من يستمع خلال شهر رمضان المبارك لإذاعات ال fm يقول في نفسه يا ليت دوراتها البرامجية تستمر طوال العام على هذا المنوال، وذلك لتنوع البرامج المفيدة فيها من برامج دينية إلى برامج إنسانية إلى برامج طبية وصحية إلى برامج ثقافية وتاريخية ووثائقية إلى برامج مسابقات إلى برامج لقاءات حوارية وغير ذلك, بخلاف هذا هو الأجمل ابتعادها تماماً عن بث الأغاني والموسيقى وهي التي تركز عليها في الأيام الأخرى طوال العام حتى يبدو وكأنها إذاعات غنائية فقط , حيث تم الاستعاضة عنها خلال الشهر الفضيل بالابتهالات والأناشيد الدينية, وهذا نظف آذان المستمعين من البرامج الهابطة وبرامج الغزل غير المباشر التي تخدش الحياء والذوق العام وهي التي تذيع التهاني وتبادل التحايا عياناً بياناً بين البنات والشباب, أو برامج التوب تن وأفضل عشر أو عشرين أو مليون أغنية والتي لا نعلم متى ستكون الحلقة الأخيرة لهذه البرامج؟! ومتى سيعلن الفائز؟! أو برامج الضحك على الذقون من خلال برامج تفسير الرؤى والأحلام! # كل ما سبق نماذج لبرامج تعتمد فقط على استنزاف المستمعين والضحك عليهم من خلال إرسال الرسائل النصية مدفوعة الثمن ومن خلال التصويت للمطرب أو المطربة المفضلين. أما البرامج التي تعتمد على غنج المذيعات وضحكاتهن الملعلعة فذلك موضوع آخر! # وهو ما يطرح عدة تساؤلات حول الهدف من استمرار هذه البرامج الهابطة وهذا الإسفاف المزدوج؟! كما يطرح سؤالاً ملحاً آخر حول أسباب عدم توفر البرامج الهادفة والمفيدة لهذه الإذاعات طوال العام؟! فلا وجود للبرامج الحوارية التي يمكن أن تثري المتلقي في كل ما يهمه من أمور حياته ولا وجود للبرامج التي تستعرض احتياجات الناس ومشاكلهم وهمومهم وشجونهم أو تعرفهم بحقوقهم وواجباتهم على نطاق ضيق جداً. مع الأسف الشديد تم الاستعاضة عن كل ذلك بالبرامج التافهة والمتواضعة. بل أصبح كل هم مسؤولي إذاعات ال FM التركيز على البرامج التي تخص شريحة المراهقين ليس بتثقيفهم وتربيتهم وإنما بتحريك غرائزهم وهذا مؤشرٌ خطيرٌ جداً. # وأكبر دليل على ذلك التركيز في الآونة الأخيرة على أن يكون في كل برنامج مذيع ومذيعة معاً أو أكثر من ذلك وتسمع عندها أنواع الضحك والاستخفاف بشكلٍ يخدش الحياء والذوق العام وكل ذلك حتى يتم استدراج أكبر شريحة ممكنة من الشباب والصبايا على قولتهم!! # بل إني أعرف أحد المتعاونين مع أحد أشهر إذاعات ال FM تم طرده فقط لأنه أبدى استياءه ورفضه لتصرف إدارة الإذاعة, وذلك لاستبدالهم وبطريقة مفاجئة فقرة ثابتة كان يعدها وكانت تركز على بث شكاوى الناس وهمومهم وشجونهم ومطالباتهم إلى لقاء مع مغني!! # لذلك لم يكن غريباً أن يطرح مجلس الشورى في آخر جلسات المجلس توصية تنص على «أن تعيد وزارة الثقافة والإعلام النظر في المحتوى الإعلامي والثقافي لإذاعات ال اف ام الخاصة، وإلزامها بتقديم خطة برامجية ربع سنوية لا تقل فيها البرامج الثقافية والمسؤولية الاجتماعية عن 50 في المائة من محتواها واصفة ما يدور فيها «بأنه لا يشرّف أحداً، ولا تقدم فيها أي فوائد سواء من النواحي الوطنية أو الاجتماعية". # وقد علق مجلس الشورى ومن خلال هذه التوصية والمطالبة الجرس ووضع الكرة في مرمى وزارة الثقافة والإعلام وأعتقد أنه بات لزاماً عليها أن تعيد النظر حقاً فيما تقدمه هذه الإذاعات، ومن ثم تعتمد هذه التوصية وبعدها وإذا ما تعذر على الكثير من إذاعات ال اف ام التغيير إلى الأفضل وهذا هو المتوقع فما على الوزارة إلا سرعة إغلاقها حتى تكون عبرة لغيرها، حيث تثبت حينها بأنها لا يمكن أن تفيد وتثري المتلقي بشيءٍ بل على العكس فإن استمرارها يعد معول هدم خصوصاً لفئة الشباب والنشء.