د. عبد العزيز حسين الصويغ المشهد الذي يجمع الفنان سمير غانم والفنانة شيرين في المسرحية الشهيرة «المتزوجون» بعد أن يضمهما عقد الزوجية في شقته المتواضعة. يتجول الزوج بزوجته بين أرجاء الشقة ليُعرفها على محتوياتها ابتداء من لمبة الجاز المملوءة ب»جاز حبنا»، مروراً وانتهاء ب»قُلة حبنا» .. و»جدو حولان» .. الخ هي من أحلى المشاهد المسرحية التي تُظهر كيف يحطم الحب الحواجز بين الناس فلا يهتم المحبون بالمستوى المعيشي لأسرتيهما قدر اهتمامهما بالحب والمودة والرحمة التي تجمعهما. والتي هي الأصل في العلاقات الزوجية وفق التخطيط الإلهي. يقول تعالي: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم / 21]. *** فمع الزواج ينمو الحب وتتوطد المودة وتتداعى معها الرحمة ليزداد الزوجان ارتباطاً مع طول العشرة ليُصبحا، مع الوقت، شيئاً واحداً يجمع بينهما الكثير من الأشياء المُشتركة ويتدرب كل منهما على طباع الآخر فيضحي الزوج، وتُضحي الزوجة ويتنازلان عن أشياء قد تزعج أحدهما الآخر ليخرجا بميثاق زواج مُشترك يُسجلان فيه ما يمكن أن نسميه «خارطة طريق» لحياتهما الزوجية تكون هي المُرشد والدستور غير المكتوب لهما. وقد ينجح الأغلبية من المتزوجين في الحفاظ على الحد الأدنى من التوافق بينهما، لكن البعض الآخر يعجز في الحفاظ على الرابط المشترك فتنتهي «قلة الحُب» إلى التصدع وقد تُكسر ويراق منها ما تبقى من «عسل» على الأرض ليذهب ما تبقى من حب وود ورحمة دون رجعة. *** وإذا كانت المَّوَدَّةً وَالرَحْمَةً التي جعلها الله بين الزوجين هي ما يجمع بينهما، فإن «البغض والكراهية»، التي تثير المشاحنة أو البغضاء، أو الجفاء تجعل الأمر ينتهي بالطلاق، الذي أصبح اليوم ظاهرة تجمع المجتمع الخليجي أكثر من مختلف الظواهر الأخرى. فنسب الطلاق في دول مجلس التعاون الخليجي قد تفوق 40 % في بعض الدول والبعض بين 30 % و40 %. أما في المملكة العربية السعودية فإن الدراسات وجدت أن هناك تبايناً كبيراً في نسب الطلاق بين منطقة إلى أخرى، ففي الشرقية تصل الى 60 % أما في الرياض فتصل الى 50 % وتنخفض معدلات الطلاق لتصل فى مكةالمكرمة الى 15 %. وهي نسب ينسب إليها الباحثون عزوف بعض الشباب والشابات عن الزواج، واستسلام بعض الأزواج للطلاق لأن هذا مصير غالبية المتزوجين. ويُنسب إلى وزير العدل الدكتور محمد العيسى وصف هذه الظاهرة بالإشكالية الكبيرة والمقلقة، حيث أوضح أن 60% من القضايا التي تتلقاها المحاكم هي حالات طلاق؟! *** وإذا كان للطلاق أسباب عديدة فإن أهمها هو «العنف» ضد الزوجات. حيث تكشف الأبحاث الميدانية أن العنف البدني الذي يصل إلى حد الإيذاء المسبب للجروح والكدمات يُعد في مقدمة أنواع العنف التي تتعرض لها الزوجات. وهناك عوامل أخرى قد تكون أكثر تأثيرًا من العنف الأسري كالبطالة، والمغالاة في المهور، وسوء اختيار الشريك ، وغيرها من مشكلات اجتماعية متداخلة ومركبة، لكن المبالغة والتهويل من ظاهرة العنف الأسري له آثاره السلبية كما أن السكوت عنه والإهمال له ينعكس بشكل خطير على المجتمع وأفراده، لذا فإن هناك حاجة ماسة للقيام بدراسات ميدانية موثقة وجادة لدراسة ظاهرة الطلاق، وأساليب التعامل معها، ومعالجة أثارها على الأسرة والمجتمع. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain