقدمت بتقارير احتوت قرارات وتوصيات جرى التوافق عليها، وثلاثة فرق أجّلت التقارير الخاصة بها، وهي "صعدة، وبناء الدولة، والقضية الجنوبية". وكان فريق "القضية الجنوبية"، أجّل نزوله الميداني في المحافظات الجنوبية حتى يتم تنفيذ "النقاط العشرين"، وهي النقاط التي قدمت للرئيس اليمني عبد ربه هادي باعتبارها تهيئ المناخ لإنجاح الحوار الوطني. قرارات ملزمة كما لفتت الزوبة إلى أن القرارات والتوصيات التي يقرها مؤتمر الحوار ستصبح ملزمة للرئاسة والحكومة عقب التصويت عليها، فيما المواد الأخرى من المبادئ القانونية والدستورية ستضمّن في الدستور الجديد والقوانين والتشريعات. وكان ممثلو جماعة الحوثي المشاركون في مؤتمر الحوار رفضوا تقرير "العدالة الانتقالية"، الذي تضمن 39 قرارا وتوصية، واعتبره ممثل الحوثيين في المؤتمر عبد الكريم جدبان، "تقريرا انتقائيا". وقال جدبان في حديث للجزيرة نت إن تقرير العدالة لم يشر إلى معالجة أوضاع ضحايا حرب صعدة، أو إعادة الإعمار للمحافظة، أو ملاحقة المتهمين والمتورطين بارتكاب الانتهاكات في صعدة. وأوضح ممثل الحوثيين أن الفريق الذي أعد تقرير العدالة الانتقالية ذكر أنه نزل ميدانيا إلى عدة محافظات، بينما صعدة لم يصل إليها، وهي المدمرة جراء الحروب السابقة التي سقط فيها عشرة آلاف قتيل. من ناحيته قال علي البخيتي، المتحدث باسم الحوثيين في مؤتمر الحوار، إنهم يطالبون بأن تشمل العدالة الانتقالية نفس الفترة التي منحت فيها الحصانة للرئيس السابق علي عبد الله صالح وأركان حكمه التي امتدت 33 عاما. وكان أبرز توصيات التقرير الإسراع بتسمية أعضاء لجنة التحقيق المستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان لعام 2011، أثناء الثورة الشعبية على نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح. كما قضت القرارات بالتزام الدولة بإحالة كل من ثبت تورطهم بقتل المعتصمين السلميين، أو منتسبي المؤسسات الأمنية والعسكرية، إلى التحقيق والمحاكمة، ومن حرض على ذلك. وكان فريق "بناء الدولة" قد أجل قراراته بسبب الخلاف بين مكوناته السياسية بشأن التصورات المعروضة، فهناك من يؤيد نظام الدولة المركزية البسيطة، مع إعطاء صلاحيات واسعة أو كاملة في الجوانب الإدارية والمالية، بينما هناك أفكار وأطروحات عن الفيدرالية في إطار الوحدة، وثمة من يطرح فكرة الانفصال. حل واقعي ورأى الشيخ عبد الوهاب الحميقاني، أمين عام حزب الرشاد السلفي، وعضو فريق بناء الدولة، أن أطروحات "الفدرالية" التي يتبناها البعض تنطلق من مكايدات سياسية كما هو الحال مع حزب المؤتمر الشعبي الذي أيد الفدرالية، وهو نفس ما تؤيده جماعة الحوثي، في وقت كان يؤيد الحكم المحلي الكامل الصلاحيات ويدافع عن المركزية. وقال الحميقاني في حديث للجزيرة نت إن ثمة اتفاقا على "اللامركزية" في الدولة، وبات ذلك محل إجماع، لكن الخلاف يتمحور هل تكون في إطار الدولة الواحدة الموحدة، أم في إطار الدولة الاتحادية الفدرالية، وهل تكون بإقليمين أم عدة أقاليم؟ وأكد الحميقاني أنهم مع حل واقعي موضوعي يعالج مشكلات أبناء الجنوب والشمال معا، بعيدا عن علاج إعلامي سياسي يدغدغ المشاعر مثل الفدرالية، واعتبر أن مشكلة اليمن هي مشاكل تنموية واقتصادية وأمنية، ولذلك فإنهم يفضلون النظام البرلماني القائم على اللامركزية المالية والإدارية كاملة الصلاحيات في إطار الدولة الواحدة. إلى برلين، نقل مراسل الجزيرة نت خالد شمت مجريات ندوة "مستقبل اليمن" التي ناقشت بناء الدولة باليمن. حيث خلص سياسيون يمنيون شاركوا بندوة عقدت في جامعة برلين التقنية إلى اعتبار مشكلتي الجنوب وصعدة وقضية شكل وهوية الدولة أكبر عوائق تهدد استمرار الحوار الوطني الشامل الجاري باليمن والمقرر تواصله حتى ديسمبر/كانون الأول القادم. ورأى عضو مجلس الشورى ووزير النقل اليمني السابق قبطان سعيد اليافعي أن تجاهل مؤتمر الحوار الشامل للجنوب وخروجه بتوصيات غير مرضية لشعبه لن يكون في صالح الأمن والاستقرار باليمن على المدى البعيد. ونظمت الندوة مساء الثلاثاء على هامش زيارة خمسة من أعضاء لجنة بناء الدولة بالحوار الوطني اليمني الشامل للعاصمة الألمانية. خيار الفدرالية وقال رئيس اللجنة الدستورية في مؤتمر الحوار الوطني علي أبو حليقة إن أعضاء المؤتمر متوافقون على اعتبار النظام البرلماني الأنسب لليمن بدلا من النظام الرئاسي أو المختلط بين الرئاسي والبرلماني. وأَضاف أن وجود توافق بين المشاركين في الحوار على عدم ملاءمة الوحدة الاندماجية لواقع اليمن الحالي، يفرض البحث عن صيغ أخرى لشكل الدولة، ويجعل من الفدرالية كنظام يمنح الأقاليم صلاحيات واسعة شرا لا بد منه. وعلى العكس من هذا الرأي، قال أحمد ياسين السليماني عضو الحراك الجنوبي إن الفدرالية تعتبر من وجهة نظر كثيرين خيارا تجاوزه الزمن، وأوضح أنه وأعضاء الوفد جاؤوا للاطلاع على تجربة النظام السياسي الألماني مثلما اطلعوا على تجربتي كندا وفرنسا، مما ينفي وجود وصفات جاهزة ينتظر خروج المؤتمر بها، وشدد على أهمية خروج المؤتمر بنتائج مرضية للجنوبيين المطالبين بفك الارتباط مع الشمال. ومن جانبها اعتبرت رنا الدبعي الناشطة الناصرية أن جلوس شباب الثورة مع المسؤولين عن الإرث الثقيل الحالي في اليمن أفضل من اللجوء للسلاح وإراقة الدماء. وانتقدت التداخل القائم في المؤتمر بين عمل لجانه والبطء بتنفيذ عشرين نقطة وضعتها لجنة فنية لحل المشكلات الموجودة في الجنوب، واعتبرت أن شكل الدولة اليمنية القادمة سيتحدد بناء على مخرجات مؤتمر الحوار بشأن قضيتي الجنوب وصعدة.