خص الله المرأة -رحمة بها- بوظيفة فسيولوجية هرمونية طيلة حياتها منذ بلوغها وحتى سن متأخرة في الخمسين من عمرها، وهي ما تعرف بالدورة الشهرية ويعبر عنها «الحيض»، وكذلك مرورها بعد ولادتها بنواحي هرمونية يطلق عليها «النفساء». هناك مفهوم خاطئ لدى كثير من النساء حول إفطار الحائض والنفساء في رمضان من حيث الاستفادة من هذا الحكم الإلهي، وأكل كل ما لذ وطاب، والتركيز على الغذاء المفيد تعويضًا لفقدان الدم، خاصة خلايا الدم المناعية، (خلايا الدم البيضاء)، وتقتصر بعض النساء اللاتي منحنهن الله هذه الرخصة في الإفطار على حد قولهن على كسر الصيام فقط، بأكل شيء بسيط فقط، وهي بهذا الفعل تخالف التوجيه الرباني في الاستفادة من حكمة الإفطار، كما أنها تؤثر صحيًا على جسمها أو تغذية جنينها، وتعويض الفاقد من خلايا الدم. إن الحكمة الصحية في إفطار الحائض والنفساء هي ما له علاقة بالدم وخلاياه، وهو متفاوت بين النساء، مدته وكميته وطريقته، وقد يتسبب عنه ما يؤثر على صحة المرأة إذا هي لم تستفد من الرخصة لها في الإفطار من حيث التعويض في تغذية نفسها في نهار رمضان، وقد أقر الفقهاء على أن الحجامة والتبرع بالدم يفطران لما يترتب عليهما من فقدان للدم وبالتالي التأثير على الصحة، لأن أحد مقاصد الشريعة الإسلامية الحفاظ على النفس، وهي تشبه تمامًا حالة الحائض والنفساء في علة الإفطار، لا يقف التأثير الصحي على علة فقدان الدم وخلاياه بالنسبة للحائض والنفساء، إنما كذلك لارتباط عمل الغدد المختلفة في جسمها من حيث تأثير الدم على تلك الغدد وفاعليتها خلال فترة الحيض وبعد الولادة، ولاشك أن الجهاز الوعائي الدموي جهاز مناعي بالدرجة الأولى يرتبط بالناحية النفسية للمرأة وتغذيته والاهتمام به سيكون له مردود كبير على الناحية النفسية وبناءها لمواجهة ما يمر على المرأة خلال فترة الحيض وما بعد الولادة من تقلب المزاج وتغير في الهرمونات، لذلك أوصي بإتباع هدي الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم وألا تقتصر الحائض والنفساء على أكل شيء بسيط في نهار رمضان لتكسر الصوم بالإفطار البسيط، بل تتغذى جيدًا وتأكل جيدًا حتى تتحقق الحكمة مما أوجب الله عليها من الفطر لأن الله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه، وليس شرطًا أن يكون الكل معلن عنه ولكن المهم أن تتحقق طاعة الله بالإفطار التغذوي الصحيح، لأن الله الذي كتب على المرأة بيولوجية خاصة لمبيضها ورحمها أوجب عليها أن تفكر في قوله تعالى: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)، ولاشك أن هناك حكمًا نفسية واجتماعية لهذا الحكم الإلهي يمكن أن نجليها في مقال آخر بإذن الله.