قال الدكتورعبدالجواد الصاوي: إن هناك دراسات علمية محققة في مجال وظائف أعضاء الجسم تؤكد أن الصيام ،وأثناء مراحل التجويع،تدل على يسر الصيام وسهولته، وأن الصيام الإسلامي سهل ميسور للأصحاء المقيمين، لا مشقة فيه على النفس، ولا ضرر يلحق الجسم من جرائه، وذلك على وجه القطع واليقين. وتتمثل مظاهر يسر الصيام في: أنه يوجد مخزون من الطاقة في الجسم البشري يكفي الإنسان حينما يمتنع عن تناول الطعام امتناعًا تامًّا لمدة شهر إلى 3 شهور، لا يتناول فيها أي طعام قط، وبناء على هذه الحقيقة يمكننا أن نؤكد أن ما يتوقف أثناء الصيام، هي عمليات الهضم والامتصاص، وليست عملية التغذية، فخلايا الجسم تعمل بصورة طبيعية، وتحصل على جميع احتياجاتها اللازمة لها، من هذا المخزون بعد تحلله، ولكن مع كل هذه الإمكانية الهائلة التي هيأها الله للجسم الإنساني لحفظ حياته عند انقطاعه التام عن تناول الطعام، فقد فرض علينا سبحانه صيامًا لا ننقطع فيه عن الطعام إلاّ فترة زمنية لا تتعدى -في الغالب- نصف يوم، فكم هي سهلة ميسورة يمكن أن يمارس فيها الصائم أشق الأعمال وأشدها من غير ضرر يلحق به، أو حتى شدة يتعرض لها، فالطاقة المحركة متوفرة وبكثرة، وبناء الخلايا وتجديد التالف منها لن يتأثر مطلقا، كما أن تناول الطعام في الفطور والسحور يجدد مخزون الطاقة التي استهلكت في العمل، ويمدّ الجسم باحتياجاته من الأحماض الأمينية والدهنية الأساسية، والتي لا يستطيع الجسم تصنيعها بداخله، ويمده أيضا باحتياجاته اليومية من الفيتامينات والمعادن. وتأتي ضرورة الصيام للإنسان وقاية وعلاجًا، وتحقيقًا لمنافع وفوائد شتّى. وأن التمثيل الغذائي الفريد، إذ يشتمل على مرحلتي البناء والهدم، فبعد وجبتي الإفطار والسحور، يبدأ البناء للمركبات الهامة في الخلايا، وتجديد المواد المختزنة، والتي استهلكت في إنتاج الطاقة، وبعد فترة امتصاص وجبة السحور، يبدأ الهدم، فيتحلل المخزون الغذائي من الجليكوجين والدهون، ليمدّ الجسم بالطاقة اللازمة، أثناء الحركة والنشاط في نهار الصيام. وحيث يتراوح الصيام الإسلامي من8-13 ساعة، فان هذه الفترة تقع على وجه القطع في الفترة التي سمّاها العلماء فترة ما بعد الامتصاص، والتي تتراوح من6-12 ساعة، وقد تمتد إلى 40 ساعة، ويعتبر العلماء هذه الفترة أمانا كاملا، ولا يحصل منها أي ضرر على الإطلاق للجسم، بل على العكس يستفيد الجسم منها فوائد عديدة لذلك كان تأكيد، النبي صلى الله عليه وسلم، على ضرورة تناول وجبة السحور، لإمداد الجسم بوجبة بناء يستمر لمدة 4 ساعات، محسوبة من زمن الانقطاع عن الطعام، وبهذا أيضًا يمكن تقليص فترة ما بعد الامتصاص إلى أقل زمن ممكن كما أن النبي حثّ على تعجيل الفطر، وتأخير السحور، بتقليص فترة الصيام أيضًا إلى أقل حد ممكن، حتى لا يتجاوز فترة ما بعد الامتصاص بوقت طويل، وبالتالي فإن الصيام الإسلامي لا يسبب شدة، ولا يشكل ضعفًا نفسيًّا ضارًا على الجسم البشري، بحال من الأحوال. فمَن أخبر محمدًا أن في الصيام وقاية للإنسان من أضرار نفسية وجسدية؟ ومَن أخبره أن فيه منافع وفوائد يجنيها الأصحاء؟ ومَن أخبره بأن الصيام أمر سهل ميسور لا يضرّ بالجسم ولا يجهد النفس؟ ومن أطلعه على أن كثرة الصوم تثبط الرغبة الجنسية وتخفف من حدتها وثورتها، خصوصًا عند الشباب؟! فيصير الشاب بالصيام آمنًا من الاضطرابات الغريزية النفسية، ومحصنًا ضد الانحرافات السلوكية؟ إنه الله سبحانه وتعالى الذي أخبرنا عن حقيقة علمية أخرى، وهي أن الصيام الذي فرضه علينا، وحدد لنا مدته الزمنية من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، بأنه صيام سهل ويسير، لا مشقة فيه، ولا ضرر، قال تعالى: (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)، قال الفخر الرازي في تفسير الآية: «إن الله أوجب الصوم على سبيل السهولة واليسر، وما أوجبه إلاّ في مدة قليلة من السنة، ثم ما أوجب هذا القليل على المريض، ولا على المسافر».