فكري قاسم أظهرت كثير من البحوث النفسية أن الساخرين أكثر الناس تعاسة، هذا صحيح إلى حدٍّ كبير. لطالما كتب برنارد شو ساخراً من حماته وضحكنا دون أن ندري بأن الساخرين يضحكوننا- دائماً- بنفس العيار الذي يبكيهم. في فرنسا مثلاً، ذهب أحدهم إلى الطبيب النفسي يشكو اكتئابه وضيقه، فقال له الطبيب: روِّح على نفسك، وأنصحك بالذهاب إلى السيرك والاستمتاع بفقرات مضحكة يقدمها شخص يدعى جروك . رد عليه المريض: عفواً يا سيدي.. أنا جروك نفسه! وفي اليمن- وهذه حكاية حقيقية- ذهب أحد الضاحكين إلى مقابلة شخصية استعد خلالها للفوز بفرصة عمل أعلن عنها عبر إحدى الصحف، ويوم موعد المقابلة الشخصية دخل الفتى إلى قاعة امتحان القبول وهو ميت من الجوع. لكنه قابل اللجنة بوجهٍ ضاحك ومتفائل، لابساً ربطة عنق استعارها من أحد أصدقائه، لكن رئيس اللجنة رآه مبتسماً، ضحوكاً فهمس إليه: هو ذا شكلك مبسوط وتضحك، ما تعمل بالوظيفة؟ وبعد أسابيع ظهرت نتائج القبول لصالح أشخاص لم تعرف الضحكة طريقاً إلى وجوههم غير يوم إعلان النتائج فقط، ليدرك الفتى الضاحك أن الاكتئاب كان أهم شرط لمن يريد أن يعمل! من بعد تلك المقابلة اللعينة لم يعد الفتى يقابل مديراً أو مسئولاً أو أي لجنة تحكيم إلا وهو مقطب حواجبه، وفي أعماق أعماقه يكركر من الضحك عليهم طبعاً. الضاحكون- عموماً- أكثر فائدة لشعوبهم من كتيبة مدرعات ومن كلِّ منصات راجمات الصواريخ ومن أي صفقة سلاح ولو مجانية، ذلك لأن القدرة على الضحك هي نفسها القدرة على الحياة. حول أحزان الضاحكين ومراراتهم قال أبو العراء المعري: ضحكنا وكان الضحك منا سفاهة وحُقَّ لسكان البسيطة أن يبكوا يحطمنا ريب الزمان كأننا زجاجٌ ولكن لا يعادُ له سبكُ [email protected] *صحيفة اليمن اليوم