سكون الليل في هذه المدينة التي تعتبر بوابة الدخول إلى تعز لا يعني لها الظلام وحسب وإنما وحشة غياب المسؤولية من سواد الضمائر التي تُشترى بثمن معاناة وقهر أبنائها، قد يكون الظلام الذي أقصده يحمل دلالة معناه المجازي لا الحقيقي، كون هجدة مازالت تحلم بمشروع حكومي يساويها ببقية المناطق التي توصف ب«النائية» مقارنة بمدينة تجارية يميزها موقعها الاستراتيجي، أنا وصفت الظلام بالمجازي لأنه لا يمكن أن نتجاهل المشروع الخاص الاستثماري الذي تبنّاه أحد تجار المنطقة؛ ولكن هذا المشروع لا يغني عن الكهرباء الحكومية، فلا مجال لأن نقارن مشروعاً خاصاً بمشروع حكومي؛ لا من ناحية سعر التكلفة للوحدات المستهلكة، ولا من ناحية الطاقة الاستيعابية، لكبر المنطقة؛ لذلك تحتاج إلى مشروع كهرباء حكومي قادر على استيعاب المنطقة بأكملها, أنا حاولت أن أتحاشى الكتابة عن هذا الموضوع ليس تجاهلاً لمعاناة المنطقة أو عدم الإحساس بالمسؤولية تجاهها كما وصفني بعض أبناء المنطقة برسائلهم الإلكترونية؛ وإنما لا أريد أن أدخل قلمي في صفوف المناطقية؛ ولكن الواقع يفرض نفسه بقوة لا يمكن لسطور المسؤولية التي يتبنّاها قلمي أن يتجاهله، فمن منطلق أن حبري هو قناعتي أقول إن قمة الظلم أن تظل هذه المدينة تحلم بالكهرباء وتستيقظ على واقع الظلام، والمشكلة أن هناك تجاهلاً متعمداً وتهميشاً مقصوداً للمنطقة لا يتمثّل بغياب أهم مشروع وحسب وإنما بغياب المسؤولية تجاه المنطقة من قبل ممثليها المنتخبين؛ ولكم أن تضعوا «خطاً أحمر» على كلمة «المنتخبين» لأن الكارثة العظمى تقع عندها، فالسؤال الذي يحضر هنا ليواجه ضمائر أعضاء المجلس المحلي هو: أين الدور الإيجابي المنشود من انتخابكم؛ فقد اعتمت بصائركم؛ فلم يعد بإمكانكم رؤية خطوات السير إلى الوراء التي تقود المنطقة نحو التخلّف؟. فالمنطقة مجردة من أبسط مقومات التنمية، لا كهرباء ولا مستشفى، تتفاخرون بمستوصف غير مؤهل حتى لمعاينة البهائم، ومدرسة هُدّمت تحت مبرر إعادة بنائها على حساب تشرد الطلاب وضياعهم، ومبنى شرطة أشبه ببناء أثري قد عفى عليه الزمن، لا يصلح إلا أن يكون مزاراً لبناء تاريخي شُيد في عهد الإمامة، هذه هي منجزات من منحتموهم الثقة بانتخابهم لا يحملون سوى هم مصالحهم، أما المنطقة فهي آخر همّهم؛ هذا إذا كانت في تفكيرهم أصلاًَ، فالمواقف تقاس بالأفعال وليس بالأقوال التي لا تعدو عن كونها مبرّرات حمقاء تعكس رعشة أيديكم الملطخة بالفساد. فليعلن أبناء هجدة صمودهم في ثورتهم التي برزت بشعار «سئمنا الكذب والفساد وغياب الضمير» فهجدة بحاجة إلى من يشعر بها ويجند نفسه لخدمتها من منطلق المسؤولية، والأهم من ذلك أنها تريد مسؤولاً ضميره غير قابل للبيع ولا للتسيير. بقايا حبر: طعم الظلم مُر؛ لذلك لا يتوقّع الظالم أن يبتسم المظلوم في وجه قُبحه، فالعبوس من مرارة القهر يتبعه بُصاق يُتف به على شيطان أخرس أسكت يوماً الحق.