د. عبد العزيز حسين الصويغ إذا كان الطلاق قد شرعه الله عندما تدعو الحاجة إليه، وعندما تتعذّر كلُّ أسباب الوِئام والاتّفاق، وعندما لا يكون سَببًا للخلاص من المشكلات إلاّ الطلاقُ، فإن ما هو أكثر خطرًا وإيلامًا على الزوجين والأسرة هو ما يُسمّى ب»الطلاق الصامت»!! فهذا النوع من الطلاق يكون فيه الزوجان معًا أمام الناس، لكنهما أمام بعضهما يوليان ظهرهما للآخر في الفراش، وينعدم بينهما الحوار والتفاهم، وتتراكم المشكلات بينهما دون حل أو علاج، والأهم من كل ذلك تنعدم مشاعر الحب والمودة والرحمة بينهما، وتتحوّل هذه المشاعر إلى البغض والكراهية، لكن الزوجين يبقيان معًا «صوريًّا» من أجل الأبناء ومن أجل صورتهما أمام الناس. *** وإذا كانت دعوى أن إبقاء تماسك الأسرة، ومستقبل الأبناء، ومراعاة مشاعرهم، وما يمكن أن يؤثر طلاق الأبوين عليهما هو السبب وراء «الطلاق الصامت» فإن إقامة الزواج على مثل هذه الذرائع، كما تؤكد المستشارة الأسرية سلوى العضيدان، له «آثاره المدمّرة على نفسية الزوج والزوجة والأبناء وبمنزلة المسرحية الدرامية الموغلة في السوداوية التي يستمر عرضها يوميًّا دون أن تكون لها نهاية يُسدل بعدها الستار، لذلك نجد أن كل الأشخاص فيها متعبون منهكون لاهثو الأنفاس، يحاولون التماسك وإظهار الصمود، بينما نفسياتهم في الواقع تنهار بشكل مؤلم ومخيف»!! وغالبًا ما يدفع الأطفال ثمن هذا النوع من الطلاق؛ لأنهم عرضة لتنفيس المشاعر السلبية عليهم، ومن هنا يعاني معظم أطفال الطلاق الصامت اضطراب الشخصية، والانحراف السلوكي، والعدوانية. *** إن العلاقة الزوجية هي من أسمى العلاقات بين البشر، يعود نجاحها إلى التوافق بين الزوجين، والإبقاء على العشرة التي يقوى منها المودة والرحمة التي جعلها الله أساس الزواج الناجح. لكن إذا اختلّت أسس هذه العلاقة، وحل النفور محل الحب والمودة، سقط الميثاق الذي أخذه الله على الزوجين. لكن يبقي ضرورة التأكيد إلى أن هناك أزواجًا تتعرض علاقتهما لفتور مؤقت، لكنهما يحتفظان لبعضهما بمشاعر وأحاسيس تخفيها الخلافات العرضية، لكنها تظهر عند أول خطر يحيط بأحدهما، فإن مرضت الزوجة سارع الزوج للاطمئنان عليها والأخذ بيدها، والعكس صحيح. لذا فإن على مثل هذين الزوجين أن يجلسا معًا في جلسة مُكاشفة يتعرّفان فيها على أسباب النفور بينهما، دون إلقاء التهم واللوم، وتحميل طرف لطرف أسباب تصدع العلاقات.. وبعدها يقرران معًا أن يبقيا معًا.. أو أن يكون الطلاق هو الكلمة الفاصلة بينهما. *** وأخيرًا .. فليعذرني القرّاء لو أنهيت هذا المقال بتعليق طريف من أحد روّاد موقع فيس بوك، وهو وهاج مجرشي، الذي سمّى نفسه (رئيس مجلس إدارة وأمين ومستشار وكافة أعضاء جمعية نعم للعزوبية)، قال فيه: «أكبر سبب للطلاق هو الزواج، ولو صحصحنا لتفادينا الطلاق بعدم الزواج من البداية...»! وهو قول، أو تعليق يقترب من أقوال الرئيس الليبي السابق معمر القذافي المشهورة، التي رشحته لينافس الفنان الكوميدي عادل إمام؛ حتّى سُمّي (ملك ملوك الضحك). وللهِ في خلقهِ شؤون!! نافذة صغيرة: [حين تستحيل الحياة الزوجية بين الزوجين.. يبرز الطلاق كحل أخير، ليس منه مهرب، بعد فشل كل محاولات الترميم والإصلاح، وتقريب وجهات النظر. وحين يتم الطلاق في جو من الاحترام المتبادل، والفهم العميق لمعناه الحقيقي، فإن تداعياته ستكون أخف وطأة على نفس الزوجين والأطفال، وهو ما يُطلق عليه مجازًا ‹›الطلاق الناجح›› مصداقًا لقوله تعالى: }وإن يتفرّقا يُغْنِ اللهُ كُلًا مِن سَعَتِهِ وكانَ اللهُ واسِعًا حَكِيمًا{، فعلى الزوج والزوجة أن يدركا أن الطلاق ليس نهاية العالم، كما قد توحي بذلك ثقافة المجتمع التي قد تكون -مع الأسف- أشد ألمًا على نفسيهما أكثر من الطلاق نفسه]! سلوى العضيدان [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain