جيل بكامله .. رضع قناني الأولويات، وتربع على منصة مثالية المجتمع المسلم "النموذج"! وراح يباهي بها مع إعلام كرَّس تلك الحالة عند الإنسان السعودي الذي باتت تؤرقه أخيراً صدمات مفجعة بفعل حوادث وحقائق تتكشف من حوله، لم يألفها من قبل، وقد ركن إلى "وهم" استحالة وقوعها في بلد لا يشبهه أي من البلدان! إذ خصَّه الله بشرف احتضان وخدمة أقدس المقدسات على وجه المعمورة، مكةالمكرمة والمسجد الحرام وقبر النبي المصطفى عليه أفضل الصلوات والتسليم، يضاف لما تقدم من خصوصيات هذا الوطن، ما حباه الله من ثروات نفطية وطبيعية، وقوة اقتصادية هائلة تحسب لها الأسواق الدولية حسابات حذرة، يقابلها تأثير وحضور سياسي مؤثر في المحافل الدولية ومواقع صنع القرارات ذات العلاقة بمجريات الأحداث وأكثرها حساسيةً وتعقيداً في العالم، ويأتي الأمن والأمان ليشكّل العنوان العريض الذي يقترن باسم بلدنا ويضعها ضمن قائمة أولى الدول الآمنة والجاذبة للاستثمارات في العالم! كل تلك المعطيات تربى عليها جيل يمثل السواد الأعظم من مواطني المملكة لا يقبل بغير "الأول" في كل شيء مبهج! ولا يسلّم بالتشابه مع غيره من شعوب الأرض في تقبل تقلبات الظروف، باستثناء الظروف المناخية والطقس! جيلٌ ينتظر أن تأتي إليه الفرص دون عناء الذهاب إليها! ويسترخي لتأتيه مطالبه إلى أقرب مسافة من متناول يده، ولو بضعف تكاليفها وليربح من وراء ذلك الاسترخاء طلاب الرزق من العمالة الوافدة! جيلٌ تولّدت عنده قناعة بأن الاكتفاء "الذاتي" مصطلحٌ لا يليق إلا له في شتى مجالات الحياة! فراح يمارس الزهو باكتمال البنية التحتية لأضخم المشاريع وأكثرها تكلفةً! وأميزها من حيث المواصفات والأداء والمردودات مقارنةً ببلدان الدنيا في مختلف النواحي! فلم يحتمل حدوث خطأ طبي بأحد مستشفياته الحكومية التي يرى فيها ضالته حين ينشد الطبابة والشفاء! ولم يصدّق ما يسمع به من فساد بعض من وثق في إخلاصهم ومخافتهم من الله! ولا يجد مبرراً لتطور وانتشار الجريمة التي أخذت طابعاً أكثر احترافيةً! هي نتاج التغير في التركيبة السكانية، بسبب توافد ملايين العمال من شتى أقطار العالم ومن بيئات وثقافات مختلفة، للعمل بمهن يترفع المواطن السعودي عن القيام بها! بعد أن رأى في الوظائف الحكومية "القيادية" حقاً لا يقبل بأقل منه! *ركلة ترجيح ما أحوجنا إلى رؤية واقعية لذاتنا ولعالمٍ من حولنا، نشكّل جزءاً منه، ويمكننا التأثير فيه كما نتأثر بما يجري في أصقاعه، والإحاطة بما يجري في محيطنا وفي مجتمعنا وبيئتنا، وتهيئة الأجيال لتحمّل مسؤولياتها في مواجهة تحديات شتى بكفاءة وتصميم لصنع التميز وتحقيق الطموحات والآمال الوطنية بأيدٍ سعودية تصنع رغيفها، وتصلح وتصون آلياتها وأدواتها، وتترجم خطط واستراتيجيات التنمية والتطوير، فالمجتمع السعودي قادرٌ على تسطير أمجاد جديدة "بأيدٍ وعقول" سعودية، بشبابه الذين يمثلون ما يقارب 67 % منه، يحملون الوطن في قلوبهم ويضعونه موضع القلب من الجسد، باتوا أهلاً للثقة وأجدر بصنع الفارق والخصوصية المنشودة.